أثار تولى المملكة العربية السعودية - كواحدة من أعضاء لجنة مكونة من ثلاث دول – رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) الذى سيقوم بمراجعة موقف مصر فى مجال حقوق الإنسان يوم 5 نوفمبر القادم دهشة وتساؤلات دولية حول حيادية السعودية التى تدعم بقوة الحكم الحالى فى مصر منذ انقلاب 3 يوليه. وقال موقع "ميدل إيست آى" البريطانى تحت عنوانUN review of Egypt's human rights record raises eyebrows أو "مراجعة الأممالمتحدة لسجل مصر فى مجال حقوق الإنسان تثير الدهشة": "إن إعلان عضوية المملكة العربية السعودية، والجبل الأسود، وساحل العاج فى اللجنة المعروفة باسم ترويكا المخصصة لعملية استعراض حقوق الإنسان فى مصر، أثار انتقادات واتهامات مسبقة بالتحيُّز، وعدم المصداقية من جانب مجلس حقوق الإنسان". وقال رافى نايك، وهو محامٍ ضمن مجموعة ITN، ومن المحامين الموكلين نيابة عن جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الحرية والعدالة: "إن وجود المملكة العربية السعودية كعضو فى لجنة الاستعراض "يشكل مصدر قلق بالغ؛ لأن اختيار هذه الدول المنحازة بشكل علنى لإجراء الاستعراض، سوف يقوّض تمامًا استقلاله ونزاهته". وأضاف: "قمنا بتوجيه رسالة مكتوبة إلى مجلس حقوق الإنسان؛ للتعبير عن مخاوفنا، وطلب استثناء المملكة العربية السعودية من عضوية الترويكا التى تدرس حالة حقوق الإنسان فى مصر". وتعتبر المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة؛ أحد المؤيّدين بشدة للمشير السابق عبد الفتاح السيسى، كما قامتا بضخّ مليارات الدولارات، جنبًا إلى جنب مع الكويت، إلى مصر منذ الإطاحة المدعومة بالجيش بأول رئيس منتخب ديمقراطيًّا فى مصر، محمد مرسى، فى يوليو 2013. وقال المحامى "نايك": "إنّ المملكة العربية السعودية مشهورة باعتبارها واحدةً من أكثر الأنظمة القمعية وحشية فى العالم، كما أن لديها نفوذًا واسعًا على جيرانها؛ بسبب علاقة القوة التى تجمعها مع أمريكا ونفوذها المالى الكبير؛ لذا فإن إعطاءها أى وضعية دائمة فى مجلس حقوق الإنسان، أو غير ذلك، هو أمر ينزع الشرعية عن وظيفة المجلس". وأضاف: "إن وجود المملكة العربية السعودية كجزءٍ من الترويكا مع مصالحها الجيوسياسية الواضحة فى تبييض وجه سجل حقوق الإنسان فى مصر، لم يكن هو الانتقاد الوحيد للجنة الاستعراض، فقد وضعت مجموعة المحامين الدوليين عملية اختيار لجنة المراجعة برمتها تحت المجهر كذلك". وكشف "نايك" قائلًا: "إنّه ليس شيئًا من قبيل الصدفة أن يتمّ اختيار المملكة العربية السعودية. فنظريًّا، يتم الاختيار عن طريق القرعة، إلا أنّه لا توجد قواعد واضحة بشأن هذه العملية، كما أن رئيس المجموعة يقوم باختيار بعض المناطق، ومن ضمن هذه المناطق تختار الدولة التى يجرى استعراضها الدول التى تقوم بالاستعراض؛ لذا فإنّ مصر، هى التى تختار بشكل فعّال من يقوم بالاستعراض"!!. وقال موقع "ميدل إيست أى": "إن اختيار الجبل الأسود أيضا محل شكوك، إذ كشفت تقارير أنّ الإمارات قد استثمرت مليارات الدولارات فى الجبل الأسود من خلال الصفقات السرية والمربحة بين القيادة الإماراتية والجبل الأسود من أجل تطوير المنطقة، مما يجعل احتمال أن تكون الدولة الأوروبية الشرقية محايدة تجاه استعراض حقوق الإنسان فى مصر أمرًا مشكوكًا فيه. وترتبط التعاملات المشبوهة للإمارات فى منطقة الجبل الأسود بمحمد دحلان، رئيس المخابرات الفلسطينية السابق فى غزة، والذى يعيش فى المنفى فى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2011، بعد أن اتهمه الرئيس الفلسطينى محمود عباس بالاختلاس المالى، والعمل كوكيل للإسرائيليين المتورطين فى محاولات اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات. وبرغم قلق الفريق القانونى الذى يضم "نايك" حول نتائج التقرير تحت اللجنة الراهنة، والذى دفعهم لإرسال رسالة إلى المفوض السامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، تطلب من المجلس إعادة النظر فى اختيار المملكة العربية السعودية كعضو فى الترويكا؛ إلّا أن خبراء آخرين يعتقدون أن العملية، حتى لو كان على المدى الطويل، سوف تكون فعّالة فى إجراء تغيير فى حالة حقوق الإنسان فى مصر. وقال الخبير فى القانون الدولى، توبى كادمان، وهو محامٍ فى مجموعة بيدفورد الدولية بلندن، والمستشار لعدد من المجموعات العاملة فى الحالة المصرية: "إنّ المقررين الخاصين والترويكا ينسقون العملية فقط، ولكن هناك العديد من الدول الأعضاء التى تشارك فى الاستعراض، بما فى ذلك المنظمات غير الحكومية، كما يمكن لجميع الدول الأخرى الإدلاء بتعليقات أثناء الاستعراض الفعلى". وأظهر تقرير "هيومن رايتس ووتش"، الذى أعلن فى أغسطس الماضى بالتفصيل المشاركة والمسئولية الفردية لعبد الفتاح السيسى، إلى جانب وزير الداخلية محمد إبراهيم، ورئيس القوات الخاصة للشرطة عن القتل الجماعى للمتظاهرين فى مصر خلال شهرى يوليو وأغسطس عام 2013. جاء التقرير، كنتاج لتحقيقات استمرت عامًا، والذى نشر تزامنًا مع ذكرى مجزرة رابعة فى 14 أغسطس الماضى، ودعا التقرير إلى النظر فى إجراء تحقيق من قبل الأممالمتحدة؛ فضلًا عن السلطات المصرية، وحثت على محاكمة المتورطين. كما أطلقت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، يوم الخميس الماضى، تقريرًا من 180 صفحة يتضمن تفاصيل الاعتقالات السياسية الجماعية التى وقّعت فى مصر بعد الانقلاب العسكرى. ووفقًا للتقرير، فقد بلغت الاعتقالات مستويات قياسية فى شهر أغسطس عام 2013 عندما تمّ اعتقال أكثر من 9823 مصريًّا بشكل عشوائىّ وتعسفىّ؛ بما فى ذلك 522 امرأة، و926 قاصرًا و3686 طالبًا، الذين اختفى بعضهم منذ ذلك الحين دون أثر.