فيما ربط البعض بين بيان جديد لجماعة «الأمة القبطية»، وبين استقالة رئيس دير أبومقار في وادي النطرون في مصر الأنبا ميخائيل، ربط البعض أيضا بين عودة «الجماعة الراديكالية» الى سطح الأحداث بعد أكثر من 55عاما من إلغائها، وبين اشتداد مرض البابا شنودة الثالث، وما تشهده الكنيسة من ترتيبات لخلافته بقيادة سكرتير المجمع المقدس الأنبا بيشوي، بمعاونة الأنبا إبرام. لم تثر بيانات «الأمة القبطية» مجرد الفزع داخل أوساط الكنيسة المحافظة فقط، إنما أثارت نوعا من الترقب والقلق داخل أوساط الأساقفة والكهنة، الذين لم يستطيعوا حتى الآن الاقتناع، بأن حالة الاحتقان بين عناصر الكنيسة تجاه رئيس المحاكمات الكنسية الأنبا بيشوي يمكن أن تعيد للساحة القبطية في مصر، قصة أشهر الجماعات التقدمية، التي استخدمت السلاح في محاولة إصلاح الكنيسة، ورفع الظلم عن الأقباط - على حد وصف البيان الرقم 16 لها - الذي هددت فيه بقتل الأنبا بيشوي حال ترشحه للكرسي الباباوي بعد وفاة شنودة الثالث، البابا الرقم 115 في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية. وفي بيانها اعلنت الجماعة أنها بصدد إصدار بيانات أخرى خلال أيام، تتناول عملية بدء الإصلاح في الكنيسة. البيان أشار إلى أن الجماعة سترشح «أسماء»، للآباء الرهبان الذين تفضل أن يتولى أحدهم العرش المرقسي بعد شنودة الثالث، مع الإشارة إلى أنها ستسمح لنفسها باستخدام كل الوسائل لإقرار الإصلاح الكنسي ورفع الظلم عن الآباء الكهنة والمطارنة والأساقفة داخل الهيكل الكنسي. وفيما هددت الجماعة، بقتل كل من يمارس ضغطا على الرهبان الذين سترشحهم لتولي الكرسي البابوي، خصوصا الأنبا بيشوي، لو وقف في طريق الإصلاح، اكدت مصادر كنسية أن «بيان الأمة»، لا علاقة له باستقالة الأنبا ميخائيل، مشيرة إلى أن الاستقالة تدخل في إطار الشؤون الخاصة بالكنيسة، وأن البيان لم يتطرق إليها. كما نفت ما جاء في البيان من الإشارة إلى الترتيبات التي يقوم بها بيشوي لخلافة البابا. وعن سبب إقامة الأنبا بيشوي في الكاتدرائية المرقسية في العباسية - قرب وسط القاهرة - منذ مرض شنودة الثالث، أجابت المصادر: «هذا صحيح، لكن لا علاقة لاستقرار بيشوي بالمقر الباباوي، وبين ما أشيع عن ترتيباته لخلافة البابا، على أساس أن اختيار البطريرك لا يتم بمجرد الإقامة في المقر البابوي، خصوصا أن بيشوي موكل له من البابا إدارة شؤون الكنيسة منذ سفره في رحلة علاجه الأخيرة على الولاياتالمتحدة». ويلزم الأنبا إبرام الأنبا بيشوي باستمرار، الأمر الذي بدا غريبا في وقت كان البابا أوكل فيه معظم أمور الكنيسة للأنبا موسى - أسقف الشباب - ما يعني أن أسقف دمياط بيشوي خلاف ما ذكرته مصادر الكنيسة ليس معنيا بالفعل بإدارة تلك الملفات حاليا. سواء كان سبب «بيان الأمة»، استقالة الأنبا ميخائيل، أو التدابير الملحوظة لخلافة شنودة، فإن عودة «ثورة الأمة» متعلق في كل الأحوال بالأنبا بيشوي، أحد صقور الكنيسة الأرثوذكسية بالنسبة الى الشعب، و«بعبع» المحاكمات الكنسية بالنسبة الى الكهنة. وربما بيشوي هو الأزمة الوحيدة الكبيرة خلال الأعوام العشرة الأخيرة داخل الكنيسة المصرية، فيما اعتبر بيان «الأمة»، تتويجا لإنجازات سكرتير المجمع المقدس، الذي يرى المراقبون أن مجرد فتح صفحة «الأمة القبطية»، مرة أخرى هو تلميح صريح لما يمكن أن يتسبب فيه «الاحتقان» داخل الكنيسة. و«الأمة القبطية»، جماعة إصلاحية ظهرت العام 1952 ل «إعادة الانضباط الروحي للكنيسة المصرية»، وهي الجماعة التي قامت - قبل حلها العام 1954 - باختطاف البطريرك الأنبا يوساب وإجباره على التنازل عن درجته الباباوية بعد اتهامه بتخويل أمور الكنيسة لسكرتيره وأحد أهم أعوانه، الأنبا مينا. واعتبرت «الأمة» أن سكرتير الأنبا يوساب، هو الذي يدير الكنيسة فعلا، الأمر الذي استدعى اقتحامها البطريركية - المقر الباباوي - العام 1954 واختطاف البابا تحت تهديد السلاح. وفيما اعتبر المراقبون، أن « بيان الأمة» ليس فقط صدمة وإنما «ناقوس خطر»، اعتبرت الجماعة أنها قررت معاودة نشاطها من خلال بيانها ال 16، بعد تأكدها من اعتلال صحة قداسة البابا، وهو الأمر الذي ينذر بسوء بعض المحيطين من قداسته - على حد قول البيان - الذي لا تزال الكنيسة تصفه ب «الغامض» و«غير المهم»، حتى الآن.