"لا تقترب من مستشفيات الحكومة وبعض المستشفيات الخاصة، إهرب" هكذا قال أحد الأطباء الميدانيين بميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير موضحًا قوله بإنها مشرحةى وليست مستشفيات فالإهمال هو الصورة الوحيدة الواضحة هناك. فكثيراً من الحالات التى تزهق فى المستشفيات المصرية بسبب الإهمال الذى لا يعلم أحد من أين يأتى يسيطر على الواقع المصرى. فالقصص المأساوية التى تعرض فى ذالك التقرير كانت من حق طفلين لم يأخذو من الدنيا سوى حب من حولهم وضحكات بسيطة، فلم تكن تعلم أسرة الطفل أحمد محمد، البالغ من العمر 4 أعوام، أنها عندما تختار إحدى المستشفيات بمنطقة المرج، بحي شرقي القاهرة، لإجراء عملية جراحية "اللوز" لطفلها، أنها ستستلمه بعد ثلاث ساعات، قتيلا، إثر الإهمال الطبي. وفي حين زادت في الأونة الأخيرة، حوادث الإهمال الطبي، والتي تعددت أسبابه لا سيما داخل المستشفيات الحكومية، نتيجة للإهمال وضعف الإمكانيات وقلة خبرة الأطباء. روى عم الطفل المجني عليه، أحمد محيي الدين، تفاصيل الواقعة قائلا: "كان أحمد ابن شقيقي يتعرض للسخونية والصداع بشكل متكرر، وعندما فحصه الطبيب أكد أنه مصاب ب"اللوزتين" ويحتاج لعملية جراحية بسيطة. وأضاف: "توجهت مع شقيقي، والد أحمد، للمستشفى لإجراء العملية وفقا للموعد الذي حدده الطبيب لذلك، ومعنا التحاليل التي سبق وأن طلب طبيب الجراحة إجراؤها للطفل، وبعد أن تأكدنا من سلامة تلك التحاليل، وخلو الطفل من أي موانع تعيق إجراء العملية". وتابع: "دخل الطفل غرفة العمليات بالمستشفى، وظل الطبيب 3 ساعات، شعرنا خلالها بالقلق والخوف، لأن العملية لا تستغرق إلا 20 دقيقة أو أقل، وبعدها خرجت لنا الممرضة وتقول لنا أن أحمد عند الله". واستكمل: "تقدمنا ببلاغ لمديرية أمن القاهرة، نتهم فيه المستشفى، بالإهمال والتسبب في وفاة أحمد"، فيما تنظر النيابة العامة في القضية. ولم تكن قصة الطفل أحمد هى الأولى أو الفريدة بل أن هناك حالات عدة، فلاعبة الجومباز الصغيرة الطفلة "جنى الله ياسر" صاحبة العشر سنوات لم تكن تعلم أنها ستكون إحدى ضحايا الإهمال الطبى الذى لا يتوقف عند حدود، فرغم خضوعها للعلاج بمستشفى، التى تصنف على أنها أحد أرقى المستشفيات الخاصة، بعد تعرضها لحادث سير، أمام نادى الغابة بمصر الجديدة، ليتسبب الإهمال فى كارثة جديدة، لترقد "جنة الله" بالعناية المركزة، بين الحياة والموت، وتتعلق روحها الصغيرة بين يد الله، راجية الرحمة والشفاء من الله قبل الأطباء. ما بين مطرقة المرض وسندان الإهمال، ترقد الطفلة "جنة الله" بقسم العناية المركزة بالمسشفى الخاص الشهير، يحارب جسد "جنة الله" الهزيل الإهمال وغياب النظافة والتعقيم، مما تسبب فى وضع ذبابة ل3 يرقات "ديدان" داخل فمها، دون أن يتدخل المسئولون عن النظافة والتعقيم بالمستشفى. ورصدت صحيفة اليوم السابع من أمام باب العناية المركزة بإحدى المستشفيات الخاصة حالة الطفلة "جنة الله" لاعبة الجمباز التى كانت تحلم بأن ترفع علم مصر عاليا فى المسابقات والبطولات الدولية، ليتحول حلمها بأن تصبح بطلة عالمية، إلى أن تشفى وتكون طفلة طبيعية وفقط. من أمام غرفة العناية المركزة، يقف أهل "جنة الله" التى أصيبت فى حادث سير، فى حالة هيستيرية بسبب الحزن من الإصابة، ولكن الحزن والهم الأكبر الذى يسيطر على الأهل يكمن فى الإهمال الجسيم الذى حدث لابنتهم داخل المستشفى، فلا ترى ولا تسمع إلا البكاء والعويل، وهم منتظرون أى خبر يطمئنهم بأن ابنتهم سيكتب لها النجاة من تلك المحنة. تقول إحدى قريبات الطفلة على حسابها الشخصى على موقع التواصل الإجتماعى "فيسبوك": "جنة الله" عمرها 10 سنوات، خرجت من التمرين بنادى الغابة بمصر الجديدة، وصدمها ميكروباص بسبب السرعة الزائدة، مما أصابها بكسور ونزيف فى المخ وكسر فى الحوض وفى القدم، وتم نقلها إلى إحدى المستشفيات الحكومية بالعباسية. وتابعت: ولأن والد "جنة" يريد الحصول على أفضل علاج، فنقل ابنته من المستشفى الحكومى إلى مستشفى شهير بمنطقة الدقى فى الجيزة، ولكن للأسف الإهمال واجه "جنة" أيضا فى المستشفى الخاص، وبعد يومين من دخولها غرفة العناية المركزة عثرت والداتها على 3 يرقات ديدان داخل فمها، مؤكدة أنهم وجدوا "صراصير وذباب" داخل العناية المركزة خلال فتره إقامتهم فى المستشفى، مما أصابهم بالهلع، ولكن الأطباء والفريق الطبى حاولوا التعتيم على الواقعة. وأضافت: والد "جنة" توجه إلى وزارة الصحة وقدم شكوى ضد إدارة المستشفى واتهمها بتعريض حياة ابنته للخطر، كما تقدم والد الطفلة بشكوى أخرى لوزارة العدل للتحقيق فى الواقعة ومحاسبة المقصرين والمتسببين فى وقوع تلك الجريمة داخل المستشفى، مؤكدة أن والداتها أصيبت بانهيار عصبى عقب الواقعة. وعلى الصعيد الآخر، قال الدكتور محمود رمزي، عضو اللجنة الإعلامية بنقابة الأطباء فى تصريحات خاصة، إن دور النقابة أن تتلقى شكاوى من المواطنين الذين يتعرضون للإهمال الطبي وتحقق من خلال لجنة الشكاوى وآداب المهنة لبحث حالات المرضى. وأضاف أن النقابة تشكل لجنة من الأساتذة والاستشاريين في مجال التخصص للمريض مقدم الشكوى لبحث الشكوى وكتابة تقرير عن حالته ويحصل فيها المريض على حقه كاملًا. وفى سياق متصل قال أمين النقابة العامة للأطباء، خالد سمير، إن الوضع في مصر مأساوي، ومنظومة الطب في حالة فشل كامل، معللاً ذلك لعدم وجود طرق علمية لدراسة الأسباب وراء الإهمال الطبي. وأكد "سمير"، أنه لا توجد نسبة محددة لتقييم عدد الوفيات نتيجة الإهمال الطبي في مصر ونسبها مرتفعة. وكشف "سمير"، أن السبب الرئيسي هو تفاعل جسم المريض مع نسبة العلاج في العملية، ومعظم الأطباء الممارسين للمهنة لا يملكون تراخيص، ومن الضرورى عمل التحاليل اللازمة قبل إجراء العمليات الجراحية. ولفت إلى أن نحو80% من الممارسين للطب مُنتحلين صفة "طبيب"، فهناك "خريجي كليات الحقوق والتجارة"، ومن المضحك أن عقوبة هؤلاء "غرامة 200 جينه". وأوضح "سمير"، أن في حال شكَ أهل المتوفى في سبب الوفاة، يجب أن يوافقوا على تشريح جثمان "المتوفى" لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وأشار "سمير" إلى أن لا توجد رقابة على تخصصات الأطباء، فالطبيب يكتب على لافتته أكثر من تخصص وهذا غير صحيح، والنقابة لا تفعل شيء حيال ذلك.