كيف بدا المشهد الإقليمي بالأمس وكيف يبدو اليوم ؟.. بالأمس غير البعيد وأعني في السنوات الخمس الماضية كان لدينا نحن العرب أولا والمسلمون ثانيا مشهدين: الأول كارثي ومأساوي جسدته على مسرح الإقليم الدول التي تدعى اليوم بدول الإعتدال العربي (وعلى رأسها مصر والسعودية) وينضم اليهما المجموعة العربية الرسمية الخليجية ودول عربية أخرى عديدة مضافا اليها سلطة أوسلو . مصر الرسمية بدت في العلن حليفة مخلصة لكل من إسرائيل وأميركا أما السعودية ومن هم تحت قيادتها فكانوا حلفاء علنيون أيضا لأميركا وسريّون لإسرائيل من خلال قنوات ظاهرة أحيانا مثل تبادل التمثيل التجاري والثقافي أو قنوات تحتية غير ظاهرة للعيان. خلال السنوات الخمس الفائتة شهد الملف النووي الايراني تطورات ساخنة وحدثت حربين إسرائيليتين على لبنان (صيف 2006) وعلى غزة (2008-2009) , لم تخف دولنا العربية المعتدلة إصطفافها مع أميركا فيما يتعلق بالملف النووي الايراني وإصطفافها مع الجانب الإسرائيلي أثناء عدوانه على لبنان وغزة وتأييدها لموقفه قبل نشوب المعارك وبعدها بل أكثر من ذلك فقد حمّلت الجانبين المقاومين اللبناني والفلسطيني مسؤولية بدء القتال او التسبب به , لكن جرت رياح المعتدلين بما لا تشتهي سفنهم فكانت نتائج الحربين نصرا بيّنا للمقاومتين ونكسة بيّنة لإسرائيل انسحبت آثارها السلبية على أبناء جلدتنا المعتدلين وعلى الأرجح أحدثت حساسية في جلودهم. أما المشهد الثاني فكان ابطاله المقاومين في لبنان وغزة والممانعين الصامدين في سوريا وايران وجميعهم خرجوا منتصرون ورافعون لرؤوسهم ومؤهلون لصناعة إقليم عربي مسلم (جديد) على أنقاض مشروع الشرق الأوسط الجديد (الأميركي- الإسرائيلي- الغربي) بعد أن تكسرت أعمدته فوق صخرة الصمود. وكيف يبدو المشهد الإقليمي اليوم ؟ .. فكما هو متوقع لم تتغير أدوار دول الإعتدال العربي بل تمادت في معاداتها لأماني وحقوق شعوبها واندفعت بسرعة أكبر نحو أحضان أعداء الأمة وضاعفت من تسهيلاتها الممنوحة سابقا لآلة الحرب الأميركية المنتشرة في وفوق وعلى السماء والتراب والبحار العربية . ولا تخطيء العين الحرة التحقق من هذا المشهد المأساوي والمؤلم وأكثر ما يجسدة هذا المشهد هو موقف الإعتدال العربي من المشروع النووي الإيراني الذي يصبو الى معادلة النووي الإسرائيلي الموجهة قنابله نحو رقاب جميع العرب والمسلمين , أميركا واسرائيل تشهر سيوفها من على أرض العرب لتطعن ايران بها وعربنا المعتدلون يجهزون نبالهم. معادلة الردع المتبادل التي ارساها مؤخرا سماحة السيد القائد حسن نصر الله إضافة لقمة التحدي الثلاثية (السورية-الايرانية-اللبنانية) التي عقدت في دمشق منذ أقل من شهرين غيرت في موازين القوى في منطقتنا وادخلت الرعب الى قلوب الصهاينة المقيمين في فلسطين , لكن على ما يبدو لم تكن كافية لإحداث تغييرا ايجابيا في نفوس المعتدلين ولم تكن كافية لعودتهم الى جادة الصواب ولم تغير قيد أنملة من مسارهم الآثم... اسرائيل تلقت دروسا مؤلمة فجمدت عدوانها أما معتدلينا وأعرابنا فقد جمدوا على ما يبدو عقولهم. نقول لعربنا المعتدلين: أنتم مفرطون ومستسلمون ولستم معتدلين , انكم متطرفون في تهاونكم وتفريطكم واستسلامكم , فكفوا عن الشطط والتطرف والتحقوا بركب الأحرار إن كان قراركم ملكا لكم , لكن لا حياة لمن تنادي ...!