قال الرئيس التونسى قايد السبسي في محاضرة ألقاها في معهد السلام بواشنطن في أعقاب زيارته للولايات المتحدة الأميركية، انه "يحترم حرية اللباس مثل النقاب لكن شريطة أن تبقى المرأة المتنقبة في منزلها. وشدد على أن "المتنقبات مدعوات إلى الكشف عن وجوههن إذا قررن المشاركة في الحياة الاجتماعية والعمل داخل مؤسسات الدولة". وسعت الجماعات السلفية التي قويت شكتها خلال السنوات الأربع الماضية إلى "نشر النقاب" في الفئات الهشة بالأحياء الشعبية والجهات المحرومة مستفيدة من الفقر المدقع ومن نسب الأمية المرتفعة في صفوف النساء، ما جعل من النقاب ظاهرة ناتئة في مجتمع كثيرا ما راهن على حرية المرأة وعلى مشاركتها في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعادة ما يكون ارتداء النقاب المرحلة الأولى لتجنيد المنقبات في خلايا الجماعات الجهادية التي تتولى تسفيرهن إلى بؤر التوتر في سوريا والعراق للالتحاق بتنظيم الدولة الإسلامية. وأحصى المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية أكثر من 700 امرأة تونسية التحقت بتنظيم "الدولة الإسلامية" وأكثر من 100 امرأة في السجون التونسية بتهم تتعلق بنشاط إرهابي. ولا حظ السبسي أن "تونس تعد من أكثر البلدان التي تحترم حقوق الإنسان"، غير أنه أشار إلى أن حرية الإنسان يجب أن لا تذهب نحو حرية الإساءة، مؤكدا أنه مع الحرية المسؤولة. وجاءت دعوة السبسي بعد أن أصدر مفتي تونس الشيخ حمدة سعيد فتوى تنفي "أية صفة شرعية" للنقاب الذي ما انفك يثير جدلا في الأوساط السياسية والثقافية ولدى المنظمات النسوية الناشطة في مجال حقوق المرأة. وقال سعيد أن النقاب "لا هو بالفرض الشرعي ولا هو بالسنة" ملاحظا أنه "من حق الدولة تقييده إدا تعلق الأمر بمصلحة البلاد والمجتمع". وشدد سعيد على "إن النقاب عند جمهور الفقهاء ليس واجبا بالدين ولا هو سنة ثابتة"، مستشهدا بعدد من الأحاديث النبوية المؤيدة لهذا الرأي. وأوضح أنه "إذا اعتبر النقاب وغيره من أشكال اللباس حرية شخصية من باب حرية اللباس كما نص على ذلك الدستور، فللدولة الحق في أن تقيد هذا المباح إذا تعلق ذلك بمصلحة البلاد والمجتمع بناء على قاعدة دفع المضرة مقدم على جلب المصلحة". وتعد فتوى سعيد بعدم شرعية النقاب الأولى من نوعها خلال السنوات الأربع الماضية حيث انتشرت ظاهرة النقاب في تونس بشكل ملفت للنظر خاصة في الأحياء الشعبية والجهات الداخلية حيث تعشش مظاهر الفقر والنسب العالية من الأمية. ورغم أن ظاهرة ارتداء النقاب تبدو محدودة جدا في مجتمع يرى فيها ظاهرة غريبة ودخيلة تنم عن احتقار للمرأة التي تفتخر بحريتها وبانفتاحها، فإن تعدد حالات القبض على إرهابيين وهم متخفين خلف هدا اللباس أثار مخاوف من انتكاسة للحرية التي تتمتع بها التونسيات.