كما جرت العادة، أجلت إثيوبيا الاجتماع السادس لمناقشة أزمة سد النهضة، والذي كان مقررًا عقده غدٍ الأحد، بعد أن طلب وزير خارجية إثيوبيا من نظيره المصري، سامح شكري، تأجيل المباحثات لوقت سابق بسبب انشغاله بتكاليف من رئيس الوزراء الإثيوبي. وكان من المنتظر عقد الاجتماع في العاصمة السودانية بحضور المكتبين الاستشاريين الفرنسي (بي .أر.أل) والهولندي (دلتارس)، بهدف تقريب وجهات النظر بينهما فيما يتعلق بآليات تنفيذ الدراسات المطلوبة. وصعدت مصر ملف سد النهضة إلى المستوى السياسي لتشمل المباحثات وزراء الخارجية في كل من مصر وإثيوبيا والسودان بعد أن فشلت المباحثات الفنية التي يقودها وزير الري الدكتور حسام مغازي، على مدار أكثر من سنة ونصف. وبعيدًا عن الأسباب التي أعلن عنها وزير الخارجية الإثيوبي، فإن الخبراء المصريون يجمعون، أن إثيوبيا تتعمد تأجيل المباحثات حتى الانتهاء من بناء سد النهضة، لتكون مصر أمام الأمر الواقع ولا تشركها إثيوبيا في أية من النواحي الفنية لإدارة السد. وكانت أديس أبابا قد وضعت مصر سابقًا أمام الأمر الواقع حين شرعت في بناء السد فعليًا منذ 4 سنوات مستغلة الأحداث السياسية التي أعقبت ثورة الخامس والعشرين من يناير. وقال الدكتور أحمد الشناوي، خبير السدود العالمي، إنه لابد من تدويل القضية، منتقدًا الموقف المصري المتخاذل الذي يستجيب للرغبات الإثيوبية في تأجيل المباحثات الفنية. وأضاف الشناوي، أن "هناك أسباب عديدة تدفع إثيوبيا لتأجيل المباحثات، أهمها أن مصلحتها مع عدم إكمال المباحثات وخصوصًا تلك المتعلقة بالجوانب الفنية، الأمر الأخر وهو ضم إثيوبيا للسودان في موقفها وبالتالي سحبت البساط من تحت أرجل المفاوض المصري". وطالب الشناوي بالتدويل فورًا دون إكمال المباحثات، ملقيًا الضوء علي خطورة إكمال تلك المفاوضات واصفًا إياه ب "السيئة والتي تضر الموقف المصري ولا تفيده". واتفق معه في الرأي الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة والري بجامعة القاهرة، مؤكداً أن التدويل هو السبيل الوحيد لحصول مصر علي حقوقها أو جزء من حقوقها إذا صح التعبير، لافتًا إلي أن المنحنى الذي تسير فيه المحادثات الرسمية "لا يبشر بخير". وشدد نور الدين على ضرورة الاحتكام إلي القضاء الدولي لفصل النزاع في هذه القضية بدلاً من تضييع الوقت، لأن إثيوبيا تستثمر هذا الوقت جيدًا، مؤكدًا أن من حق مصر اللجوء إلى القانون الدولي طالما أن ذلك سيكون في مصلحتها. وعن الاتفاقية الموقعة بين الجانبين مؤخراً (اتفاقية المبادئ)، قال نور الدين، إن إثيوبيا تتلاعب بها كما تتلاعب بالقضية برمتها، فلاهي التزمت ببنودها ولا هي أشركت مصر معها في عملية إدارة السد، بل تسعي جاهدة لتقويض المفاوض المصري "المقوض دون أي تدخل"، وذلك بهدف الانتهاء السريع من إنشاء السد. يذكر أن اجتماعات الجولة التاسعة لمفاوضات "سد النهضة" الإثيوبي عقدت على مدار يومي 7 و8 نوفمبر الماضي بالقاهرة، حيث سلمت مصر الجانب الأثيوبي قائمة بملاحظاتها على السد، بشكل رسمي، والمتمثلة فى تسارع بناء السد مقابل تباطؤ المفاوضات بما لا يضمن تنفيذ توصيات المكتب الاستشاري. وفي 22 سبتمبر قبل الماضي، أوصت لجان خبراء محلية في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، بإجراء دراستين إضافيتين حول سد النهضة، الأولى حول مدى تأثر الحصة المائية المتدفقة لمصر والسودان بإنشاء السد، والثانية تتناول التأثيرات البيئة والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة على مصر والسودان جراء إنشاء السد. وتتخوف مصر من تأثير سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على نهر النيل، على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن سد النهضة، سيمثل نفعًا لها خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررًا على السودان ومصر.