قتل عشرة من جنود قوات الاحتلال التابعة لحلف شمال الاطلسي (الناتو) في أفغانستان يوم الاثنين ليصبح الشهر الحالي بذلك الأكثر دموية للقوات الأجنبية في الأراضي الأفغانية منذ مطلع العام الجاري. وأعلن بيان لقوات الاحتلال أن معظم القتلى من الجنود الأمريكيين وأنهم سقطوا في هجمات مسلحة وتحطم مروحية في افغانستان. وقتل ثلاثة من قوات النخبة الاسترالية وجندي أمريكي في حادث تحطم مروحية في ولاية قندهار الجنوبية, في اكبر خسارة في حادث واحد تتعرض له القوات الاسترالية خلال نحو تسع سنوات. كما قتل جنديان من الناتو أحدهما أمريكي, في انفجارات منفصلة في مناطق اخرى من الجنوب الذي يعد معقلا لحركة طالبان.
وقتل أيضا جندي كندي في جنوب غرب قندهار نتيجة انفجار عبوة يدوية الصنع. وبمقتله يرتفع عدد العسكريين الكنديين القتلى في افغانستان الى 148 منذ انتشار الكتيبة التي تضم حاليا 2800 شخص ومن المقرر إعادتها إلى كندا العام 2011.كما قتل ثلاثة جنود في هجمات مسلحة وتفجيرات في جنوب وشرق افغانستان.
تزامن ذلك مع زيارة المبعوث خاص بافغانستانوباكستان ريتشارد هولبروك الذي التقى بعدد من المسئولين الافغان فى مدينة قندهار اكبر مدن الجنوب الأفغاني
كان هولبروك قد وصل إلى أفغانستان قادما باكستان، حيث أعلن هناك عن تراجع قوة تنظيم القاعدة ، داعيا اسلام اباد الى تكثيف جهودها لمطاردة مسلحى طالبان والقاعدة.
خسائر بريطانية من جهة أخرى اعلنت وزارة الدفاع البريطانية الاثنين ان الخسائر البريطانية في افغانستان منذ بدء العمليات عام 2001 بلغت 300 قتيل، اثر وفاة جندي متأثرا بجروحه.
وقالت الوزارة في بيان: "تؤكد وزارة الدفاع بحزن مقتل عنصر من فرقة المارينز الملكية ال40 التابعة للقوة المشتركة في سانغين."
واضافت ان الجندي توفي في مستشفى في برمنغهام الاحد اثر اصابته بجروح بالغة في انفجار في سانغين بولاية هلمند في 12 يونيو حزيران.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون انها "لحظة حزينة للغاية"، داعيا البريطانيين الى "التامل في التضحيات التي تقدمها القوات المسلحة."
واقر كاميرون ان الكثيرين يطرحون تساؤلات حول الوجود البريطاني في افغانستان قائلا: "اننا ندفع ثمنا باهضا للحفاظ على امن بلادنا، ولجعل العالم اكثر امنا، ومن المشروع ان نطرح تساؤلات عن سبب تواجدنا هناك والى متى."
واكد رئيس الوزراء البريطاني ان القوات البريطانية المرابطة في افغانستان والبالغ عددها 9500 جندي "فور تمكن افغانستان من ضمان امنها بنفسها."
وصرح كاميرون مؤخرا بان على البريطانيين توقع زيادة في عدد الخسائر هذا الصيف، معتبرا ان هذا العام "في غاية الاهمية" في القتال الدائر، وانه يتحتم على القوات الدولية في افغانستان "مضاعفة جهودها لتحقيق تقدم ملموس."
مفاجآت طالبان تنسف كنز أوباما وفيما يبدو أن إعلان واشنطن فجأة في 14 يونيو عن العثور على ثروات معدنية غير مستغلة في أفغانستان تقدر قيمتها بتريليون دولار كان يهدف للتغطية على الخسائر الفادحة التي تلقتها قوات الناتو في الأسابيع الأخيرة على يد عناصر طالبان من جهة والحيلولة دون انهيار التحالف الذي تقوده أمريكا من ناحية أخرى.
فما أن ظهرت الأزمة المالية في منطقة اليورو إلا وبدأت بعض الدول الأوروبية وخاصة تلك المشاركة بقوات في أفغانستان تلمح إلى خفض ميزانياتها العسكرية في إطار خطط التقشف التي أعلنتها لمواجهة الأزمة ، وبالنظر إلى أن الناتو يخطط لهجوم واسع على معقل طالبان في قندهار خلال أسابيع قليلة ، فقد سارعت واشنطن للكشف عن عثورها على "كنز" في أفغانستان لفتح شهية حلفائها للبقاء هناك ولامتصاص غضب الشعب الأمريكي تجاه الخسائر الفادحة المتوقعة خلال العملية العسكرية المرتقبة في قندهار .
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد كشفت في 14 يونيو أن الولاياتالمتحدة اكتشفت ثروات معدنية غير مستغلة في أفغانستان تقدر قيمتها بتريليون دولار ، وأضافت أن المخزون الأفغاني المكتشف والمتمثل في الحديد والنحاس والكوبالت والذهب بالإضافة إلى معادن صناعية مهمة مثل الليثيوم وبعض المعادن الضرورية التي تدخل في الصناعات التقنية الحديثة قد يجعل من أفغانستان واحدة من أهم مراكز صناعة التعدين في العالم ، كما أن الكميات الهائلة من المخزون الأفغاني من الحديد والنحاس قد تجعل أفغانستان من أكبر الدول المنتجة للمعدنين .
وتابعت أن التطور السابق سيؤدي لتغيير جذري في الاقتصاد الأفغاني وربما الحرب الأفغانية نفسها ، قائلة "إن أفغانستان قد تصبح (المملكة السعودية لليثيوم) وهو المادة الخام الرئيسية في صناعة بطاريات أجهزة الكمبيوتر المحمول (لاب توب) والهواتف الذكية مثل (بلاكبيري)".
واستطردت الصحيفة قائلة "إنه رغم أن تطوير صناعة التعدين في أفغانستان قد يستغرق عدة سنوات إلا أن العائدات المحتملة تبدو هائلة مما قد يجذب استثمارات ضخمة نحو البلد وتخلق فرصاً وظيفية كبيرة".
خسائر فادحة ورغم أن ما سبق رجح أن الإدارة الأمريكية لا تنوي الانسحاب من أفغانستان قريبا، إلا أن طالبان كان لها رأي آخر وأكدت أن كل يوم يمر على قوات الناتو في أفغانستان يعني المزيد من القتلى والجرحى وهذا ما ظهر بوضوح خلال الأسابيع الأخيرة .
ففي 21 يونيو، لقي تسعة من عناصر قوات الاحتلال الدولية في أفغانستان التابعة لقوات حلف شمال الأطلسي " الناتو " مصرعهم في حادث تحطم مروحية في ولاية قندهار جنوبأفغانستان ، وجاء في بيان للحلف أن أغلب القتلى هم جنود استراليون ، قائلا :" 10 من بين الخمسة عشر جندياً على متن المروحية كانوا من استراليا ".
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن وزارة الحرب البريطانية أعلنت في اليوم ذاته عن ارتفاع عدد قتلاها في أفغانستان منذ بداية الغزو إلى 300جندي ، فيما كان البنتاجون أعلن في 28 مايو الماضي أن عدد القتلى الأمريكيين في أفغانستان ارتفع إلى ألف جندي منذ بدء الغزو في عام 2001.
بل إن حصيلة الخسائر في شهر يونيو فقط تؤكد حجم المأزق الذي يواجهه أوباما رغم مضاعفة عدد قواته هناك منذ مطلع العام الحالي ، حيث بلغ عدد القتلى بين الجنود الأمريكيين 23 جنديا، بالإضافة إلى 33 في صفوف قوات الناتو، وكان 8 يونيو هو الأكثر دموية في هذا الصدد ، حيث أعلن حلف الناتو أن عشرة من جنوده بينهم 7 أمريكيين لقوا مصرعهم في هجمات متفرقة بأفغانستان في هذا اليوم.
وفي ضوء الخسائر السابقة كان لابد من البحث عن كبش فداء، حيث قدم وزير الداخلية الأفغاني حنيف اتمار ومدير أجهزة الاستخبارات عمر الله صالح استقالتيهما من منصبيهما في 10 يونيو بعد فشلهما في منع هجمات شنتها حركة طالبان واستهدفت اجتماع زعماء القبائل "اللويا جيرجا".
وكان مقاتلو طالبان نفذوا يوم الأربعاء الموافق 2 يونيو هجوما صاروخيا لدى بدء أعمال اجتماع " اللويا جيرجا " وهو التجمع التقليدي لشيوخ وأعيان أفغانستان وذلك بالرغم من حملة أمنية كثيفة فرضت على العاصمة.
ومع أن إدارة أوباما كانت تعول على اجتماع "اللويا جيرجا" لإحداث انشقاق في صفوف طالبان بين معتدلين ومتشددين وبالتالي خفض التأييد الشعبي لها، إلا أنها أجهضت مبكرا هذا الأمر عبر توحدها في رفض دعوات الحوار مع حكومة كزراي دون انسحاب القوات الأجنبية، بالإضافة إلى أن استمرار سقوط مدنيين في القصف العشوائي لحلف الناتو زاد من شعبيتها بل وحذر كثيرون في الغرب من أن طالبان مصممة على أن يكون 2010 الأكثر دموية لقوات الناتو منذ بدء الغزو في 2001 .ففي 10 يونيو، اعترف حلف الناتو بفشله في إحراز تقدم في أفغانستان بسبب مواجهة طالبان لقوات الحلف في جنوب البلاد، وأعلن وزراء حرب الدول الأعضاء في الناتو عقب اجتماع دام يومين في بروكسل أن تحديات كبيرة ما تزال تواجه الحلف وأن النجاح ليس مضمونا بسبب الضربات التي توجهها طالبان لهذه القوات.
وفي 19 يونيو، أصدرت الأممالمتحدة تقريرا عن الوضع الحالي في أفغانستان رسمت فيه صورة متشائمة بسبب تردي الوضع الأمني وازدياد مطرد في الهجمات بشكل يهدد أي خطوات نحو استقرار الدولة التي مزقتها الحروب.
اعتراف بقوة طالبان وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في أحدث تقاريره إلى مجلس الأمن الدولي "إن الهجمات العشوائية للعناصر المناهضة للحكومة ضد الأهداف المدنية وممثلي الحكومة والقوات الدولية مستمرة"، وتحدث التقرير عن عدم استقرار الأوضاع في أفغانستان رغم التحسينات التي طرأت على تطوير قدرات قوات الأمن الأفغاني ، قائلا :" الإتجاه نحو استخدام العبوات الناسفة في تزايد مثير للقلق إلى جانب العمليات الهجمات الانتحارية المعقدة".
وأشار التقرير إلى تزايد حاد في التفجيرات باستخدام العبوات الناسفة بواقع 94%، خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بذات الفترة العام الماضي ، كما شهد اغتيال المسئولين الأفغان قفزة كبيرة خلال الفترة بلغت 45 %.
وحذر من أن هجمات المسلحين أصبحت أكثر تعقيدا ، معتبرا أن هذا يؤكد القدرات المتنامية للشبكات المحلية ذات الصلة بالقاعدة .
واختتم قائلا إن أفغانستان تشهد هجمات انتحارية بمعدل ثلاثة هجمات في الأسبوع ، بالإضافة إلى الهجمات المعقدة وتشمل مزيجاً من الهجمات الانتحارية والهجوم بأسلحة خفيفة في ذات الوقت.
وامتد التشاؤم إلى داخل الولاياتالمتحدة نفسها ، حيث هاجمت بعض الصحف الأمريكية استراتيجية أوباما في الحرب على أفغانستان ووصفتها صحيفة "واشنطن بوست" بأنها خرقاء معوجة يشوبها الخلل ، مشيرة إلى رسالة وصلت من ضابط صف صغير في القوات الأمريكية المتمركزة في أفغانستان أكد خلالها المصاعب التي تواجهها وحدته العسكرية واستحالة تحقيق الانتصار على طالبان .
وفي السياق ذاته ، كشفت مجلة "التايم" عما أسمته انخفاض معنويات الرتب العليا الأمريكية، مشيرة إلى حالة الإغماء التي أصيب بها قائد القيادة المركزية الأمريكية ديفيد بترايوس في منتصف يونيو وهو يتحدث بشأن أفغانستان أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي ، بالإضافة إلى مساعي قائد قوات حلف الناتو في أفغانستان الجنرال الأمريكي ستانلي مكريستال للحصول على عطف الأفغان .
ووفقا لمجلة التايم ، فإن مكريستال قال لجموع من الأفغان في أكثر من مناسبة إن لدى والده ولدا وأكثر من قريب يدافعون عن حرية أفغانستان، متسائلا عما إذا كان لديهم أبناء للدفاع عن حرية بلادهم أم لا.
وأضافت أن مكريستال كرر هذا الأسلوب العاطفي في الحديث مع الأفغان في الأسابيع الأخيرة مما يدلل على مدى حالة الإحباط والإرهاق واليأس التي تعانيها الرتب العليا في القوات الأمريكية بسبب الحرب في أفغانستان .
والخلاصة أن أمريكا باتت أمام أزمة لم تكن بالحسبان وهي أن تحقيق النجاح في أفغانستان لم يعد أمرا ممكنا لا عن طريق الحرب ولا عبر السلام ويبدو أنها لن تخرج من المستنقع الأفغاني إلا بفضيحة مماثلة لما تعرض لها السوفييت والبريطانيون من قبل.
مذنب مئات المرات وأنا جندي مسلم من ناحية أخرى، أقر الأمريكي من أصل باكستاني، فيصل شاهزاد، المشتبه بمحاولة التفجير الفاشلة في ميدان "تايمز سكوير"، الاثنين بذنبه في التهم العشرة التي وجهتها إليه محكمة فيدرالية أمريكية، بل وذهب أبعد من ذلك حين قال إنه يريد أن يعترف 100 مرة بذنبه.
فقبل دخوله إلى قاعة المحكمة الفيدرالية، برئاسة القاضية ميريام سيدرباوم، قال شاهزاد: "أريد أن أعترف بأنني مذنب مئات المرات لأنه ما لم تسحب الولاياتالمتحدةالأمريكية قواتها من أفغانستان والعراق، وما لم توقف القصف الجوي استخدام طائرات الاستطلاع بدون طيار في الصومال وباكستان واليمن، وتتوقف عن مهاجمة البلاد الإسلامية، فإننا سنواصل مهاجمة الولاياتالمتحدة وسنطاردها."
وبعد ذلك طلبت منه القاضية أداء اليمين، وطرحت عليه أسئلة تتعلق بالتهم الموجهة إليه.
وكانت هيئة محلفين في نيويورك قد قدمت الأسبوع الماضي لائحة اتهامات بحق شاهزاد، المتهم المشتبه بمحاولة التفجير الفاشلة في ميدان "تايمز سكوير" في حي مانهاتن في أوائل شهر مايو الماضي، بلغ عددها 10 تهم، تصل عقوبة بعضها إلى السجن مدى الحياة.
ويواجه المشتبه به فيصل شاهزاد تهماً تتعلق بالتآمر ومحاولة استخدام أسلحة دمار شامل، والتآمر ومحاولة ارتكاب إرهاب دولي، إلى جانب تهم أخرى، وفقاً لما جاء في بيان صادر عن وزارة العدل الأمريكية.
وتصل العقوبة القصوى لست تهم من الواردة في لائحة الاتهام إلى السجن مدى الحياة، في حال أدين شاهزاد، البالغ من العمر 30 عاماً، بحسب بيان العدل الأمريكية.
وكان وزير العدل الأمريكي، إريك هولدر، قد صرح في وقت سابق بأن فيصل شاهزاد أقر بتورطه فيما تعتبره السلطات الأمريكية "مخططاً لتنفيذ هجوم إرهابي."
وكشف مسؤول أمريكي رفيع أن شاهزاد، الأمريكي من أصل باكستاني، سافر إلى باكستان لطلب المساعدة من حركة طالبان الباكستانية لتنفيذ التفجير.
وقال شاهزاد إنه تلقى 4000 دولاراً من حركة طالبان، وأضافها إلى مبلغ 4900 دولار بحوزته لشراء المواد المطلوبة لتنفيذ مهمته، مشيراً إلى أنه استأجر مكاناً في منطقة بريدجبورت كونيكتيكت لصنع قنبلته، ثم اشترى السيارة التي قادها إلى ميدان تايمز سكوير.
وقال إنه يعتبر نفسه مجاهداً وجندياً مسلماً.
وحول سؤال للقاضية عما إذا كان يدرك أن أطفالاً وأشخاصاً أبرياء كانوا سيقضون بعملية التفجير في ميدان تايمز سكوير، قال شاهزاد: "إنهم (الأطفال والأشخاص) لا يشاهدون طائرات الاستطلاع بدون طيار وهي تقتل أطفال أفغانستان.. إنها حرب وأنا جزء منها."
وحول سؤال عما إذا كان يدرك أن ما قام به يعتبر جريمة، قال شاهزاد إنه لا يعتبرها جريمة، مشيراً إلى أنه يدرك أنها جريمة في الولاياتالمتحدةالأمريكية، مضيفاً "لكن قوانين الولاياتالمتحدة لا تهمني".