تستعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وللمرة الأولى في تسع سنوات، لرفع أسعار الفائدة. في غضون ذلك، لا تزال البنوك المركزية الكبرى في العالم تطبق برامج التيسير الكمي لدفع عجلة اقتصاداتها المتعثرة. ووقع الاقتصاد الياباني في ركود للمرة الرابعة في خمسة أعوام بالرغم من تجربة التيسير الكمي التي تعد الأضخم في تاريخ العالم على الإطلاق. تباطؤ النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات التضخم دفعا البنك المركزي الأوروبي إلى التفكير جديا في مواصلة تطبيق برنامج التيسير الكمي. وربما يلجأ البنك المركزي الصيني إلى الخطوة ذاتها بعد هبوط سعر العملة المحلية " اليوان" على مدار يومين في أغسطس الماضي، مما تسبب حينها في موجة اضطرابات في الأسواق العالمية. لكن البنك المركزي الصيني لا يرغب في المخاطر بخسارة عرضه بإدراج " اليوان" في سلة العملات الاحتياطية لصندوق النقد الدولي. هذا التباين المتنامي في سياسة البنوك المركزية العالمية قد أوجد بدوره خللا كبيرا في النظام الاقتصادي العالمي، مما هيأ المناخ المواتي لاندلاع أزمة مالية عالمية جديدة جراء رفع سعر الدولار الأمريكي، حسب مصر العربية. الدولار قد يدخل سوق الثور الضخم التباين في النمو الاقتصادي وسياسات البنوك المركزية قادت إلى صعود الدولار لمستويات قياسية. فقد صعد مؤشر الدولار الأمريكي " دي إكس واي" من مساره النزولي الذي بدأه مع توقيع اتفاقية بلازا في سبتمبر من العام 1985 واستمر قرابة 30 عاما. ويرى المحللون أن سوق ثور Bull market ضخمة - سوق الثور تعكس حالة يكون فيها معدل نمو تكاليف الاستثمار أعلى من معدلها التاريخي. ويمكن ظهور حالة سوق الثور نتيجة لانتعاش اقتصادي أو طفرة اقتصادية أو الوضع النفسي للمستثمرين- تلوح في الأفق في الدولار الأمريكي. ويشكل ارتفاع الدولار مشكلة كبرى للديون المستحقة السداد بالدولار خارج الولاياتالمتحدةالأمريكية، وربما يكون هذا عاملا كافيا لإشعال فتيل الأزمة المالية العالمية المقبلة. التداعيات الكبرى لصعود الدولار أدت أسعار الفائد المنخفضة في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى تزايد معدلات الاقتراض بالدولار حول العالم- ولاسيما في الأسواق الناشئة. وقدرت البيانات الصادرة عن بنك التسويات الدولية قيمة الديون المستحقة السداد بالدولار خارج الولاياتالمتحدة ب 9.7 تريليونات دولار- بزيادة من 5.6 تريليونات دولار بنهاية العام 2008. واقترضت الشركات والحكومات في الأسواق الناشئة بالدولار نظرا للانخفاض الشديد في أسعار الفائدة، لكنها تكسب الأموال لسداد قيمة تلك القروض بالعملات المحلية. ويصبح كم الأرباح التي تحققها الشركة عديم القيمة حال انخفضت العملة المحلية بالنسبة للدولار الأمريكي. وبات من المكلف جدا سداد قيمة القرض مع أي ارتفاع في العملة الأمريكية، مما يغرق بالطبع الشركة في ديون جديدة. ارتفاع الدولار قد يجبر أيضا المقترضين على الدخول في عملية فوضوية جدا من أجل سداد المديونيات المستحقة عليهم، وثمة عدد من الطرق التي تبرز في هذا الخصوص. وينبغي علينا، بالنظر إلى حجم تلك القروض، توقع ردة فعل سلبية على الولاياتالمتحدةالأمريكية والأسواق المتقدمة الأخرى. صندوق النقد الدولي كان قد حذر من جانبه من أن استمرار صعود الدولار سيسهم حتما في تقويض نمو الاقتصاد الامريكي، فضلا عن تداعياته علي نمو الأسواق الناشئه. وقال الصندوق إنه ينبغي علي الاحتياطي الفيدرالي " البنك المركزي الأمريكي" أن يرجيء قراره الخاص برسع أسعار الفائده حتي العام المقبل، خوفا من أن يؤدي هذا القرار إلي قفزه أخري في سعر الدولار، وما يمكن أن يمثله ذلك من مخاطر علي النمو العالمي،حسب مصر العربية. وأكد التقرير أن الارتفاع المستمر في العمله الأمريكية يمثل " خطرا وشيكا" بسبب تفاوت معدلات النمو بين الولاياتالمتحدة والاقتصادات الاُخري. وتوقع اتساعا في عجز الحساب الجاري إلى ما نسبته 3.5% من الناتج المحلي الاجمالي خلال الفتره المتبقية من العقد الجاري. توقعات نمو منخفضة صندوق النقد الدولي خفض في تقريره الصادر الشهر الماضي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعامي 2015 و2016، محذرا من المخاطر الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد الصيني وعدد من الأسواق الناشئة. وتوقع الصندوق نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 3,1% هذا العام و3,6% العام المقبل، مخفضا التقديرات السابقة للعامين بنسبة 0,2%. وقال الصندوق إنه رغم أن الدول الغنية تظهر مؤشرات إلى انتعاش اقتصادها، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة التي يتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 2,6% في 2015 و2,8% في 2016، فإن الاقتصاد العالمي يتجه إلى أسوأ عام له منذ الركود العالمي في 2009، بعد أن كان قد سجل نموا بنسبة 3,4% العام الماضي. وجاء في تقرير الصندوق نصف السنوي الذي نشر قبل اجتماعه السنوي في العاصمة البيرونية ليما أن "مخاطر تراجع الاقتصاد العالمي تبدو الآن أكثر وضوحا منها قبل أشهر قليلة ماضية". وأضاف الصندوق أن "النمو الاقتصادي على المدى القريب لا يزال يبدو أقوى في الاقتصادات المتقدمة مقارنة مع الماضي القريب، إلا أنه أضعف في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية". وينعكس التباطؤ في الاقتصاد الصيني، الذي يتوقع ألا يتجاوز نموه العام المقبل نسبة 6,3%، وهي الأقل منذ 25 عاما، سلبا على الاقتصادات الناشئة الأخرى التي تعتمد على شهية العملاق الأسيوي للمواد الخام.