كما كان متوقعًا فقد انشغل الإعلام الصهيوني في الدولة الصهيونية، امس الاثنين، بالوثائق التي عرضها موقع (ويكيليكس)، ولكنّ لوحظ أنّ هناك تباينًا في التحليل بين كتبة الأعمدة. فقد رأى المحلل السياسي في صحيفة "هاآرتس" الصهيونية، ألوف بن، أنّ الوثائق التي تمّ نشرها لن تؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية بالمرة، وبطبيعة الحال لن تُغيّر أو تعود سلبا على العلاقات الأمريكية مع الدول العربية، أما بالنسبة للدولة الصهيونية، فقال إنّ الوثائق لم تُجدد شيئًا بالمرة، ولفت إلى أنّ ما تمّ نشره يتماشى مع السياسة الأمريكية بالنسبة للصراع الصهيوني الفلسطيني، مشيرًا إلى أنّه لا توجد خلافات بين ما نُشر وبين السياسة الأمريكية.
من ناحيته رأى المحلل في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، سيفر بلوتسكر، أنّ النشر يصب في صالح الدولة العبرية، وتحت عنوان (العالم يفكر مثلنا) كتب أنّ الوثائق تشير بشكل غير قابل للتأويل بأنّ العالم الحر وأيضا العالم العربيّ، يرى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية خطرا على السلام العالمي والاستقرار، وأن جميع هذه الدول، على حد قوله تتبنى الموقف الصهيوني الرسمي القاضي بوقف البرنامج النووي الإيراني، ولفت إلى أنّ ما نُشر عن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وعن وزير الأمن، إيهود باراك، وغيرهما لا يمس بالمرة بصورة الدولية الصهيونية أوْ ب"سمعتها في العالم"!.
أمّا المحلل للشئون الاستخباراتية في "يديعوت أحرونوت"، رونين بيرجمان، فرأى أنّ الوثائق التي تمّ نشرها في موقع "ويكيايكس" سببت للسياسة الخارجية الأمريكية أضرارًا تفوق الأضرار التي حاول الاتحاد السوفييتي ومن بعده روسيا أن يسببا للولايات المتحدةالأمريكية منذ بدء الحرب الباردة وحتى هذا اليوم.
ورأى المحللون أيضا أن الوثائق التي نُشرت تؤكد بشكل غير قابل للتأويل على أن من يقود السياسة الأمنية الصهيونية في الخارج هم: رئيس الموساد، مئير داغان ، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، الجنرال عاموس يدلين.
من ناحيته عقد رئيس الوزراء نتنياهو لقاء الاثنين مع الصحفيين اليهود قال فيه إنّ الدولة الصهيونية لم تتضرر من كشف الوثائق، كما أنّه توجه إلى الزعماء العرب، وطالبهم بأنْ يكونوا على جرأة كافية للمطالبة بضرب إيران بشكل علني وليس في الخفاء فقط. واعتبر نتنياهو أنّ الوثائق تؤكد على أنّ الأغلبية الساحقة من دول العالم تخشى التهديد النووي الإيراني، وبالتالي طالب المجتمع الدولي بالعمل على وقفه قبل فوات الأوان.
وبحسب الوثائق، فقد أعد رئيس الموساد، مئير داغان ، في أغسطس من العام 2007 خطة من 5 مراحل لإسقاط النظام الإيراني، وبحسب خطة داجان التي عرضها في لقائه مع نائب وزيرة الخارجية الأمريكية، ويليام بيرنز، فإن الخطة تتضمن جانبا سياسيا يتمثل في فرض عقوبات على إيران من قبل مجلس الأمن التابع لهيئة الأممالمتحدة، مع تأكيده على أن تجديد العقوبات لوحده لا يكفي.
إضافة إلى اتخاذ خطوات سرية، حيث اتفق داجان وبيرنز على عدم مناقشة هذه المرحلة في طاقم موسع بحضور السفراء والمستشارين السياسيين. وبحسب الخطة أيضا فإن داجان يؤكد على ضرورة منع وصول التكنولوجيا والمعلومات إلى إيران، مشيرا إلى أنه يمكن عمل الكثير في هذا المجال.
كما تناول داجان المصارف الإيرانية، مشيرا إلى أن 3 مصارف إيرانية على وشك الانهيار، وأن العقوبات المالية تعطي نتائج، كما يقترح داجان بذل جهود أكبر لإحداث تغيير في النظام الإيراني بدعم الحركة الطلابية والمجموعات العرقية (الأذرية والكردية) ومعارضي النظام الحاكم.
وبحسب الوثائق، المؤرخة بتاريخ 13/07/2007 فإن داجان ، وفي لقائه مع مستشار الرئيس الأمريكي لشئون الأمن القومي، قد قال إن العقوبات الاقتصادية فرضت على إيران ولم تكن الأخيرة مستعدة لها، وعن الإعلان عن بدء عملية تخصيب اليورانيوم، قال داجان إن إيران كانت لا تزال بعيدة عن هذه المرحلة، ولكنها بدأت تدفع ثمن ذلك. وبحسب "ويكيليكس" فإن داغان انتقد أداء زعماء دول الخليج ممن يضعون العقبات أمام معالجة البرنامج النووي الإيراني.
ووصف داجان دولة قطر بأنها "مشكلة حقيقية، ووصف أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة بأنه يلاحق الجميع، وأنه المسئول المباشر عن التحريض في شبكة الجزيرة". وأضاف داجان أنّه على الولاياتالمتحدة أن تنقل قواعدها من هناك.
وفي لقائه مع المستشار الأمريكي، حسب ويكيليكس، عرض داجان تقديرات متشائمة من المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وقال "بعد 10 سنوات من محاولة التوصل إلى حل دائم مع السلطة الفلسطينية لم يتم إنجاز أي شيء، فقط العمل العسكري ضد حماس في الضفة الغربية منع حماس من توسيع سيطرتها خارج قطاع غزة، وبدون العمل العسكري الإسرائيلي فإن فتح ستسقط خلال شهر"، وبحسب داجان فإن استثمار 6 مليارات دولار في السلطة الفلسطينية منذ العام 1994 لم يؤد إلا الى إضافة بضعة أشخاص إلى قائمة أغنى 500 شخص في العالم، ولفت المراسل السياسي لصحيفة "هاآرتس" باراك رافيد، إلى أنّ سياسة رئيس الموساد بالنسبة للنزاع مع الفلسطينيين تتطابق تمامًا مع رؤية وزير الخارجية الصهيونية، أفيجدور ليبرمان.
أما بالنسبة لسورية فيقول داجان إن الحلف الاستراتيجي القائم بين دمشق وطهران وحزب الله لم يتغير، وأن الرئيس السوري بشار الأسد يعتقد أن هذه السياسة صحيحة وناجحة.
وقال داجان هناك من يعتقد أنه يمكن الفصل بين سورية وإيران، وأن ذلك المفتاح لإضعاف حزب الله، إلا أن العكس هو الصحيح، على حد قوله. وقال إنّ فرض قرارات الأممالمتحدة على لبنان، وزيادة الجهود لنزع سلاح حزب الله يمكّن المجتمع الدولي من إزالة الصمغ الذي يربط بين إيران وسورية، وتابع قائلاً إنّ فرض القرارات سوف يؤدي إلى زيادة الضغوط على الرئيس السوري الذي يخشى إدانته باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، على حد تعبيره.
وابلغ داجان مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي فرانسيس برجوس تاونسند في شهر يوليو العام 2007، أن تل أبيب لن تقصف موقع دير الزور السورى، لكنها قصفت الموقع بعد ذلك بشهرين.
ووفقا للوثيقة الأمريكية التي نشرها موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني الاثنين، فإن داجان قال للمسئولة الأمريكية إنه "لا توجد لدى إسرائيل أية نية بشن هجوم".
وأضاف داجان أن سورية "تتوقع هجوما إسرائيلياً ضدها ورفعت مستوى جهوزيتها".
وادعى داجان أنه على الرغم من أنه ليس مخططا لتنفيذ غارة كهذه، إلا أنه يتوقع أن يؤدي رد سورية على أي حادث صغير إلى تصعيد سريع.
وفي حديثه عن باكستان، قال داجان إنها دولة لديها ترسانة نووية، ويحكمها الإسلام الراديكالي. وبحسبه فإن باكستان هي كابوسه الأكبر، وأنه يجب الحفاظ على مشرف في السلطة، بالإضافة إلى ذلك، عبّر رئيس الموساد الصهيوني عن مخاوفه من تفكك الطابع العلماني لتركيا بشكل تدريجي، وحذر من أنّ الوضع قد يصبح متطرفا مع مرور الوقت.
وأضاف "لو كان الجيش التركي يتلقى مساعدات مباشرة أخرى من الولاياتالمتحدة لكان بإمكانه العمل بشكل أفضل لمنع صعود الإسلاميين".
ويكشف "ويكيليكس" عن برقية أخرى معرفة بأنها سرية، ويعود تاريخها إلى مارس من العام 2005، والتي تتناول بعضا من نشاط الموساد في العراق، ويكتب السفير دان كيرتسر أنه بحسب داجان يوجد لدى الدولة الصهيونية إثباتات تشير إلى أن مقاتلين أجانب عادوا إلى بيوتهم من العراق، الأمر الذي يشير الى أن حرب الولاياتالمتحدة ضدهم بدأت تنجح، بالإضافة إلى ذلك، عبّر داجان عن قلقه من الدول التي جاء منها المقاتلون، وخاصة السعودية ولبنان وسورية والسودان، زاعما أن هذه الدول لن تستطيع السيطرة على الجهاديين العائدين، الأمر الذي يهدد الاستقرار في دول المنطقة، بما فيها الدولة الصهيونية، على حد تعبيره. كما يعترف داجان، بحسب ويكيليكس، بأنه "يوجد لإسرائيل علاقات صداقة مع الأكراد في العراق".