تتحدث الكاتبة عن وسائل أخرى لتربية الأطفال بعيدًا عن الضرب، وتنشر لقاءً لها مع أحد خبراء التربية فتقول: “هناك الكثير من الأدلة على أن ضرب* الأطفال لتحسين سلوكهم لا يجدي نفعًا على المدى الطويل. بل بالعكس يأتي بنتائج عكسية دائمًا”. “لكن العلم لا ينتصر على العاطفة” كما يقول آلان كازدين رئيس مركز “يال” للأبوة والأمومة ومؤلف كتاب “الأدوات اليومية للأبوة والأمومة“. ثم تضيف الكاتبة بأن الكارثة وتحليلاتها ظهرت مرة أخرى، بعدما وجهت تهمة الإساءة في معاملة الأطفال لنجم كرة القدم الأمريكية “أدريان بيترسون“ بعد تأديب ابنه البالغ من العمر 4 سنوات من خلال ضربه بفرع شجرة جاف، وإصابته بقطع وتورم في فخذه. كان هناك الكثير من الحديث حول تأثير العرق والثقافة في تربية الأطفال. حسنًا، ماذا عن العلم؟ يقول علماء النفس السلوكيين أن الناس يستجيبون بشكل متوقع جدًا لكلمات وأفعال الآخرين، ويمكن للوالدين استخدام هذه الاستجابة لتحسين سلوك الأطفال دون الصراخ أو الضرب. تحدثنا مع “كازدين“ عبر الهاتف عن لماذا يستخدم الآباء العقاب البدني وما هي الخيارات لديهم لتعليم أطفالهم السلوك الجيد. وفيما يلي أبرز ما دار في المكالمة. لماذا يستخدم الآباء العقاب البدني؟ يقول كازدين إن هناك ثلاثة أسباب “أولها أن العقل مجهز لملاحظة الأشياء السلبية في البيئة المحيطة، وهي صفة خاصة بالبشر والثدييات” لذا يلاحظ الآباء بصورة طبيعية السلوك السيء للأطفال بدلًا من الأشياء الجيدة التي يفعلونها طوال اليوم”. ثانيًا، هناك أدلة متزايدة على أن المراقبة أو الانخراط في سلوك عدواني يثير مراكز رد الفعل في الدماغ، وهو ما يعطي حافزًا للعدوان. ثم يقول “السبب الثالث هو أن بعض الديانات تسمح بضرب الطفل، واستخدام العصا، وليس كحق ولكن كواجب لتربية الأطفال“. وجهت الكاتبة لكازدين سؤالًا مباشرًا: “أنت قد عملت مع العديد من الأسر، لماذا اتجه الوضع إلى الضرب بقسوة تقارب جريمة الاعتداء على الأطفال؟ وما الذي يجعل الآباء تصعد العقاب إلى هذا المستوى؟” أجاب “أرى الآباء والأمهات الذين يسيئون معاملة الأطفال في كل وقت، تقريبا يعلمون أنها لا تؤتي ثمارها مع الأطفال وهم لا يغيرون من سلوكهم، لذا يعتقدون أنك بحاجة إلى شيء أقوى من الحديث، كالضرب أو التعنيف بقسوة“ ولكن للأسف يتكيف الأطفال مع هذه القسوة بعد ذلك. إذا هل أجبرتِ الآباء والأمهات على منع ذلك؟ علق كازدين “عند الغرق، لا يمكنك تعلم السباحة” ثم أضاف “نحن لن نربي الآباء والأمهات أو نعلمهم الأخلاق. مضى وقت الكلام المؤثر“. “بدلًا من ذلك“، يضيف كازدين: “على الوالدين ممارسة الطريقة التي سوف يخاطبون بها أطفالهم، مع اختيار الكلمات بعناية للحصول على استجابة محددة. والهدف هو تعليم الأطفال الاستجابة بشكل مختلف، دون مشاكل سلوكية“. لماذا الكلمات مهمة ؟ ما حدث قبل أن يسيء الطفل التصرف أمر بالغ الأهمية، فمعرفة ذلك تعطي للوالدين الفرصة لتجنب السلوك السيء. “نحن نعلم أنه عند عودة أحد الوالدين من يوم عمل مليء بالضغوط يتوقعون أنهم ذاهبون إلى بيئة بها الكثير من عدم الامتثال، هذا ليس جناية أحد، لكننا نعرف أن نبرة الصوت التي يستخدمها بعد هذا اليوم المجهد يزيد من احتمالات عدم طاعة الطفل للملاحظات“. ما الحل. ماذا يمكننا أن نقول لتشجيع الامتثال؟ هنا تظهر أهمية الكلمات المؤثرة، فبدلًا من إصدار أمر ما، عليك أن تزيد الاختيارات في حديثك فتقول “عليك ارتداء المعطف الأخضر أو الأحمر قبل أن نخرج“، ثم عليك أن تضيف كلمة “لو سمحت“، يضيف كازدين، مجرد وضع كلمة يرجى أو مرادفاتها سيتغير الأمر وتقل نبرة صوتك“. ولكن يجب أن تكون هناك عواقب للسلوك السيء. كيف يمكن معاقبة طفل؟ يعتقد الآباء والأمهات عادة في العقاب كمحسن للسلوك، ولكن عقود من البحث في علم النفس السلوكي أثبتت أن مدح الطفل على وجه السرعة هو أكثر فعالية في تحسين السلوك من العقاب، والعقاب يجب أن يكون وجيزًا وبسيطًا وفي الظروف القصوى. مؤخرًا تخصصتِ في التركيز على المشاكل اليومية للوالدين مع سلوك الأطفال كعمل الواجبات المنزلية، وتنظيف الغرف. أود حقًا أن نعرف كيفية تدريب ابنتي على تعلم البيانو بدون إزعاج مثلا. إن التغيير لن يحدث في يوم واحد، للأسف. ولكن التغيرات الصغيرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا، وأنا لا استطيع أن أعطي مشورة دون أن أعرف طبيعة علاقتك بابنتك ونوعية شخصيتك، ولكن الأمر يتمحور حول المشاركة. فمثلا : عليك أن تطلب منها أن تجلس معك على البيانو لمدة دقيقتين أو ثلاثة لتعزفوا مع بعضكم. ثم تخبريها ما الذي ستجده إذا عزفت لوحدها لمدة دقيقة، وتتحديها أنها لن تستطيع ذلك، بسبب سنها، ثم تعودي بعد دقيقة لمعرفة ما جنته، وتتعلمي منها جديدها الذي حصلت عليه، ثم تزيدي من تلك الجرعات يوميّا، وتخبريها هل أنتِ فعلا تملكين هذا السن الصغير؟ هل كسبتِ سنين وأنا في غيبة عنك؟ وقتها ستجاريك وتضحك معك، وهذا أفضل وقت لتعلميها المهارات الأساسية، اجعلي التعلم ممتعًا وتجربة ثرية، ثم أعطيها فرصة لكي ترفض التدرب في يوم واحد في الأسبوع،. فالحرية تجعل القيمة نابعة من الداخل وليس من الخارج. يختم كازدين حواره بأن “الجميل في الأمر أن التدريب على الحياة ليس علم (صواريخ)، ولكن التنفيذ صعب لو كنا نحن من نمارسه“. * تتحدث الكاتبة هنا عن الضرب المبرح على المؤخرة باليد أو بالعصى الخاصة بذلك.