تصاعدت في الآونة الأخيرة حملة الاعتقالات في صفوف عناصر تقول وزارة الداخلية إنها تنتمي لما يعرف بكتيبة "عقبة بن نافع" التي تتهمها بالوقوف وراء الاغتيالات واستهداف قوات الأمن والجيش والتخطيط لشن اعتداءات. وفي أحدث عملية استباقية قامت بها، تمكنت وحدات الأمن بتونس من إيقاف 32 عنصرا متشددا تقول وزارة الداخلية إنهم ينتمون لخلية إرهابية كانت تخطط للقيام بتفجيرات في مناطق حساسة في تونس العاصمة وخارجها. في هذا السياق، يقول الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي في تصريح ، إن عناصر الأمن نجحت في تفكيك خلية إرهابية كانت تُحضر لشن هجمات إرهابية منها تفجير مقر وزارة الداخلية وثكنتين أمنيتين. ولا يتعلق الأمر باستهداف مقرات الأمن فحسب – وفق ما قاله العروي - فهو يؤكد أن هذه الخلية كانت تخطط لتفجير مواقع مدنية في العاصمة تونس وفي بعض مناطق الجنوب وتحديدا في محافظة قفصة الواقعة بالجنوب. وأشار العروي إلى أن قوات الأمن والحرس لا تزال تكثف من جهودهما لملاحقة عناصر أخرى مرتبطة بهذه المجموعة المسلحة، كاشفا عن أن عددا من العناصر المعتقلة والفارة كانت تقاتل إلى جانب تنظيمات إرهابية في سوريا. من جهة أخرى، تحدث محمد علي العروي عن وجود حالة استنفار أمني في بعض مناطق الجنوب لملاحقة المدعو مراد الغرسلي الذي قال إنه مطلوب للعدالة، لأنه متورط في جرائم إرهابية ويحضر للقيام بضربات إرهابية، كما ذكر. وتشير التقارير الأمنية إلى أن الغرسلي نجح في التسلل من محافظة القصرين حيث يقع جبل الشعانبي أين تدور من حين لآخر معارك ضارية بين قوات الجيش وعناصر مسلحة متحصنة بتلك المنطقة ذات التضاريس المتشعبة. ونشرت وزارة الداخلية صورا للمشتبه به مراد الغرسلي (28 عامًا) في وسائل الإعلام لحث المواطنين على الإبلاغ عليه من أجل إلقاء القبض عليه قبل أن ينجح في الفرار خارج البلاد أو يتمكن من تنفيذ مخطط إرهابي. ويقول الناطق باسم وزارة الداخلية إن تعقب العناصر المتشددة يأتي في إطار العمليات الاستباقية التي تقوم وستقوم بها الوحدات الأمنية "لإجهاض أي مخطط إرهابي يستهدف البلاد من قبل جماعات وصفها بالتكفيرية والمتطرفة". ويصرّح: "في الأيام القادمة ستكون هناك عمليات أمنية أخرى لملاحقة كل العناصر التي تفكر وتخطط لشن اعتداءات إرهابية"، مضيفًا أن المؤسسة الأمنية تتابع العناصر العائدة من بؤر التوتر مثل سوريا وليبيا. ومن بين الموقوفين في العناصر المعتقلة الأخير هناك مشتبه بهم في انتمائهم إلى الجناح الإعلامي لما يعرف بكتيبة عقبة بن نافع مهمتهم الإشراف على صفحات تكفيرية بشبكة الإنترنت واستقطاب المقاتلين وبث البيانات. وحول استعدادات المؤسسة الأمنية لمواجهة التحديات الأمنية مع تسلم الحكومة الجديدة السلطة قبل أيام، يقول العروي إن محاربة الإرهاب هي على رأس أولويات الحكومة الجديدة خاصة بعد إحباط العملية الإرهابية الأخيرة. ويقول إن هناك استراتيجية جديدة لمزيد من تضييق الخناق على العناصر التكفيرية ومتابعة الخلايا النائمة، مؤكدا أن المؤسسة الأمنية ستكون أكثر صرامة في الفترة القادمة لاجتثاث الإرهاب نهائيا من البلاد، وفق تعبيره. ونهاية الشهر الماضي أعلنت وزارة الداخلية عن إلقاء القبض على 11 عنصرا متشددا في محافظة مدنين بالجنوب إضافة إلى اعتقال أربعة آخرين بمحافظة المهدية في الساحل التونسي تقول إنهم كانوا ينوون ضرب مقرات أمنية. كما أعلنت تفكيك خلية إرهابية أخرى في تونس العاصمة تتكون من أربعة عناصر متشددة مرتبطة بعناصر إرهابية خارج البلاد وتقول إن دورها كان يتمثل في تمويل الأنشطة الإرهابية في البلاد. وحول تقييمه للعمل الأمني الاستباقي لمواجهة العمليات الإرهابية، يقول علية العلاني الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية إن المؤسسة الأمنية "حققت نجاحا ملحوظا في تفكيك الخلايا الإرهابية ومحاصرتها. ويقول: "لقد تمت السيطرة على البنية التحتية الجهادية واقتلاعها بنسبة كبيرة في تونس"، لكنه يقرّ في نفس الوقت بأن التهديدات الإرهابية تبقى قائمة ومستمرة خصوصا مع وجود بؤر توتر في كل من سوريا وليبيا ومالي. ومع ذلك فإن العلاني يرى بأن الأمور الأمنية تحسنت كثيرا مقارنة بما كان عليه الوضع في حكومة الترويكا السابقة، مرجعًا ذلك إلى تحسن الجاهزية الأمنية والعسكرية وتطور العمل الاستخباراتي لمكافحة الجرائم الإرهابية. يشار إلى أن تونس تعرضت بعد الثورة إلى الكثير من الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة عشرات الأمنيين والعسكريين إضافة إلى اغتيالات سياسية استهدفت معارضين يساريين تبنتها ما يعرف بكتيبة عقبة بن نافع. ولا تزال تونس تواجه خطرا أمنيا محدقا مع إمكانية عودة مقاتلين تونسيين بايعوا تنظيمات إرهابية في سوريا، مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة. وقد توعد بعض من هؤلاء المقاتلين بشن هجمات عبر أشرطة بثت على الإنترنت