بعد أقل من أسبوعين على نشر الأنباء بأنّ تركيا قامت بنصب صواريخ على الحدود مع سورية لاعتراض أيّ هجوم صهيوني محتمل من أراضيها ضدّ سورية، نشرت صحيفة 'هآرتس' العبرية في عددها الصادر أمس الأحد تقريراً قالت فيه إنّ جهاز استخبارات غربيا طلب في العامين الأخيرين صوراً من الأقمار الصناعية لمواقع عسكرية سرية على مقربة من الحدود السورية اللبنانية، متسائلة عن هوية هذا الجهاز والدولة التي ينتمي لها، وأشارت إلى أن تل أبيب طلبت صورا كهذه قبل أسبوعين من موعد مهاجمتها دير الزور في العام 2007. وبحسب الصحيفة الصهيونية، التي أكدت على أنّها استندت إلى مصادر علنية، فإنّ مساحة غير كبيرة شمالي غرب سورية تم تصويرها ليس أقل من 16 مرة، بطلب خاص من شركة التصوير عبر الأقمار الصناعية التجارية (ديجتال غلوب)، وهي شركة أمريكية، وساقت قائلةً إنّه في العام الأخير ازدادت وتيرة طلب الصور من الشركة، وآخر صورتين طلبتا بفارق أسبوع واحد، في مطلع يناير من العام الحالي.
علاوة على ذلك، أشارت الصحيفة الصهيونية في تقريرها الحصري إلى أنّ الصور وتواريخها متاحة لكل متصفح انترنت يستخدم برنامج (جوجل ايرث)، على الشبكة العنكبوتية، وأنّ المساحة المصورة لا تزيد عن 200 كيلومتر مربع، وعلى بعد 30 كلم من الحدود الشمالية بين سورية ولبنان، وعلى مقربة من بلدة مصياف، الشهيرة بقلعتها التاريخية.
وقال محلل شئون الشرق الأوسط في الصحيفة، افي يسخاروف، إنّه يمكن من خلال الصور تحديد 5 منشآت محاطة بحراسة مشددة، لكن دون تحديد أهدافها، كما يمكن تحديد عدة مبان سكنية لا تقل عن الأربعين صممت بشكل متشابه وهي في مرحلة متقدمة من البناء، لكنها تختلف عن تصميم المباني السكنية في بلدة مصياف القريبة التي لا يتجاوز عدد سكانها ال53 ألف نسمة أي أنها غير معدة للسكان المحليين.
وحسب الصحيفة، فإنّ مستخدمين لبرنامج (جوجل ايرث) قالوا إنهم حددوا فتحات أرضية يبدو أنها لمواقع محصنة تحت الأرض، مشيرين إلى تصريحات السوري، نزار نيوف، لصحيفة 'تلغراف' الهولندية في العام 2004 بأنّ الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، قام بنقل الأسلحة غير التقليدية التي كانت بحوزة جيشه إلى سورية قبل الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003.
كما لفتت الصحيفة مرة أخرى إلى أنّ الصور اتخذت في شهر يناير، مستذكرة أن تلك الفترة من مطلع العام الحالي شهدت توتراً بين سورية والدولة الصهيونية، تبادلت فيه القيادات السورية والصهيونية التصريحات والتهديدات وخطر اندلاع مواجهة شاملة في ظل انعدام حل سياسي، وفي حينها هدد وزير الخارجية الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، باحتلال دمشق وقال في كلمة ألقاها في تل أبيب إنّ الحرب هذه المرة ستؤدي إلى إسقاط الرئيس الأسد وأبناء عائلته من الحكم، على حد قوله.
وأردفت الصحيفة الصهيونية قائلةً إنّه تبيّن لاحقاً أن سبب التوتر الادعاءات الصهيونية بأن سورية نقلت صواريخ سكود وقذائف إم 600 لحزب الله ، بالإضافة إلى ذلك، قالت الصحيفة الصهيونية إنّ شركة (ديجتال جلوب) رفضت الكشف عن المصادر التي طلبت منها الصور.
وأشارت إلى أنّه خلال أسبوعين قبل العملية الصهيونية في دير الزور في العام 2007، طلبت الدولة الصهيونية من الشركة ذاتها، حسب ما نشرت آنذاك صحيفة "يديعوت احرونوت"، صوراً بهدف تعميمها على وسائل الإعلام العالمية في أعقاب العملية دون الحاجة لكشف المصادر والقدرات العسكرية الصهيونية لإثبات الإدعاء بأن سورية كانت تنشئ في المكان مفاعلا نوويا.
وجاء هذا النشر في الصحيفة الصهيونية بعد ثلاثة أيام من كشف صحيفة "تايمز" عن أنّ حزب الله اللبناني يقوم بتخزين أسلحة بالقرب من العاصمة السورية، دمشق، كما أنّ النشر في صحيفة "هاآرتس" أمس، جاء بعد أسبوعين من قيام مصادر صحفية تركية بالكشف عن أنّ أنقرة نصبت بالفعل بطاريات صواريخ مضادة للطائرات في إحدى القرى القريبة من الحدود السورية التركية، وذلك لمنع الطائرات الصهيونية من العبور في الأجواء التركية إذا ما قررت شن هجمات ضد سورية أو على إيران.
ونقلت صحيفة "معاريف" الصهيونية عن صحيفة "حريات" التركية أنّه تمّ نصب بطارية الصواريخ في قرية كييل الواقعة في لواء الإسكندرونة جنوب تركيا والقريبة من الحدود السورية.
وقال مصدر عسكري تركي إنّ "الصواريخ تهدف إلى حماية الأجواء التركية والدفاع عنها في وجه أي اختراقات أمريكية أو إسرائيلية إذا قرر أي من البلدين شن هجوم على إيران أو استهدفت إسرائيل مواقع سورية".
وكانت مصادر في الخارجية الصهيونية أعربت عن استيائها من الخطوة التركية ، قائلة إنّه في حال تأكدت صحة الخبر الذي أوردته الصحيفة التركية فإنّ أنقرة تكون وقفت إلى جانب دمشق وطهران بدلا من أن تمنع تسلح إيران نوويا.
الجدير بالذكر أنّ العلاقات بين الدولة الصهيونية وتركيا قد توترت بعد انتقادات حادة وجهها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى السياسات الصهيونية على خلفية الهجوم على قطاع غزة في مطلع العام الماضي. واستمر التوتر في العلاقات بين الدولتين عقب إساءة معاملة السفير التركي لدى تل أبيب من جانب نائب وزير الخارجية داني ايالون في وقت سابق العام الحالي.
وزادت حدة التوتر بين سوريا والدولة الصهيونية في أعقاب اتهامات أطلقها الرئيس الصهيوني شمعون بيريس بقيام سورية بتهريب صواريخ سكود وأسلحة أخرى إلى حزب الله، الأمر الذي نفته دمشق بشدة ووصفته بأنّه تمهيد لتوجيه ضربة عسكرية لسورية، كما أنّها محاولة من تل أبيب لصرف الاهتمام العالمي عما تقوم به من بناء استيطاني واحتلالها لأراض عربية وترسانتها النووية المفترضة، ووصلت العلاقة إلى التوتر الشديد في هذه الأيام على خلفية اتهام الدولة العبرية تركيا بأنّها نظمت أسطول الحرية إلى غزة.