الحاجة أم الاختراع، فلما انهارت السياحة المصرية بسبب عدم تدفق السياح الروس بسبب انخفاض سعر الروبل بصورة حادة بسبب العقوبات الغربية على روسيا، تفتقت أذهان شركات السياحة المصرية على فكرة التعامل بالروبل. والقيقة أنه ليس اختراع ولا حاجة. فالعالم يتجه بصورة متزايدة للتخلص من الدولار كوسيط وحيد في المعاملات الدولية. والهند تتعامل مع روسيا بالعملات الوطنية للبلدين على سبيل المثال. الدولار يسقط عن عرشه، عندما لم يعد مرتبطاً بقاعدة الذهب، ثم لم يعد مرتبطاً بأي قيمة انتاجية، والعالم كله يعرف أن أمريكا تطبع الدولارات كما تريد، وهو الأمر الذي أدى إلى انخفاض قيمته الحقيقية وقيمته الشرائية وأصبحت نسبة لا بأس بها من التجارة العالمية تجري باليورو. ولكن بالنسبة لنا كعرب وكمسلمين فإن أبرز أشكال العبودية لأمريكا هي العبودية للدولار، لأنه لا يوجد ما يمنع أن نبدأ التعامل مع روسيا بالروبل ومع الصين بعملتها، ونستخدم هذه العملة للاستيراد منهما أو إذا كانت مقبولة من دولة أخرى فلا بأس، وهذا بدأ يحدث بين دول البريكس كما ذكرت. والطريف أن الجنيه المصري يفرض نفسه في التعاملات العربية حينما توجد جاليات مصرية، فالجنيه المصري أصبح له سعر وتعامل في الصرافة في السوددان والأردن وسوريا (قبل الكارثة الحالية) والسعودية خاصة في مكة حيث حجاج ومعتمري مصر، وفي غزة (بسبب التعامل الاقتصادي والجوار) وفي هذه البلاد عنددما نسافر ندفع ببقشيش عمال الفنادق بالعملة المصرية والعمال يقبلونها وتستطيع أن تتجه للصرافة في مكة مثلاً وتستبدل الجنيه بالريال أو العكس، وقد حجث هذا بشكل تلقائي وبدون تفاهم الحكومات، فإذا تفاهمت الحكومات العربية والاسلامية فيما بينها وفيما بينها ودول البريكس ومن يريد من دول العالم، فإن الأمور ستسير بسلاسة غير عادية وستحدد العملة سعرها في السوق بصورة طبيعية، والمكاسب ستكون صافية للجميع. طبعاً أمريكا وحدها سيصيبها الجنون، ولكنها لن تستطيع أن تفعل شيئاً، إلا الضغوط السياسية على العملاء. ولذلك نقول أن المسألة لا تحتاج إلا إرادة وطنية كما يحدث الآن بين الهندوروسيا، حيث تشتري الهند السلاح الروسي بالروبية الهندية. وسلم لي على عملاء أمريكا في مصر!!