من الصعب أن تتماسك دموعك عند مشاهدتك لفيديو غرق أحد المراكب التي تحمل عددا من اللاجئين السوريين, والذي قامت بعرضه قناة الجزيرة, أو عند قراءتك لأحدى الرسائل التي باتت كل ما تبقى من قصة حياة أليمة عانها شعب عدد من السنوات, في محاولة منهم بالنجاه بأنفسهم من ما لحقت به سوريا الجريحة من دمار وقتل وإبادة جماعية لشعب أعزل على يد المجرم بشار. بالطبع فهذا ما وصل إليك عزيزي القارئ وبالتالي فالواقع أكثر ألما ووجعا, فهؤلاء الضحايا تتكرر قصص مأسيهم من وقت للآخر, يهربون من موت وجوع وفقر ليلاقوا مصيرهم في البحر فيموتوا غرقا, أو تتقطع أشلائهم بين ثنايا قرش مفترس. لم تقتصر تلك الظاهرة على الشعب السوري فقط, ولكن هناك الكثير من الشباب العربي من يفكر بالهروب من موطنه, فقد بات موطنه شبح يطارد أحلامه وطموحاته, فيقرر اقاء نفسه في عرض البحر أملا في مستقبل أفضل في بلد بعيد, ينعم شعبه بقدر من الحرية واحترام حقوقه كإنسان في حياة كريمة, بعيدا عن القتل والسجون والتفجيرات. احصائيات عن نسبة المهاجرين الغير شرعيين أعلنت المنظمة الأوروبية لمراقبة الحدود، «فرونتكس»، التابعة للاتحاد الأوروبي أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين، الوافدين إلى دول الاتحاد الأوروبي، زادت بنسبة 250 %، خلال عام 2015، مقارنة بالعام الماضي, حيث أشار تقرير لتلك المنظمة أن عدد المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا ارتفع من نحو 100 ألف مهاجر غير شرعي، خلال 2013، إلى قرابة 274 ألفا في 2014 . وكشفت بيانات أخر للأمم المتحدة أن هناك قرابة 35 ألف مهاجر وصوا إلي أوربا معظمهم من ليبيا , ان هذة الأرقام باتت مفزعة مقارنة بالأرقام في العام الماضي, وكما ورد في البيان أن هناك 3,419 شخصا قتلوا في البحر المتوسط في 2014. ويشير تقرير عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر إلى زيادة عدد ضحايا الهجرة غير المنظمة من البلدان العربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 300%, حيث ذكرت العديد من التقارير أن معظم المراكب التي تحمل المهاجرين الغير شرعيين تأتي من ليبيا, وإن كان ينتشر سماسرة البحر في مصر وخاصة في سواحل الأسكندرية ودمياط حيث تنتطلق في عرض البحر باتجاه سواح إيطاليا أو اليونان. وفي هذا السياق حذرت منظمة البحرية الدولية، التابعة للامم المتحدة من خطورة إرتفاع عدد ضحايا وقتلى الهجرة غير الشرعية المتدفقه إلى الأراضى الايطالية عبر البحر المتوسط، لآكثر من 10 الاف غريق خلال فترة 8 أشهر المقبلة وحتى نهاية 2015. توجه الشباب العربي إلي حلم آوربا في ظل ما تشهده الدول العربية من تخاذل وفساد وقتل واعتقال الشباب, فأصبح كل مواطن عربي يخشى على حياته في ظل تلك النظم القمعية. ففي سوريا يقتل يوميا عشرات الأطفال والرجال والنساء بدم بارد, فالمجرم بشار يقوم بإبادة جماعية لشعبه بإستخدام جميع الأسلحة آلية كانت أو كميائية, أسلحة محرم إستخدامها دوليا وسط صمت عربي ودولي تام, لم يعد السوري لديه موطن ولا بلد آمن, لم يعطيه هذا النظام السفاح اختيارا سوى الهرب من القصف الجوي والمدفعي ليل نهار, حتي وإن كان الثمن حياته. ولم يكن الوضع في مصر أفضل حالا, فبعد انقلاب 3 يوليو, استباح دم الشعب المصري في كل مكان, حياته معرضة يوميا إلي القتل من رصاصات الجيش أو الشرطة, أو الاعتقال داخل سجون العسكر, أو الموت من الإهمال والفساد المستشرى في جميع المؤسسات والهيئات, فمن يركب القطار يموت أثر انقلابه, ومن يذهب في رحلة مدرسية يحترق الاتوبيس وهو بداخله, ومن يذهب لمشاهدة مباراة كرة قدم يموت بسبب عدم تواجد تذاكر كافية أو يموت نتيجة انفلات أمني وعلى يد بلطجية مأجورين, وكذلك الوضع من سئ لأسوء في ليببا والعراق. سماسرة الموت ونتيجة مما سبق, ظهرت وظيفة جديدة وهو السمسار الذي ينظم رحلات الموت, حيث رصدت تحقيقات تتبع الاتحاد الآوربي نشاط تلك المنظمات التي تسهل في عملية الهجرة, وأوضحت أن تسعيرة تبدأ من ألف دولار وحتى 25 ألأف دولار, وأن تلك المنظمات حققت مكاسب طائلة من وراء هذة العمليات. وبحسب الشهود المحليين، فإن الراغب في الهجرة لأوروبا يدفع نحو 1200 دولار لعبور ليبيا، ويدفع مبلغا يتراوح بين 800 و2000 دولار إضافية ليجد لنفسه مكانا على قارب في البحر”. وبحسب تقرير الأممالمتحدة فإن “المهربين تمكنوا من جمع نحو 170 مليون دولار من هذا السبيل عام 2014 فقط”. وبحسب تحقيقا أجرته الوكالة الألمانية ديوتيش فيلا حول مأساة الهجرة الغير شرعية في مصر, ذكرت أن السمسار التهريب لم يخدع المسافرين, وأنهم يقوموا برؤية المركب قبل السفر, وأن هناك أشخاص غرق أشقائهم ويصرون على السفر, مشيرا إلي أنه يعلمهم قبل السفر أنه سيتم إنزالهم من المركب قبل ساحل إيطاليا ب 2كليو متر في البحر, ليقوموا بإستكمال الطريق سباحة في الماء, خوفا من القبض على صاحب السفينة. لم يجد الشباب في معظم البلدان العربية متنفسا في بلده, لم يقتصر التفكير في الهجرة الغير شرعية بسبب الفقر فقط, ولكن في تلك الآونة يمتد أيضا بسبب الإحساس بالاضطهاد السياسي, فالموت يواجه إما في بلده أو غرقا محاولة الهرب من واقعهم المظلم.