قال المحلل للشئون العسكرية في صحيفة "هاآرتس الصهيونية، يوسي ميلمان، أمس الخميس، نقلاً عن مصادر عالية المستوى في المنظومة الأمنية في تل أبيب، إنّ الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية تحاول فك رموز الرئيس السوري، د. بشّار الأسد، لمعرفة توجهاته وماذا يريد تحقيقه في السياسة الخارجية، ولكنّ المصادر أكدت على أنّ المنظومة الأمنية الصهيونية فشلت فشلاً ذريعا في محاولاتها المستمرة. ونقل ميلمان عن الصحيفة الفرنسية (إينتليجينس أون لاين)، المتخصصة في الشئون العسكرية، قولها إنّه في مكان ما في سورية، لم يُشر إلى مكانه، أقامت دمشق مصنعا لإنتاج الصواريخ من طراز (M 600)، لافتةً إلى أنّ المصنع هو نتاج التعاون المشترك بين سورية والجمهورية الإيرانية، مشيرةً إلى أنّ طهران قامت بتمويل إنشاء المصنع ومنحت دمشق حرية الإنتاج، بعد أنْ قامت بتزويدها بالمعلومات التكنولوجية وسبل استعمالها، علاوة على معلومات حساسة حول خطط الإنتاج.
بالمقابل زادت الصحيفة الفرنسية حسب المصادر عينها أنّ سورية تعهدت لإيران بتحويل نصف الكمية التي يقوم بإنتاجها المصنع المذكور، أي الصواريخ المطورة، إلى منظمة حزب الله اللبنانية، وأشار المحلل الصهيوني إلى أنّه قبل عدة أسابيع تناولت وسائل الإعلام العالمية قيام سورية بتهريب صواريخ متطورة إلى حزب الله في لبنان، خارقةً بذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، والذي يمنع تزويد حزب الله بالأسلحة، وهو القرار الذي وضع حدًا لحرب لبنان الثانية في صيف العام 2006.
ولفت ميلمان إلى أنّ الأنباء المذكورة، التي عكفت المنظومة الأمنية الصهيونية، على ما يبدو، على تسريبها، تمّ تأكيدها في ما بعد من قبل الدولة الصهيونية الرسمية.
ولكن بالمقابل، قال المحلل الصهيوني، إنّه في حقيقة الأمر فإنّ سورية لا تقوم بتهريب الأسلحة لحزب الله في لبنان، ولكنّها تقوم بنقل الصواريخ إلى لبنان بموجب الاتفاق الذي تمّ إبرامه مع الجمهورية الإيرانية، على الرغم من أنّ دمشق تبذل جهودا جبارةً من أجل إخفاء عملية تزويد الاسلحة لحزب الله، لمعرفتها بأنّ الأجهزة الأمنية في الدولة الصهيونية تقوم برصد التحركات وتعقب التطورات في عملية نقل الصواريخ، على حد تعبيره.
وقال المحلل أيضا إنّ الرقابة العسكرية سمحت بنشر معلومات تقول انّ الصواريخ التي نقلت من سورية الى حزب الله هي من طراز سكود و(600 M)، والتي تمكّن حزب الله من توجيه ضربة قاسية الى عمق الجبهة الداخلية الصهيونية، لافتًا إلى أنّ سورية سلمت لحزب الله صواريخ دقيقة وبعيدة المدى تسمّى (M 600)، وأن تل أبيب ترى في هذا الصاروخ تهديداً عسكرياً فعلياً، فهو قادر على تشويش عمل الجيش أثناء الحرب.
وأوضح ميلمان أنّ (M 600)، اسم جديد أدخل الى معادلة الردع وتوازن الرعب بين الدولة الصهيونية ونفسها في تعاظم القلق من تعاظم قدرة المقاومة. الصاروخ الجديد هو في التشخيص الصهيوني صاروخ فاتح 110، الذي ولد قلقاً في المؤسسة الأمنية الصهيونية من حيث مداه البالغ حوالي 250 كلم وبرأس متفجّر يزن 500 كلجم (نصف طن) وهو مزوّد بنظام توجيه حولّه الى صاروخ دقيق وفعال.
ووفق معطيات نشرها مؤتمر الدفاع ضدّ الصواريخ في الدولة الصهيونية فانّ حزب الله اللبنانى نشر في لبنان حوالي 200 صاروخ من هذا النوع، فيما يوجد لدى سورية حوالي 500 صاروخ من هذا الطراز.
وفي هذا السياق نقل عن المسئول السابق في وزارة الأمن الصهيونية، عوزي روبين، قوله "إن حزب الله يستطيع إختيار اهدافه وضرب البنى التحتية وتعطيل محطات الطاقة في اسرائيل وضرب المطارات والتشويش على نشاط سلاح الجو وعلى تجنيد الإحتياط وعلى عمل هيئة الأركان في تل أبيب"، على حد تعبيره.
ورأى ميلمان أنّ المنظومات الصهيونية المضادة للصواريخ غير قادرة على مواجهة الصواريخ، كما انّ منظومة (اللمسة السحرية) المخصصة لمواجهة صواريخ من هذا النوع لم تكتمل بعد.
وكان أحد المحللين الصهاينة قد كشف مؤخرًا النقاب عن أنّ الدولة الصهيونية حاولت منع وصول هذا السلاح الى حزب الله لكنّ هذه المحاولات لم تنفع، وهذا الصاروخ ينضمّ للائحة صواريخ لدى حزب الله من سكود الى زلزال، لكنّ هذا الصاروخ هو الأكثر دقّة وفتكاً، وهذا يُعدّ تطوراً مطلقاً، حيث أكدت المصادر الأمنية في تل أبيب على أنّ صاروخ (M 600)، الذي وصل الى لبنان هو سلاح يضرب التوازن التي تحدثت عنه تل أبيب، وهو يخرق أيضاً الجبهة في الجانب الصهيوني، على حد قول المصادر ذاتها.
ونقل ميلمان عن مسئول رفيع في تل أبيب قوله إننّا سنشتاق إلى ما كان في العام 2006 من ناحية كمية وجودة الأسلحة التي يملكها حزب الله، على حد قوله، وبحسب الخبراء الصهاينة، فإنّ حزب الله يتحضر للحرب مع الدولة الصهيونية، ولكن لا توجد قرائن على الأرض تؤكد أنّ الحرب ستكون قريبة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن الدولة الصهيونية أطلقت على لبنان ما يقارب 7000 طن من المواد المتفجرة، في حين أن المواد المتفجرة في الصواريخ (نحو 4000 صاروخ) التي أطلقها حزب الله على الدولة الصهيونية تصل زنتها إلى 28 طنا فقط.
وبحسب المصادر ذاتها فقد تمكن حزب الله من إعادة بناء قدراته العسكرية، وزيادة الوحدات القتالية لديه، والتزود بعشرات الآلاف من الصواريخ بمساعدات سخية من سورية وإيران.
ولكن ميلمان شدد على أنّ السؤال المهم الذي تتخبط الاستخبارات الصهيونية بشأنه هو وجهة الرئيس السوري، وأضاف أنّه بالإمكان الحصول على معلومات دقيقة بشأن عدد الجنود السوريين ومبنى الجيش وتسليحه ونظرياته القتالية، إلا أنه من الصعب تحليل نوايا القيادة السورية، وخاصة الرئيس السوري وكبار قادة الجيش ومساعديه، مشيرا إلى أنّ الاستخبارات الصهيونية منقسمة بهذا الشأن بين متفائل ومتشائم، موضحًا أنّ رئيس شعبة الأبحاث في دائرة الاستخبارات، يوسي بيدتس، ورئيس هيئة أركان الجيش جابي أشكنازي، يرجحان أن الرئيس السوري سيوقع على اتفاق سلام ولكن بشرط استعادة الجولان السوري المحتل، ويشمل فتح الحدود وعلاقات تجارية ودبلوماسية.
وفي المقابل، فإنّ رئيس الموساد مئير دغان يعتقد أن الرئيس السوري لن يوقع بالمرة على أي اتفاق سلام مع الدولة الصهيونية، في حين يعتقد رئيس الاستخبارات العسكرية (أمان) الجنرال عاموس يدلين أنّ الأسد لا يزال مترددا حيال المسلك الذي يسلكه، وبحسب الجنرال يدلين فإنّ السنوات الأخيرة تشير إلى أنّه يبتعد عما يسمى بمسلك السلام، وهو ما تصفه الاستخبارات الصهيونية بتعزز الثقة بالنفس لدى الرئيس السوري.
وخلص المحلل إلى القول إنّ الرئيس السوري يتصلب في مواقفه وشروطه، وليس على استعداد للتخلي عن تحالفاته مع إيران وحزب الله مقابل السلام مع الصهاينة.