لَدَينا مجموعةٌ محترمةٌ منَ الحقوقيّينَ المصريّينَ خارجَ مصرَ يستطيعونَ بشيءٍ من الذّكاءِ، وقليلٍ من العملِ والاجتهادِ، وبعضِ التّخطيطِ والتّنسيقِ، أن يُسقطوا الانقلابَ المجرمَ في المستقبلِ القريبِ. وإليكم بالمطلوب (عمله)، للقبض على المطلوب (سحقه): أوّلًا: لَابُدَ مِنَ السّعي إلى إيجادِ حلّ سريع وناجع لمشكلةِ التّمويلِ. أعضاء البرلمان المصريّ الموجودونَ في تركيا يستطيعون تنظيم أنفسهم، وطلب قروض من مختلفِ الدّول والحكومات، باسم شعب مصر، لحلّ مشكلةِ النّفقاتِ والمصاريف المطلوبة لسحق الانقلابِ. وينبغي الإشارة هنا إلى أنّ الإخوة الّذين تبادلتُ معهم وجهات النّظر حول هذا الموضوع، قد صدموني بجهلهم الشّديد بطبيعة المجتمعات الغربيّة الّتي تعمل وفق نظام رأسماليّ بحت، وليس كمنظّمات خيريّة. بعبارة أخرى: ليس يوجد محامون في الغرب يعملون مجّانًا. المحامي المحترم المخضرم في أيّ دولة غربيّة يطلب في السّاعة الواحدة نحو خمسمئة دولار. هذه حقيقة يرفضُ بعض القرويّين قبولها أو تصديقها. والمطلوب هنا مواجهة الواقع بشجاعة، والكفّ عن المكابرات والمساومات الفارغة. ولا تنسوا أنّ دحر انقلاب ينفق المليارات مستحيل تحقيقه بالملاليم أو بالمجّان أو بدون مجهود. تأمين مصادر تمويل جهود إسقاط الانقلاب ينبغي أن يكون لها أولويّة قصوى. والعرب الّذين دعموا الانقلاب بالمليارات، ينبغي عليهم تصحيح جريمتهم هذه، ودعم الشّرعيّة بمليارات مماثلة. فدعم الشّرعيّة أولى من دعم الإجرام. ثانيًا: الصّراعُ بين الحقّ والباطل قديم قدم الإنسانيّة. وصراعنا مع مجرمي عسكر مصر بدأ منذ يوم انقلابهم الأسود في الثّالث والعشرين من يوليو سنة 1952م. فلولا تقاعسُ المصريّينَ لأكثر من ستّة عقود، لما تمكّن المجرمونَ من استعباد شعبنا هذه الفترة الطويلة. لكن ساعة إسقاط هذا الحكم العسكري المقيت قدِ اقتربت، إن شاء اللّه، بعدما انتشر الوعي بين المصريّين، وصاروا يردّدون، لأوّل مرّة منذ سنة 1952م، «يسقط، يسقط حكم العسكر». ولو كان لدى هؤلاء المجرمين ذرة من الكبرياء، لسارعوا إلى التّواري والاختفاء من حياتنا. لكنّ البارئ تعالى خصّهم بغباء في العقل، وثقل في الدم شديد جدًا. والصّراع بينَ الحقّ والباطل لا يختلف كثيرًا عن مباراة رياضيّة في كرّة القدم، أو حتّى في الملاكمة، أو الشّطرنج. ففي لحظة واحدة يمكن لفريق أن يحقّق النّصر والفوز على خصمه. ولعلّ مسابقات العدو أو الجري لمسافة مئة متر تقدّم لنا نموذجًا أو مثالًا لما يحدث بين الحقّ والباطل. فمسابقة المئة المتر أصبحت مثيرة جدًّا وجذّابة جدًّا، والفائز فيها - من الرّجال أو النّساء - يحظى بشعبيّة جارفة في الدّول الغربيّة بالذّات. الملاحظ هنا هو الفارق الضّئيل الّذي يفصل الفائز في هذا السّباق عن الآخرين، وهو جزء من الثّانية. شخصيًّا كنتُ أقطع هذه المسافة في 11 أو 12 ثانية، برغم أنّني لا أمارس ألعاب القوى. والآن أصبح أسرع رجل في العالم يقطع مسافة مئة المتر في أقلّ من عشر ثوانٍ. دعونا نشبّه صراعنا مع مجرمي عسكر مصر بمثل هذا السّباق. فما الّذي يمكن استنتاجه من هذه المقارنة؟ الانقلابيّون أسرع منّا. الانقلابيّون انتصروا علينا. الانقلابيّون هزمونا وفازوا علينا. فهل نقبل هذا العار على أنفسنا؟ مستحيل. الانقلابيّون لم يكفّوا عن ترويع شعبنا. الانقلابيّون يمارسون الإرهاب مع العباد يوميًّا. الانقلابيّون كمّموا الأفواه. الانقلابيّون أغرقوا البلاد في الدّيون. الانقلابيّون أصدروا أحكامًا بإعدام الأبرياء. الانقلابيّون اعتقلوا القادة والأبطال من شعبنا. الانقلابيّون يهدّدونا ويتوعّدون. الانقلابيّون يمارسون البلطجة والابتزاز مع العرب والخواجات. الانقلابيّون يّضلّلوننا ويستخفّون بعقول النّاس. الانقلابيّون يقودون مصر إلى الهاوية والهلاك. الانقلابيّون هم حثالة مصر الّذين يريدون استعباد هذا الشّعب الأصيل. كلّ هذا والحقوقيّون المصريّون يتفرّجون. كلّ هذا والمعارضة المصريّة في الخارج متقاعسة. كلّ هذا وشعبنا في الدّاخل لم يتحرّك بعدُ، لسحق هذه العصابة المجرمة. لا تنسوا: مَن قبلَ الظّلم، استحقّه. والمطلوب الآن أن نتحرّك. بل ونكون أسرع من الانقلابيّين في الحركة، لكي نهزمهم، ونسحقهم. فكما أنّ جزءًا من الثّانية يحسم الفوز بمسابقة المئة المتر، فكذلك ينبغي للحقوقيّين المصريّين أن يحرزوا لنا النّصر على الانقلابيّين في المحاكم الدّوليّة، باستصدار أحكام أقوى، وأفضل، وأنجع، وأسرع، وأعدل، من المحاكم الدّوليّة ضدّ الانقلابيّين. لا نريد تقاعسًا بعد اليوم. ثالثَا: على الحقوقيّين المصريّين إعداد ملفّات مفصّلة لجرائم الانقلابيّين، وأشخاصهم، تمهيدًا لمقاضاتهم دوليًّا. قد يظنّ الانقلابيّون أنّ أحكام الإعدام الّتي أصدروها بحقّ أبطالنا وقادتنا سترهب الشّعب، وتشغله عن جرائم الانقلابيّين. وهنا يأتي دور الحقوقيّين المصريّين الّذين ينبغي عليهم ردّ الصّاع صاعين. ينبغي تحريك قضايا ضدّ جميع الانقلابيّين، وضدّ كلّ مؤيدي الانقلاب والمنتفعين منه من رجال الأعمال، والإعلاميّين، والمنافقين، والقضاة، والعسكر، والشّرطة، ورجال الدّين، وفقهاء (البطيخ) المزعومين، يمكن السّعي لمقاضاة كلّ هؤلاء المجرمين على مستوى العالم العربيّ بأسره، ثمّ البدء بالدّول الدّاعمة للشّرعيّة خارج العالم العربيّ، مثل تركيا. لا يجوز القبول بهذه المظالم، أو السّماح بتمييع الأمور. فعندما نقبل أن يكتفي رئيس حكومة غربيّة بتوبيخ السّفّاح السّيسي على انتهاكات حقوق الإنسان، فهذا يعني أنّنا قد رضينا به رئيسًا لنا، وهذا مستحيل أن يحدث. مستحيل أن يحكمنا رجل معتوه. مطالبنا يجب أن تتجاوز توبيخ السّفّاح. مطالبنا ينبغي أن تكون القصاص، والقبض على السّفّاح ومحاكمته داخل مصر على كلّ ما ارتكبه من جرائم في حقّ هذا الشّعب الأصيل. فلو اكتفت الشّرائع والقوانين بتأنيب القتلة، لتحوّلت مجتماعاتنا إلى غابات وحشيّة بدون شرائع أو قوانين. ولا تقولوا لي إنّ مقاضاة الانقلابيّين في الدّول العربيّة عمل صعب. فنحن لا نعرف الصّعاب، بل لا نعترف بالمستحيلات. لدينا في جميع الدّول العربيّة محامون محترمون، مناصرون لحقوق الشّعوب العربيّة في الحرّيّة والاستقلال، ومستعدّون لمناصرة ثورة المصريّين ضدّ الانقلابيّين. نريد استصدار أحكام من جميع الدّول العربيّة بالقبض على الانقلابيّين ومحاكمتهم. رابعًا: إذا كان السّفّاح وعصابته قد أصدروا أحكامًا بإعدام مرسي ورجاله، فعلينا السّعي لاستصدار أحكام بإعدام السّفاح وعصابته من محاكم تركيّة، وقطريّة، وأوروبيّة، وأمريكيّة، نستطيع استخدامها في توقيفهم دوليًّا والقبض عليهم. هذا ممكن جدًّا، لو توفّرت العزيمة، وخلصت النّيّة. خامسًا: لا مفرّ من الاستعانة بكبار المحامين في الدّول الغربيّة. مثل هؤلاء المحامين يعرفون القوانين الأوروبيّة جيّدا، ويُلمّون بأساليب التّعامل مع الهىئات الدّوليّة، ويتقنون استخدام الحيل القانونيّة للوصول إلى أهدافهم. ونصيحة واحدة من محامٍ أوروبيّ محترم قد تكفي لإسقاط الانقلاب، والقبض على السّفّاح وتسليمه للعدالة قريبًا. وبالمناسبة أنصح أعضاء البرلمان المصريّ في تركيا بالاستعانة بكبار المحامين الغربيّين أيضًا، قبل القيام بأيّ زيارة للبرلمانات الغربيّة. فرئيس المعارضة في البرلمان الألمانيّ مثلًا، السّيّد جيسي، هو محامٍ مخضرم شهير جدًّا في ألمانيا، ويستطيع تقديم الكثير لثورة مصر المجيدة، من خلال ترتيب الأدلة والبراهين، وصياغة التّهم والجرائم، وتحقيق الأهداف والمقاصد. سادسًا: لابدّ من التّعاون مع المصريّين والعرب في أوروبّا وأمريكا، وتنسيق الجهود معهم، لإيجاد أنجع الوسائل للقضاء على الانقلاب. لدينا اليوم أعداد كبيرة من المصريّين والعرب في غرب أوروبّا وأمريكا، ممّن يحبّون مصر، ويريدون رؤيتها حرّة، مستقلّة، وقد تخلّصت من عصابة العسكر المجرمين. التّعاون والتّضامن والتّنسيق عناصر أساسيّة للنّجاح. سابعًا: احذروا الاستعانة بالرّمم والحثالات، والأبطال المزيّفين. قرأت بالأمس مقالة لأحدهم يدافع فيها عن البرادعي. فتعجّبت من سخافة كاتبها الّذي يريد فرض نفسه علينا كبطل من أبطال ثورة مصر، مع أنّه صعلوك لا يصلح أن يكون بطلًا لحارة من قرى مصر. وهو للأسف يتعاون مع الأخ عزمي بشارة. خيانة البرادعي تمّ كشفها منذ سنوات (انظر: تأمّلات في البردعة والأخونة)، وما يقوم به هذا المجرم الآن ما هو إلّا حلقة جديدة في مسلسل جرائمه المفعم بالخيانة والخساسة والعمالة. فكيف يخرج علينا بعد ذلك صعلوك ويحذّرنا من «مهاجمة رجل بثقل البرادعي»؟ يقينًا ليس يشعر بثقل المجرم البرادعي، إلّا شخص خفيف العقل، ضعيف الشّخصيّة، محدود الأفق. ثامنًا: لابدّ من وضع خطّة محكمة في أقرب وقت ممكن، لتقديم كلّ من خان هذا الوطن، وشارك في هذا الانقلاب، ودعمه، وقتل الثّوّار، واعتقلهم، وقمعهم، للمحاكمة. نريد أن نرى أفعالًا، وليس مجرّد جعجعة. وبمناسبة الجعجعة: احذروا من أهل الجعجعة من أمثال يوسف ندا، ولا تتعاملوا إلّا مع المخلصين لهذا الوطن بالأفعال وليس بالبلاغة الفارغة والمكابرة. جميع القضاة الّذين يقومون بإرهاب المصريّين، ويصدرون أحكام الأعدام والاعتقال والسّجن يوميًّا، لابدّ من تحريك قضايا دوليّة ضدّهم. الزّند وعصابته لابدّ أن ينالوا العقاب المستحقّ قريبًا جدًّا. جميع أعضاء المجلس العسكريّ السّابقين والحاليّين، لابدّ من القبض عليهم ومحاكمتهم. قيادات الدّاخليّة الّتي لم تتوقّفْ عن ترويع الآمنين، وإرهابهم، لابدّ من فضحهم أمام القضاء الدّوليّ في أوروبّا وأمريكا. دمى الإعلام لابدّ من تطهير مصر من شرورهم. عصر العكاشات لابدّ من إنهائه إلى الأبد. بل ينبغي أيضًا محاكمة أهل الفنّ المزعومين الّذين ما انفكّوا يخدّرون هذا الشّعب بفنّهم الهابط، وسخافاتهم، وتفاهاتهم. شبعنا تخديرًا يا ناس!! شعبنا يحتاج إلى توعية وليس إلى ينج وتخدير. ولذلك لابدّ من الاقتصاص ممن خدّروا هذا الشّعب بالأغاني الوطنيّة المزعومة، أو ب «مدرسة المشاغبين» أو الكوميديا الهابطة جدًّا. تاسعًا: تزوّدوا بسلاح الإيمان، والثّقة بالنّفس. نحن أصحاب قضيّة، ومطالبون بالاستبسال في الدّفاع عن قضيّتنا. المصريّون في الدّاخل ينتظرون من الحقوقيّين المصريّين في الخارج انتصارًا واحدًا على الأقلّ ضدّ الانقلابيّين. لابدّ من إقناع العالم أجمع بإفلاس الانقلابيّين، ولابدّ من فضح جرائم العسكر، ولابدّ من كشف الحقائق للغربيّين. لا تقولوا لنا إنّ فلانًا وعلّانًا يتمتّع بالحصانة، ولا يمكن القبض عليه. بل قولوا إنّ القاتل لابدّ من القبض عليه ومحاكمته. عندما التقيت المدّعي العامّ السّويسريّ السّابق، ديك مارتي، سمعت منه مثل هذا الكلام: «هذا صعب»، «وهذا غير ممكن»، فصحت فيه قائلًا: «القتلة لابدّ من القبض عليهم ومحاكمتهم. لا تقل لي هذا صعب، وذلك غير ممكن. نريد القصاص، ونريد العدل». فلمّا لمس تصميمي على سحق الانقلابيّين، تراجع، وأعلن استعداده لمساعدتنا. الغربيّون يريدون سماع من يقنعهم بالبراهين الدّامغة، والحجج المنطقيّة. عاشرًا: ألف تحيّة لجيمع المصريّين المخلصين في الدّفاع عن ثورة مصر المجيدة. وألف لعنة على كلّ مصريّ يساهم في استعباد هذا الشّعب الأصيل.