آخر تحديث.. أسعار العملات مقابل الجنيه اليوم الأحد 5-5-2024    «الإسكان»: تخصيص الأراضي بالمدن الجديدة تنمية شاملة وفرصة للاستثمار    مصدر: مدير الاستخبارات الأمريكية توجه إلى قطر لبحث مفاوضات الهدنة في غزة    أحد الناجين من الهولوكوست: أنا والكثير من اليهود ندعم قضية الشعب الفلسطيني    صور| ملحمة جماهيرية لدعم محمد صلاح.. ولد ليكون أسطورة ليفربول    3 ظواهر تضرب البلاد خلال ساعات.. «الأرصاد» تحذر من نزول البحر    عمرو أديب: «مفيش جزء خامس من مسلسل المداح والسبب الزمالك» (فيديو)    أمين الفتوى: الله شرف مصر أن تكون سكنا وضريحا للسيدة زينب    نافس عمالقة ووصل بالأغنية السعودية للقمة.. تعرف على رحلة «فنان العرب» محمد عبده    قصواء الخلالي: مصر لا تحصل على منح مقابل استقبال اللاجئين    نقابة البيطريين تحذر من تناول رأس وأحشاء الأسماك المملحة لهذا السبب    لدعم صحة القلب والتخلص من الحر.. 5 عصائر منعشة بمكونات متوفرة في مطبخك    إصابة 3 أشخاص في تصادم 4 سيارات أعلى محور 30 يونيو    وزير السياحة يشارك كمتحدث رئيسي بالمؤتمر السنوي ال21 للشرق الأوسط وشمال إفريقيا    وكالات الاستخبارات الأوروبية: روسيا تخطط لأعمال تخريبية في أنحاء القارة    الفيضان الأكثر دمارا بالبرازيل .. شاهد    وزيرة الهجرة: نستهدف تحقيق 5 مليارات دولار قيمة أوامر الدفع بمبادرة المصريين في الخارج    منافسة بين آمال وأنغام وشيرين على أغنية نجاة.. ونبيل الحلفاوي يتدخل (فيديو)    حزب الله: استهدفنا مستوطنة مرغليوت الإسرائيلية بالأسلحة الصاروخية    نجل الطبلاوي: والدي مدرسة فريدة فى تلاوة القرآن الكريم    الهلال يحقق بطولة الوسطى للمصارعة بفئتيها الرومانية والحرة    أفراح واستقبالات عيد القيامة بإيبارشية ميت غمر |صور    فحص 482 حالة خلال قافلة طبية مجانية في الوادي الجديد    أعراضه تصل للوفاة.. الصحة تحذر المواطنين من الأسماك المملحة خاصة الفسيخ| شاهد    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    .تنسيق الأدوار القذرة .. قوات عباس تقتل المقاوم المطارد أحمد أبو الفول والصهاينة يقتحمون طولكرم وييغتالون 4 مقاومين    «ظلم سموحة».. أحمد الشناوي يقيّم حكم مباراة الزمالك اليوم (خاص)    الوزير الفضلي يتفقّد مشاريع منظومة "البيئة" في الشرقية ويلتقي عددًا من المواطنين بالمنطقة    لوائح صارمة.. عقوبة الغش لطلاب الجامعات    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب    ظهر على سطح المياه.. انتشال جثمان غريق قرية جاردن بسيدي كرير بعد يومين من البحث    روسيا تسيطر على قرية جديدة في شرق أوكرانيا    لجميع المواد.. أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2024    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    «العمل»: جولات تفقدية لمواقع العمل ولجنة للحماية المدنية لتطبيق اشتراطات السلامة والصحة بالإسماعيلية    تامر حبيب يعلن عن تعاون جديد مع منة شلبي    نقل مصابين اثنين من ضحايا حريق سوهاج إلى المستشفى الجامعي ببني سويف    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    عودة المهجرين لشمال غزة .. مصدر رفيع المستوى يكشف تفاصيل جديدة عن المفاوضات    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلخانات العسكر تتحدى حقوق الإنسان.. والموت البطيء أهم إنجازات الانقلاب
نشر في الشعب يوم 23 - 06 - 2015

"السجون المصرية مقابر جماعية للأحياء" كانت تلك العبارة هي النتيجة التي خلصت إليها المنظمة العربية لحقوق الإنسان حول الأوضاع المزرية لمعتقلي الرأي والسياسة ورموز المعارضة وقادة التيار الإسلامي وشباب الحركات الثورية داخل زنازين الانقلاب العسكري، جراء حملات التعذيب الممنهجة والانتهاكات المتكررة والأوضاع الإنسانية المتردية والحرمان من تلقي العلاج، حتى بات العقوبة الأبرز التي يعايشها الجميع خلف الأسوار هي "الموت البطيء".

ممارسات مليشيات الداخلية داخل السجون لا تختلف كثيرًا عن نظيرتها في الشوارع والميادين حيث السحل والقتل والاغتصاب والترويع والمداهمات تحت مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنًا وربما لعب دور شرطي الأمن في مسرحية الحرب على الإرهاب، واكتفت المنظمات الحقوقية في الداخل باستنكار على استحياء والخارج بإدانات واسعة لم تلق آذانًا صاغية، وبمباركة من حكم البيادة وشعب 30 يونيو.

إلا أن الوضع خلف أسوار العسكر يتفرد بالتعذيب الممنهج بالكهرباء وهتك العرض والضرب والكلاب دون تفرقة بين قاصر أو شيخ، والحرمان من الحياة بالعزل والحبس الانفرادي والحرمان من الطعام والعلاج، في مشهد يعيد للأذهان ممارسات الذراع الأمني في دولة العسكر منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى شبيحة حبيب العادلي، والتي تحولت إلى عقيدة راسخة في أدبيات الجهاز الأمني، فجرت براكين الثورة لدي الشعب المصري في 25 يناير.

ثقوب في الثوب الميري

وفي محاولة لذر الرماد في العيون، رفع الملس القومي لحقوق الإنسان قبل نحو عام تقرير مأساوي عن وضع المعتقلين لداخل السجون لقائد الانقلاب الفاشي عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن ممارسات الداخلية داخل الأقسام وفي الأكمنة والتمركزات بحق المواطنين استنادًا إلى القوانين سيئة السمعة التي سنها الانقلاب؛ من أجل ترسيخ أركان دولة القمع من التظاهر إلى الكيانات الإرهابية إلى التوسع في الاشتباه السياسي، مطالبة بإعادة هيكلة الجهاز القمعي ومراجعة عقيدته الفاشية، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيًّا ولكن لا حياة لمن تنادي.

بعد مرور أكثر من شهر على اغتصاب السفاح الانقلابي عبد الفتاح السيسي نسخة من التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان، تواصل وزارة الداخلية، التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع ثورة 25 يناير 2011، والتي اتخذت من عيد الشرطة شرارة لانطلاقها، تجاهل كل التوصيات والتقارير الصادرة إليها من المنظمات الحقوقية المستقلة بل ومن المجلس القومي لحقوق الإنسان ذاته، والتي كان على رأسها إعادة هيكلة الوزارة.

الأذرع الإعلامية الموالية لحكم العسكر والتي تقتات من حصاد «رز» بلاد النفط، وفي إطار السجال الدرامي مع داخلية الانقلاب، اعتبرت ممارسات عصابة مجدي عبدالغفار ومن قبله محمد إبراهيم، تفتح "أبواب جهنم" على السيسي وتسحب من رصيده الشعبي بتعنتها الشديد وغير المبرر مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة ووسائل الإعلام والصحافة، خاصة ممن يعلو صوتهم لفضح الانتهاكات والتجاوزات غير المحدودة التي تحدث داخل الجهاز الشرطة ووزارة الداخلية.

وشددت صحف الانقلاب التي فتحت النار في أكثر من مناسبة على انتهاكات الداخلية في إطارر تصفية الحسابات وتبادل الاتهامات ضمن حملات «ثقوب في الثوب الميري»، على أن ممارسات الشرطة بابًا يجلب على مصر انتقادات دولية على المستوى الحقوقي في العديد من المحافل وأمام المجتمع الدولي.

منظمات "نكرة"

أكد ناصر أمين مدير مكتب الشكاوى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان أن التقارير الحقوقية الصادرة عن المجلس القومي لم تلق أي اهتمام من مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن عدم الاعتداد بتلك التقارير وعدم وضع ما ورد بها من توصيات في الاعتبار يؤثر بدرجة كبيرة على مصداقية الحكومة.

واستنكر الحقوقي المؤيد لحكم العسكر تجاهل الدولة لتلك التقارير الت تفضح ممارسات الداخلية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، مشددًا على أن تلك التقارير ليست مجرد حبر على ورق، ويجب التعامل معها بمزيد من الجدية واتخاذ الدابير اللازمة لإجراء تحقيقات عاجلة وعادلة، حتى لا يحدث مستقبلاً ما لا يحمد عقباه.

وحذر عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المعين من قبل سلطات الانقلاب من تكرار ما حدث في 25 يناير بعد تجاهل دولة المخلوع انتهاكات الداخلية والتعامل معها باعتبارها من ضروريات الحفاظ على الأمن حتى خرج الشعب ثائرًا في يوم احتفالات الشرطة، مشيرًا إلى أن إهمال التوصيات الصادرة للمجلس يسيء إلى مصر بالخارج ويجعل القضاء المصري غير محل تقدير بطبيعة الحال.

لا يمكن اعتبار مساعي ناصر أمين بأنها خالص من أجل حقوق الإنسان أو اعتراضا على الانتهاكات التي تطول معارضي النظام الذي ينتمي إليه، بقدر ما تندرج نحو تبييض وجه الحكم العسكري في الخارج وتقديم صورة جمالية حول اهتمام النظام القمعي بحقوق الإنسان والترويج كذبا إلى استقلالية القضاء والمؤسسات الحكومية، فضلاً عن تصفية الحسابات مع قيادات الداخلية.

ولا يمكن لمن لم يلتفت لتقارير المنظمات الحقوقية المصنوعة على عين العسكر، أن ينظر إلى نظيرتها غير الحكومية والمستقلة وبالطبع الإقليمية والدولية، لذلك لا يمكن أن يستبشر المعتقلين خيرًا بفرج على يد الانقلاب في الأفق المنظور، حتى وإن كان من باب الوجاهة وال"شو" الإعلامي.

وحتى عندما عرج "أمين" للحديث عن مجزرة رابعة العدوية والنهضة والتي خلفت آلاف الشهداء والمصابين، واستنكر مرور عام على مطالب فتح تحقيق قضائي مستقل دون تحريك ساكن، اعتبر أن هذا خطر على الدولة المصرية ويعطي انطباعًا للدول الأخرى والمؤسسات الدولية العاملة في مجال القضاء الجنائي الدولي بأن النظام القضائي المصري غير راغب في التحقيق في الانتهاكات التي تقع على أراضيه، ولم تكن الحقيقة أو الحقوق هي الهدف من وراء تلك التقارير والتوصيات.

نظرة الدولة إلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان باعتبارها كيانات غير شرعية وتعمل لصالح أجندات خارجية، يمكن أن يكون أحد مسوغات القمع لدي سلطة الانقلاب، وهو ما أكد عليه وليد فاروق - مدير الجمعية المصرية للدفاع عن الحقوق والحريات - أن الدولة ترى أن وجود المنظمات الحقوقية في مصر غير شرعي، وبالتالي تتعامل معها على أنها نكرة ولا تأخذ بالتوصيات التي تصدرها.
وشدد فاروق - في تصريحات صحفية - على أن عدم فتح تحقيقات قضائية جادة في العديد من الانتهاكات الصادرة من رجال وزارة الداخلية هو تقصير من المنظمات الحقوقية نفسها، مشيرًا إلى أن بعض المنظمات تكتفي بالتقارير الصادرة عنها وتعتبرها بلاغًا للنائب العام دون تقديم بلاغ رسمي، فضلاً عن أن تحريات الشرطة حول قضايا التعذيب تأتي منقوصة لتغل يد النيابة.

وتمسك مدير الجمعية المصرية للدفاع عن الحقوق والحريات بضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية بشكل واضح باعتبارها الطرف الأساسي والرئيسي في جميع التقارير الحقوقية التي ترصد الانتهاكات، موضحا أن لشرطة بنيت خلال 30 عامًا على كيفية تعذيب المواطنين للحصول على اعترافات، ونحتاج وجود آليات رقابية داخلية داخل جهاز الشرطة قوية لمحاسبة المخطئ، وليس فقط محاسبة الضباط إداريًا داخل الوزارة والذي يعد تعتيمًا على الانتهاكات. الحقوقيون في مصر على اختلاف توجهاتهم أجمعوا على أن انتهاكات الشرطة أثر على ثقة المواطنين في الدولة بشكل واضح وكانت شرارة ثورة 25 يناير، إلا أن مصر الانقلاب لا تختلف كثيرًا عن دولة المخلوع مبارك ويبدو أن سلسال القمع تتوارثه الداخلية وزيرًا خلف الآخر منذ محمد محمود وزكي بدر وحسن الألفي وحتى حبيب العادلي وأحمد جمال الدين ومحمد إبراهيم.

القتل البطيء

منظمة العفو الدولية اعتبرت أن تفشي التعذيب في مصر، والقبض والاعتقال التعسفيين مؤشر على تراجع كارثي لحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن ما يصل إلى نحو 40 ألف شخص اعتقلوا أو وجه إليهم الاتهام خلال السنة الماضية في سياق حملة قمعية كاسحة.

ورأت المنظمة أن "نظام العدالة الجنائية المصري غير قادر على تحقيق العدالة أو غير راغب في ذلك، ودعت لتوجيه رسالة صارمة إلى عبد الفتاح السيسي بأن الاستهتار بحقوق الإنسان لن يمر ولن يمضي دون عقاب.

وأكدت "العفو الدولية" أنها جمعت أدلة دامغة تشير إلى أن التعذيب يمارس بشكل روتيني في أقسام الشرطة وفي أماكن الاحتجاز غير الرسمية، حيث يستهدف أعضاء جماعة "الإخوان المسلمين" ومؤيديهم به على وجه الخصوص وتمارسه قوات الجيش والشرطة على حد سواء، بما في ذلك في المقار التابعة لجهاز الأمن الوطني، وفي العديد من الحالات بغرض الحصول على اعترافات أو لإكراه المعتقلين على توريط آخرين.

ومن بين أساليب التعذيب التي رصدتها المنظمة، طرق استخدمها أمن الدولة في عهد مبارك، وتشمل هذه استخدام الصعق بالصدمات الكهربائية والاغتصاب وتكبيل أيدي المعتقلين وتعليقهم من الأبواب بعد فتحها، وغيرها من الأساليب الفاشية التي تمتاز بها سجون مصر وجعلتها قبلة لمعتقلي الغرب على غرار معتقلات "جوانتانامو" و"أبو غريب" و"تدمر".

ونددت منظمة العفو الدولية بتكرار حالات الوفاة نتيجة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز المصرية، مشيرة إلى عشرات المعتقلين الذين لقوا حتفهم داخل سجون العسكر خلال الأشهر الماضية دون تحقيقات جادة ودون مساءلة أي من الضالعين في تلك الحوادث.

وقالت حسيبة حاج صحراوي - نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية - إنه لا يمكن للسلطات المصرية مواصلة التستر على الانتهاكات المتفشية لحقوق الإنسان بأقسام الشرطة، خاصة أن عددًا من وقائع التعذيب حتى الموت موثقة في تقارير الطب الشرعي.

ووفقًا لمنظمات حقوقية مصرية ودولية, اعتقلت السلطات المصرية منذ الانقلاب عشرات الآلاف من المعارضين أكثرهم من جماعة الإخوان المسلمين، ولا يزال قرابة 40 ألفًا على الأقل في السجون، وكشفت البيانات عن وفاة 121 شخصًا منذ بداية العام الماضي جراء التعذيب وظروف الاحتجاز القاسية في السجون المصرية.

بدورها، أعرب عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا مصطفي عزت، عن أسفه من اتسام المجتمع الدولي الحكومي بقدر كبير مما أسماه العمى مع الانتهاكات والجرائم التي تحدث بمصر.

وقال عزت إنه لا يوجد بالشارع المصري من يعول على مثل هذه المنظمات، فالحسم بالتأكيد لن يكون إلا بأيدي المصريين، موضحا أنه بالنسبة للمنظمات العاملة بالشأن الحقوقي في العالم والتي عملت حتى ولو ليوم واحد بمصر، فأنها تعلم جيداً حجم الانتهاكات والقتل والتشريد والتعذيب الذي يقوم به النظام المصري، حيث أصبح أمرًا واضحًا لكل الشعوب والمنظمات الحقوقية التي أطلعت على الملف المصري.

وأشار الحقوقي إلى أن السجون المصرية أصبحت مقابر جماعية للأحياء من خلال القتل البطيء حيث يتم منع المعتقلين من تلقي العلاج ويتم تعذيبهم حتى الموت أو الإصابة بعاهات مستديمة، حيث أن بعضهم فقد السمع والبصر وبعضهم خرج على قبره مثل القيادي الإخواني الراحل الدكتور فريد إسماعيل والفلاحجي وغيرهما الكثير من المعتقلين المقتولين.

واعتبر عزت أن النظام المصري الحالي لا يحترم الإنسانية ولا يفهم غير لغة القتل سواء في الشوارع برصاص الشرطة أو بأحكام الإعدامات من خلال تنفذيها سريعًا أو قتلهم بالإهمال الطبي والتعذيب في السجون والأقسام وخاصةً قسم شرطة المطرية، مشيرًا إلى أن عدد حالات المعتقلين المتوفين داخل السجون المصرية بسبب الإهمال الطبي والتعذيب منذ انقلاب 3 يوليو بلغ 174 قتيلاً ثلثهم سياسيون والثلثان الآخران جنائيان.

من جانبها، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان السلطات المصرية بعدم اتخاذ خطوات جادة لتحسين وضع السجون المكتظة، ما يتسبب في وقوع حالات وفاة، مشيرة إلى أن عددًا من المحتجزين توفوا بعد تعرضهم للتعذيب أو سوء المعاملة فيما يبدو في حين توفي كثيرون فيما يبدو إثر احتجازهم في زنازين مكتظة إلى حد كبير أو لعدم تلقيهم الرعاية الطبية الكافية لأمراض خطيرة.

عام من الانتهاكات

منظمة "هيومان رايتس ووتش" أصدرت –مطلع الشهر الجاري- تقريرًا بمناسبة مرور عام على استيلاء عبدالفتاح السيسي على الحكم، حمل عنوان "عام من الانتهاكات تحت حكم السيسي" محملاً بالعديد من الأرقام والإحصائيات.

وفي عنوان فرعي، تحدث التقرير عن "الرئيس الذي يستمد دعمًا غربيًا بينما يستمر في التخلص من مكتسبات حقوق الإنسان"، وتحدثت المنظمة عن الحصانة التي تحظى بها قوات الأمن تحت حكم السيسي والذي "يحكم بقرارات يصدرها في غياب برلمان منتخب"، بعد ذلك يبدأ التقرير رصده للانتهاكات التي شهدتها عملية فض اعتصام رابعة العدوية، والتي "تسببت في مقتل أكثر من 900 شخص في يوم واحد" بحسب التقرير.

وأشار التقرير إلى تعرض 41000 شخص إما لاعتقال أو اتهام أو محاكمة بناء على أسباب سياسية من قبل السلطات المصرية راصدا أعمال العنف والاعتقالات التي تقوم بها الشرطة والتي تصاعدت بشكل كبير منذ أكتوبر 2014، ورصد عددًا من الانتهاكات مثل ما حدث في يناير 2015، حين لقي 25 شخصًا مصرعهم في أحداث تزامنت مع الاحتفال بالذكرى الرابعة للثورة، ثم مقتل 20 مشجعًا كرويًا في الشهر التالي لهذه الواقعة بعد أن أطلقت الشرطة عليهم الغاز المسيل للدموع وهم محبوسون داخل ممر حديدي.

وتناول التقرير استمرار القضاء في حبس المعارضين على ذمة القضايا التي يحاكمون فيها لفترات طويلة جدًا بينما يتم السماح بإخلاء سبيل الضباط وأفراد الأمن المتهمين بكفالات، ويضرب مثلًا بحالة 494 متهمًا تم القبض عليهم أثناء أحداث مسجد الفتح في رمسيس في أغسطس 2014، وهم قيد الاعتقال من وقتها وحتى الآن بينما تتم محاكمتهم.

ووفقًا للتقرير، فإن وزارة الداخلية قد أعلنت في يوليو 2014 أن 7389 شخصًا تم القبض عليهم في الأحداث التي تلت عزل مرسي ما زالوا محبوسين احتياطيًا.

لم تعلن وزارة الداخلية عن أي تحديثات منذ أعلنت هذا الرقم، لكنها قالت أول أمس، السبت، أن 200 طالب محتجز لديها سيؤدون امتحانات الثانوية العامة. وفي معرض حديثه عن حالات الوفاة التي حدثت أثناء الاحتجاز، تحدث التقرير عن توثيق أجراه بعض الناشطين ومنظمات حقوق الإنسان خلص إلى وفاة 124 معتقلاً على الأقل منذ أغسطس 2013 وحتى الآن، مشيرًا إلى ما أعلنته مصلحة الطب الشرعي التابعة لوزارة العدل في ديسمبر 2014 عن مقتل حوالي 90 شخصًا في أقسام الشرطة في هذا العام فقط.

وكان مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف والتعذيب قد أصدر تقريرًا في الشهر الماضي أشار فيه إلى مقتل 23 شخصًا وهم في حوزة الشرطة، وألقى باللوم على قوات الأمن لأن الأسباب توزعت بين الإهمال الطبي والتعذيب.

وأبرز التقرير عن جملة أحكام الإعدام التي يجري توزيعها بشكل جماعي في مصر والتي وصلت إلى 547 حكمًا على الأقل، وعلى الرغم من أن مصر قضت عامين ونصف العام بعد الثورة دون تنفيذ أي أحكام إعدام، إلا أن السلطات قامت بتنفيذ حكم الإعدام في 27 شخصًا منذ تولى السيسي الرئاسة. بالنسبة للمحاكمات العسكرية، أشار التقرير إلى قرار السيسي بتوسيع نطاق القضاء العسكري ليشمل كل "المنشآت العامة والحيوية" لمدة عامين، ومنذ إصدار ذلك القرار، أحالت النيابة العامة حوالي 2280 شخصًا على الأقل للمحاكمات العسكرية، طبقًا لإحصاء أجرته المنظمة من تقارير إعلامية.

وفي مايو، حكمت محكمة عسكرية على 6 أطفال بالسجن لمدة 15 عامًا تبعًا لما أعلنه المجلس القومي لحقوق الإنسان ونقله التقرير.
وكشف تقرير "هيومان رايتس واتش" عن تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية بتفويض من الكونجرس عن الوضع السياسي في مصر والذي قال إن هناك "العديد من المبادرات التنفيذية والقوانين الجديدة والإجراءات القضائية التي تم اتخاذها والتي تحد بشدة من حرية التعبير والصحافة وحرية التنظيم والتجمهر السلمي".

"الداخلية بلطجية" هو الشعار الذي لازَمَ الثوار قبيل الثورة وفي الميدان وبعد الثورة، وأجمع عليه الجميع من مختلف التيارات من أقصى اليمين إلى أقصي اليسار؛ ما يؤكد على إجماع الشعب على ضرورة إعادة هيكلة تلك المنظومة النفعية القمعية التي نخر الفساد أساسها ورسخ القهر على جدرانها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.