-المشهد الأول أردوغان يزور قطر في سبتمبر الماضي. -المشهد الثاني : زيارة من أمير قطر إلى أنقرة في الشهر الجاري، ويطلق اسم قطر علي أحد شوارع تركيا. هذان المشهدان يصبان في مصلحة التيار الإسلامي بالتأكيد هذا ما كنا نظنه فالدولتان هما أكبر الحلفاء للتيار الإسلامي في مصر في وجه الانقلاب العسكري الذي يحكم والغريب "عدم خروج أي انتقادات لمصر من المسؤولين الأتراك خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد الأخيرة الى أنقرة، وهو يدل على أن تركيا تريد أن تعيد العلاقات مع مصر بشكل ما "، وأن أمر المصالحة بين مصر وقطر تم برضا الطرفين الأمير القطري والرئيس التركي بعد تباحث طويل وزيارات متبادلة كما وضحنا. -المشهد الثالث: عودة أمير قطر من تركيا، وفي 22 ديسمبر الجزيرة مباشر مصر تغلق قناتها بأمر من الديون الملكي القطري. مشهد ما لم يكن يتوقعه أحد أن يحدث بهذه السرعة وجاءت التبريرات حول الغلق كلها مضحكة. -المشهد الخامس: تصريحات وزير خارجية تركيا. مولود جاويش أوغلو، حول أن بلاده على استعداد لتحسين العلاقات مع مصر، حال إقدام القاهرة على "خطوات من أجل الديمقراطية". وأضاف أيضًا أنه هناك بعض المبادرات لفتح حوار بين البلدين على مستوى معين" لكنه رفض الكشف عن مزيد من المعلومات. -وسبق هذا المشهد مشهد رابع : تصريحات نائب رئيس الوزراء التركي؛ حيث قال بولنت أرينج، إن بلاده تريد الهدوء في العلاقات مع مصر، مؤكدًا أن بلاده "مستعدة لكل شيء وبجانب السلم والصلح دائمًا، ومن يخطو خطوة نحن نخطو في المقابل 10 خطوات"، وأضاف أرينج: "نحن نريد الهدوء للعلاقات بين تركيا ومصر، وعلى مصر أن تغير سياستها ضد حقوق الإنسان وما نسميه القرارات القضائية المجحفة". وقبلها بيومين أطلق أرينج تصريحات ألمح فيها إلى ضرورة إزالة التوتر القائم بين بلاده ومصر. وقال في حوار صحفي: "قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك". وفي المؤتمر الصحفي، قال أرينج: إن "علاقات تركيا مع مصر كانت جيدة منذ القدم فهذه كلها نذر مصالحة جديدة وانتصار آخر للانقلاب وخسارة كبيرة للحليف الأقوى للإخوان المسلمين في مصر". هذه المشاهد الخمسة السابقة الكل قد شاهدها، ولكن أهم هذه المشاهد علي الإطلاق وهو المشهد السادس هو ما وصلني أن بعض المطاردين أمنيًّا من شباب الإخوان المسلمين والذين أعدوا حقائبهم للسفر؛ للهروب من الملاحقات الأمنية في مصر قد تخلوا عن فكرة السفر، والغريب في الأمر أنه حتى الذين كان مقرر سفرهم إلى "السودان" ومنها إلى دول مثل الأردن أو إيران أو بريطانيا أو إيطاليا لغوا سفرهم وليس المتجهين إلى قطروتركيا فقط هم من لغوا السفر. وهو ما يدفعنا إلى سؤال مهم هل المصالحات التي تمت بين قطر والسلطة في مصر، وما يلوح به الأفق من مصالحة بين تركيا والسلطة أيضًا بترتيب وتوافق مع الإخوان المسلمين؟ فتركيا بعد أن كانت عودة مرسي هو شرطها الأساسي لعودة علاقتها مع مصر جاء علي لسان المتحدث باسم خارجيتها ردًا على سؤال عن العلاقات مع مصر أنه يمكن تطبيع العلاقات بين بلاده ومصر في حال " إذا اتخذت الحكومة المصرية خطوات في اتجاه الديمقراطية وإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان فسوف نصلح علاقتنا مع مصر". وقطر أبدت الحسنة وأغلقت القناة التي أرقت نوم الانقلابيين، والمطاردون من الإخوان المسلمين لغوا سفرهم، ورد فعلهم حول غلق قناة الجزيرة كان عاديا بل وجهوا الشكر لقناة الجزيرة. و بعد أن نسمع تصريح أحمد غانم الكاتب والمحلل السياسي، أن هناك مفاوضات مكوكية؛ من أجل اعتراف تركي بالسيسي وخروج مرتقب للمعتقلين من السجون في مايو 2015!. وأضاف هناك مفاوضات تجري وراء الكواليس بين "واشنطن-الدوحة-الرياض- القاهرة"، للخروج بحل للملف المصري يتوافق مع الحد الأدنى لمطالب تركيا. وبالتأكيد هذه المفاوضات لا تتم بدون علم قادة الإخوان المسلمين الموجودين في قطروتركيا. ربما يكون حدوث هذا تمهيد لمصالحة تركية قطرية مصرية تتبعها مصالحة مصرية مصرية بين الإخوان والسلطة خاصة بعد أن أنهك كل منهما الآخر دون أن تحسم نتيجة المباراة "فالانتصار" لا يقاس بالخسائر التي كبدتها للعدو بل باعتراف العدو بأنه قد خسر المعركة وبالاستسلام، فإذا لم تستسلم فأنت لم تهزم بعد وتكون هذا المصالحة بين " الإخوان والسلطة المصرية" بتوافق وموافقة بين الإخوان أنفسهم بترتيب مع قطروتركيا وهذا ما يؤكده تخلي بعض شباب الإخوان المطاردين أمنيًّا - لمشاركتهم في المظاهرات المناهضة للانقلاب العسكري- عن السفر. مما يوحي بأن هناك انفراجة لهذه الأزمة، وأن الأمر أصبح لا يستدعي السفر، وأن المصالحة قادمة لا ريب. أو ربما يحدث تضييق قطري تركي على الإخوان لقبول الوضع الراهن وخطة المصالحة، مقابل حصول قطر على مزايا استثمارية في مصر ومزاحمة الإمارات العدو اللدود سياسيًّا في مصر، وتوسع الدور السياسي الإقليمي لتركيا، وتكون هذه المصالحة قادمة رغم رفض الإخوان لها، ولكن الظروف كلها تدفعهم إليها بعد أن تركهم كل الحلفاء.