وضع الشارع الليبى الذى أصبح أرض التآمرات الغربية والعربية على صفيح ساخن وذلك بعد قرار برلمان طبرقة فى جلسته الأخيرة بسحب الثقة من حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، التي تحظي بدعم غربي كبير، تدخل ليبيا متاهة جديدة وحالة من الفوضى والغموض لا يعرف أحد عقباها على المستويين القريب والبعيد. ولأول مرة يستكمل البرلمان نصابه منذ 7 شهور، وقال الموقع الرسمي لمجلس النواب الليبي، إن الجلسة عقدت بحضور 101 نائب لمناقشة بقاء حكومة "السراج"، فصوت 61 عضوا بالرفض، فيما امتنع 39 عن التصويت، ووافق عضو واحد فقط.
ولعبت كتلة السيادة الوطنية بمجلس النواب الليبي برئاسة خليفة الدغاري، الدور الأكبر في سحب الثقة من حكومة "السراج"، ، بقيادة عقيلة صالح، رئيس المجلس، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب احميد حومه.
وكانت كتلة "السيادة الوطني" أصدرت بيانا منتصف أغسطس الجاري حملت فيه حكومة "السراج"، مسؤولية الأضرار التي لحقت بالمدنيين والممتلكات نتيجة العنف والفوضى بالشارع الليبي، وأكدت على رفضها لقرار جامعة الدول العربية بالاعتراف بحكومة الوفاق الوطني، ووصفته بالمتسرع.
كما تم رفض مادة "8" من الأحكام الإضافية الواردة في الاتفاق السياسي، والتي كانت تقضي بنقل صلاحيات المناصب العسكرية والأمنية والمدنية لمجلس الوزراء بحكومة الوفاق.
ويرى أنصار الجنرال المتقاعد خليفة حفتر والمدعوم مصريا وإماراتيا أن سحب الثقة من الحكومة جاء للتأكيد على سيادة المؤسسة العسكرية الوطنية الليبية، برئاسة القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية المستشار عقيلة صالح، والقائد العام للجيش الليبي الفريق أول خليفة حفتر وهو الأمر المختلف عليه ولا يلقى قبولاً من قطاع واسع من الليبيين.
انتصارات على داعش ليبيا ويأتي سحب الثقة في ظل أجواء غامضة حيث حققت القوات التابعة لحكومة الوفاق انتصارات كبيرة على تنظيم الدولة وهاجمت مقره في مدينة سرت الشاطئية وحررت الكثير من المواقع التي كان يسيطر عليها بدعم عسكري أمريكي وغربي كبير. ومعاونة ملحوظة من جانب الثوار في ليبيا.
واعتبرت جريدة "واشنطن بوست" الأميركية قرار مجلس النواب رفض منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني "انتكاسة جديدة" لجهود تحقيق الاستقرار في السلام في الدولة، ويهدد موقف المجلس الرئاسي.
ورأت الجريدة الأميركية، في تقرير نشرته أمس الإثنين، أن عواقب قرار مجلس النواب غير واضحة حتى الآن، ومن غير الواضح هل سيؤدي التصويت إلى حل حكومة الوفاق أم استبدال بعض وزرائها، وسيؤدي القرار بالتأكيد إلى تعميق حالة عدم الاستقرار الحالية، خاصة إذا رفض السراج قرار مجلس النواب.
وقال الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ماتيا توالدو، إن قرار البرلمان يضع عملية السلام "في مهب الريح" ويعرضها للخطر.
وتابع: "إن شرعية تصويت البرلمان ستكون بالتأكيد محل شك وسؤال من قبل بعض الأطراف، وقد تأخذ العملية وقتًا طويلاً يستمر أشهرًا للوصول إلى توافق حول تشكيل وزاري، مما يسمح بزيادة أعمال العنف، سواء حول المواقع النفطية شرق مدينة سرت أو داخل وحول العاصمة طرابلس".
ورأى توالدو أنه يجب زيادة جهود الوساطة الدولية لتفادي مزيد من التصعيد العسكري على الأرض أو وقف عمل مؤسسات الدولة.
وأثار قرار المجلس موجة من الخلافات الحادة بين مؤيدي رئيس الحكومة، فائز السراج، ومعارضيه حول شرعية جلسة التصويت، وقالت الكتلة الداعمة للسراج إنهم تفاجؤوا بعقد الجلسة، وإن التصويت لم يكن ضمن أجندة الجلسة، ولم يحضر عدد كبير من مؤيدي السراج.
حفتر مصدر إزعاج ووصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها يوم 17 أغسطس الجاري اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بأنه أصبح مصدر إزعاج للولايات المتحدة، بعد أن كان رجل ال”سي آي اي".
وتناول تقرير الصحيفة فترات حياة حفتر؛ حيث قال إن حفتر عاش في الولاياتالمتحدةالأمريكية لمدة طويلة، وعمل في وكالة الاستخبارات الامريكية وهو من أشد المعادين للتيارات السياسية الإسلامية، والآن يقود مجموعة كبيرة من المقاتلين وهو الذي يقف في وجه السلام في ليبيا. نقلت الصحيفة وصف البعض لحفتر بأنه أشد خطرًا من داعش في ليبيا.
وتنقل الصحيفة عن باراك بارف وهو الباحث في معهد أمريكا الجديدة في واشنطن أن حفتر يهدد العديد من المبادرات المدعومة من الغرب، وفي نفس الوقت فهو لن يستطيع الوفاء بوعوده في هزيمة القوى المتطرفة، هو فقط يمكن ان يكون كابحا لهم.
وفيما قامت القوات الليبية المدعومة من سلاح الجو الأمريكي بإعاقة تنظيم الدولة من التقدم وسط ليبيا، يعتبر البيت الأبيض حفتر العائق لإحلال الديمقراطية بعد الثورة التي أطاحت بالقذافي.
"المنشآت النفطية" يستهجن
واستهجن حرس المنشآت النفطية في المنطقة الوسطى بالهلال النفطي الليبي، قرار مجلس النواب في طبرق رفض منح الثقة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج.
وقال علي الحاسي، الناطق باسم الجهاز، في بيان: "إن قلة من أعضاء البرلمان تعرقل تنفيذ الاتفاق السياسي وتسعى للحصول على مناصب وزارية بأي حكومة، بغض النظر عن مصلحة البلد".
وأضاف الحاسي أن هذا الغباء السياسي سيقود ليبيا إلى مزيد من الفوضى والتشرذم، وينذر بإشعال فتيل حرب أهلية لخدمة أشخاص باحثين عن السيطرة على حكم ليبيا، رغم أنهم منبوذون وغير مرحب بهم من قبل غالبية الشعب".
وجدد الناطق باسم حرس المنشآت، دعم قواته للمجلس الرئاسي والحكومة المفوضة من قبله، وعلى رأسها وزارة الدفاع ووزيرها العقيد المهدي البرغثي.
السيسي يدعم حفتر مجددًا
وفي سياق ذي صلة، رحبت خارجية حكومة الانقلاب المصرية على لسان المتحدث باسمها أحمد أبو زيد بانعقاد مجلس النواب، كونه خطوة إيجابية.
وذكر أبو زيد الثلاثاء أن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، طلب من مجلس رئاسة حكومة الوفاق تقديم تشكيلة وزارية جديدة للبرلمان.
وكان السيسي قد أعلن دعمه مجددًا لخليفة حفتر في حوار أجراه أمس الإثنين مع الصحف الحكومية.
وقال متابعون للشأن الليبي: إن السيسي حقق خطوة متقدمة باتجاه تعزيز موقفها الداعم للواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يشترط نظام السيسي ضمان بقائه ضمن المعادلة السياسية القادمة في ليبيا.