لم يزل كرسي البابوية الذي اعتلاه تواضروس خلفا للبابا شنودة الثالث يمارس بصماته الثقيلة في الحياة السياسية ومجريات الأحداث المثيرة في مصر دون أن يكون له تأثير ديني واضح للمسيحيين، حتى أن عظات تواضروس لا تحظى بأي اهتمام أو تغطية إعلامية بقدر ما تحرك تصريحاته السياسية شغف الإعلام. ومنذ تدخل تواضروس وأحمد الطيب في المشاركة في الانقلاب على الرئيس مرسي وصناعة ما يسمي بخارطة الطريق وتواضروس حاضر في جميع الأحداث السياسية، بل ويتدخل في أشياء هي من صميم مسئوليات الدولة، وكثرت رحلاته الخارجية بصورة تدعو للدهشة، فمن الإمارات إلى أمريكا، ومن أمريكا إلى إثيوبيا، ومن هنا إلى هناك، وكأن الكنيسة قد تحولت إلى وزارة من الوزارات أو قل وزارة فوق الوزارات، بينما خرج الطيب وأزهره من المعادلة تماما وكانت مشاركته مع تواضروس والسيسي في بيان الانقلاب هي الظهور الأخير له وبعدها ترك كل شيء وكأنه اعتزل بعد المهمة الانقلابية التي أداها كما أرادوها منه!! وقد تعجبت حينما شمر تواضروس عن ذراعيه ليبشرنا بأنه سينهي ملف سد النهضة وسيتوجه في رحلة إلى إثيوبيا لإقناع الرئيس الإثيوبي بحل المشكلة، وذهب تواضروس وظن البعض أن الديانة المسيحية التي تجمع تواضروس بالإثيوبيين سوف تنهي المسألة وأن تواضروس سوف ينجح فيما فشل فيه الجميع، لكن المفاجأة أن تواضروس عاد صامتا وكأنه لم يكن هناك ولم يتحدث عن أي تفاصيل لرحلته الموعودة، لكن المفاجأة الأكبر والمذهلة أنه بعد زيارته لإثيوبيا بأيام ظهرت إثيوبيا بوجه أشد غلظة وبقرارات حازمة وحاسمة ضد مصر وكأن الذي ذهب ليحل العقد قد تسبب في عقد عقدة النهاية في ملف المفاوضات التي هي أصلا مفاوضات شكلية ويائسة وبائسة، وكأن تواضروس كان رسولا للعطش الذي سيحل علي المصريين لو تم بناء السد الملعون الذي تشيده أمريكا وإسرائيل. واتخذ الإثيوبيون قرارا بإنهاء المفاوضات ورفضوا مناشدة مصر في تحديد موعد جديد وأداروا ظهورهم لكافة المطالبات بصورة تبدوا عجيبة بعد زيارة بابا الكنيسة. ومن الشأن الخارجي إلى الشأن الداخلي المستمر منذ مشهد الانقلاب في القصر الرئاسي وما قبله تتدخل الكنيسة في كل شاردة وواردة في مصر؛ وصار برلمانهم الباطل سباقا محموما نحو وصول أكبر عدد ممكن من الأقباط تحت القبة وكأنه سباق كنسي وليس سياسيا؛ ولأول مرة في تاريخ مصر يصل عدد المرشحين المسيحيين الأساسي والاحتياط إلى ما يقرب من المائة.. تحديدا 96 مسيحيا، وكأن كرسي البابوية قد انتقل إلى البرلمان، وبينما شكا يونس مخيون من الحشد الكنسي ليحث أتباعه على الذهاب كان ساويرس والقساوسة يقولون للنصارى نفس الكلام وتحولت الدعاية للانتخابات الفاشلة والباطلة إلى سباق طائفي، وتحول أصدقاء الأمس الذين تجمعوا كشلة الأنس يتبادلون الابتسامات إلى ذئاب يريد كلا منها أن ينهش الآخر أولا.. وكله في حب الصنم!!