توجد في مصر إحدى عشرة بحيرة ، وتُعتبر هذه البحيرات مصدرًا هامًا للأملاح وللثروة السمكية ، وتعود الأهمية الاقتصادية للثروة السمكية في مصر باعتبارها أحد أهم المصادر لدخلها القومي ، وكذلك فإنها من أهم المصادر البروتينية الآمنة ، والتي توفر للبلاد الحاجات الغذائية إلى جانب الزراعة والصناعات الأخرى التي ازدهرت ونمت بجانب البحيرات ، وتختلف المصادر وتتنوع فمنها مصادر الماء العذبة، ومنها البحار ومنها البحيرات الطبيعية والاصطناعية التي استحدثها الإنسان. ورغم امتلاك مصر العديد من البحيرات الغنيه بالثروه السمكيه ، لكن لا نستفيد من هذه البحيرات ، مع العلم أنه فى حالة الإهتمام بما تنتجه هذه البحيرات من أطنان الأسماك تستطيع مصر أن تكتفى ذاتيًا وتصدر أيضًا لدول أخرى . "بحيرة قارون" لطالما كانت كنزًا نفيسًا من كنوز محافظة الفيوم، والتي صارت الآن طاردة لكل شيء حتى أسماكها التي لفظتها على شاطئها نافقة مختنقة ، وبعد أن كانت بحيرة قارون لؤلؤة السياحة في مصر، وكان للملك فاروق استراحة خاصة بها، اليوم أصبحت سلة للإهمال وعنوانًا لوأد الخيرات، فقد توقفت حركة الصيد بها تمامًا ، وساد الفقر كل البيوت التي كانت هي مصدر رزقهم الوحيد ، وهاجر العديد من الصيادين أسرهم بحثًا عن صيد آخر في أماكن مختلفة ، فأصبحت الفيوم التي حباها الله بكنوز لا تقدر في تلك البحيرة ، يهجرها شبابها ويقطعون الآف الكيلو مترات بحثًا عن رزق ، أو مكان يصطادون فيه. "بحيرة قارون" تعد "بحيرة قارون" واحدة من أقدم وأشهر البحيرات الطبيعية في العالم ، حيث تبلغ مساحتها نحو 55 ألف فدان ، وتقع بشمال محافظة الفيوم ، على بعد نحو 27 كم منها ، يصل عمقها في بعض الأماكن إلى 14 مترًا. تحتوي "بحيرة قارون" على أسماك لا توجد إلا في المياه المالحة وأخرى لا توجد إلا في المياه العذبة ، مثل البلطي ، وسمك الموسي ، والبوري، والطوبار ، والدنيس ، والقارومي ، والجمبري ، وثعبان الماء ، وقبل سنوات مضت كانت "البحيرة" من أكثر مصادر أنواع مثل البلطي والموسي والجمبري، إلى أن أثر التلوث على تلك الأنواع ، فلم تعد تنتج إلا السمك البلطي وبكميات قليلة جدًا ، بعد أن كان يمثل ثروة سمكية كبيرة للمحافظة. قال "شريف الزيات"، نقيب الصيادين ، إن إنتاج البحيرة خلال السنوات الماضية لم يزد عن بضع مئات الكيلوجرامات من الأسماك يوميًا خلال موسم الصيد، بعدما كان يتراوح ما بين 3 إلى 5 أطنان من الأسماك يوميًا. "قارون".. الفساد يحاصر الكنز الفيومي خلال الأعوام القليلة الماضية شهدت بحيرة قارون ارتفاعًا كبيرًا في نسب تلوث مياهها ، جراء اختلاطها بمياه الصرف الصحي والزراعي ، الناتج عن صرف أكثر من 80 قرية بمياه البحيرة ، وهو الأمر الذي أدى بدوره إلى نفوق أعداد كبيرة من الأسماك ، فضلًا عن التأثير على صحة الإنسان. على جانب آخر تسبب نفوق أسماك البحيرة في تشريد آلاف من أسر الصيادين ، واضطر العديد منهم إلى ممارسة عمله في محافظات أخرى. وفى 31 مايو الماضى احضرت المحافظة "كراكتين" لتنظيف قاع البحيرة من الملوثات ومن المواد العضوية والتى تصل الى 1.5 متر وبعد مهرجان تدشينهما والتصوير والكاميرات والتلفزيونات والذى منه خرجت التصريحات التى تؤكد أن أعمال تطهير بحيرة قارون تشمل ثلاث مراحل، تنتهى أعمال المرحلة الأولى منها خلال عام وسيتم خلالها إقامة جسر لمسافة 5كم لرفع مليون م3 من الطبقة العضوية الضارة، مع تركيب فلاتر بالجسر الذى تم إنشاؤه لمنع وصول المخلفات الصلبه إلى البحيرة، و أن التكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى 49 مليون جنيه تتحملها الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، منها 19 مليون لأعمال التكريك و30 مليون للأعمال الصناعية التى تشمل الجسر وفتحات الصرف ،ورغم هذه التصريحات الوردية الا ان الكراكتين لم يعملا وتم سحبهما الى الشاطئ. وقد كشفت دراسة علمية أجريت أخيرًا بقسم الجغرافيا بجامعة أسيوط ، عن زيادة نسبة التلوث في بحيرة قارون وارتفاع نسبة ملوحة البحيرة ، وأكدت الدراسة انخفاض انتاجية البحيرة من الأسماك وتدهور النشاط السياحي ، وكذلك الأراضي الزراعية المحيطة بها. وأثبتت الدراسة أن البحيرة تعاني من مشكلة بيولوجية خطيرة نتيجة تعفن الطحالب الحمراء من نوع "بوليسفونيا" والمنقولة إليها من مياه البحر الأبيض المتوسط ، ونتج ذلك من جراء نقل زريعة السمك البوري، حيث تأقلمت الطحالب ونمت وتكاثرت ، ويزداد تعفنها في قاع البحيرة خصوصًا في أشهر الصيف عندما تنحسر مياه البحيرة مئات الأمتار فتنبعث منها روائح كريهة ناتجة عن غاز "كبريتيد الهيدروجين" الذي جعل البحيرة تبدو كأنها مجمع للصرف الصحي ، بالإضافة الى نقص كمية الاوكسجين اللازمة لتنفس الأسماك. كما أوضحت الدراسة أن هناك زيادة كبيرة في نسبة التلوث الناجم عن الصرف الصحي ، بسبب صرف العديد من منشآت الجهات الرسمية والسياحية ومخلفات القرى المجاورة ومخلفات الصرف الزراعي من مبيدات وأسمدة ومعادن مختلفة. وسجلت الدراسة انخفاضًا ملحوظًا في انتاجية البحيرة من الأسماك، حيث بلغ انتاجها 1834 طنًا عام 2001 بعد أن كانت تنتج 2000 طن عام 1981 وذلك بسبب زيادة مصادر تلوث البحيرة ، كما سجلت زيادة لرواسب الطمي في قاع البحيرة الذي ساعد على نمو النباتات البحرية التي تتغذى عليها الأسماك، وبالتالي فهي تؤثر سلبًا على صحة الانسان. ومن ناحيته ، قال الدكتور "ديهوم الباسل" ، أستاذ علوم الطفيليات بكلية العلوم بجامعة الفيوم ، والخبير في الدراسات المتعلقة ببحيرة قارون، أن سبب تدهور الوضع بالبحيرة يرجع إلى تضارب الجهات المشرفة على البحيرة، إذ إن هناك أربع جهات تتنازع من أجل الإشراف عليها، هم شرطة المسطحات المائية، والمحافظة، ووزارة الزراعة، والبيئة. وأضاف "الباسل" أن هذا التنازع أدى إلى ضعف الرقابة وغياب الرؤية وزيادة نسبة التلوث عن الحد المسموح به من خلال تسرب المواد الملوثة ، إضافة إلى التلوث البيولوجي الناتج عن سوء نقل الزريعة من أسماك البوري والموسي من البحر المتوسط إلي البحيرة، إذ يجري ذلك بمعرفة موظفين غير مختصين، ما يتسبب في نقص الأكسجين والغذاء للأسماك. نفوق الأسماك في البحيرة وقال "صلاح النادي"، مدير منطقة وادي النيل لتنمية الثروة السمكية بالفيوم ، إن البحيرة في الأعوام الأخيرة تعرضت للعديد من المشكلات والمعوقات، التي أثرت بالسلب علي تنمية البحيرة، ومن أهم هذه العوامل طرق الصيد، وزيادة الملوحة وتلوث مياه البحيرة إضافة إلى التدهورالبيولوجي والخلل الأيكولوجي. ويؤكد نادي ، أن معدلات التلوث في مياه البحيرة، أصبحت مرتفعة جدًا، ما نتج عنها زيادة عنصر الأمونيا في مياهها، والذي يعد عنصر سام للأسماك، وتابع نادي قائلا: "بدأنا في تنفيذ مشروع تطوير المصارف الرئيسية المغذية للبحيرة، بإستخدام الحفارات العائمة على صندل، بهدف زيادة تدفق مياه الصرف الزراعي المغذي للبحيرة، والتقليل من حدة التلوث، ووقف الإرتفاع المستمر لدرجة الملوحة فيها". شهدت بحيرة قارون في الفيوم ، خلال الأيام الماضية، حالة نفوق للأسماك وهى الظاهرة التي تحدث للمرة الثانية خلال أقل من عامين ولكن هذه المرة ببحيرة قارون التي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان ، حيث نفقت كميات كبيرة من أسماك البلطي والموسي والبوري والطوبار بسبب تلوث البحيرة ومخلفات مشروع ملاحات بحيرة قارون مما يتسبب في زيادة نسبة الملوحة بالبحيرة. وقال الدكتور "ديهوم الباسل" أن الأخطر من الصرف الصحي هو الصرف الزراعي ، الذي يحتوي علي مبيدات وكيمياويات تزيد من نسبة النترات بالبحيرة ، ما يسبب تسمم الأسماك ، ويؤدى إلى نفوقها ، إضافة إلى ما تقوم به شركة "إميسال" التي تستخرج الأملاح من البحيرة ، وذلك عن طريق سحبها إلي الأحواض قبل مرحلة التجفيف، وهذا ما يتسبب في استنفاد كميات كبيرة من الأكسجين من المياه، خاصة في فصل الصيف. مشيرًا إلى أن عملية تجريف القاع سينتج عنها ، تهييج لقاع البحيرة، ما يتسبب في ارتفاع نسبة الأملاح والمواد العضوية والمواد الصلبة الموجودة بالقاع، مشيرًا إلى أن الحل لعلاج هذه الكارثة هو إدخال أسماك تتغذى على أسماك البحيرة المصابة للقضاء عليها نهائيًا، وتغطية قاع البحيرة بطبقة من الجير الحي في حدود 5 سم، تعمل علي تكوين قاع جديد للبحيرة ، مؤكدًا أنه تقدم بأقتراح إلي محافظ الفيوم والجهات المعنية، ولكن لم يلتفت أحد إلى الاقتراح، أو يطلب منه تقديم دراسة للمقترح.\ "قارون" تطرد أبنائها ! يقع نحو من 20 إلى 30 ألف صياد من أبناء محافظة الفيوم ، عرضة للتشرد، بسبب تلوث مياه بحيرة قارون ، وإنهيار الثروة السمكية ، ونفوق الأسماك في مياه البحيرة ، حيث توجه منهم قرابة 5 آلاف صياد إلى بحيرة ناصر بمحافظة أسوان ، للعمل فيها مؤخرًا. فهناك الكثير من الصيادين تركوا المهنة ، واشتغلوا بوابين وفي أعمال أخرى ، بسبب ما أصاب البحيرة من تلوث ، وتردي أحوالهم المعيشية ، حيث أصبحت البحيرة ميتة، وهرب الصيادون منها. كما تحولت رحلات الصيادون من أبناء محافظة الفيوم، للبحث عن لقمة العيش، في بحيرة ناصر بمحافظة أسوان، التي تبعد أكثر من 825 كيلو متر عن الفيوم، إلى رحلات للموت، بعد أن اضطروا إلى هجر بحيرة قارون التي اعتادوا الإصطياد منها، بسبب إرتفاع معدلات التلوث في مياهها، ونفوق الأسماك. تلوث البحيرة، أدى إلى القضاء على أكبر مصدر للثروة السمكية بالمحافظة، حيث كانت تنتج البحيرة، ما يزيد عن 5000 طن أسماك سنويا، وفي السنوات الأخيرة، أصبح إنتاج البحيرة لا يتخطى حاجز 1000 طن في العام الواحد. كما أن مياه الصرف، تهدد بالقضاء على 1400 فدان من المزارع السمكية على ضفاف البحيرة، وهو ما جعل 6 آلاف صياد يهجرون المهنة، ويبحثوا عن مصادر دخل أخرى، ومنهم من قرر الهجرة إلى دول الجوار مثل السودان وليبيا، رغم عدم الاستقرار الأمني في تلك الدول. ولكن الأكيد أن أن هناك ستة آلاف صياد - على الأقل - شردوا بسبب مياه الصرف الصحي التي تضخ من عدة مصارف ، مثل البطس ، والوادي ، والمدينة الصناعية بكوم أوشيم.