لم يتوقع الأردن طوال السنوات الماضية أن تكون جبهته الشرقية مهددة كما هو عليه الحال الآن، بعد سيطرة تنظيم "الدولة" منذ قرابة العام، على أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه. المساهمة في دحر التنظيم لم يخفها الأردن منذ ذلك الحين، وكانت مشاركته مؤثرة مع قوات التحالف، مسخراً طائراته لقصف مواقع التنظيم، بل كان أول المضحين بمقتل أحد طياريه، وبوحشية قصدها التنظيم لردع الأردن عن أي مساهمة جديدة؛ إلا أن المراقبين للموقف يلمسون رغبة أردنية في الانتقام. الثامن من أبريل الحالي، سجل زيارة لوزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، للملكة، بحث فيها مع العاهل الأردني، عبد الله الثاني، تطورات الأوضاع في المنطقة، والتعاون الثنائي بين بغداد وعمان في المجالات العسكرية، حسبما أعلنت الصحافة الأردنية الرسمية، التي ذكرت أن الملك ناقش جهود الحكومة العراقية في محاربة التنظيمات "الإرهابية"، مضيفةً: "خصوصاً في المجالات العسكرية". من جهته رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، تلقى مكالمة هاتفية من العاهل الأردني، جرى فيها بحث مجمل الأوضاع السياسية والأمنية في العراق والمنطقة، والحرب ضد "الدولة"، أبلغ الملك خلالها تأييد الأردن الكامل للعراق في مواجهة الإرهاب ومساندته في عملياته المقبلة في الأنبار والموصل. وكان وزير الدفاع العراقي قد صرح خلال زيارته لعمان في 22 ديسمبر الماضي، حين استقبله العاهل الأردني بالزي العسكري، أن بلاده تتطلع لبناء جيش مهني وتريد الاستفادة من الخبرات الأردنية في مجال تدريب القوات العراقية. أما وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، فأكد في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، أن بلاده على استعداد لمساعدة القوات العراقية "تدريباً و"تسليحاً، ضمن إمكانيات مصانعنا العسكرية كي تنجح في حربها ضد الإرهاب". -الرعاية الأمريكية في هذه الأثناء "يجري تجهيز قوة عراقية وكردية تضم ما بين 20 ألفاً إلى 25 ألف جندي لاستعادة مدينة الموصل من مقاتلي تنظيم "الدولة" خلال شهري أبريل و مايو القادمين". هذا نص ما قاله للصحافيين في ال19 من فبراير الماضي مسؤول بالقيادة المركزية الأمريكية رفض الكشف عن اسمه، ونقلته عنه قناة "الحرة الأمريكية". وبعد يوم من انتهاء الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع العراقي للأردن، والاتصال بين العاهل الأردني والعبادي، أعلنت السفارة الأمريكية في بغداد عن تزويد 10 آلاف جندي عراقي بالعدة والعتاد. وجاء في بيان للسفارة أمس الأول، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تواصل تزويد كمية كبيرة من المعدات العسكرية والأسلحة والذخيرة؛ لدعم جهود القوات الأمنية العراقية لطرد "الدولة" من العراق، مشيرةً إلى أنها "تقوم كل يوم بشحن المعدات الحيوية لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للقوات الأمنية العراقية في ساحة المعركة". وتضيف: "قمنا بتزويد العدة والعتاد والمدربين لخمسة ألوية أو 10 آلاف جندي تحت القيادة المباشرة للقوات الأمنية العراقية، وتشمل هذه المعدات الدروع الواقية للبدن، وعدة الإسعافات الأولية الميدانية، وغيرها من المعدات؛ لحماية الجنود من العبوات الناسفة والسيارات المفخخة". وذكرت المصادر للصحيفة أن الأردن أدى دور الوسيط بين الجانب الأمريكي وعدد من عشائر محافظة الأنبار، الرافضين لهيمنة التنظيم على محافظتهم وبالتنسيق مع مجلس المحافظة، لإيصال أسلحة أمريكية إلى مقاتلي العشائر؛ تمهيداً لاستعادة المحافظة من قبضة التنظيم. -تأكيد الحكومة المحلية عضو مجلس محافظة الأنبار، عذال الفهداوي، أكد، الأربعاء، البدء بتسليح 10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر، للمشاركة مع القوات الأمنية في استعادة المحافظة. وقال الفهداوي إن الجيش العراقي في قاعدة الحبانية "بدأ الأربعاء، بتسليح 10 آلاف مقاتل من أبناء العشائر ضمن مقاتلي العشائر في محافظة الأنبار، استعداداً لمشاركتهم مع القوات الأمنية في تحرير المحافظة"، مبيناً أن "الجيش زودهم بالسلاح الخفيف والمتوسط والذخيرة والتجهيزات الأخرى استعداداً للمعركة". وأضاف الفهداوي: "إن عملية التسليح حصلت في قاعدة الحبانية (30 كم شرق الرمادي) بعد تشكيل لجنة مشتركة من مجالس الأقضية والنواحي والقيادات الأمنية، وبإشراف مجلس محافظة الأنبار"، مشيراً إلى أن "القوات الأمنية فتحت قاعدة الحبانية العسكرية لتسجيل أسماء الراغبين في التطوع من أبناء العشائر". يذكر أن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، أعلن، اليوم السبت، أن العبادي سيتوجه بعد غدٍ الاثنين إلى واشنطن، على رأس وفد حكومي رفيع، تلبية لدعوة من الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مبيناً أنه "سيبحث في واشنطن التنسيق والتعاون بين العراق وأمريكا في الحرب على الإرهاب". -تنسيق ثلاثي التنسيق الثلاثي، بين الدعم الأمريكي والترتيب الأردني والحكومة العراقية، يؤكد أن عملية طرد "الدولة" من الأنبار ثم الموصل، لن تتم كما اشتهت الحكومة العراقية، باستخدام الجيش العراقي، ومتطوعي "الحشد الشعبي"؛ فبعد انتهاكات الأخير في تكريت، اتضح أن للعشائر السنية دوراً سيتضح في العمليات القادمة، وقد لا يكون ذلك برغبة عراقية، وأن من الواضح وجود ضغوط أمريكية، يؤيدها الأردن ذو البنية العشائرية؛ التي قد تنظم العلاقة العسكرية مع عشائر غرب العراق؛ لطرد التنظيم كلية.