دخلت بالفعل عملية تصنيع أسرع عجلات في تاريخ السيارات. وسيتم تركيب أقراص العجلات المصنوعة من مادة الألومنيوم في سيارة بلود هاوند الأسرع من الصوت، المعروفة اختصارا بالسيارة "إس إس سي". وتسعى السيارة إلى تحطيم الرقم القياسي لأكبر سرعة تُسجل هذه السنة، والتي تبلغ 763 ميلا في الساعة. وتقود شركة كاسل إنجنيرينغ بالقرب من غلاسغو تحالف الشركات التي تعمل على تصنيع هذه العجلات. وتعد هذه الأقراص المعدنية التي يبلغ قطرها 90 سنتيمترا عنصرا حاسما في متطلبات بناء السيارة، ويجب أن تتحمل الأحمال الضخمة حيث ستدور بمعدل أكثر من 170 لفة في الثانية الواحدة. وتشير الحسابات إلى أنه خلال السرعة القصوى للسيارة فإن العجلات ستتحمل ضغطا عند حوافها، يعادل 50 ألف ضعف الجاذبية الأرضية. ويقول "كونور لا غرو" رئيس قسم المكونات في مشروع بلودهاوند: "ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن كيسا من السكر يقبع فوق العجلة، حين يكون وزنها الثابت أكثر من وزن شاحنة بمقطورة، عندما تدور بسرعتها القصوى". وأضاف لبي بي سي: "هناك أجزاء في هذه السيارة حينما تتعرض لمشكلة يمكن للسائق أندي غرين ببساطة إيقافها عن العمل ومن ثم إيقاف السيارة، لكن إذا حدثت مشكلة في العجلات فإن السيارة قد تنقلب أو تتحطم. ولذلك فإن تصميم وأداء العجلات مهمة حرجة للغاية". محرك طائرة وستستخدم السيارة إس إس سي محرك طائرة من طراز يوروفايتر، مثبتا في صاروخ، لكي تكسر سرعتها حاجز الصوت. والهدف النهائي لمشروع تلك السيارة هو تحطيم الرقم القياسي، لأكبر سرعة تسجل على وجه الأرض، ليصل إلى أكثر من ألف ميل في الساعة عام 2016. وسيتم تنفيذ هذه المحاولة في مكان معد خصيصا وهو سطح بحيرة يابسة في جنوب أفريقيا. وبالنسبة إلى عدد لفات العجلة في الدقيقة، فإنها ستصل إلى رقم مذهل وهو 10500 لفة. وبلغ عدد لفات عجلات إحدى سيارات سباق فورميولا وان نحو 2500 لفة في الدقيقة، أما السرعة الحقيقية لعجلات سيارة بلودهاوند المرتقبة فإنها تظل غير معروفة على وجه الدقة. عند نقطة معينة ستكون سرعة السيارة أكبر من قدرة العجلات ويقول لاغرو إن إيجاد عجلة يمكن أن تتحمل الضغط عند السير بسرعة ألف ميل في الساعة "كان هو أولويتي، وأصعب مهمة في عملي في هذا المشروع". ويجب على العجلات التي سيبلغ وزنها 91 كليوغراما أن تحافظ على تماسكها خلال السرعة الفائقة، وعليها أيضا أن تتحمل ما يصيبها من الحصى الصغيرة. وتم تنظيف "مسار السباق" في صحراء "هاكسكين بان" في جنوب أفريقيا من كل أشلاء الحصى، التي يبلغ حجمها أكبر من حجم حبة البازلاء، لكن مع ذلك سيتم نفض الطبقة العليا من الطريق من الغبار. وستضرب أجزاء الحصى التي ستندفع من الأرض مع مرور العجلات الأمامية العجلات الخلفية بسرعة تساوي سرعة الرصاصة. وإذا كان هناك أي عيوب أو تصدع في أقراص العجلات فإن ضربات الحصى تلك قد تؤدي إلى فشل كارثي. وقادت شركتا لوكهيد مارتن في بريطانيا و"إنوفال تكنولوجي" جهود البحث الأولي وتصميم تلك العجلات. وجربت العديد من الأفكار بشأن المواد التي يمكن أن تصنع منها العجلات، لكن في النهاية تم اختيار خليط من الألومنيوم بدرجة خاصة جدا للقيام بهذه المهمة. خليط معدني ويسمى هذا الخليط 7037، ويحتوي على كميات صغيرة من الزنك والنحاس والمنغنيز، ويحتفظ بهذا الخليط المعدني لاستخدامه في برامج متخصصة في الفضاء. وذهبت شركة بلود هاوند إلى ألمانيا للحصول على المعدن، حيث طلبت من شركة "ترايمت" ستة أطنان من الألومنيوم الخام المنصهر، وذهبت إلى شركة "أتوفوكس" للقيام بصب وتشكيل المعدن. وتم سحق القضبان المعدنية المصبوبة مرارا، لكي يكتسب المعدن كثافة موحدة في جميع أنحائه، ويتم محاذاة الحبيبات في اتجاهات تعطيه أكبر قوة ممكنة. وحقق الفريق القائم على تشكيل المعدن مهارة كبيرة، حيث حول كتلا من الخليط المعدني تزن نحو 200 كليوغرام إلى شكل يشبه كرة من عجين البيتزا. والآن فإن الكتل المصبوبة التي تشبه "الجبنة" موجودة في شركة كاسل، حيث يتم تصنيعها لتأخذ شكلها النهائي. وتستخدم الشركة الاسكتلندية شعار "الدقة الهندسية" في اسمها. وتعمل الشركة على تصنيع العجلات، بدرجة تفاوت مسموحة تقدر بعدد قليل من الميكرومتر، وهو يساوي واحدا من المليون من المتر. ويقول روي يلي وهو متدرب في شركة كاسل: "إذا لم يتم قطع العجلات بشكل صحيح تماما، سيحدث خلل في توازنها عندما تلف بسرعة". ستسير السيارة فوق سطح بحيرة جافة، ومن ثم ستصنع العجلات حفرا في الطبقة العليا من التراب وأضاف: "وهذا سيظهر جليا في صورة اهتزاز على محور العجلة خلال السير، وهذا قد يؤدي إلى تآكل المحاور قبل الآوان، أو ربما تدميرها أو تدمير أي من الأجزاء الملحقة بها، ولذلك فإننا نعمل على ضبط مقاس العجلات بمنتهى الدقة في كل مرحلة من مراحل التصنيع". وبمجرد انتهاء تصنيعها ستتمتع العجلات بلمعان خلاب مثل المرآة، لكن هذا ليس هو نهاية عملية التصنيع. وسيتم إرسال العجلات من شركة كاسل إلى شركة "دبليو دي بي" لضبط توازنها، وليس مثل عجلات السيارات العادية، حيث لن يتضمن ذلك إضافة أوزان الرصاص إلى حوافها. وبدلا من ذلك سيتم عمل قياسات بالغة الدقة، لاكتشاف أي تفاوت أو شظايا معدنية ليتم إزالتها لتصل العجلات إلى حالة تقترب من الكمال. ويتم بعد ذلك إرسال العجلات إلى شركات أخرى لضبط الشكل النهائي لها. وسيتم فحص العجلات لاكتشاف أي تشققات، قبل أن تخضع لاختبار عبر إطلاق كرات صغيرة من الصلب عليها، لاكساب سطحها مزيدا من القوة، ثم تغمس في حامض الكبريتيك لحمايتهما من التآكل. وفقط بعد ذلك وبعد اختبار نهائي للتوازن يمكن اعتبار العجلات جاهزة. لقد تمتعت خلال هذا الأسبوع بميزة قطع إحدى العجلات، التي ستستخدم في محاولة تحطيم رقم أكبر سرعة مسجلة على الأرض (لا تقلق فكل ما فعلته هو الضغط على زر لعملية طرق مبرمجة مسبقا). سباق تجريبي تجرى قياسات بالغة الدقة للعجلات في كل مرحلة من مراحل التصنيع وعلاوة على ذلك، فإن الكتل المعدنية غير المقطوعة سيتم إبقاؤها، لإدخال أية تعديلات مطلوبة على تصميم العجلات، التي ستجري بسرعة ألف ميل في الساعة عام 2016. وتقدر القيمة السوقية المتوقعة لتلك العجلات نحو ربع مليون جنيه استرليني لكل واحدة، لكن حتى الآن تعمل شركة كاسل وحلفاؤها الآخرون في هذا المشروع دون مقابل. وبالنسبة إلى "يان تيفنبرون"، المدير الإداري لشركة كاسل، فإن هذا الأمر لا يحتاج إلى تفكير عميق، فمشروع بلودهاوند البريطاني يعد واجهة للصناعات الهندسية، ويساعده على توظيف أنواع الأشخاص، الذين سيعتمد عليهم مستقبل شركة كاسل وحلفائها الآخرين. ويقول تيفنبرون: "منذ خمس سنوات أعلنا عن ثمان فرص تدريبة وتقدم لنا خمسون شخصا، ولكن خلال العام الجاري، وكنتيجة لهذا المشروع، حينما أعلنا عن ست فرص تدريبية تقدم لنا 600 شخص، وهو تحول كبير". أصبح واضحا لماذا ستضطر سيارة بلودهاوند لاستخدام عجلات صلبة لتسجيل رقمها القياسي في السرعة، وذلك لأن العجلات المصنوعة من المطاط ستتحول إلى أشلاء فورا حال استخدامها. وقيل إن السيارة ستحتاج إلى "عجلات تقليدية" لاستخدامها عند شحن السيارة من المصنع إلى طريق السباق. كما ستستخدم تلك العجلات في "السباق التجريبي"، المقرر أن يجرى في مطار نيوكواي بمقاطعة كورنوال في أغسطس القادم. ومن المقرر أن تبلغ سرعة السيارة في سباق مطار نيوكواي 200 ميل في الساعة. شارك القصة