بفضل الله وبرحمته نجحت ثورة شعبنا .. هذه الثورة الشعبية المصرية الوطنية التى شارك فيها كل المصريين بمختلف التيارت والأعمار، وكانت من تصميمهم وتنفيذهم، مع الاعتراف أن شبابنا كان العنصر الأول والمحرك الأساس لهذه الثورة؛ فقدموا الشهداء والتضحيات، وسطروا تاريخا جديدا لوطننا بأحرف من نور، شهد به الأعداء قبل الأصدقاء . إن ثورة شعبنا ستكون انطلاقة لتغيير وجه أمتنا العربية والإسلامية، لقد نجحنا فى معركة الكرامة والعزة للأمة بأسرها، وسنغير وجه الدنيا للأفضل بإذن الله .. إن مصر الأم القوية المتعافية والمتصالحة مع ذاتها، ومع تاريخها ومكانتها، من المؤكد أنها ستسهم وستفيد أيضاً في استعادة النظام العربي والإسلامى لروحه ومكانته وفاعليته، وما يدور في ليبيا واليمن والبحرين والعراق ولبنان وعُمان هو بداية هذا التغيير . لقد علمت ثورتنا الشرق والغرب كيف يكون الإصرار على المطالبة بالحق، بدون عنف وبكرامة؛ وهذا ما أكده أوباما رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية حين قال : » شاهدنا ظهور جيل جديد لديه قدرته الخاصة بالإبداع والموهبة والتكنولوجيا، إن هذه هي قوة الكرامة الانسانية والتي لا يمكن إنكارها على الشعب المصري، الذي ألهمنا بفكره أن العدالة لا تتحقق عن طريق العنف، إنما عن طريق القوة الأخلاقية «. رغم نجاح ثورتنا وثقتنا اللامحدودة في جيشنا العظيم وتأكيدات المجلس الأعلى للقوات المسلحة من البدايات الأولى بأنه يؤمن بشرعية مطالب الثورة وأنه لن يقدم أبداً على استخدام القوة ضد جماهير الثورة، إلا أن بعض المخاوف تنتابنا للالتفاف عليها، أو إجهاض بعض مطالبها، ويأتى فى مقدمة هذه المخاوف : تأخر المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن تلبية باقي مطالب الثوار وبشكل خاص إلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، فضلا عن تشكيل حكومة مغايرة تماما للحكومة التي يرأسها الفريق أحمد شفيق التي أدت اليمين أمام الرئيس السابق، بالإضافة الى تغيير رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير في الصحف القومية؛ لإنهاء خدمة أولئك الذين كان ولاؤهم على مدى السنين الماضية للنظام القديم . وهناك خطر آخر يتردد بقوة يتمثل في أن الحكومة على اتصال مستمر ويومي بالرئيس السابق، وهذا يعزز مخاوف من أن رئيس النظام السابق قد تنحى ولكن النظام نفسه لا يزال قائماً متمثلا في عدد من الوزراء ( وإن كان هذا العدد قد قل فعلياً في التعديلات الوزارية الأخيرة ) ومتمثلا في شخصيات عديدة لا تزال تشغل مناصب أساسية تجعل الحفاظ على النظام بدون رأسه أمراً ممكناً . وبطبيعة الحال فإنه لا يمكن إغفال خطر جسيم آخر وهو بقاء الحزب الوطني ( الحاكم ) الذي لم يصدر قرار بحله على الرغم من أن الاتهامات المتعلقة باستخدام العنف ضد المحتجين السلميين المسالمين - فيما أصبح يعرف بموقعة الجمل - لا تزال معلقة برقاب عدد من زعماء هذا الحزب الذين اختفوا من المشهد العام منذ فترة فلم تفتح معهم تحقيقات ولم يقدموا لمحاكمة، مع أن الدلائل تشير إلى أن أيديهم ملطخة بدماء الشهداء . لقد تصدر مطلب محاكمة القتلة مطالب الثوار الذين يريدون الثأر لمقتل أكثر من 365 شهيدا بالرصاص الحي بأيدى القناصة، وإلى الآن لم يُقدم أحد للمحاكمة ونخشى مع تطور الأحداث وتسارعها أن نتناسى معاقبة الجناة المعروفين للمجتمع ولبعض أهالى الشهداء. وهناك خطر خارجى يهدد كيان الثورة، وهو التآمر الصهيونى الأمريكى لتحقيق مصالح هذا الحلف على حساب مطالب الثوار؛ فحسب الإذاعة الإسرائيليَّة باللغة العبريّة، فقد بعثت الإدارة الأمريكيَّة مؤخرًا برسالة للحكومة الإسرائيليَّة تطلعها على مخططها لإعادة بلورة البيئة السياسيَّة المصريَّة بعد سقوط الرئيس مبارك بما يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيليَّة، وتضمنت الرسالة تطمينات لإسرائيل حول مستقبل الأوضاع في المرحلة المقبلة، ويتضح من التسريبات الإسرائيليَّة أن المخطَّط الأمريكي يهدف إلى تحقيق الأهداف التالية : الإسهام في بلورة بيئة سياسيَّة داخليَّة في مصر تقبل بمواصلة القاهرة الاضطلاع بالدور الذي قام به نظام الرئيس مبارك ضمن الاستراتيجيَّة الأمريكيَّة في المنطقة، سيِّما مواصلة مصر دورها في مواجهة إيران . الإبقاء على تحالف القاهرة مع ما يعرف بمحور " الاعتدال " وعدم التقارب مع حركتي حماس وحزب الله، ومواصلة الإبقاء على الحصار على قطاع غزة. التزام الحكومة المصريَّة الجديدة بمعاهدة كامب ديفيد، وقد نقلت الإذاعة عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله : » إن تل أبيب لا تريد أن تواصل الحكومة المصريَّة القادمة احترام اتفاقية كامب ديفيد فقط، بل أيضًا مواصلة التعاون الأمني الذي كان قائمًا بين مصر وإسرائيل في كل المجالات، وعلى الأخص في مجال تبادل المعلومات الاستخباريَّة والتنسيق بين الجانبين «. إن هناك بعض الخطوات التى لم تُتخذ داخليا حتى الآن، كما أن هناك مخططات اعترفت بها الإذاعة الصهيونية، هذان الأمران يبرِّران القلق على مصير ومسار ثورتنا؛ مما يتطلب أقصى درجات الحذر والحيطة . ولا ننسى أن الفضل الأول - بعد فضل الله عز وجل - يرجع إلى جيشنا العظيم الذي حمى الثورة وسوف يصل بها إلى بر الأمان بفضل الله عز وجل، ولكن مطلوب بعض الخطوات السريعة التى تؤكد للشعب المصداقية فى تعهدات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن الثورة قامت لأسباب كثيرة منها تبعية النظام السابق الشديدة للحلف الصهيونى الأمريكى الذى يسعى الآن للتآمر على ثورتنا، وتوجيهها لمصالحه وهذا يستدعي تكاتف الجيش والشعب في مواجهة المخططات المناوئة للثورة .. كلنا ثقة في الله عز وجل، ثم فى أنفسنا - جيشا وشعبا - لعبور هذه المرحلة؛ لأن الشعب المصري العظيم لن يسمح مجددًا بتغيير المسار الذي اختاره وبذل في سبيله الشهداء والغالي والنفيس .