مبرر أن الدولة فى حالة أقرب للحرب مردود عليه، وليس كل من يعارض خائن- - مزاعم تنظيم " التعددية فى إطار" تنتهى للقضاء على الصحف الحزبية، وتخوين الرأى الآخر، وعدم التفرقة بين الدولة والنظام. - خرق بعض الصحف والفضائيات لميثاق الشرف مكانه النقابة، والقضاء فقط. لماذا يتمسح كتاب إعلام مبارك، ومن هبطوا بقيم الإعلام بعبد الناصر؟! كتب على القماش.. من يراقب ما يكتبه بعض الصحفيين القريبين من دائرة اتخاذ القرار ، يشم رائحة خبيثة لخطة ممنهجة ل " تحزيم " الإعلام، وبالأدق وضع قيود على حرية الرأى تحت شعار أو ستار الظروف التى تمر بها البلاد، وإنها أشبه بظروف الحرب، وليعد الإعلام الواحد، مثل عهد عبد الناصر " فلا صوتًا يعلو على صوت المعركة "، واتخذ هؤلاء طرح الرئيس الانقلابى السيسى بضرورة التزام الإعلام، وتحبيذ إعلام عبد الناصر بابا؛ لفتح المزادات والمزايدات رغم أن الحكاية مش ناقصة. فقد أخذ بعض " الهتِّيفة " الخيط للمزايدة، وليكونوا "ملكيون أكثر من الملك "، ليس فى المطالبة بالعودة إلى نموذج إعلام عبد الناصر فحسب، بل إرهاب، وتسفيه كل من يرفض إعلام " الكورال " بالادِّعاء بضرب الأمن القومى، وأن تقييد الإعلام أمر وارد فى أعتى الديمقراطيات فى مثل هذه الظروف، وليكن التمايز فى التعددية لإعلاء الوطن، مثلما فعل عبد الناصر، وأنه إذا كان عبد الناصر محظوظا بإعلامه، فليكن للسيسى مثل هذا الحظ. هذه الكتابات المتكررة، والتى توحى بأنها " ممنهجة "، تستوجب الرد من كل من يقدر حرية الصحافة، حتى لو حاول البعض تسفيه الرأى الآخر، أو المزايدة على الوطنية. ويرجع رفض – لجنة الآداء - لهذه الدعوات بتحزيم الإعلام لأسباب منطقية، حتى مع تسليمنا بهبوط مستوى الغالبية العظمى من الفضائيات، ووجود تجاوزات عديدة لميثاق الشرف، بل ولأدبيات الشعب المصرى، ويضاف إليهم معظم صحف رجال الأعمال، وبالطبع نحن على استعداد لمحاورة أصحاب هذه الدعوات بشرط الالتزام بآداب الحوار، وبالأدق المنافقون والسفهاء يمتنعون. أول هذه الأسباب أن من يقود هذه الدعوة يتمسحون فى عبد الناصر، أو يتاجرون به، ويتخذون من وطنية عبد الناصر ستارًا على أخطاء الإعلام فى عهده، والمضحك أن معظم هؤلاء من كتاب كل نظام، من أمثال: عمرو عبد السميع، وسناء البيسى، وغيرهما إضافة لعدد كبير من الصحفيين، والذين تم تحويلهم بفعل رجال الأموال إلى مذيعين، وفى حقيقة كل هؤلاء أنهم إعلام مبارك، وارجعوا إلى برامج عبد السميع " اللميع " وقت المخلوع، بل يمكن الاطلاع على قصائده الأخيرة فى محاولة إحياء هذا النظام الذى أبادته ثورة الشعب فى يناير، إذ إن المذكور يعد أبرز من حاولوا " إعادة تدوير القمامة"، من خلال المطالبة بأحقية رموز الحزب البائد خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وكذلك ترديده بتحمل الدولة كل تكاليف الصحف الحكومية؛ لأنها دافعت وتدافع عن النظام منذ ستة عقود. أما عن رفضنا لاستنساخ إعلام عبد الناصر، فإننا نؤكد على عدم الخلط بين شخصية عبد الناصر، ورموز إعلامه. نعم كل وطنى مخلص يحترم فى عبد الناصر إخلاصه للوطن، تاريخه المحفور فى رمال فلسطين، وثقافته الواسعة ونهمه للقراءة، وعلاقته من قبل الثورة، وانفتاحه على كافة التيارات السياسية، وأنه صاحب قرارات أسطورية، وتحديات جسيمة، منها تأميم القناة، وبناء السد، وبناء مئات المصانع فى كل ربوع مصر، ودفاعه عن الفقراء بكل صدق، وكانوا شاغله الشاغل، وإشعاع اسم مصر فى أفريقيا، ومعظم أنحاء المعمورة، وحتى الإخفاقات التى حدثت، مثل تكلفة حرب اليمن، أو هزيمة 67 محل نقاش، وليست محلا للتشكيك فى وطنيته، وبالطبع مع هذا كله نرى أنه بشر يخطىء، ويصيب؛ وليس مَلِكًا معصوما من الخطأ وكل هذا شىء، والدعوة إلى "استنساخ إعلامه بالكربون"، أو " كوبى بست " شىء آخر, فمع تقديرنا لكثير من رموز إعلام عبد الناصر، وهم أساتذتنا، وتعلمنا منهم، إلا أن تفاصيلًا عديدة محل انتقادات، وفى كل الأحوال ليس مطلوبًا أن نرى "متقلبين"، مثلما حدث من أمثال أنيس منصور، وعبد العظيم رمضان، وغيرهما ممن انقلبوا على عبد الناصر، وما أكثر المتقلبين فى كل عصر. أولا : وجود نفاق وشيزوفرنيا، ونذكر فى هذا ما كتبه المرحوم جمال بدوى – رئيس تحرير الأخبار، وكان كاتبا بأخبار اليوم – بأنه لما اتسعت دائرة الخلاف بين الثورة، وصاحب جريدة " المصرى " استسلمت فيه كثرة من الكتاب؛ للتسبيح بحمد النجوم الصاعدة فى مجلس الثورة، ومنهم من كان يمجد فاروق من قبل، وقد كتب أحدهم أن أية دولة متمدينة فى أى مكان فى العالم تتمنى أن يكون على رأس حكامها شابًا جمع بين (حنكة الشيوخ، وحماسة الشباب، وسعة الاطلاع، ورجاحة العقل، وسعة الصدر، وحب الديمقراطية، وصادق الوطنية، والحنكة السياسية)، مثل الصاغ صلاح سالم، والمعروف أن من أبرز صفات صلاح سالم (الرعونة، والتهور)، وكان عبد الناصر يصف تصرفاته ب"الصبيانية". أما ما قاله صلاح سالم : اسمحوا لى أن أعلن بقوة وحزم، أن الرقابة على الصحف ستظل بتارة، تضع سيفها فوق كل رأس مخربة تريد أن تبلبل الأفكار، وأن تشيع الفرقة والانهيار فى صفوف الشعب، وأننا سنطهر كل ركن من أركان هذه الدولة .. ولن ننساكِ فى هذا المضمار يا صاحبة الجلالة. ثانيا: فى إعلام "عبد الناصر"، قام الأمن بوضع قائمة سوداء لمن يختلف معهم، وكان من بينهم من زج بأسمائهم لأسباب شخصية. ثالثا: تحول الصحافة من صحافة الشعب إلى صحافة الدولة، وكان طبيعيًّا أن تصير صحافة الحزب الحاكم، أو صحافة النظام، وليست صحافة الدولة. رابعا: هناك تعابير مطاطية يمكن التلاعب بها؛ لتكميم الصحافة، مثلما تفعل الأنظمة الديكتاتورية باعتبار انتقاد أصغر عامل نظافة، هو انتقاد لقمة السلطة وفقا لمسلسل من قام بتعيينه، وتعيين من يعلوه. خامسا: تغيير رؤساء التحرير دون علمهم، ليفاجئوا بالخبر من مطالعة الصحف مثلهم مثل القراء، مثلما حدث مع أحمد حمروش رغم أنه كان تابعا للنظام، فما الحال مع من كانوا يختلفون على النظام ؟ سادسا: إعلام عبد الناصر خضع للتأميم فى مايو 1960 بعد أن اتخذ الإثارة، فيما تنشره الصحف ذريعة للقرار، والواقع أنه أسند ملكية الصحف لتنظيم سياسى، "وهو التنظيم الوحيد للاتحاد القومى"، وليس إلى الدولة، وفى كل الأحوال الهيمنة على الإعلام، وكانت النتيجة الخضوع للرقابة، والخوف من المكاشفة حتى لو ضرب البعض عددًا من الأمثلة نعرفها، ونثق فى مصداقيتها؛ وأصبح المسئول عن مراجعة صفحات الجريدة قبل الطبع عسكرى برتبة صول، لا علاقة له بالصحافة، وبالطبع بجانب هذا الجور الإعلامى كان أيضا تعديا اقتصاديًّا بظلم أصحاب رأس المال الحقيقى لبعض هذا الدور. سابعا: نقل الصحفيين لأى صحيفة أخرى يرى النظام أنها أكثر خدمة له، مثلما تم نقل عدد كبير من الصحفيين من الأخبار إلى دار التحرير. ثامنا: نقل العديد من الصحفيين إلى شركات ليعملوا بالعلاقات العامة ، وكان أطرفها النقل إلى شركة باتا، ولو حدث مثل هذا الانقلاب على من يتحمسون للفكرة الآن، فربما نجد عمرو عبد السميع فى الصرف الصحى!. تاسعا: منع نشر مقالات تنتقد النظام بحدة، وفى أحسن الأحوال إيقاف الطبع؛ حتى يتم وضع مقال معاكس أو تعقيب بجانبه. أخيرا .. لا خلاف على وطنية عبد الناصر، ونبوغ رموز الصحافة فى عهده، ولا خلاف أيضا على من يعطى كل الحماس للرئيس الانقلابى السيسى. ولكننا نريد صحافة "لا تصفق عَمَّال على بَطَّال" بحجة الظروف التى نمر بها، ولا تنتقد؛ وإذا انتقدت تقول: "لا مؤاخذة واحِمْ احِمْ"، قبل أى كلمة نقد. نريد صحف تنتقد الحاكم، وتقول، "لا إذا أخطأ"، وتفسح المجال لمن ينتقدون أى مشروع، فليس كل من يرى أخطاءً أسود القلب، وخائن ؛ ونريد صحف تنتقد الشعب إذا أوقف عقله. إننا نريد أن تنساق الصحافة إلى إشراقة الحرية، ونعتقد أنها لن تكون إذا كان كل الكتاب يكتبون بقلم واحد وفكر واحد، ويصير أو صار عبد الحليم قنديل سمير عجب. إنه من الخطأ نقل تجربة إعلام عبد الناصر بحذافيرها، وإلا سيصير إعلام مبارك، وما فيه من كذب، وتزوير، وفساد أفضل حالا، وكأن ثورة لم تقم عليه.