«اقتصادية النواب» تطالب «تنمية الصادرات» باستراتيجية متكاملة وتؤجل نظر موازنة المركز    إسرائيل: إصابة ضابط وجنديين شمال غزة واعتراض صاروخ من القطاع    كامل الوزير ينعى هشام عرفات وزير النقل السابق: فقدنا زميلا عزيزا وعالما قديرا    جاسبريني يعلن تشكيل أتالانتا لمواجهة يوفنتوس في نهائي كأس إيطاليا    مساعد كلوب يتولى تدريب سالزبورج النمساوي    ليس الفتيات فقط.. مسلسل التحرش والاعتداء الجنسي لسائقي تطبيقات التوصيل لن تنتهي بعد    رغم انفصالهما.. أحمد العوضي يهنئ ياسمين عبد العزيز على إعلانها الجديد    غدا.. إيزيس الدولي لمسرح المرأة يفتتح دورته الثانية على المسرح المكشوف    بعد تشغيل محطات جديدة.. رئيس هيئة الأنفاق يكشف أسعار تذاكر المترو - فيديو    وزارة النقل تنعى الدكتور هشام عرفات وزير النقل السابق    المشدد 7 سنوات لمتهم بهتك عرض طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بكفر الشيخ    مخاطر الإنترنت العميق، ندوة تثقيفية لكلية الدعوة الإسلامية بحضور قيادات الأزهر    وكلاء وزارة الرياضة يطالبون بزيادة مخصصات دعم مراكز الشباب    «الشعب الجمهوري» يهنئ «القاهرة الإخبارية» لفوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    البداية ب "تعب في العين".. سبب وفاة هشام عرفات وزير النقل السابق    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    خالد الجندي: ربنا أمرنا بطاعة الوالدين فى كل الأحوال عدا الشرك بالله    رئيس جامعة المنصورة يناقش خطة عمل القافلة المتكاملة لحلايب وشلاتين    "الزراعة" و"البترول" يتابعان المشروعات التنموية المشتركة في وادي فيران    كوارث النقل الذكى!!    بتوجيهات الإمام الأكبر ..."رئيس المعاهد الأزهرية" يتفقد بيت شباب 15 مايو    يكفلها الدستور ويضمنها القضاء.. الحقوق القانونية والجنائية لذوي الإعاقة    الكويت تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للامتثال إلى قرارات الشرعية الدولية    طبيب مصرى محترم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    بث مباشر مباراة بيراميدز وسيراميكا بالدوري المصري لحظة بلحظة | التشكيل    زياد السيسي يكشف كواليس تتويجه بذهبية الجائزة الكبرى لسلاح السيف    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    الطاهري: القضية الفلسطينية حاضرة في القمة العربية بعدما حصدت زخما بالأمم المتحدة    ملك قورة تعلن الانتهاء من تصوير فيلم جوازة توكسيك.. «فركش مبروك علينا»    الصورة الأولى لأمير المصري في دور نسيم حميد من فيلم Giant    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    الزراعة: زيادة المساحات المخصصة لمحصول القطن ل130 ألف فدان    فرحة وترقب: استعدادات المسلمين لاستقبال عيد الأضحى 2024    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    «الصحة» تقدم 5 نصائح لحماية صحتك خلال أداء مناسك الحج 2024    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    تحديد نسبة لاستقدام الأطباء الأجانب.. أبرز تعديلات قانون المنشآت الصحية    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بمدينة بنها الجمعة    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معاناة مدن الشمال التونسي تعود بالاحتجاجات فى الشارع من جديد
نشر في الشعب يوم 21 - 01 - 2016

تعيش المناطق المحرومة في الشمال والوسط والجنوب الغربي لتونس حالة احتقان ومعاناة، بعودة الغضب الشعبي إلى الشارع التونسي، والذي بدأت معالمه في الاحتجاجات التي شهدتها مدينة القصرين وسط غرب تونس، في الأيام الأخيرة، بسبب الوضع الاجتماعي المتردي الذي دفع بعدد من الشباب اليائس للاحتجاج بطريقة أدت إلى موت أحدهم، قبل أن يعود الهدوء النسبي إلى القصرين، أمس الأربعاء.
وووفقا لتقرير "العربي الجديد" عرفت الاحتجاجات التي شهدتها القصرين ومدن قريبة منهاً، تصاعداً مفاجئاً، عكس حالة الاحتقان الاجتماعي التي تعيشها المناطق المحرومة، وأعادت إلى الأذهان مشاهد أواخر العام 2010 عندما اندلعت الثورة التونسية ووصلت ذروتها في هذه المناطق. وقامت الاحتجاجات بعد أن لقي شاب عاطل عن العمل حتفه، إثر سعيه للاحتجاج على إقصائه من قائمة الموعودين بوظيفة مثل زملائه الحاصلين على شهادات. فقام الشاب بالصعود إلى عمود كهربائي، فاحترق كما احترق محمد البوعزيزي، بعد خمس سنوات من الثورة التي لا تبدو أنها غيّرت شيئاً في وضع تلك المنطقة.
وتبعت ذلك احتجاجات على الرغم من إقالة نائب المحافظ المسؤول عن الملف، فحاول شابان الاحتجاج بطريقة مماثلة، وسقط أحدهما من أعلى جدار ليُنقل مصاباً إلى المستشفى. وسرعان ما عمّ غضب الشباب والأهالي أرجاء مدينة القصرين، ودخلوا في مواجهة مع الأمن. وأعلن المدير العام للصحة في القصرين عبدالغني الشعباني أنه تم تسجيل 20 إصابة في صفوف المواطنين وصفها بالطفيفة، أغلبها حالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، إضافة إلى 3 إصابات بجروح في صفوف الأمنيين والعسكريين، جراء المواجهات في ولاية القصرين التي استمرت لثلاثة أيام. وقال الشعباني، لوكالة الأنباء التونسية، إن المصابين ومن بينهم الشابان اللذان حاولا الانتحار الثلاثاء، تلقوا الإسعافات وغادر عدد منهم المستشفى.
وفي الأثناء، احتج مواطنون أمام مقر وزارة الداخلية في العاصمة تونس، دعماً لأهالي القصرين، ورفعوا شعارات ضد الحكومة. غير أن الاحتجاجات امتدت إلى مدن أخرى، فقد حصلت مواجهات بين القوات الأمنية ومحتجين في مدينتي تالة وفريانة من محافظة القصرين، تماماً كما حصل أيام اندلاع الثورة وإن بترتيب مغاير بين المدن.
وغير بعيد عن القصرين، شهد الإضراب عن الطعام الذي ينفذه معتصمو التربية في قفصة من حاملي الشهادات الجامعية منذ 16 يوماً، تطوراً مهماً أمس، إذ التحق أولياء المضربين لمساندة أبنائهم المطالبين بتوفير فرص عمل، وخرجوا معهم في مسيرة احتجاجية باتجاه مقر المحافظة. وقالت تقارير إعلامية إنه تم تسجيل تدهور مستمر في الحالة الصحية للمضربين عن الطعام، ونُقل بعضهم إلى المستشفى لإسعافهم. وحاول المحافظ إقناعهم بالتراجع عن الإضراب المتواصل منذ أكثر من أسبوعين، على الرغم من اعتصاماتهم المتكررة منذ حوالى سنتين.
وبالتوازي قام شباب في مدينة المكناسي وبوزيّان في محافظة سيدي بوزيد، مساء أول من أمس الثلاثاء، بقطع الطريق عبر إشعال الإطارات المطاطية للمطالبة بالتنمية وتوفير فرص العمل.
هكذا يبدو المشهد العام في هذه المدن التي بدأت تفقد صبرها، بعد انتظار دام خمس سنوات، وعلى الرغم من أنه مشهد اعتاد عليه التونسيون، خصوصاً من قِبل الشباب العاطل عن العمل، إلا أن الأمر يبدو مغايراً هذه المرة، إذ تتزايد خطورته وتنبئ بتطورات أكبر إذا لم تفلح الحكومة سريعاً في إيصال رسائل إيجابية حقيقية إلى هذه المدن اليائسة.
يُذكر أن القصرين وحدها يوجد فيها 28 ألف عاطل عن العمل، من بينهم 9 آلاف شاب يحملون شهادة عليا، وفق تأكيد النائب في البرلمان عن المنطقة وليد البناني، الذي عقد مع زملائه ممثلي المنطقة في مجلس النواب جلسة طارئة مع رئيس المجلس محمد الناصر، تمّ خلالها الاتفاق على زيارة وفد من النواب السبت المقبل إلى القصرين، للاجتماع بالأهالي وتحديد المشاكل والبحث عن حلول لها. ويبدو أن اجتماعاً ثانياً سيُعقد مع رئيس الحكومة الحبيب الصيد، لبحث توفير فرص عمل بشكل سريع.
وأعلن الناصر كذلك عن استدعاء الصيد لجلسة عامة مخصّصة للنظر في برنامج الحكومة بخصوص معالجة البطالة في صفوف أصحاب الشهادات العليا. غير أن هذه القرارات تبدو غريبة في صياغتها والإعلان عنها، فمشاكل القصرين، والمناطق المماثلة، معروفة للجميع، وهي التي كانت وراء اندلاع الثورة، وبحثتها الحكومات المتعاقبة منذ خمس سنوات، وحذّرت أطراف كثيرة من عودتها، ونبّهت إلى أن صبر الناس هناك لن يكون أبدياً وسينفذ.
ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في تغيير الأوضاع ولو نسبياً، وإن كانت تلك الحكومات مؤقتة واستثنائية ولا تملك القدرة على وضع برامج استراتيجية بإمكانها تغيير الوضع جذرياً، وفق قولها، لكن الحكومة الحالية دائمة، وبدأت عملها منذ أكثر من عام، ولكنها فشلت أيضاً كسابقاتها في تحويل اليأس إلى أمل، وصياغة خطاب مشجع وبرامج قادرة على تغيير جزء من الحياة الصعبة هناك، خصوصاً في هذه الفترة من العام، حيث تشتد البرودة إلى درجة لا تطاق، وتتزايد معاناة الأهالي بعد قطع الطرقات جراء الأمطار والثلوج.
وعلى الرغم من أن هذه المناطق هي خط الدفاع الأول أمام الخطر الإرهابي المتنامي في جبل الشعانبي، إلا أنها لم تحظَ بأي لفتة حقيقية لتغيير أوضاعها، وبقيت مفتقدة لأبسط مقوّمات العيش البسيط. غير أن هذه المناطق بقيت صامدة منذ عقود، ولكن يبدو أن أهلها بدأوا يفقدون الصبر من الممارسة السياسية التي تصرّ على إرسال رسائل سلبية متتالية إلى التونسيين وتفقدهم الثقة في الطبقة السياسية عموماً والحكومة خصوصاً. فمع الخلافات التي تسيطر على المشهد في حزب "نداء تونس"، الذي وعد الناس بحل مشاكلهم ووصل إلى الحكم نتيجة لذلك، تتضاءل آمال التونسيين بحل مشاكلهم ويعود الواقع اليومي ليفرض نفسه، وهو ما ينذر بعودة الغضب إلى الشارع، الذي تبرز مخاوف من أن يكون أكبر مما شهدته أيام الثورة الأولى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.