اثارت العملية "الانتحارية" التي قام بها مواطن سويدي من اصل عراقي قبل يومين في العاصمة السويدية ستوكهولم اسئلة حول الجهادية الفردية والدور البريطاني في توفير ملاجئ للمتشددين المسلمين، خاصة ان الشاب تيمور العبدلي عاش في بريطانيا ودرس في واحدة من جامعاتها، وكان ناشطا عبر عن اراء متطرفة حيث قال مسئولو مسجد لوتون وهي المدينة التي عاش فيها انه خرج غاضبا من المسجد بعد محاولتهم تصحيح آرائه الخاطئة عن الجهاد. وحسب التقارير الصحفية السويدية فعملية التحول في حياة العبدلي الذي هاجر مع عائلته عندما كان في سن العاشرة من العمر حدثت اثناء اقامته الدراسية في بريطانيا.
وتظل هذه التقارير الصحفية مجرد تكهنات، اذ ان المسئولين السويديين الذين يتعاونون مع السلطات الامنية البريطانية يحاولون جمع خيوط القصة مما تركه العبدلي من شهادات على 'فيس بوك' وشهادات من قابله او احتك به في بريطانيا.
وكان العبدلي قد انتقل الى بريطانيا للدراسة في عام 2001 حيث سجل في جامعة بيدفوردشاير لدراسة علم نفس الرياضة، واثناء دراسته تزوج عام 2004 وترك وراءه ثلاثة اولاد.
وبحسب موقع للانترنت "مسلمة دوت كوم" وهو الموقع المخصص لاعلانات الباحثين عن زواج، اعلن عن رغبته بالزواج من ثانية. وبحسب شهادات جيرانه فكل ما يعرفون عنه انه كان رجلا طيبا يوزع الحلوى على الاولاد في العيد اضافة لتدينه الظاهر عليه وعلى زوجته التي كانت متحجبة، وغير ذلك فقد كان رجلا هادئا.
ويعتقد المحققون ان العبدلي وعائلته انتقلوا كثيرا في داخل المدينة، وان المناطق التي عاشوا فيها من مثل بيري بارك وليغريف كانت مراقبة من سلطات مكافحة الارهاب.
ومن بين اصدقاء العبدلي واحد مسجون بتهمة التآمر لتنفيذ تفجيرات وهناك اخران قتلا في بداية الغزو الامريكي على افغانستان عام 2001. ويشار في ملفات (ام اي 5) الى شخصية محورية لعبت دورا في نشاطات متشددين اسلاميين وهي شخصية سائق السيارة "كيو" الذي تربطه الاستخبارات الداخلية بعدد من العمليات منها هجمات يوليو 2005 حيث رتب رحلة قائد المجموعة محمد صديق خان الى باكستان، وربط كذلك بعملية هجوم على مركز تسوق في مقاطعة كينت واخر في لندن. ويرى تقرير نشر العام الماضي عن ظروف هجمات عام 2005، ان "كيو" يعتبر "رئيس مجموعة تقديم تسهيلات للقاعدة في بريطانيا".
وحسب صحيفة "الجارديان" فبيت كيو تعرض للتفتيش لكنه لم يعتقل. وكان العبدلي قد سافر للعراق والاردن وسورية.
ولوحظ في السنوات الاخيرة زيادة في مظاهر التشدد بين المسلمين في الدول الاسكندنافية وهذا مرتبط كما يقولون وخاصة بالسويد بالرسوم الكرتونية عن الاسلام التي رسمها لارس فيلكس وكذا المشاركة السويدية في افغانستان.
وتشير مصادر الى عمليات اعتقال تمت في النرويج لثلاثة مسلمين لهم علاقة بمحاولة تفجير في مانشستر البريطانية وهجوم على انفاق نيويورك. وواحد من الثلاثة من إقليم تركستان الشرقية، الذى تحتله الصين، وثان عراقي اما الثالث فهو من اوزبكستان.
وفي ضوء العملية نقل عن امام المركز الاسلامي في لوتون ان تيمور عرف بمواقفه المتشددة والجهادية حيث حاول المسئولون تحديها ومناقشتها ولكنه غضب وخرج من المسجد. ومع ذلك ظلت علاقته بالمسجد جيدة نظرا لمساعدته المصلين وكان شخصية محبوبة.
ومن الاراء التي عبر عنها انه كان يؤمن بكفر القادة المسلمين وعدم صدقية العلماء لانهم كما قال "في جيوب الحكام". ودعا تيمور الى الجهاد العملي، وعندما ناقشه مسؤول المركز ودحض افكاره، وهذا كلام المسؤول، غادر تيمور واخذ يكيل الاتهامات للمسجد ومسؤوله بانه يعمل مع الحكومة البريطانية.
ونقل عن سكرتير المسجد قوله ان الامام مرة تحدث عن مخاطر الارهاب وكان يوجه الحديث اليه بعد الصلاة ولكن بشكل غير مباشر، وهو ما عرفه العبدلي حيث غادر المسجد غاضبا ولم يعد.
ولامت عائلة العبدلي التي تعيش في بلدة تراناس فترة اقامته في بريطانيا حيث تحول من شاب عادي الى متطرف ونقلت صحيفة "ديلي تلجراف" عن صديق رفض الكشف عن اسمه قوله "ليس هناك شك من ان تيمور تغير بعد سفره الى بريطانيا".
وقبل ذلك "كان يشرب البيرة ويذهب للنوادي الليلية ولم يكن مهتما بالدين او السياسة، بل كانت له صديقة اسرائيلية"، حسب قول هذا الصديق، الذي قال ان اقبال الشاب على الحياة بشكل مفرط ادى الى قلق عائلته عليه ولكن كل هذا تغير عندما عاد من بريطانيا، بلحية وصار رجلا جديا.
تقارير من السفارة الامريكية وفي ضوء الحديث عن العبدلي وعلاقته ببريطانيا كشفت تقارير المسئولين الامريكيين في لندن والتي نشرها موقع "ويكيليكس" عن ان بريطانيا لم تحقق "الا القليل من التقدم" في برامج مكافحة التشدد في المجتمعات الاسلامية على الرغم من استثمار "الكثير من الوقت والمصادر المالية". ففي تقرير كتبه دبلوماسي في السفارة الامريكيةبلندن في اغسطس 2006، وكتبه بعد عملية التفجيرات السائلة الفاشلة، وانتقد فيه بشدة جهود الحكومة البريطانية وفشلها في عدم اشراك المسلمين في الحياة العامة وجاء فيه انه "منذ 7/7 فقد استثمرت حكومة جلالتها الكثير من الوقت والمصادر من اجل ادماج المجتمع المسلم" في بريطانيا!.
واضاف ان "التوتر الحالي يظهر التقدم القليل" الذي حققته. وحذر التقرير من مشاكل بريطانيا في مواجهة التطرف الاسلامي. واشارت تقارير اخرى من المخاطر التي يمثلها الشبان الصوماليون العائدون مما اسماه الدبلوماسيون الامريكيون "سياحة الجهاد" في الصومال. ففي تقرير كتبه دبلوماسي امريكي من سفارة بلاده في نيروبي كينيا، في الثاني من سبتمبر 2009، وجاء فيه "يعتقد ان هناك اعدادا كبيرة من المواطنين البريطانيين من اصل صومالي، في جنوب الصومال كجزء مما يعرف ب'السياحة الجهادية''.
واضاف التقرير ان "التهديد القادم من الصومال يترافق مع الواقع انه في شرق افريقيا لا يوجد اعتراف من قبل الحكومات المحلية بخطورة التهديد الارهابي".
وكان التقرير يتحدث عن لقاء تم بين مسئولين في مكافحة الارهاب البريطانيين والامريكيين عقد في العاصمة الاثيوبية، اديس ابابا، وتوصل الى ان الحكومة الجديدة في بريطانيا قد تقوم بانتهاج منهج "مبسط" في مكافحة الارهاب حيث قال التقرير ان "عددا كبيرا ممن سيشكلون الحكومة الجديدة كانوا خارج دوائر صناعة القرار ولمدة طويلة مما يعني انهم يحملون اراء تبسيطية حول مكافحة الارهاب".
وطرح المجتمعون مخاوف من امكانية حدوث هجمات على بريطانيا، على طريقة الهجمات التي نفذت على مومباي الهندية.
واشار المجتمعون الى اثار العملية العسكرية المثيرة للجدل في افغانستان باعتبارها "قضية سياسية".
وتحدثوا عن اثار الحملات التي يقوم بها معتقلون سابقون في جوانتانامو لمقاضاة الحكومة البريطانية، وما يتبع ذلك من اثر على سياسات مكافحة الارهاب. والامر الاخير هو مناقشة طريقة حماية وتأمين الالعاب الاوليمبية المقررة في عام 2012.
وفي تقارير اخرى اشار الدبلوماسيون الامريكيون الى ان القيادة المسلمة في بريطانيا ليست موافقة على المبادرات التي قامت بها الحكومة البريطانية بعد هجمات 2005. وعلق تقرير من ان نائبا مسلما وهو صادق خان، انتقد برنامجا اعدته الحكومة.
وفي التقرير الذي اعد في 14 اغسطس 2006، اي بعد عام من انتخاب خان، وزير العدل في حكومة الظل الحالية، فقد قام النائب العمالي بانتقاد برنامج '"بريفنت"، حيث قال ان "عددا قليلا من النقاط ال 64 التي اوصت بها لجنة المهام الخاصة من القيادات المسلمة قد اخذ بها في برنامج وزارة الداخلية". ووصف خان البرنامج بانه ما هو الا "عملية دعائية".
وكان خان واحدا من القيادات المسلمة التي كتبت الى توني بلير عام 2006 من غزو العراق اعطى "ذخيرة للمتطرفين".
ومع ان خان قد اكد ان الرسالة كتبت الى بلير في اثناء حرب لبنان انتقده فيها لانه كان مترددا فى نقد الدولة الصهيونية. لكن التقرير يقول ان التقرير وقعه شاهد مالك النائب المسلم الاخر، حيث اشارت الى "الرضوض" التي اصابت المجتمع المسلم بعد اعتقال 24 مسلما في رد على مؤامرة المتفجرات السائلة.
واشار الدبلوماسي نفسه الى ان المسلمين ليسوا وحدهم من انتقد السياسة الخارجية البريطانية ودورها في تعزيز التشدد، بل اليسار والصحافة الرئيسية التي قالت ان الارهاب المفرخ محليا كان "حتما سيقع" كرد على المشاركة البريطانية في العراق وتردد الحكومة في الدعوة لوقف اطلاق النار في الشرق الاوسط، لبنان.
وقالت "الجارديان" تقارير السفارة الامريكية من لندن تظهر انها قامت ببرامجها الخاصة لكسب المسلمين.