"الشعب دا محتاج حد يحنو عليه" كلمة لقائد الانقلاب يذكرها دائما قبل ضرب المواطن البسيط في مقتل من ناحية معيشته واختطاف حقه في خيرات الوطن لصالح رجال أعمال والدول الداعمة له. فقد أثارت تصريحات منسوبة للدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية بحكومة الانقلاب، بشأن امتناع وزارته استحقاق الدعم التمويني لمن يصل دخله ل1500 جنيه شهريًّا؛ استياء خبراء الاقتصاد، معتبريها بداية رفع الدعم عن المواطنين، مشيرين إلى أن تلك الممارسات تنذر بمزيد من أعداد الأسر تحت خط الفقر، بجانب ارتفاع معدلات التضخم والأسعار بشكل غير مبرر؛ لعدم وجود دور للدولة في المراقبة على الأسواق، ما يزيد من معاناة الفقراء. تسليم بطاقات قال الدكتور خالد حنفي، وزير التموين في تصريحات على هامش مشاركته فى إطلاق مبادرة "كمل كرمك" للقضاء على الأطعمة المهدرة وتوزيعها على الفقراء بمشاركة بنك الطعام: إنه جاري إطلاق مبادرة لغير مستحقي الدعم باسم "رجع بطاقتك"، على أن يلغوا من تلقاء أنفسهم بطاقاتهم التموينية، لتوصيل الدعم إلى مستحقيه من محدودي الدخل، مؤكدًا أن مخازن شركتي الجملة وبقالي التموين بدأوا في الحصول على السلع التموينية تمهيدًا لصرفها للمواطنين. في الوقت نفسه كشفت بيانات موازنة الدولة للعام المالي 2014/2015 الجاري، عن استهداف 31.6 مليار جنيه من دعم السلع التموينية، مقابل 35.5 مليار جنيه بموازنة العام المالي السابق، لتنخفض تلك المخصصات إلى 4.1 مليار جنيه، على الرغم من أن تلك الأموال موجهة لدعم نحو 18.9 مليون أسرة “بطاقة تموينية”، بإجمالي 66.7 مليون فرد. عجز حكومي لحماية الفقراء بررت الدكتورة هالة الغاوي، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الحديثة بالمعادي، تصريحات وزارة التموين، بأن الحكومة لا تمتلك حاليًا سوى إلغاء الدعم عن الفقراء، في ظل ارتفاع الدولار أمام الجنيه، خلال الأسبوع الماضي لمستويات كبيرة؛ خصوصًا أنه اقترب سعر صرفه إلى 8 جنيهات، وهناك توقعات أن يصل إلى نحو 9.5 حتى 10 جنيهات؛ لتآكل الاحتياطي النقدي للبلاد إلى 15.333 مليار دولار بنهاية ديسمبر، طبقًا لبيانات رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري. وقالت الغاوي: إن ارتفاع الدولار ل10 جنيهات، يعني زيادة الأسعار بمعدل الضعفين، في ظل توجهات الحكومة لتعويم الجنيه، بعد تراجع حجم المنح المقدمة من الدول العربية لمصر مؤخرًا، مشيرة إلى أن الحكومة تعجز عن دعم السلع الاستراتيجية والموجهة للفقراء، بالتالي ستزيد من معاناة تلك الفئات خلال الفترة المقبلة، خصوصًا وأن الدعم انخفض ليصبح حجمه 20% وفي طريقه لمزيد من التراجع. وأشارت الغاوي إلى أن دعم السلع يحتاج لمليارات الدولارات، ولن تستطيع الحكومة توفيرها حاليًا، بجانب عجزها عن تحصيل المتأخرات الضريبية، أو ما هو مستحق على رءوس نظام مبارك وخروج البعض منهم بأحكام قضائية، والاحتفاظ بالثروات التي نهبوها من الدولة دون محاسبة وبشكل مقنن، على الرغم من أن تلك الأموال يمكن أن تساهم في دعم الفقراء بدون تكبيد الموازنة أو خزانة الدولة لأي أعباء. إلغاء الدعم وأكدت الغاوي أن الحكومة على ما يبدو ترغب في إرسال رسالة للمواطنين، مفادها أن الدعم سيتم إلغاؤه لا محالة، وبالتالي هذا يعني أن معدل التضخم سيزداد؛ لتأكل الثروة عن البعض وارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية وعدم استطاعة الحكومة السيطرة على الأسواق في مواجهة التجار الجشعين، وانتقدت الأوضاع قائلة : ما يحدث الآن تخطى العلوم الاقتصادية بمراحل، فالوضع الراهن يعني وجود كارثة ومشكلة كبيرة، ولا توجد لياقة للتعامل معها بمنتهي الصراحة والوضوح، مقترحة توجيه جزء من أموال صندوق تحيا مصر لدعم الفقراء والطبقات الأوْلى بالرعاية. توفير للخزانة على حساب البسطاء قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية: هل يستطيع وزير التموين نفسه أن يفتح بيته ب1500 جنيه شهريًّا؟! واصفًا الحكومة بأنها ترغب في توصيل رسالة لقائد الانقلاب، مفادها توفير المزيد من ملايين الجنيهات للخزانة العامة، ولو على سبيل البسطاء ومحدودي الدخل. وأضاف عبده أن وزارة التموين ترغب في خفض دعم الأسر الفقيرة من 60 إلى 30 مليون بطاقة تموينية وربما أقل، بغرض التوفير فقط، فما يعني الوزير هو التصريحات الإعلامية بشكل يومي ومتكرر، ولو علي حساب الغلابة، مشيرًا إلى أن مدخرات المودعين بالبنوك انخفضت بعد قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، ما يعني أن الأسعار سترتفع بما لا يقل عن 10% قريبًا. منافسة حكومية وقال عبده: الأسعار مرتفعة لعدم وجود رقابة حكومية على الأسواق بالإضافة إلى أن القطاع الخاص يتحكم فيها باعتباره مالكًا لقوي العرض والطلب، مطالبًا بضرورة أن يكون تدخلًا حكوميًّا بوضع القطاع العام في منافسة مع نظيره الخاص؛ ليصب ذلك في مصلحة المواطنين الفقراء بالأخص، من خلال بيع السلع بهامش ربح محدود". وأضاف أنه في حالة بيع القطاع العام المنتجات بسعر محدد وهامش ربح منخفض، سيجبر القطاع الخاص على تخفيض الأسعار، مقترحًا إعلان الحكومة قوائم سوداء للتجار غير الملتزمين بالأسعار، كإحدى الآليات لحماية الفقراء، مشددًا على ضرورة تفعيل الدولة رقابتها بشكل كبير على الأسواق؛ حرصًا على مصالح الطبقات المحدودة، بالإضافة إلى حتمية استخدام البنك المركزي أدواته في رفع الاحتياطي النقدي وتخفيض الطلب على السلع حتى يقل التضخم.