كابول – أعلنت القوات المحتلة التابعة لحلف الأطلسي اليوم الأربعاء (19- 8) مقتل جندي أمريكي من قواته الثلاثاء في هجوم ل"طالبان" في جنوبأفغانستان. ولم توضح القوات الدولية للمساعدة على إرساء الأمن (ايساف) التابعة للحلف الأطلسي ظروف ومكان مقتله بدقة. ومع تكثيف أعمال العنف عشية الانتخابات الرئاسية ومجالس الولايات غدا الخميس تتضاعف الخسائر في صفوف القوات الأجنبية المحتلة مسجلة مستويات غير مسبوقة منذ ان طرد تحالف دولي بقيادة الاحتلال الأمريكي قوات "طالبان" من الحكم أواخر 2001. كما قتل جنديان تابعان للاحتلال الأمريكي الثلاثاء في تفجير قنبلة في شرق أفغانستان كما قتل جندي من الحلف الأطلسي في هجوم للمقاومة في كابول أودى أيضا بحياة تسعة مدنيين. وبمقتل الاميركي الثلاثاء يرتفع الى 45 عدد الجنود الذين قتلوا في اب (اغسطس) في افغانستان بحسب تعداد اعد استنادا الى موقع ايكاجولتيز على الانترنت.
ومن المرتقب ان تجرى غدا الخميس الانتخابات الرئاسية ومجالس الولايات فيما دعا "طالبان" الى مقاطعتها متوعدين بمهاجمة مراكز التصويت.
هذا وهاجم احد رجال المقاومة بسيارة ملغومة قافلة لقوات أجنبية على طريق رئيسي في شرق كابول. وقال فريد رائد المسؤول بوزارة الصحة العامة إن 8 أشخاص على الاقل قتلوا كما أصيب 52 آخرون في الهجوم عندما صدم المقاوم سيارته بقافلة القوات الأجنبية. ووقع الهجوم على الطريق المتجه شرقا من العاصمة الأفغانية إلى مدينة جلال آباد. وهرعت سيارات الاسعاف إلى المكان واغلقت الطريق مركبة عسكرية بريطانية ضخمة. وقال متحدث باسم الشرطة إن هناك ضحايا من المدنيين الأفغان، ولكن لم يتوافر لديه المزيد من التفاصيل. وتوعدت حركة طالبان بتعطيل الانتخابات وطلبت من الأفغان مقاطعة التصويت.
وفي وقت سابق امس أصاب صاروخ قصر الرئاسة في كابول بينما سقط آخر على مقر الشرطة بها. ولم يتسبب أي منهما في سقوط ضحايا.
وقال شهود إن الهجوم امس وقع في منطقة بالقرب من مصلحة الجمارك في كابول القريبة من قاعدة بريطانية ضخمة.
واعلنت ناطقة باسم القوة الدولية للمساهمة في ارساء الامن في افغانستان (ايساف) التابعة للحلف الاطلسي مقتل وجرح العديد من جنودها في الاعتداء الانتحاري.
وأعلنت لجنة الأممالمتحدة في أفغانستان في بيان ان اثنين من موظفيها قتلا وجرح ثالث في الهجوم.
وقال الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة كاي ايد في البيان «أشعر بصدمة وحزن شديد بعدما علمت ان من بين القتلى الذين سقطوا في الهجوم الانتحاري اليوم على الطريق بين جلال آباد وكابول، اثنين من موظفينا».
واضاف ان «زميلا ثالثا جرح وهو يتلقى العلاج حاليا»، منددا بشدة ب«المسؤولين» عن الانفجار.
وفي إقليم ارزكان في الجنوب هاجم مقاوم نقطة تفتيش للشرطة، مما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أفغان ومدنيين اثنين. وقتل مرشح لمجلس محلي بالرصاص في إقليم جوزجان الشمالي.
وانتهت فترة الحملات الانتخابية رسميا عند منتصف الليلة قبل الماضية بعد أن شهد يومها الأخير مسيرات تأييد محمومة للرئيس حامد قرضاي ومنافسه الرئيسي وزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله.
قلق ألماني وعلى جانب أخر وفي ألمانيا فجر وزير الدفاع الألماني الأسبق فولكر روهي جدلا حادا في الأوساط السياسية في بلاده، بسبب وصفه للمهمة العسكرية الغربية في أفغانستان بالكارثة، ومطالبته بوضع خطة لسحب القوات الألمانية من هناك في مدة لا تتجاوز عامين.
ودعا روهي الذي شغل منصب وزير دفاع ألمانيا بين العامين 1992 و1998، القيادي البارز في الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، إلى جعل البحث عن إستراتيجية خروج من المأزق الأفغاني موضوعا لحملة الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في ألمانيا في ال27 من الشهر القادم.
وجاءت أقوال الوزير السابق ضمن مقابلة مع مجلة دير شبيغل انتقد فيها بشدة إعلان خلفه وزير الدفاع الحالي وزميله في الحزب المسيحي فرانس جوزيف يونغ أن الوحدات العسكرية الألمانية ستبقى في أفغانستان فترة تتراوح بين خمسة أعوام وعشرة.
مشاركة كارثية واعتبر روهي أن المشاركة العسكرية الغربية في أفغانستان أصبحت كارثة على حلف الناتو وعلى ألمانيا والجنود الذين يقتلون عند جبال الهندوكوش، وقال "علينا أن نعمل بأفغانستان في العامين القادمين بأقصى طاقتنا، ونجهز أنفسنا بعد ذلك للانسحاب من هناك".
وشدد على أن الأميركيين سيفعلون هذا أيضا لأن رئيسهم باراك أوباما يرغب في أن يعاد انتخابه عام 2012 بأي ثمن، واستمرار الأوضاع الراهنة في أفغانستان بات يمثل عبئا ثقيلا عليه.
ورأى روهي أن عدم تطوير الأحزاب السياسية إستراتيجية خروج من أفغانستان يظهر افتقادها للشجاعة، ودعاها لفتح نقاش في الحملة الانتخابية حول مستقبل الجيش الألماني في أفغانستان.
وفي رده علي انتقادات روهي اعتبر وزير الدفاع الألماني يونغ أن "سلفه ينبغي أن يكون من الذكاء بحيث لا يتحدث فيما لا يعرف"، وأضاف "لم نتمكن من تأهيل الأفغان لتولي المهام الأمنية في بلادهم، وتحقيق هذا الهدف يحتاج بقاءنا هناك نحو عشر سنوات".
ولقي رد يونغ هجوما شديدا من ثلاثة من كبار العسكريين الألمان السابقين الذين أيدوا دعوة وزير الدفاع الأسبق لوضع إستراتيجية للانسحاب من أفغانستان خلال سنتين، وأكد القائد العام السابق للجيش الألماني الجنرال هارلد كويات أن القوات الألمانية لا يمكنها الاستمرار في حرب طويلة ضد عدو يقاتل فوق أرضه التي يعرفها شبرا شبرا.
ودعا الرئيس السابق لقسم التخطيط الإستراتيجي بالجيش الألماني أولريش فايسر إلى إنهاء مهمة الناتو بأفغانستان في العام 2011، واستبعد تحقيق الغرب انتصارا في حربه الدائرة ضد حركة طالبان.
واتهم فايسر الحكومة والبرلمان الألمانيين بالفشل في إقناع الرأي العام بمبررات الوجود العسكري في أفغانستان، وقال إن الادعاء بأن الدفاع عن الأمن القومي الألماني يبدأ عند جبال الهندوكوش لم يعد مبررا كافيا عند الألمان الذين باتت أغلبيتهم ترفض مواصلة جيشها الحرب في بلد تحكمه عصابات المخدرات وينهشه الفساد.
وأيد الجنرال الألماني والقائد العام السابق لحلف الناتو كلاوس ديتر ناومان ما ذهب إليه روهي، غير أنه حذر من جعل المشاركة العسكرية في أفغانستان موضوعا للحملة الانتخابية.
عميد الأدباء وشدد سياسيون من حزبي الائتلاف الألماني الحاكم، وحزب الخضر المعارض على أهمية البحث عن بدائل للوجود العسكري في أفغانستان، ودعا هانز بيتر أول عضو في البوند ستاغ (البرلمان) عن الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري لجعل انسحاب القوات الألمانية من أفغانستان هدفا لا يحتمل التأجيل.
واعتبر راينر أرنولد ممثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني أن من يتحدثون مثل وزير الدفاع يونغ عن البقاء عشر سنوات أخرى في أفغانستان يتجاهلون عمدا أن المجتمعين الألماني والدولي ليسا مستعدين لتحمل هذا البقاء.
وقال خبير السياسات الدفاعية بحزب الخضر فانفريد ناختفاي إن المهمة العسكرية في أفغانستان مهددة بالتحول إلى كارثة إذا لم يكن لدى الحكومة الألمانية استعداد للصراحة والتركيز على إعادة إعمار أفغانستان باعتباره يمهد لسحب جنودها من هناك.
وفي تحول لافت انضم عميد الأدباء الألمان مارتين فالسر إلى المطالبين بسحب الجيش الألماني من أفغانستان.
ودعا فالسر الحائز على جائزة السلام التي تعد أرفع جائزة أدبية ألمانية المستشارة أنجيلا ميركيل في رسالة مفتوحة، لاعتماد إستراتيجية تقوم علي التوقف عن إرسال مزيد من الجنود إلى أفغانستان، والبدء فورا في تنفيذ انسحاب منظم، والسعي لتحقيق السلام هناك.
وأشار الأديب الألماني الكبير إلى وجود أوجه تشابه بين الحالة الأفغانية وحرب فيتنام التي أزهقت أرواح ملايين البشر، واعتبر أن مكافحة الإرهاب لا تعطي الغرب أي مشروعية للوجود العسكري في أفغانستان، ورأى أن من يحارب الإرهاب بوسائل عسكرية يسهم في تقوية هذا الإرهاب.
تحذير من جانبه حذر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني روبريشت بولنتس من جعل الانسحاب من أفغانستان موضوعا للحملة الانتخابية.
وقال في تصريح لصحيفة بيلد إن ملاحظة طالبان لوجود جدل في ألمانيا حول هذا الموضوع سيجعلها تكثف هجماتها على الجنود الألمان في محيط إقليم قندز الشمالي.
استطلاعات فرنسا وفي فرنسا أظهر استطلاع أجراه المعهد الفرنسي لاستطلاعات الرأي لصالح صحيفة لوفيجارو الفرنسية أن 64% من الفرنسيين يعارضون استمرار تدخل بلادهم العسكري بأفغانستان ولا يؤيده سوى 36% منهم فقط.
وقد تراجع تأييد الفرنسيين لمشاركة بلادهم في هذه الحملة مع مرور الزمن حيث وصل 58% عام 2001 مقابل 32% و45% مقابل 55% في أبريل/نيسان 2008.
ويظهر من خلال الاستطلاع الأخير لصحيفة لوفيجارو أن نسبة معارضة النساء الفرنسيات لهذه الحرب تصل 71% بينما تحوم نسبة تأييد الرجال لها حول 56%.
ويرى 92% من الفرنسيين أن الوضع الميداني بأفغانستان جد صعب وأن جنودهم هناك معرضون للخطر بشكل كبير, ويعتبر 86% منهم أن أفغانستان "يمثل خطر مستنقع حقيقي للقوات الغربية".
وتعلق صحيفة ليبراسيون على نتائج هذا الاستطلاع بالقول إن نتائجه تؤكد تدني نسبة تأييد الرأي العام للحرب بأفغانستان, مشيرة إلى أن مثل هذا الأمر يمثل مصدر قلق بالغ للجيش الفرنسي.
وتضيف أن الجنود الذين يخاطرون بحياتهم خارج بلادهم يحتاجون لتأييد بلادهم, ومن ذلك يستمدون شرعية مهمتهم لا من عدد من القرارات الدولية.
وإذا غاب هذا التأييد بشكل كبير ولفترة طويلة فإن ذلك يهدد بإحداث قطيعة بين الأمة الفرنسية وجيشها كما حدث في حرب الهند الصينية, وإن كانت الأمور لم تصل بعد هذا الحد, على حد تعبير الصحيفة.