منذ بدايات العام الماضى، وأطلق عدد كبير من القانونيين والنشطاء، والسياسيين، تحذيرات بعدم السماح بتمرير القانون المسمى ب"الكيانات الإرهابية" الذى اصدره عبدالفتاح السيسى، قبل انتخابات البرلمان الذى جائت به الجهات الأمنية، بل إنهم أكدوا انه جاء لتكبيل ما تبقى من الحريات فى البلاد، فهو يسمح بسلطات مطلقة وغير محدودة للنظام وجهاته الأمنية، فى اعتقال وسجن والتحفظ على أموال أى مواطن ومنعه من السفر. وهذا ما تم تفسيره بقرار محكمة الجنايات الذى صدر مؤخرًا بإدراج أكثر من 1500 مواطن مصرى بينهم الرئيس محمد مرسى، والعلامة الشيخ يوسف القرضاوى، وغيرهم، تحت قائمة الشخصيات الإرهابية، وذلك بعد التحفظ على أموالهم، رغم بطلان هذا القرار بحكم المحكمة، لكن قائمة صغيرة أرسلتها الجهات الأمنية إلى مكتب النائب العام، الذى ارسلها إلى المحكمة بدورها، فحكمت وصدقت عليها. وهذا يضع المصريين جميعًا تحت طائلة هذا القانون، كالعديد من القوانين التى طبخها النظام حسب رغبته وهواه فى صورة منه للسيطرة على الأمور فى البلاد، التى مازالت تنبض بالثورة، التى إذا خرجت على نظام العسكر، سوف تنهى كل شئ، بما فيها جميع القوانين الظالمة والباطلة التى تم اعتقال وسجن آلاف المصريين بسببها. فحسب ما نشره موقع "هافنجيتون بوست عربى"، فإن قانون الكيانات الإرهابية، سئ السمعة، سوف يطال جميع المصريين كما ذكرنا، ورصد ماذا يعنى تطبيقه على أى مواطن، فى خطوات مبسطة يتم بها اهدار حقوقه وتكبيل حريته؟. فمواد القانون المطاطة، والتى يتضح منها، معاقبة أى مواطن مصرى بمختلف الانتماءات بمجرد أنه معارض للعسكر، جعلت منه مشبوه، أومفصل بطريقة فاشلة، كما وصفه البرلمانى السابق، زياد العليمى الذى قال: "أبو تريكة مش لوحده، إنت كمان ممكن تكون إرهابي بنفس القانون.. ما تزعلش.. مجلس النواب اللي بصم ع القانون ده ينطبق عليه وصف القانون للكيانات الإرهابية هو كمان.. عن ترزي القوانين الفاشل". وفِي 11 سؤالاً وجواباً، يشرح العليمي طبيعة هذا القانون ولماذا وضعته السلطات المصرية رغم وجود قوانين مشابهة؟، والتى نرصدها هنا كما ذكرتها صفحة البرلمانى السابق، وأعاد موقع "الهافنجيتون بوست عربى" نشرها. ماذا يعني أن يوضع شخص في قائمة الكيانات الإرهابية؟ قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015 عمل حاجة جديدة وغريبة جداً قانوناً، وهي أنه شكل دوائر جنائية خاصة بمحكمة استئناف القاهرة، على أن ترسل النيابة العامة لها قائمة بالأشخاص والكيانات التي ينطبق عليها وصف القانون للكيانات الإرهابية، والمحكمة تقرر وضعهم في قوائم الإرهاب خلال 7 أيام من طلب النيابة العامة من دون جلسات ولا استماع لدفاع المطلوب إدراجهم في القوائم، الأمر الذي يعني حرمانهم من حقهم في الدفاع عن أنفسهم. ماذا يُحدث إذا تم إدراج اسمك في القائمة؟ الوضع على قائمة الكيانات الإرهابية يتبعه تجميد أموال الشخص أو الكيان المدرج، ومنعه من السفر، ووضعه على قوائم ترقب الوصول، وحرمانه من حق استخراج أو تجديد جواز سفره. وبالنسبة للمؤسسات، تديرها الدولة نيابة عن أصحابها. هل الإدراج بالقوائم يعني حبس أو سجن المدرَجين؟ لا، القانون ليس فيه عقوبات سالبة للحرية. وإلى متى يستمر سريان قرار الإدراج؟ القرار مدته 3 سنين، يجدَّد بإجراء جديد، ويستمر حتى يطلب النائب العام رفع الشخص أو الكيان المدرج، أو يحكم عليه بحكم نهائي، أو يطعن على القرار أمام محكمة النقض ويقبل هذا الطعن. هل الأشخاص المدرَجون بهذه القوائم متهمون بالإرهاب؟ لأصل في القانون، أن هذا إجراء وقتي لحين الحكم في قضية أخرى متهم فيها الشخص أو الكيان المدرج بقوائم الإرهاب. لكن الحقيقة، إن معظم المدرَجين في القوائم ليسوا متهمين بالإرهاب في قضايا أخرى. وإذا كانوا متهمين في قضايا أخرى بالإرهاب، فهل تحتاج الدولة لهذا القانون لكي تمنعهم من التصرف في أموالهم ومن الهروب والسفر؟ الحقيقة، إن النائب العام والمحاكم التي تنظر قضايا الإرهاب من حقهم أن يصدروا قرارات منع السفر والتصرف في الأموال لصالح التحقيق أو المحاكمة، وليس هناك حاجة لقرار من دوائر قضائية خاصة. وما الفارق بين القرارات التي تصدر وفقاً لهذا القانون وتلك التي تصدر من المحاكم الأخرى؟ القرارات التي تصدرها المحاكم في القضايا الأخرى يُطعن عليها أمام مجلس الدولة (هيئة تنظر القضايا التي تكون الحكومة طرفاً بها)، وهذه تستغرق وقتاً أقل من الزمن الذي يأخذه الطعن أمام دوائر محكمة النقض على القرار الذي أدرج أبو تريكة. ويضيف العليمي: "من الواضح من الهجمة التي تشنها السلطة التنفيذية حالياً ضد مجلس الدولة، أن هناك صعوبة في التأثير على إرادة بعض قضاة مجلس الدولة في أثناء نظر الدعاوى. ونتيجة لذلك، فإنه المجلس يصدر أحكاماً كثيرة برفع المنع من السفر أو رفع التحفظ على الأموال، والنظام يرفض تنفيذها! وهذا معناه أنهم يحتاجون لطريقة أخرى تضمن لهم البلطجة بالقانون"، حسب تعبيره. لكن، هل الأشخاص المدرجون على قوائم الإرهاب من حقهم أن يطعنوا على القرار؟ نعم، من حقهم الطعن أمام دائرة تحددها محكمة النقض سنوياً. إذاً، ما خطورة القانون؟ هل البلاد تحتاجه لمحاربة الإرهاب فعلاً؟ الحقيقة، إن القانون مطاط جداً في تعريفه للكيانات الإرهابية، ومواده من الممكن أن تنطبق على كل الأحزاب التي تسعى لتغيير قانون معين، أو تطالب بتعديل مواد في الدستور؛ لأن جزءاً من تعريفه للكيانات الإرهابية، أنها تلك التي تسعى "لتعطيل أحكام الدستور والقانون" بشكل عام ومن دون ذكر طريقة التعطيل. ومن ثم، ينطبق القانون على الأحزاب حتى لو كانت تسعى للتعطيل والتغيير بطرق شرعية وقانونية، بالإضافة إلى تعبيرات أخرى مطاطة؛ مثل: الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وهذه أمور من الممكن أن تنطبق على أي شخص حسب المزاج. وماذا سيستفيد النظام من مثل هذا القانون؟ على الرغم من أن القرارات الواردة في القانون لا تحتاج لدوائر خاصة، فإنه بهذا القانون يستطيع النظام وضع أي شخص أو أي حزب أو جمعية أو رابطة أو شركة أو مؤسسة تحت التحفظ، بإجراءات سهلة وبسيطة ولا تحتاج وقتاً طويلاً، وليسوا ملزمين بسماع دفاع المدرجين بهذه القوائم بما يترتب عليه منع الأشخاص من الانتقال أو السفر، وتعقيد إجراءات وإطالة مدة نظر الطعن لأي شخص يريد أن يثبت أن إدراجه بالقوائم هذه مخالف للحقيقة. مثلاً، الذين تم إدراجهم بالقوائم وليسوا متهمين بالإرهاب في أي قضايا أخرى -ومنهم أبو تريكة وأشخاص كثيرون آخرون- "هيطلع عينهم"، وسوف يستغرقون وقتاً طويلاً جداً لكي يثبتوا أنهم مدرجون من دون أن يُتهموا أصلاً بالإرهاب، ومن ثم فإدراجهم مخالف للقانون الخاص بالكيانات الإرهابية نفسه. وكيف صدر القانون بهذا الشكل؟! أصدره رئيس الجمهورية في غياب مجلس النواب، ثم وافق عليه المجلس بعد ذلك من دون مناقشة.