تدعم المثلية والإلحاد.. تفاصيل قرار حجب المنصات التي تعمل بدون ترخيص    الكويت: ملتزمون بتعزيز وحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتنفيذ الدمج الشامل لتمكينهم في المجتمع    رسميًا.. تنسيق الثانوية العامة 2024 في 5 محافظات    الرئيس السيسي يهنئ مسلمي مصر بالخارج ب عيد الأضحى: كل عام وأنتم بخير    قبل بداية تعاملات البنوك.. سعر الدولار والعملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه الأربعاء 12 يونيو 2024    الاتحاد الأوروبي يصف التزامات المغرب في مجال الطوارئ المناخية ب "النموذجية"    ليست الأولى .. حملات المقاطعة توقف استثمارات ب25 مليار استرليني ل" انتل" في الكيان    البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2024    تراجع سعر الفراخ البيضاء وارتفاع كرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأربعاء 11 يونيو 2024    يحمل أرفع رتبة، من هو طالب عبد الله أبرز قادة حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    واشنطن بوست: عملية النصيرات تجدد التساؤلات حول اتخاذ إسرائيل التدابير الكافية لحماية المدنيين    "بولتيكو": ماكرون يواجه تحديًا بشأن قيادة البرلمان الأوروبي بعد فوز أحزاب اليمين    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: شكوى للجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه    وزيرة الداخلية الألمانية تبحث في سراييفو سبل الحد من الهجرة غير النظامية    اللواء سمير فرج: فيلادلفيا منطقة عازلة.. ومصر خرقت الاتفاقية أثناء الحرب على الإرهاب    ملف يلا كورة.. الأهلي يستأنف تدريباته.. حجم إصابة مصطفى محمد.. وريمونتادا الاتحاد    جوميز يطلب مستحقاته المتأخرة فى الزمالك    عصام عبدالفتاح: أرفض العودة مرة آخرى لقيادة لجنة الحكام المصرية    ترقي الممتاز.. سبورتنج يتحدى الترسانة في مباراة ثأرية بالدورة الرباعية    البنك المركزي المصري يحسم إجازة عيد الأضحى للبنوك.. كم يوم؟    طقس عيد الأضحى.. تحذير شديد اللهجة من الأرصاد: موجة شديدة الحرارة    ظهور حيوانات نافقة بمحمية "أبو نحاس" : تهدد بقروش مفترسة بالغردقة والبحر الأحمر    والد طالب الثانوية العامة المنتحر يروي تفاصيل الواقعة: نظرات الناس قاتلة    السيطرة على حريق نشب داخل شقة سكنية بشارع الدكتور في العمرانية.. صور    الأوقاف تصدر بيان بشأن صلاة العيد في المساجد والساحات    إلغاء العرض الخاص لفيلمى اللعب مع العيال وعصابة الماكس حدادا على فاروق صبرى    بالصور.. أحمد عز وعمرو يوسف في العرض الخاص لفيلم أولاد رزق 3    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    هل الأضحية فرض أم سنة؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    الحق في الدواء: إغلاق أكثر من 1500 صيدلية منذ بداية 2024    عاجل.. محمود تريزيجيه: لا تفرق معي النجومية ولا أهتم بعدم اهتمام الإعلام بي    تريزيجيه: أتعرض للظلم الإعلامي.. وهذا ما حدث بين حسام حسن وصلاح    مصدر فى بيراميدز يكشف حقيقة منع النادى من المشاركة فى البطولات القارية بسبب شكوى النجوم    رئيس جامعة الأقصر يشارك لجنة اختيار القيادات الجامعية ب«جنوب الوادي»    بالفيديو.. عمرو دياب يطرح برومو أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    حمو بيكا "غاوي محاضر" بالعجوزة.. اتهم مذيعا ومحاميا بسبه على الهواء    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل قصواء الخلالى: موقف الرئيس السيسي تاريخى    عصام السيد يروى ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    63.9 مليار جنيه إجمالي قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    بعد طرحها فى مصر، "فيتو" ترصد مواصفات سيارات ميتسوبيشى أوتلاندر سبورت (فيديو وصور)    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    جمعية رجال الأعمال: تغيير وزير الصناعة ليس من شأنه أن يغير الوضع نحو الأفضل في القطاع    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    أثناء اللهو والهروب من الحر.. مصرع شخص غرقًا بمياه النيل في المنيا    «القاهرة الإخبارية»: السلطات السعودية تقر خططا ومسارات لإنجاح تفويج الحجاج    رويترز عن مسئول إسرائيلي: حماس رفضت المقترح وغيّرت بنوده الرئيسية    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية بلة المستجدة ببني مزار    مصدر حكومي: حلف اليمين الدستورية للحكومة الجديدة مقرر له بعد العودة من إجازة عيد الأضحى المبارك    شيخ الأزهر لطلاب غزة: علّمتم العالم الصمود والمثابرة    فضل صيام يوم عرفة 2024.. وأبرز الأدعية المأثورة    علي جمعة يوضح أعمال الحج: يوم التروية الثامن من ذي الحجة    «اتحاد الكرة» يؤكد انفراد «المصري اليوم»: محمد صلاح رفض نزول مصطفى فتحي    لجنة الفتوى بالأزهر ترد على عريس كفر صقر: «عندنا 100 مليون مصري معمولهم سحر» (فيديو)    يوافق أول أيام عيد الأضحى.. ما حكم صيام اليوم العاشر من ذي الحجة؟    نقابة الصيادلة: الدواء المصري هو الأرخص على مستوى العالم.. لازم نخلص من عقدة الخواجة    وكيل «صحة الشرقية» يناقش خطة اعتماد مستشفى الصدر ضمن التأمين الصحي الشامل    لطلاب الثانوية العامة.. أكلات تحتوي على الأوميجا 3 وتساعد على التركيز    قافلة مجمع البحوث الإسلامية بكفر الشيخ لتصحيح المفاهيم الخاطئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا ليت قومي يتعلمون...!!
نشر في الشعب يوم 28 - 08 - 2010


بقلم: د.بثينة شعبان

حين اغتالت إسرائيل محمود المبحوح في دبي تبين أن أجهزة المخابرات التابعة لنحو خمس عشرة دولة غربية قد تعاونت معها لتزويد فرق الموت التابعة للموساد بجوازات سفر للقتلة وبمنافذ عبور في مطاراتها، ومع ذلك، وبعد الاغتيال ركز الإعلام الغربي على أن الجوازات مزورة كي يغطي على جريمة الاغتيال نفسها وعلى تحالفهم المخابراتي في ارتكاب الجريمة. فالجريمة ارتكبت ضد العرب ولذلك لن يحاسب مرتكبوها، وهي، في كل الأحوال، ليست الجريمة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعاون حلفاء إسرائيل الغربيون معها، بل إن مثل هذا التعاون قد شجع إسرائيل عبر أكثر من ستين عاماً على الاستمرار بارتكاب جرائم الاغتيال والمجازر ضد المدنيين العزل في فلسطين ولبنان.
اليوم اخترعوا قصة صواريخ السكود كي يزعزعوا استقرار المنطقة ، ويغطوا على تعنت نتنياهو ورفضه القاطع للسلام مع العرب، وحين أصبح واضحاً لكل ذي بصيرة أن هذه القصة مثيرة للسخرية لعدم واقعيتها على المستوى الفنيّ والميداني، اجتمع باراك مع حلفائه في واشنطن لتنفيذ خطة سياسية إعلامية مفادها أن "هناك سلاحاً تزود به حزب الله، هذا السلاح يزعزع استقرار المنطقة". وهكذا وفجأة اكتشفت كلينتون وفيلتمان أن كل أسلحة الدمار الشامل التي تملكها إسرائيل وتفوّقها الجوي لا تهدد "الأمن والاستقرار في منطقتنا" بل هي هذه الأسلحة المزعومة.
وينبري كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا لإطلاق "تهديدات ضد سورية ولبنان" بناء على تهم أطلقت في الإعلام ولا تكتسب أي نوع من المصداقية. وفي هذه الحال فقط تبدو اللغة الواضحة طيّعة للمسؤولين الأميركيين بحيث تدين وزيرة الخارجية الأميركية "نقل الأسلحة بأقوى لغة ممكنة"، وتعتبر هذا التصرّف المتخيّل طبعاً "استفزازياً ومهدداً لاستقرار المنطقة والذي لن تقبله الولايات المتحدة ولا الأسرة الدولية"، كما تعتبره خرقاً للقرار 1701 الذي يمنع "الاستيراد غير الرسمي لأي نوع من الأسلحة إلى لبنان". أما كل خروقات إسرائيل لاتفاقيات جنيف الرابعة، وانتهاك إسرائيل لكل قرارات مجلس الأمن بما في ذلك القراران 242 و338 وكذلك 1701 وكل الأسلحة التي تستوردها إسرائيل ، فهذا ما لم تلحظه السيدة كلينتون ، بل إنها لم تلحظ تزويد حكوماتها المتعاقبة لإسرائيل بالمفاعلات النووية سراً وبالقنابل الفوسفورية والعنقودية لقتل أطفال غزة والمدنيين العزّل وإصابتهم بإعاقات مشينة يمكن للسيدة كلينتون مشاهدتها لو أرادت زيارة غزة. وهي التي تزودها بالطائرات الحربية التي دمّرت آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات في غزة وجنوب لبنان. وتناسى وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس جيوشه التي ارتكبت جريمة قتل مليون مدني عراقي ، والتي لا تزال مستمرة بقتل العشرات من المدنيين الأفغان يومياً ، فسارع إلى ترديد معزوفة أن "تسليح إيران وسورية لحزب الله بصواريخ وقذائف متطورة يقوّض استقرار المنطقة". أما إيهود باراك فقد اعتبر أن هذا الأمر "يخل بتوازن التسليح في المنطقة"!! ولكن أي مسخرة أكثر من ترديد إيهود باراك مثل هذه المزاعم وكأنه لا يعرف أن جيشه يمتلك كل أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرّمة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل النووية والكيميائية والبيولوجية وكل أنواع الطائرات والمدفعية والصواريخ والقذائف المحرمة وهي ترتكب كل أنواع جرائم الحرب والقتل والمجازر يومياً ومنذ أكثر من ستين عاماً دون رادع، ودون خوفٍ، ودون عقاب ، فحلفاء إسرائيل من الغربيين في حالة استنفار دائمة لتغطية جرائمها ضد الإنسانية وهم معها دوماً وفي كل الحالات "ظالمة أو مظلومة" وهي دوماً ظالمة.
وفي مثل هذه الأحداث، وغيرها الكثير، يتصرف الغرب برمته ككتلة واحدة ويلتف حول صنيعته إسرائيل، ويردد كالببغاء اتهاماتها وادعاءاتها، ويبرر كل الجرائم التي ترتكبها، ويدعم كل ما تخطط للقيام به من جرائم ، ويزودها بكلّ أنواع الدعم المالي والعسكري والسياسي والإعلامي. ورغم قصّة الجوازات المزورة فإن المئات من عناصر المخابرات الإسرائيلية ما زالوا يجولون، اليوم وكل يوم، دولاً عربية بجوازات غربية لتجنيد عملاء أو لجمع معلوماتٍ أو ارتكاب اغتيال أو تفجير أو تخريب.
ولكن ماذا تعلم العرب من أعدائهم طوال هذه العقود الدموية المريرة؟ هل تعلموا أن يكونوا في مواجهة الأعداء ،مثلهم، كالجسد الواحد ، أم أن بعضهم لا يزال يجرب أساليب أثبتت فشلها مرة بعد أخرى لأنها كمن يضع رأسه تحت الرمال؟ هل تعلمنا أمام جرائم إسرائيل الوحشية أن نقف مع أشقائنا سواء كانوا موحدي الصفوف أم مختلفين؟ هل تعلّمنا أمام الحصار الذي تفرضه قوى الوحشية الغربية على شعب شقيق مقهور وأعزل أن نتحد بموقف واحد أم لا نزال ندير لهذا الشعب المظلوم ظهر المجن ونتكاسل وكأن الأمر لا يعنينا؟!
هذا الحصار الجائر والمنافي لكل القوانين والشرعية الدولية وحقوق الإنسان مستمر اليوم في البحر والبر والجو على مليون ونصف المليون إنسان فلسطيني لأنهم عرب، وتسكت دول أوروبا والإدارة الأميركية عن جريمة الحصار فقط، لأنهم عرب، فهؤلاء لم يتخلصوا بعد من عقلية الحروب الصليبية ، وعنصريتهم تمنعهم من قبول الآخر ، ولكن تخيّلوا لو كان الحصار يفرضه العرب على الإسرائيليين، كيف كان موقف كلينتون وفيلتمان "الصامت عن حصار غزة لحد الموت حتى الآن"؟!
يا ليت قومي يتعلمون من منظمي "أسطول الحرية" الذي سيبحر لفك الحصار الإسرائيلي المفروض على المدنيين في غزة من تركيا في 24 مايو ويشارك في هذا الأسطول "مؤسسة الإغاثة التركية (اش اش أي)، والمنظمة العالمية "بيردان" للسلام من ماليزيا، والحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة، والمبادرات السويدية واليونانية التي سوف ترسل ثلاث سفن محملة ببضائع ومستلزمات طبية وتعليمية وعلى الأقل خمسة قوارب ركاب تحمل على متنها ما يزيد على 600 شخص. وقد بدأ الإعلام الغربي منذ الآن بدعم الحصار الإسرائيلي الوحشي عبر إطلاق صفارات الخوف على "أمن البحرية الإسرائيلية" من "مواد غذائية وطبية وقوارب تحمل مناصرين حقيقيين لحقوق وكرامة الإنسان". ولكن أين هو الزخم العربي في هذه الحملة؟ وأين رجال الأعمال العرب من دعم إخوانهم وأخواتهم في غزة الذين يعانون من حصار وحشي قاتل تفرضه قوى الحرب والعدوان منذ سنوات على مدنيين عزل؟
يا ليت قومي، وخاصة قادتهم، وجيوشهم، وأجهزة مخابراتهم ، وإعلامهم يتعلمون من أعدائهم وحدة الصف والتضامن وقت الضيق مع الشقيق ظالماً كان أم مظلوماً.
لقد فقد بعض العرب مكانتهم الدولية ودورهم الإقليمي عندما تخلوا عن قومهم وعن كرامة أمتهم العربية وحقوقها ذلك لأن الغرب نفسه الذي يؤمن بالتكافل والتضامن لا يحترم ولا يثق بصداقة من يتعامل مع أشقائه على أساس الفرقة والانقسام.
تثبت هذه الأحداث، وغيرها الكثير، أن الغرب لا يعتبر أيّ بلد عربي صديقاً له مهما قدمت حكومته من خدمات لصالح إسرائيل ومهما قدمت مخابراته وقضاؤه من خدمات لدعم الاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية فهم يعتبرونها، وهم محقون، بأن من يكون ضدّ قومه غير جدير بالثقة. لذلك فإن هؤلاء الذين يتخيلون أنهم أصدقاء للغرب هم واهمون، فالغرب صديق لنفسه ولمصالحه. فلماذا لا يكون العرب أصدقاء أنفسهم ومصالحهم أولاً؟، ولا شكّ أن مصلحة العرب تقتضي أن يتصرف العرب كطرف واحد وأن يوحدوا الكلمة والصف لأنهم جميعاً في نظر الغرب عرب . ولكن بالتأكيد، يمكن لنا أن نتعلم من الغرب بأن ننتصر لإخواننا خاصة وهم الذين يجاهدون من أجل الحرية والكرامة.
إن تغيير مفهوم عدم الاكتراث بالشقيق إلى مفهوم نصرة الأخ والشقيق الطالب للعدالة والحقوق المشروعة هو المفهوم الذي على العرب أن يتعلموه اليوم وهو المفهوم الضروري ليس فقط لتحرير شعب فلسطين من الوحشية الإسرائيلية ، وإنما لبقاء وعزة العرب جميعاً في جميع أقطارهم. أما الاعتذار من العدو ومحاولة استرضائه والرهان على "إنسانيته" و"ديمقراطيته" فلن تزيد الركب العربي إلا تقهقراً وضعفاً، والتاريخ ماثل أمام أعيننا ومستمر بتقديم البراهين لنا يوماً بعد يوم، فهل يتعلم هذا الرهط من قومي الذي استطابوا مهادنة الأعداء المعتدين المتوحشين، واستسهلوا معاقبة الشقيق المحاصر المظلوم المعتدى عليه، من الأعداء أنفسهم وهم على العدوان متحالفون متضامنون ضد شعبهم وأشقائهم في فلسطين ولبنان وسورية.
يا ليت قومي يتعلمون وحدة الصف ولو من أعدائهم ... يا ليت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.