سعى الإعلامي عبد الرحيم علي كثيرا لافتعال خلافاتٍ، خلال أيام عرضه لملفات برنامج "صندوقه الأسود"، على قناة "القاهرة والناس"، عبر ما يقدمه من تسريبات حول رموز وشخصيات ذات تأثير خلال السنوات الثلاث الماضية، ما اعتبرته الغالبية العظمى تعديا على الحريات الشخصية للأفراد، مما جعل برنامج علي، "الصندوق الأسود"، الأكثر لفتًا للأنظار وقت إذاعته. وأشهر هذه الخلافات هو ما وقع بين كل من الإعلامي عبد الرحيم علي، ورجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، والتي صبت في النهاية لصالح الطرف الثاني من النزاع، مما أدى إلى تعليق قناة "القاهرة والناس" لبرنامج "الصندوق الأسود".. ونحن نحاول من خلال هذا التقرير عرض التسلسل الزمني لهذه الأزمة، وما تحتويه كل مرحلة من كواليس أسهمت في تفاقمها. في يوم 13 أغسطس من العام الماضي، كتب رجل الأعمال نجيب ساويرس، تغريدةً عبر حسابه الشخصي على موقع "تويتر"، تعليقًا على إحدى حلقات برنامج "الصندوق الأسود"، أذاع فيها "علي" مكالماتٍ ادعى أنها بين قيادات بجماعة الإخوان المسلمين وتجار سلاح. وصف "ساويرس"، عبد الرحيم علي، خلال تغريدته ب"المخبر"، حين قال: "مشاهدة حلقة ثانية من المخبر عبد الرحيم على، ستجعلني أتعاطف غصب عني مع الإخوان المسلمين"، لتفتح هذه الكلمة باب الصراع بين "ساويرس" و"علي". وما هي إلا ساعات حتى خرج علي عبر برنامجه، مستنكرًا ما وصفه ساويرس به، متهمًا إياه بمحاولة "اغتياله معنويًّا"، مدافعًا عن نفسه: "لست مخبرًا، والمعلومات التي أذيعها تأتي لمنزلي ولا أسعى إليها". ووجه تساؤلا ل"ساويرس" قائلًا: "عايز أعرف إيه اللي بيني وبينه علشان يقول كده؟ هو أنا بلغت عنك مثلًا، وكتبت تقرير عن حاجات بتعملها!؟ أنا بتجيني حاجات لحد البيت، علشان أوصلها للناس". ويبدو أن الشجب والاستنكار لم يشفيا غليل صاحب الصندوق الأسود، لذا توعد الكاتب الصحفي بكشف ما يدين ساويرس، زاعمًا أنه سيذيع مكالمة جمعت ساويرس، مع زعيم جبهة الإنقاذ إبان فترة حكم الرئيس محمد مرسي، محمد البرادعي. واشترط أنه لن يذيع هذا التسجيل إلا إذا ما أتى له مليون صوت يطالبونه بذلك، ومن ثم أعاد نشر الشرط عبر تدوينة له على موقع "فيس بوك"، ولكن التدوينة لم تحظ بإعجاب أكثر من 12 ألف شخص. وفي يوم 17 أغسطس الماضي، اليوم الذي حدده "علي" لإذاعة المكالمة، بدأ "علي" بإشعال الحرب بينه وبين "ساويرس"؛ حيث نشر عبر صفحته على "فيس بوك"، مجموعة من التدوينات، التي هاجم فيها رجل الأعمال "نجيب ساويرس" وعلاقته بجماعة الإخوان، زاعمًا أن ساويرس دفع بوسطاء لوقفه عن إذاعة المكالمة. وكان من ضمن هذه التدوينات: "نجيب قال لي بلدكم خلاص خلصت والإخوان قاعدين 500 سنة قبل 30/6"، و"نجيب ساويرس دفع 7 مليارات للإخوان"، و"أنت قتلت ولادنا في سيناء بالسلاح اللي اشتروه الإخوان بالفلوس اللي ادتهالهم"، في حين لم يرد ساويرس على أيٍ من هذه الاتهامات. وعلى الرغم من أن تدوينة علي لم تحقق عدد الأصوات التي اشترطها لإذاعة المكالمة، فإنه قرر إذاعة المكالمة في حلقته، وخلال البرنامج، أعاد "علي" سرد الاتهامات نفسها التي نشرها على صفحته، مضيفًا إليها المزيد، ولكن يبدو أن ل"ساويرس" لعنة خاصة كلعنة الفراعنة، تحميه من اقتراب أي أحد. وأصابت هذه اللعنة عبد الرحيم علي، فقد عجز صاحب "الصندوق الأسود" عن إذاعة مكالمة "ساويرس" و"البرادعي"، بعدما قُطع البث على البرنامج، وليس هذا فحسب، فقد أعلنت إدارة قناة "القاهرة والناس"، في اليوم التالي، قرارها بتعليق برنامج "الصندوق الأسود". وفي اليوم ذاته زعم عبد الرحيم علي، خلال تصريحاتٍ للوطن، أن "لديه معلومات تؤكد أن المهندس نجيب ساويرس اشترى قناة القاهرة والناس، من مالكها السابق طارق نور، ليمنع بث المكالمة"، مضيفًا: "بالتأكيد طارق نور متورط أيضًا". واستمرت المشادات لعدة أيام ومن بعدها بدأ ظهور عبدالرحيم علي إعلاميا في التلاشي شيئًا فشيئًا، بالتزامن مع توارد أنباء عن تدهور حالته النفسية؛ نظرًا لتخلي جميع المسؤولين عنه، فضلاً عن الحالة المادية السيئة التي مرت بها صحيفته الورقية "البوابة" بسبب انهيار توزيعها أسبوعيًّا. وفي نهاية أغسطس الماضي، نشرت عديد من الصحف والمواقع، ما ورد من رفض رجل الأعمال نجيب ساويرس عروض وسطاء بأن يعتذر له عبد الرحيم علي علانيةً، عن الحلقة الأخيرة من برنامجه الصندوق الأسود، والاعتراف بأنها دست عليه، وإعلان ذلك الاعتذار على مساحة صفحة كاملة في 3 صحف قومية يومية. وبحسب المصادر، فإن نجيب ساويرس أكد للوسطاء أن عبدالرحيم علي لا يمثل له أي أهمية على الإطلاق، مشيرًا إلى أنه لا يضع لعبد الرحيم علي أي اعتبار، وأنه مثل كثير من الصحفيين الذين يسعون إلى رضاه عنهم، مؤكدًا أنه سوف يعيد "عبد الرحيم علي إلى العمل بجريدة الأهالي محررًا بالقطعة مثلما بدأ"، في حين لم ينفِ أي من الطرفين ما نشرته الصحف. اليوم وبعد أن مر على هذه الوقائع أكثر من 5 أشهر، نشرت جريدة "البوابة نيوز"، والتي يرأس تحريرها عبد الرحيم علي، أمس الثلاثاء، أن الكاتب الصحفي عبد الرحيم علي، يستأنف تقديم برنامجه "الصندوق الأسود" على شاشة قناة العاصمة، وأن الحلقات الأولى من البرنامج، ستتضمن تسجيلات تخص التجاوزات المالية والأخلاقية لرجل الأعمال نجيب ساويرس.