يشتكي العديد من الأزواج من كذب شركائهم عليهم، وعدم معرفتهم للكثير من الأمور التي يتم اكتشافها بعد فوات الأوان، ما يؤثر على حياتهم سلبا. "لم أكن أعلم أن زوجي لديه مشاكل مالية كبيرة قبل زواجنا وتبيّن ذلك لاحقا، ما أدى لنزع الثقة بداخلي تجاهه"، تقول مها محمد. وعن الكذب بين الأزواج يقول الاستشاري الأسري الدكتور أحمد أبو سمك، إن "بعض الكذب يكون في فترة ما قبل الارتباط وله تأثير على الزواج، كالعلاقة بالجنس الآخر، حيث يحرص كل طرف على إخفاء علاقاته غير الشرعية مثلا أو إخفاء بعض الأمراض أو التشوهات الخَلْقية، خوفا من فشل العلاقة، وإخفاء بعض العادات كالتدخين أو شرب الخمر أو إدمان المخدرات". ويضيف أبو سمك "أما بعد الارتباط فيمارس الرجل الكذب بالمواقف السابقة أو في علاقاته ببعض الأصدقاء ذوي السمعة السيئة، أو بأموره المالية، وبخاصة ما يمس منها صورته أو قوة شخصيته أمام زوجته". مؤشرات وتعرف بعض الزوجات أن زوجها يكذب عليها من علامات أو تصرفات تظهر عليه. الأردنية عبير محمد، "عندما أسأل زوجي عن رجوعه متأخرا للمنزل يجيب بكلمات محدودة، فأسأله عن تفاصيل قد تكون بسيطة، عندها يغضب ويبدأ بالقول: أهو تحقيق؟ وينهي الكلام بعصبية، عندها أعلم بأنه يكذب". ويوضح الاستشاري الأسري بعضا من المؤشرات التي تدل على الكذب ومنها: "لغة الجسد وحركاته اللاإرادية مثل التلعثم بالكلام أو عدم النظر المباشر لعيون الزوجة، والارتباك.. وغالبا ما تدرك الزوجة ذلك، في حين أن الرجل أقل قدرة على اكتشاف كذب زوجته بسبب قدرتها على التعبير العاطفي عن المواقف، فيصدقها الرجل مباشرة". ولا يقتصر الكذب على الرجال فقط، فقد تكذب النساء في مواضع معينة تدعوها لذلك. فتقول الاستشارية الأسرية سناء أبو ليل، إن كذب المرأة على زوجها قد يكون خوفا من ردة فعله، إذ إن الزوج يكون عصبيا بطبعه، وقد تكون صفة الكذب أصيلة في المرأة من قبل الزواج، أي أنه سلوك تمارسه. وتضيف أبو ليل"، أن الكذب جائز بين الأزواج في حدود معينة، ولإصلاح ذات البين وزرع الحب. وعلى المرأة في حال وضعها في ظروف معينة أو رغبتها في شيء أن تصارح زوجها، وألا تخفي عنه شيئا لأن ذلك قد يؤدي في النهاية لنزع الثقة وتفكيك الأسرة. أما أبو سمك، فبين ، طبيعة الاختلاف بين المرأة والرجل بالأساليب الدفاعية، فهي عند المرأة متنوعة في حين أنها شبه معدومة عند الرجل بسبب تكوين كل منهما النفسي والخَلْقي. ويقول الاستشاري، إن الرجل بطبيعته مهاجم ويستخدم الكذب كدفاع عن النفس فيقع في أخطاء تكتشفه المرأة من خلالها بسهولة، في حين أن المرأة بطبيعتها مدافعة وغير مهاجمة، والكذب نوع من الدفاع، فلو أنها كذبت فقد لا يستطيع الرجل اكتشاف ذلك بسهولة. الدوافع والآثار وفي سياق متصل، يقول عمر عاهد ، إن دافعي للكذب هو اختصار المشاكل، وإظهار الحب لزوجتي، حتى وإن كان ما أمدحها به ليس فيها، ولكني أحاول أن أتودد لها. أما أحمد الفرّا، فيقول : "في حال قلت لزوجتي الحقيقة فستبدأ بالأسئلة التي لا مفر منها، وقد تؤلمها الحقيقة في كثير من الأحيان، عندها أفضل الكذب". أما عن دوافع الكذب، فيقول أبو سمك، إنه قد يُستخدم الكذب للحد من المشاكل الأسرية وللتخلص من موقف محرج، والظهور بمظهر القوي والمسيطر وعدم رغبة الرجل بالظهور بمظهر الضعيف، ولقلة الوازع الديني. ولكن أثر الكذب - في حال اكتشافه وكان الأمر كبيرا وخطيرا وغير مقبول للطرف الآخر - فإن ذلك قد يؤدي إلى "تقويض الحياة الزوجية وربما يصل للطلاق. وفي الحالات الأقل خطورة ربما يؤدي لزعزعة الثقة بين الزوجين وزرع بذور الشك في قلب الطرف الآخر، ما يؤدي لعدم الاستقرار في الحياة الأسرية"، بحسب الاستشاري الأسري. علاج الكذب ولعلاج الكذب يؤكد الاستشاري الأسري أنه يجب "تقوية الوازع الديني والأخلاقي وتقوية الثقة في النفس والرابطة بين الزوجين، من حيث الشفافية والتغاضي والتغافل عن الزلات والهفوات وعدم التدقيق، والتفهم لسلوكيات الطرف الآخر، والاحتواء إذا ما تم اكتشاف بعض الكذب". رد فعل المرأة من جهتها، تقول عبلة محمد : "أعلم تماما أن زوجي يكذب عليّ في كثير من المواقف ولكني أحاول أن أمتص غضبي من ذلك، وأحاول أن أعطيه مساحة من الأمان حتى يصدقني القول، ولا يلجأ لهذا الأسلوب مرة أخرى". وتضيف: "عندما أشعر بأنه يكذب أتألم كثيرا، وإن قوله للحقيقة مهما كان مؤلما فلن يكون كالألم الناجم عن كذبه". يقول أبو سمك: "غالبا ما يعتقد الرجل أن المرأة تصدقه، ويستغل ثقة زوجته، ولكن بعض الزوجات مغفلات بالفعل أو قليلات خبرة في الحياة، فتنطلي عليهن بعض الأكاذيب. وهناك رجال بارعون في اختلاق الكذب، فيستغلون عاطفة المرأة تجاه زوجها وثقتها به، ويستخدمون الكلام المعسول الذي تصدقه المرأة لأنها عاطفية". ويضيف الاستشاري، أن عدم وجود أدلة لدى الزوجة على كذب الزوج يضطرها إلى السكوت وتصديقه، والمرأة دافعها الأساسي في ذلك هو استقرار بيتها وزواجها، لذا فهي قد تتغاضى عن كذب الرجل. الأكاذيب الشائعة ومن الأمور الشائعة التي يكذب فيها الرجال بحسب "أبو سمك" فهي: أماكن وجوده، وعلاقاته مع النساء، والأمور المالية. أما بالنسبة للمرأة، فهي قد تخفي بعض الأمور المتعلقة ببعض مشاكل الأولاد، وكذلك إذا تعرضت لمضايقات أو تحرش جنسي أو معاكسات ربما لا ترغب بإطلاع الزوج عليها خوفا من تضخيم المشكلة وربما تصل للطلاق، فتلجأ للكذب.
