“تحصيل حاصل ولن تضع حدا للأزمة".. هكذا قال المراقبون عن جولة الحوار الليبي برعاية الأممالمتحدة والتي ستنطلق الخميس والجمعة في العاصمة السويسرية جنيف. وأكد المراقبون أن الأزمة الليبية معقدة، وحلها لن يكون بالسهل، في ظل عدم سيطرة فصيل بعينه على المشهد الليبي، في حين يتقاسم المتصارعون خريطة النفوذ، والتي تتغير باستمرار. ومر الحوار الليبي بمشاهد "دراماتيكية"، قرابة العشرين جلسة بين تحضيرية ورسمية في أكثر من 5 بلدان عربية وغربية بدءاً بغد امس الليبية في أكتوبر من عام 2014 مروراً بالجزائر والمغرب وتونس وجنيف. تسوية بعيدة
الدكتور كامل عبد الله الباحث المتخصص في الشأن الليبي قال إن جولة الحوار الليبي في جنيف لن تكون الجولة النهائية، فمن المنتظر أن يرد المشاركون مرة أخرى -في حال عدم التوصل لحل- إلى استئناف جلسات الحوار في الصخيرات. وأضافأن حديث الأممالمتحدة عن إنهاء جلسات الحوار بعد هذه الجلسة مجرد ضغوط دولية لدفع الأطراف المشاركة في الحوار إلى التنازل والقبول بتسوية سياسية لتقاسم السلطة. وأكد الباحث في الشأن الليبي أن المجتمع الدولي مهتم بالتسوية السياسية في ليبيا لإنهاء حالة الصراع الدائم والمستمر، وذلك رغبة منه في التعامل مع حكومة موحدة ومؤسسة وطنية تجمع حولها كل الليبيين. وعن توقعاته بشأن جلسة الحوار المنتظر عقدها قال: “لا أتوقع التوصل لحل في الجلسة المقبلة، التسوية السياسية ما زالت بعيدة". وحول الأسباب التي دفعته لتوقع فشل الحوار قال إن الوضع على الأرض معقد، فكل الأطراف المشاركة في جلسات الحوار لا تملك السيطرة على الأرض، فخريطة الفاعلين تتغير باستمرار والوضع غير مستقر على حال واحد فالأطراف المتنازعة تتقاسم الخريطة. تحصيل حاصل
ومن جانبه قال الدكتور سعيد اللاوندي أستاذ العلاقات الدولية إن الأزمة الليبية معقدة، ولن تستطع جلسة الحوار القادمة من حسمها، في ظل عدم وجود دولة ولا مؤسسات. وأضاف أن الحوار الليبي في جنيف "تحصيل حاصل"، مؤكدا أن ليبيا لن تعود كما كانت في ظل سعي الولاياتالمتحدةالأمريكيةوالأممالمتحدة لتعقيد الأمور في الشرق الأوسط لصالحها.
وتابع أن الأممالمتحدة التي ترعى الحوار تكيل بمكيالين حيال الوضع في ليبيا، ففي الوقت الذي رفضت فيه تسليح الجيش الليبي سمحت بتسليح القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية. الجولة الأخيرة وأعلنت الأممالمتحدة أن الجولة الأخيرة من الحوار بين الفرقاء الليبيين، ستجري في مدينة "جنيف" بسويسرا، يومي 3 و4 سبتمبر المقبل. وذكرت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، المعروفة ب"أونسميل" في بيان لها أن الجولة الأخيرة من الحوار، الذي جرى في "أجواء إيجابية وبناءة" في مدينة "الصخيرات" بالمغرب الأسبوع الماضي، ستجري في جنيف. وأشار البيان إلى أن الفرقاء الليبيين المشاركين في الحوار المتواصل منذ 7 أشهر، اتفقوا على ضرورة إجراء جولة أخيرة، من أجل استكمال الحوار، وإنجاح "الاتفاق السياسي الليبي". بدوره دعا المندوب الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، جميع الأطراف إلى ترك خلافاتها جانبا، ووضع مصلحة البلاد نصب أعينهم، في سبيل تحقيق الوفاق المنشود. ووقعت أطراف ليبية، من بينها مجلس النواب، وعمداء مجالس بلدية، أبرزهم المجلس البلدي في مصراتة، بالأحرف الأولى، على وثيقة الاتفاق السياسي بالصخيرات المغربية الشهر الماضي، غير أن المؤتمر الوطني العام في طرابلس، اعترض على مضمونها، وطالب بتعديلات على نصها. وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، "برناردينو ليون"، قال في مؤتمر صحفي على هامش جولة الحوار الليبي بالصخيرات المغربية، إن "إيجاد حل للأزمة الليبية سيتم خلال الأسبوعين القادمين"، خصوصًا أن "اقتراح أسماء لشغل رئيس حكومة وحدة وطنية، سيتمّ خلال الأسبوع المقبل". يذكر أنه في ختام جولة الحوار الأخيرة في المغرب، تم توقيع "اتفاق الصخيرات" لإنهاء النزاع في البلاد، ووقع على وثيقة المصالحة مبعوثو الحكومة المؤقتة (المعترف بها دوليا) في طبرق، إلى جانب ممثلي بعض البلديات الإقليمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. لكن مندوبي المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت السابق) الذي مقره في طرابلس تجاهلوا مراسم التوقيع. وتقضي الخطة التي يتضمنها اتفاق الصخيرات بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا لمدة سنة سيترأسها رئيس الوزراء ونائباه الاثنان، مع إعطاء مجلس النواب صلاحيات جهة تشريعية. لكن مراقبين يرون أن غياب توقيع ممثلي المؤتمر الوطني العام على الوثيقة قد يعقد تطبيق خطة المصالحة. وكان الحوار الليبي بدأ مشواراً طويلاً من المفاوضات، فكانت البداية في غدامس برعاية أممية نهاية شهر أكتوبر لعام 2014، أعقبه تفاوضات الجزائروجنيف الأولى والثانية ثم في الصخيرات المغربية. وتشهد ليبيا اشتباكات مسلحة واقتتال دامي منذ منتصف شهر مايو قبل الماضي، بعد إعلان الجنرال العسكري خليفة حفتر عن عملية عسكرية، أسماها "الكرامة" خلفت وراءها آلاف القتلى والجرحي، أعقبها ظهور لتنظيم الدولة "داعش" في سرت وبعض المناطق الليبية. وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان: إحداها تابعة لمجلس النواب بطبرق، والأخرى تابعة للمؤتمر الوطني العام، والتي تتخذ من طرابلس مقرا لها