أجمع الصهيانة من وسائل إعلام ومحللين ووزراء وعسكريين الثلاثاء على فشل الدولة الصهيونية في مواجهة قافلة الحرية سياسيا وعسكريا رغم النتائج المأساوية وبرز تبادل الاتهامات بين الحكومة والجيش حول الإخفاق في الاستعداد للعملية العسكرية ضد القافلة لكن الفشل الأكبر، وفقا للصهاينة، كان في الحلبة الإعلامية الدولية. ونقل "موقع يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن وزراء صهاينة قولهم إنه خلال المداولات التي سبقت العملية العسكرية ضد قافلة الحرية وعد الجيش الصهيوني بأن العملية ستنتهي بدون إصابات بينما قال ضباط كبار أنه تم استعراض احتمالات أمام الحكومة بأن العملية ستنتهي بسقوط قتلى وجرحى.
لكن في دوامة الاتهامات هذه وجه وزراء اتهامات إلى القيادة السياسية، أي هيئة (السباعية) الوزارية والحكومة المصغرة للشئون السياسية والأمنية، التي صدقت على العملية العسكرية وطالبوا بعدم تحميل الجيش المسؤولية عن النتائج.
ورأت جهات في الحكومة أنه كان يتعين على الجيش الاستعداد بوسائل تكنولوجية متطورة من أجل منع اللقاء بين مقاتلي الكوماندو البحري والمسافرين على متن السفن التي أبحرت باتجاه غزة.
ووجه ضباط كبار إصبع الاتهام إلى القيادة السياسية وقالوا إنه قبل سفر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى أمريكا الشمالية جمع هيئة السباعية مرة أخرى ودقق بتفاصيل العملية وقرر المصادقة على القرار نفسه الذي تمت المصادقة عليه قبل ذلك.
وأشار الضباط إلى أن المستوى السياسي حصل على صورة الوضع منذ اللحظة الأولى وعلم تماما ما الذي سيحدث.
وأوضح الضباط أنه لا ضمان للنجاح بنسبة مائة بالمائة لعملية في قلب البحر، والمسؤولية في نهاية المطاف ملقاة على القيادة السياسية والمستوى التنفيذي ينفذ القرارات والجيش ينفذ ما يكلفونه به.
وقال وزير يبدو أنه عضو في (السباعية) إن الخطأ كان ربما بأننا لم ندرك حجم احتمال تدهور الأمور في هذه القصة ولم نقدر الأمور بشكل صحيح في السباعية ولا في جميع استعدادات الجهات الأمنية لوقف هذه القافلة.
وتدل التقديرات بين القيادة السياسية على أن الانتقادات الدولية الواسعة للغاية ضد الدولة الصهيونية ستؤدي إلى زيادة تراجع مكانة الدولة الصهيونية في الحلبة الدولية.
ولفت مسئول كبير بوزارة الخارجية الصهيونية إلى أن تأثير ذلك لن يكون أقل من تقرير غولدستون والانتقادات التي وجهت لتل أبيب خلال عملية الرصاص المسكوب العسكرية.
وامتلأت الصحف الصهيونية الثلاث الكبرى، (يديعوت أحرونوت) و(معاريف) و(هاآرتس)، بعشرات المقالات والتحليلات التي أجمعت غالبيتها الساحقة على الفشل الصهيوني وعكست حالة من خيبة الأمل حيال الأداء الصهيوني.
وفي (يديعوت أحرونوت) رأى كبير المعلقين ناحوم برنياع أنه "بامتحان النتيجة، فإن السيطرة على سفينة الاحتجاج التركية انتهى بطلوع الروح وتساءل أنه إذا كانت إسرائيل تعتبر أن نشطاء قافلة الحرية (زعران) فلماذا منحت الدولة الصهيونية هؤلاء ما يريدونه تماما، في إشارة إلى إثارة قضية الحصار على غزة.
وتساءلت المحللة السياسية سيما كدمون حول سبب انتهاء أي شيء فعلته الدولة الصهيونية في السنوات الأخيرة بانعدام الإتقان وانعدام التفكير والإهمال.
وطالب المحلل الاقتصادي سيفر بلوتسكر، وزير الحرب، ايهود باراك بالاستقالة.
وكتب أنه ليس مهما كيف تم اتخاذ القرار بالدخول إلى فخ حماس الاستفزازي وليس مهما ماذا كانت البدائل التي تم استعراضها أمام (السباعية) وإنما الأمر المهم هو النتيجة وهي أن ايهود باراك فشل وعليه أن يستقيل.
وتناول المحلل السياسي ايتان هابر نشوة القوة الصهيونية وقال إنه كان بالإمكان حل الأمر بطرق سلمية لكننا أكبر من الجميع فقد فجرنا مفاعلات نووية واقتحمنا بلباس نسائي غرف نوم مخربين في بيروت (في إشارة إلى عمليات اغتيال نفذها باراك) وعنتيبى واعتقدنا دائما أن القوة هي الحل.
وفي (هاآرتس) كتب المحلل العسكري عاموس هارئيل "إن إسرائيل ستواجه صعوبة بالغة في شرح موقفها أمام العالم لأنه لا يمكنها أن تفسر النتائج المتمثلة بسقوط تسعة مواطنين قتلى ومن دون قتلى في جانبنا، وهؤلاء أيضا مواطني دولة كانت حتى قبل وقت قصير صديقتنا الكبرى في المنطقة".
وطالبت افتتاحية الصحيفة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية ومستقلة للتدقيق في اتخاذ القرارات وتحديد من يتوجب محاكمته على هذه السياسة الخطيرة، معتبرة أن المسألة لا تتعلق بمن سينتصر وإنما من سيفوز بنقاط في الرأي العام وبالشرعية والتفهم "وفي هذا الامتحان فشلت حكومة نتنياهو فشلا ذريعا".
وفي (معاريف) كتب المحلل السياسي بن كسبيت أنه لا يكفي أن تكون محقا في البحر وإنما عليك أن تكون حكيما، والعملية البحرية فجر أمس (الاثنين) كانت غباء مطلقا ومزيج من الإخفاقات. ورأى أنها ستلحق ضررا كونيا للدولة الصهيونية في مجالات لا نهاية لها.
ورأى المحلل العسكري عوفر شيلح أنه بالنسبة لتل أبيب العالم كله عنتيبى، في إشارة إلى عملية الكوماندوز الصهيوني في أوغندا لإنقاذ صهاينة في طائرة مخطوفة في سبعينيات القرن الماضي.