قامت اليوم مظاهرتان ضخمتان إحداها أمام مسجد النور بالعباسية، والثانية في ميدان غمرة للتضامن مع غزة والتنديد بالعدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني؛ حيث تظاهر أكثر من 2000 مواطن؛ يتقدَّمهم عضوا الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين النائبان عزب مصطفى وأحمد دياب عند مسجد النور ومحطة غمرة، وسط حصار أمني مشدد، بعد منعهم من الوصول إلى ميدان رمسيس للتظاهر. وردَّد المتظاهرون هتافات منددة بالوضع في غزة ومتضامنة مع المقاومة؛ منها: "يا حماس قولي للناس.. الجهاد هو الأساس"، "يا فلسطيني يا فلسطيني.. دمك دمي ودينك ديني"، "للأمام للأمام.. يا كتائب القسام"، "قاطع قاطع دول دبحوك.. واوعى تاكل لحم أخوك"، "كله بيسأل دورنا إيه؟.. قولنا جاهد لو بجنيه"، "مطلب واحد للجماهير.. فتح المعبر طرد سفير". كما نظَّم أكثر من 7 آلاف متظاهر آخرين مسيرةً حاشدةً من ميدان غمرة إلى ميدان رمسيس، إلا أن قوات الأمن اعتدت عليهم بالهرَّاوات وأغلقت الطريق أمامهم وأغلقت جميع المحال في منطقة محطة مترو غمرة ومنعت السيارات من التوقف في المكان. وكانت قوات الأمن حاصرت منطقة وسط البلد واعتقلت العشرات من المواطنين لمنع المظاهرة التي دعت إليها جماعة الإخوان المسلمين والقوى السياسية أمام مسجد الفتح، وأغلقت محطتي مترو رمسيس وغمرة ومنعت وقوف المترو فيهما!. وقام الأمن بالاعتداء على الصحفيين ومنعهم من تغطية المظاهرة واختطف صحفيًّا بجريدة "المصري اليوم" وأحد المصورين، كما قام بقطع شارع رمسيس ومنع المتظاهرين من التوجه إلى ميدان رمسيس... واعتدي على المارة أمام مسجد النور بالعباسية ويعتقل البعض منهم لمنعهم من المشاركة في المظاهرة... وحاصر منطقة وسط البلد واعتقل العشرات من المواطنين لمنع المظاهرة، وأغلق محطات مترو رمسيس وغمرة ومنع وقوف المترو في هذه المحطات.
1203 شهيد 55 % منهم أطفال ونساء.. و5320 جريح
يأتي ذلك في الوقت الذي واصل فيه العدو الصهيوني اعتداءاته على الشعب الفلسطيني الأعزل، وفاق عدد ضحايا العدوان الصهيوني المتواصل ضد قطاع غزة، والذي دخل يومه الثاني والعشرين على التوالي، حاجز الألف ومائتي شهيد، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء وكبار السن، في حين بلغ عدد الجرحى أكثر من 5320.
وقال الدكتور معاوية حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ بوزارة الصحة، في تصريح أدلى به ل "المركز الفلسطيني للإعلام" صباح اليوم السبت (16/1) إن عدد الشهداء ارتفع إلى أكثر من 1200 شهيد، بينهم 410 أطفال و108 نساء و118 من كبار السن، موضحاً أن ذلك يعني أن ما نسبته 55 في المائة هم من الأطفال والنساء والشيوخ. وأضاف الدكتور حسنين يقول إن عدد الجرحى جراء العدوان المتواصل ارتفع ليبلغ 5320 جريح، أكثر من 400 منهم جراحهم بالغة، لافتاً النظر إلى أن هناك عدداً من الجرحى استشهدوا بسبب الحروق البالغة التي أصيبوا بها جراء الأسلحة الفتاكة والمحرمة دولياً التي تستخدمها قوات الاحتلال الصهيوني. وبشأن الاستهداف الصهيوني للمستشفيات والمنشآت الصحية في غزة منذ بدء العدوان؛ أوضح الدكتور حسنين أن الاحتلال استهدف حتى الآن سبعة عشر منشأة صحية، كما من بينها مستشفى القدس ومركز الإسعاف والطوارئ لجمعية الهلال الأحمر، حيث تم إجلاء 300 من نزلاء المستشفى إلى مستشفى الشفاء.
أسلحة فتاكة تذيب الأجساد
وضمن حملة التصعيد المستمر كشف الدكتور معاوية حسنين، مدير عام الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة الفلسطينية النقاب عن قيام جيش الاحتلال الصهيوني باستخدام أسلحة فتاكة تُستخدم لأول مرة "ولم نشهد لها مثيلاً من قبل، تتسبب في إذابة جسم الإنسان وإبقائه هيكلاً عظمياً".
وقال الدكتور حسنين ل "المركز الفلسطيني للإعلام"، إن هذا ما اكتشفناه عندما توجهنا إلى برج الكرامة، وأخرجنا من أحد الشقق ثلاثة شهداء لحومهم ذائبة، لم يبق من أجسادهم إلا العظام، وهذا يؤكد أن هذه القذيفة التي استهدفتهم فتاكة جداً جداً وما شاهدته لا يوصف ولا يمكن رؤيته"، على حد تعبيره.
وأضاف يقول: "وأيضاً في منطقة تل الهوى (تل الإسلام)، وُجد في الشقق والأبراج التي تعرضت للقصف، مادة شبيهة بالبودرة والطحين تؤثر آثار جانبية فتاكة منها الصعوبة في التنفس وعدم القدرة على التنفس والحروق بدرجات عالية تعمل على تحليل الأجسام"، مشيراً إلى أنه خلال المعاينة بالمستشفيات "هناك الكثير ممن تحللت أطرافهم العليا والسفلى وتم بترها، إضافة إلى استشهاد 7 جرحى متأثرين بالحروق البالغة التي أصيبوا بها".
صواريخ المقاومة
يأتي ذلك بينما أظهرت إحصائية أعدتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، لأعملها الجهادية يوم الجمعة (16/1)، في سلسلة ردها على الحرب المستمرة على غزة وتصديها للقوات الصهيونية الجبانة، أن مجاهديها قصفوا البلدات الصهيونية ب (25) صاروخا، أدت الى اصابة (21) مغتصب. كما أكد المراسلون اليوم السبت أن تسعة صواريخ من غزة سقطت اليوم على النقب الغربي جنوب إسرائيل دون أنباء عن وقوع إصابات، في حين اعترف جيش الاحتلال بإصابة أحد جنوده في اشتباك مع المقاومة، وكان الغزاة اعترفوا بسقوط 15 صاروخا على جنوب إسرائيل خلال الساعات الماضية نتج عنها أربع إصابات.
من جانبها أعلنت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن مقاوميها أطلقوا سبعة صواريخ على مستعمرات كفار سعد وكفار ميمون ونتيفوت في غضون ساعتين فقط من مساء أمس.
وفي وقت سابق من مساء الجمعة أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قصفها مدينة عسقلان بثلاثة صواريخ واستهداف دبابة إسرائيلية بقذيفة آر.بي.جي بالاشتراك مع كتائب القسام في محيط محطة الخزندار للوقود قرب منطقة السودانية (شمال القطاع).
كما أكدت سرايا القدس إصابة عدد من جنود الاحتلال بعد استهدافها قوة إسرائيلية خاصة بالنيران بشكل مباشر في منطقة العمور شرق خان يونس، حيث دارت اشتباكات بين الجانبين.
وأعلنت ألوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية أنها أطلقت صاروخين من طراز سجيل على تجمع أشكول الاستيطاني الواقع إلى الشرق من خان يونس.
على صعيد آخر، اعتبر بيان لحماس أن اغتيال القيادي سعيد صيام جاء لترميم معنويات الجيش الإسرائيلي التي انهارت تحت ضربات المقاومة، وكان آلاف الفلسطينيين شيعوا شهيدهم الوزير الجمعة وهم يرددون هتافات تدعو للثأر، بينما توعدت القسام إسرائيل برد قاس بعد استشهاد صيام في قصف استهدف منزل شقيقه في حي اليرموك وسط مدينة غزة.
فتاوى يهودية تبيح للجيش الإسرائيلي قتل النساء والأطفال
وعن ردود الأفعال داخل الكيان الصهيوني صدرت عدة فتاوى من مرجعيات دينية يهودية تبارك ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من أعمال قتل في غزة، وتبيح وتبرر له قتل النساء والأطفال ك"عقاب جماعي للأعداء"، ورأى أحد الحاخامات أنه لا مشكلة في القضاء على الفلسطينيين في القطاع حتى لو قتل منهم مليون أو أكثر، وذلك وفقا لما ذكر تقرير إخباري السبت 17-1-2009.
وبعث الحاخام "مردخاي إلياهو" -الذي يعتبر المرجعية الدينية الأولى للتيار الديني القومي في إسرائيل- برسالة إلى رئيس الوزراء إيهود أولمرت وكل قادة إسرائيل ضمن نشرة "عالم صغير"، وهي عبارة عن كتيب أسبوعي يتم توزيعه في المعابد اليهودية كل يوم جمعة، ذكر فيها قصة المجزرة التي تعرض لها شكيم ابن حمور والتي وردت في سفر التكوين كدليل على النصوص التوراتية التي تبيح لليهود فكرة العقاب الجماعي لأعدائهم وفقا لأخلاقيات الحرب.
وقال إلياهو الذي شغل في الماضي منصب الحاخام الشرقي الأكبر لإسرائيل "إن هذا المعيار نفسه يمكن تطبيقه على ما حدث في غزة؛ حيث يتحمل جميع سكانها المسؤولية لأنهم لم يفعلوا شيئًا من شأنه وقف إطلاق صواريخ القسام"، ودعا مردخاي رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى مواصلة شن الحملة العسكرية على غزة، معتبرا أن "المس بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي".
وقال إلياهو إنه في الوقت الذي يمكن فيه إلحاق العقاب الجماعي بسكان غزة عقابًا على أخطاء الأفراد فإنه محرم تعريض حياة اليهود في سديروت أو حياة جنود الجيش الإسرائيلي للخطر، خوفا من إصابة أو قتل غير المقاتلين الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة".
ونشرت صحيفة "هآرتس" فتوى لعدد من حاخامات اليهود في إسرائيل أفتوا فيها بأنه "يتوجب على اليهود تطبيق حكم التوراة الذي نزل في قوم عملاق على الفلسطينيين"، ونقلت الصحيفة عن الحاخام "يسرائيل روزين" -رئيس معهد تسوميت وأحد أهم مرجعيات الإفتاء اليهود- فتواه التي سبق أن أصدرها في السادس والعشرين من مارس/آذار من العام الماضي بأنه "يتوجب تطبيق حكم عملاق على كل من يحمل كراهية إسرائيل في نفسه".
وأضاف روزين بأن "حكم التوراة ينص على قتل الرجال والأطفال وحتى الرضع والنساء والعجائز، وحتى سحق البهائم"، مشيرًا إلى أن "قوم عملاق كانوا يعيشون في أرض فلسطين وكانت تحركاتهم تصل حتى حدود مصر الشمالية، لكن العماليق شنوا هجمات على مؤخرة قوافل بني إسرائيل بقيادة النبي موسى عليه السلام عندما خرجوا من مصر واتجهوا نحو فلسطين".
"لا مانع من قتل مليون" أما الحاخام الأكبر لمدينة صفد شلوموا إلياهو فقال "إذا قتلنا 100 دون أن يتوقفوا عن ذلك فلا بد أن نقتل منهم ألفًا، وإذا قتلنا منهم 1000 دون أن يتوقفوا فلنقتل منهم 10 آلاف، وعلينا أن نستمر في قتلهم حتى لو بلغ عدد قتلاهم مليون قتيل، وأن نستمر في القتل مهما استغرق ذلك من وقت"، وأضاف إلياهو قائلا "المزامير تقول: سوف أواصل مطاردة أعدائي والقبض عليهم ولن أتوقف حتى القضاء عليهم".
التصويت على وقف العدوان
وفي خطوة تعد نصرا للمقاومة وفشل الكيان في تحقيق أهدافه أكدت مصادر إعلامية قد نقلت عن مسئول إسرائيلي رفيع المستوى في حكومة إيهود أولمرت أن المجلس الأمني المصغر سيصوت في وقت لاحق السبت لصالح قرار وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة حتى دون التوصل إلى اتفاق مباشر مع حركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ يونيو/حزيران 2007. ووفقا للمسئول الإسرائيلي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، ستبقى قوات الاحتلال داخل القطاع لفترة غير محددة يفترض أن تلتزم حركة حماس والفصائل الأخرى خلالها بوقف إطلاق الصواريخ على المدن والبلدات الصهيونية. غير أن مصادر إعلامية أخرى ذكرت أن العمليات القتالية ستتوقف لكن دون انسحاب قوات الاحتلال، مع بقاء المعابر مغلقة إلى حين التوصل إلى ترتيبات دولية تمنع حركة حماس من إعادة تسليح نفسها. وقالت الإذاعة الإسرائيلية إنه إذا تم التصويت فعليا السبت على وقف إطلاق النار، فمن المتوقع أن تستضيف القاهرة الأحد اتفاقا جديدا للتهدئة يحضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي يواصل زيارته للمنطقة.
وقد حذرت حركة حماس السبت -على لسان ممثلها في لبنان أسامة حمدان- من أن وقفا لإطلاق النار من جانب واحد مع بقاء القوات الإسرائيلية في غزة يعني "استمرار المقاومة والمواجهة".