مما يعد بداية لمرحلة جديدة من الانحياز الصارخ للكيان الصهيوني، أعلنت الأممالمتحدة عن نيتها وقف التحقيق الذي بدأته حول جرائم الصهاينة في حربهم الوحشية الأخيرة على غزة بدعوى عدم وجود أدلة على ارتكاب جيش الاحتلال انتهاكات هناك!!! ويأتي هذا في الوقت الذي أطلق فيه "جوزيف بايدن" نائب الرئيس الأمريكي تصريحات أقل ما توصف به أنها ساذجة، حيث طالب الدول العربية بالتعامل مع الكيان الصهيوني على أنه بلد طبيعي وذلك لإنهاء عزلة إسرائيل الدولية، على حد وصفه، وطلب من المقاومة الفلسطينية إطلاق سراح شاليط بلا قيد أو شرط!! ففي خطوة مفاجئة، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، اليوم الثلاثاء، أن تقرير الأممالمتحدة الذي أدان سلوك الصهاينة ضد الفلسطينيين في مجزرة غزّة الأخيرة، ليس ملزماً قانونياً، ولا يعتبر دليلاً دولياً لوجود انتهاكات هناك! ويشكّل هذا القرار، تواطئاً واضحاً من قبل الأممالمتحدة مع الكيان الصهيوني، الذي تفتح الدول الغربية ومنظماتها الدولية الطريق أمامه لمزيد من المجازر، دون أي مواجهة أو حتى إدانة ولو خطيّة. وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الصادرة اليوم الثلاثاء، فإن التحقيق الدولي الذي أكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمّد إطلاق النار باتجاه مؤسسات الأممالمتحدة في غزّة، فضلاً عن استخدامه القوة الغير متكافئة ضد الفلسطينيين العزّل في غزّة ما ألحق خسائر كبيرة بين المدنيين، هو تقرير "منحاز"! ومغرض أيضاً، وفقاً للحكومة الإسرائيلية التي رفضت التقرير. من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية: "إن بان كي مون، ينوي أن يبلغ مجلس الأمن الدولي بأنه لا يعتزم مواصلة التحقيق في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة". ضغوطات صهيونية وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" فإن تل أبيب مارست خلال الأيام الأخيرة ضغوطاً شديدة على الأممالمتحدة وأمينها لكي يتم تعديل هذا التقرير أو تأجيل نشره. وأضافت الصحيفة أنه قد توجه لهذا الغرض المدير العام لوزارة الخارجية يوسي غال إلى مقر الأممالمتحدة في نيويورك يوم أمس الاثنين، لعقد اجتماعات مع مساعدي بان كي مون بشأن هذا الموضوع، كما يتوقع أن يثير الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس هذا الموضوع خلال اجتماعه غدا مع كي مون. وكان التقرير قد أكد عدم وجود تنسيق مسبق من قبل جيش الاحتلال مع وكالات الأممالمتحدة في غزّة قبل قيامه بالاجتياح وضرب المناطق المحددة هناك، والتي تضم اللاجئين الفلسطينيين الآمنين في مقرات الأممالمتحدة. وبدلاً من هذا التقرير الدولي، أعلنت تل أبيب أنها أجرت تحقيقاً داخل الجيش بعيد عملية الاجتياح التي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيد فلسطيني، حول استهداف مقرات الأممالمتحدة، وأكدت أن تحقيقها توصّل إلى تبرئة جيش الاحتلال من أي انتهاك!! بايدن ومطالبه الساذجة! من ناحية أخرى، دعا نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن اليوم الثلاثاء الدول العربية إلى تقديم "بادرات" ملموسة تجاه إنهاء عزلة إسرائيل، وطالب المقاومة الفلسطينية بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط فورا وبدون أي شروط، فيما دعا إسرائيل إلى دعم حل الدولتين والتوقف عن بناء المستوطنات. ففي خطاب ألقاه أمام المؤتمر السنوي الذي تنظمه لجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية (إيباك) -وهي كبرى جماعات الضغط الأمريكية المؤيدة لدولة الاحتلال، قال بايدن: "حان الوقت لأن تبدي الدول العربية لفتة جادة لإثبات أن الوعد بإنهاء عزلة إسرائيل في المنطقة حقيقي وصادق"، وأضاف: "يجب أن يفعلوا شيئا الآن". من جانبه قال جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي: "إن على الدول العربية دعم آمال السلام في المنطقة عن طريق تطبيع العلاقات مع تل أبيب ورفع الحظر الاقتصادي والسماح للطائرات التجارية الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي للدول العربية". وأوضح كيري أن على العرب التعامل مع إسرائيل على أنها "بلد طبيعي" وإنهاء المقاطعة واللقاء مع القادة الإسرائيليين، وأشار كيري إلى أن انعدام الدعم العربي كان سببا رئيسيا في فشل محادثات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 2000. من جهة أخرى، طالب بايدن المقاومة الفلسطينية بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط قائلا: "نطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جلعاد شاليط، بعد ثلاثة أعوام في الأسر فإن هذا الأمر غير مقبول". كما طالب بإيقاف "الهجمات المسلحة" على إسرائيل. في المقابل، دعا بايدن الحكومة الإسرائيلية إلى دعم حل السلام القائم على حل الدولتين والتوقف عن بناء المستوطنات. وقال أمام التجمع المؤيد لإسرائيل: "على إسرائيل العمل من أجل حل الدولتين، ولن يعجبكم ما سأقول.. لكن لا تبنوا مزيدا من المستوطنات وفككوا الجيوب الاستيطانية الحالية واسمحوا للفلسطينيين بحرية التحرك.. والوصول إلى فرص الانتعاش الاقتصادي". وأضاف بايدن أن "السلطة الفلسطينية "ينبغي أن تكافح الإرهاب والتحريض ضد إسرائيل". وجاءت تصريحات بايدن قبل لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الإسرائيلي شيمون بيريز الثلاثاء في البيت الأبيض، وأقل من أسبوعين على زيارة متوقعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض. وأعلن نتنياهو في كلمة عبر الأقمار الصناعية إلى مؤتمر إيباك عن خطة "ثلاثية المسارات للسلام مع الفلسطينيين؛ تتضمن جوانب سياسية واقتصادية وأمنية"، دون الإشارة إلى دولة فلسطينية، وهو ما وصف بأنه كان متعمدا؛ الأمر الذي أغضب المسئولين العرب والأوروبيين والأميركيين. وأردف: "نحن مستعدون لاستئناف مفاوضات السلام دون أي تأخير، ودون أي شروط مسبقة". وتحدث نتنياهو عن مقاربة "ثلاثية المسارات" نحو السلام، تتضمن محادثات بشأن القضايا السياسية، ودعم الاقتصاد الفلسطيني، وتعزيز قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي تحاشى فيه الحديث عن إقامة دولة فلسطينية. ومنذ أن تولى منصبه على رأس حكومة يمينية جديدة في الحادي والثلاثين من مارس الماضي، لم يتحدث نتنياهو بشكل محدد عن إنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي قضية ذات أولوية لدى الولاياتالمتحدة والعرب.