الفقر والجوع في مصر لم يرحم طفلا ولا عجوزا ولا أمرأة وسط تجاهل تام من قبل المسئولين، وتعتبر ظاهرة عمالة الأطفال من أحد أبرز الظواهر التى تضرب المجتمع فى ظل عجز الدولة عن التصدى لتلك الآفة المتنامية، فضلا عن كونها أهم أسباب المشكلات الاجتماعية والصحية والنفسية للأطفال في مصر بشكل عام، إلا أن أطفال الفيوم لهم خصوصية في هذه المشكلة فى ظل حالة الفقر وضيق العيش الذى يجبر الكثير من الآباء على الدفع بأبنائهم إلى أعمال خطيرة رغم صغر سنهم. وبجانب الأعمال المعتادة التى تزخر بعمالة الأطفال كالحدادة وتصليح السيارات وورش الخراطة، يظل عمل أطفال الفيوم بالزراعة هو الأخطر، إذ يبعث الأهالي أبنائهم يوميا لجني الطماطم والفاكهة والمزوعات المختلفة من محافظة البحيرة برفقة مقاولي الأفراد، وذلك بمقابل مادي ذهيد للغاية يصل إلى 25 جنيه للطفل في اليومية. ففي تقريرا نشرته "رصد" أوضحت فيه أن خطورة هذا العمل تكمن في وسيلة نقل الإطفال إلى محافظة البحيرة من الفيوم ذهابا وعودة، حيث يتم نقلهم في سيارات نصف نقل، فى رحلة يتراصون خلالها في صندوق السيارة الخلفي مكدسين كالبضائع. ومع تكدس الأطفال فى سيارات "الموت" والتى يصل عددهم فة الرحلة الواحدة أحيانا إلى ما يقارب 50 طفلا، وتزايد حوادث الطرق، فقد أسفرت "رحلة الموت" إلى البحيرة إلى مقتل عدد غير قليل من الأطفال وإصابة آخرين إصابات بالغة، وبجانب الحوادث يبقي الآثر النفسي المتعلق بإهانة الأطفال وتعرضهم للضرب وشعورهم بالدونية تجاه أقرانهم الأعمق والأكثر تأثيرا فى مستقبل الأطفال.