«أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    رئيس جهاز العبور يتابع سير العمل بمشروعات الطرق والمحاور    مخاوف من توقف محطة المياه عن العمل في غزة    فاينانشيال تايمز: إسرائيل مصرة على تحدي العالم بعد أسبوع من الضربات الدبلوماسية    «الداخلية»: ضبط مخدرات مع شخصين بالقاهرة بقصد الإتجار    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حالة طقس الغد    حبس سفاح التجمع لاتهامه بقتل 3 سيدات ورمي جثثهم على الطريق الصحراوي    داعية: الصلاة النارية تزيد البركة والرزق    هل من حق الشاب منع خطيبته من الذهاب للكوافير يوم الزفاف؟ أمين الفتوى يرد    وزير الري: مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط يخدم الدول الإفريقية    د. مصطفى يوسف اللداوي يكتب // إسبانيا تستل سيفاً أندلسياً صدئَ أصله في بلاده    يوم الحسم في 3 قارات.. 7 نهائيات في اليوم العالمي لكرة القدم    منافسة قوية بين الأهلي والترجي لتعزيز رقم تاريخي.. «غير اللقب»    الصحة: إصدار 290 ألف قرار علاج على نفقة الدولة بتكلفة تجاوزت مليارا و713 مليون جنيه    السيسي للمصريين: نخفف الأحمال ولا نضاعف فاتورة الكهرباء 3 مرات؟    توقيع 3 مذكرات في الري والثقافة والتجارة.. 22 مسؤولًا من أذربيجان يزورون مصر    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 32 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    تعرف على المحطة الخامسة لمعرض "رمسيس وذهب الفراعنة" في أوروبا    أحمد العوضي: أصيبت باختناق بسبب مشهد الحريق في «حق عرب»    لأول مرة.. وزير المالية: إطلاق مشروع تطوير وميكنة منظومة الضرائب العقارية    سفير اليونان من جامعة الإسكندرية: حريصون على التعاون العلمي والبحثي مع مصر- صور    المفتي: لا يجب إثارة البلبلة في أمورٍ دينيةٍ ثبتت صحتها بالقرآن والسنة والإجماع    محمد علي يوضح سنة مهجورة بعد الوتر    وفد لجنة الإدارة المحلية بالنواب يتوجه فى زيارة ميدانية لمحافظة البحر الأحمر    12 حدثًا يلخصون أنشطة التعليم العالي خلال أسبوع    وزير الدفاع الأمريكي يستأنف عمله بعد خضوعه لإجراء طبي    "المقاومة الإسلامية بالعراق" تعلن قصف "هدف حيوي" بإيلات    الأهلى ضد الترجى.. بطل تونس يعلن جاهزية بن حميدة لمواجهة الليلة    أستاذ زراعة: اهتمام غير مسبوق بالنشاط الزراعي في الجمهورية الجديدة وطفرة في الصادرات    منى زكي تدعم فيلم رفعت عيني للسما بعد فوزه بجائزة العين الذهبية في مهرجان كان    4 صور جديدة تظهر رشاقة شيماء سيف بعد خسارة 50 كيلوجراما من وزنها    وزير الخارجية يقوم بزيارة الي بيت مصر بالمدينة الجامعية في باريس    للذكور والإناث.. بدء اختبارات القبول للدفعة العاشرة من معاوني الأمن (التفاصيل والشروط)    عاجل.. صدمة مدوية للشناوي بسبب نجم الزمالك    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    إنبي يكشف حقيقة انتقال أمين أوفا للزمالك    جامعة المنيا تنظم قافلة طبية لقرية دلجا    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    كل ما تُريد معرفته عن مادة "البرازين" البديلة للسكر وأهم فوائدها    أسعار الذهب صباح اليوم السبت 25 مايو 2024    حبس سائق دهس شخصين في النزهة    صباحك أوروبي.. عهد جديد لصلاح.. صفقات "فليك" لبرشلونة.. وغموض موقف مبابي    الصين تعلن انتهاء مناوراتها العسكرية حول تايوان    إصابة 25 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ربع نقل على طريق بنى سويف الفيوم    إحالة عاطلين للجنايات في حيازة أسلحة نارية بالزاوية الحمراء    نصائح الدكتور شريف مختار للوقاية من أمراض القلب في مصر    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    Genesis Neolun| الكهربائية الفاخرة.. مفهوم يعبر عن الرفاهية    ليست الفضيحة الأولى.. «الشاباك» الإسرائيلي أخطأ مرتين في نشر صورة إعلامي مصري    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    إطلاق مئات الآلاف من البعوض المعدل وراثيا في الهواء    حظك اليوم| برج القوس 25 مايو.. تأثير في الحياة العاطفية والاجتماعية    استعلم الآن.. رابط نتيجة الصف الخامس الابتدائي 2024 الترم الثاني بالاسم والرقم القومي    "كان يرتعش قبل دخوله المسرح".. محمد الصاوي يكشف شخصية فؤاد المهندس    وزيرة الثقافة تهنئ فريق عمل رفعت عينى للسماء ببعد فوزه بالعين الذهبية فى مهرجان كان    المدارس المصرية اليابانية تعلن بدء التواصل مع أولياء الأمور لتحديد موعد المقابلات الشخصية    مواعيد مباريات اليوم السبت والقنوات الناقلة، أبرزها مواجهة الأهلي والترجي في النهائي الإفريقي    عمرو أديب عن نهائي دوري أبطال إفريقيا: عاوزين الأهلي يكمل دستة الجاتوه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألا أبلغ بني الأمريكان عنا .. كيف وجدتمونا ..؟!!
نشر في الشعب يوم 26 - 12 - 2008


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب


قال عمرو بن كلثوم في معلقته ..
ألا ابلغ بني (أميركا) عنا *****ودعميا كيف وجدتمونا ..
اجل ..وجتمونا نرجم كبيركم بالنعال ..نتأمل منكم أن تفقهوا الدرس جيدا .. ليست كل أمم الأرض سواء .. لأمة خط الحروف الأولى في قاموس مجدها الأنبياء .. بمعايير العبادة التي ترتكز على (لا اله إلا الله ) والعبادة معناها التذلل والخضوع .. فكان معنى( لا اله إلا الله ) لا ركوع ولا خضوع ولا تذلل إلا لله ..من هنا كانت لا اله إلا الله آلية المجد والثورة .. المرتبط بمشروع الحرية .. وليس هناك دين في الأرض مرتبط بمعايير الحرية والثورة على الطغيان إلا الإسلام .. إنها امة ستظل ابد الدهر امة متمردة مسكونة بالثورات وعصية على الانكسار والاستئناس والتدجين ..
إذا ما (بوش) سام الناس ****خسفا أبينا أن نقر الذل فينا
اجل .لقد أبينا من خلال ابطال المقاومة ..و قذائف الزيدي أن نقر الذل فينا . وفي النهاية كانت قذائف جزمة بني يعرب ..في وجه احد كبار الطغاة بالأرض صفعا بالنعال ..ليقول الأستاذ عبد الحليم قنديل .. ارفع حذاءك يا أخي ..!! اجل نعم وهكذا ومدوية وفوق رؤوس الأشهاد ...بالفعل ..كانت أيام لنا غر طوال ..لأمة ما عرفت .. الذل والهوان .. وتعرف كيف ترد الصاع بالصاع .. واللطمة بالحذاء..
.إليكم بني (بوش) إليكم ****..ألما تعرفوا منا اليقينا .
فإن قناتنا يا( بوش) أعيت على الأعداء قبلك أن تلينا ..
لأمة فقهت من خلال (لا اله إلا الله) .. كيف تؤمن بالله .. وتكره الطغاة .. بل وتدوس على الطغاة ...
*******

مهام الأنبياء والأحرار ..

كما قالوا كيف يطيب لنا الغناء وروما تحترق .. لا شك أن كل من يراقب المشهد السياسي العربي سيعاني من الاكتئاب الحاد والمزمن .. ويوما ما قالها أبو الطيب ..
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا ****وحسب المنايا ان يكن أمانيا
أحيانا يخيّل إلي أن تحت التراب مريح .. وان بطن الأرض أفضل بكثير من ظهرها في بعض الأحيان ..ولهذا قال الحسين .. إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا شقاء وبرما ..
وخاصة في منعطف تاريخي نرى فيه بغداد عاصمة الخلافة رهن الاحتلال والقدس الحزينة تعاني الضياع وغزة تعاني الحصار.. في بعض الأحيان .. تكون العاطفة جياشة .. والغضب ثائر .. وفي هذه الحالة لابد ان يكون لك أصدقاء خواص تبث إليهم الشكوى عبر رسالة اليكترونية أو مكالمة هاتفية أو صديق مخلص . ويكون .من اخص الخواص ..ليفصحوا لك عن مرئياتهم ويصدقوك النصح .. تبث اليه أحزانك وغدرات الزمان او ما تعاني منه الأمة .. ويجب ان تكون نوعية اولئك الخواص ممن يضعون المعضلة على ميزان العقل أكثر من العاطفة .لأنه باستثناء واستبعاد عاطفتك الجياشة من قبلهم.. يكون ثمة توازن أو تكملة من الصديق لك.. وبالتالي لن يصلح لحالتك أن يكون الصديق عاطفي الآراء والتصورات مثلك.. فبهذا لن يكون ثمة اعتدال في الميزان وربما سيزيد من الطين بلة..
في مكالمة هاتفية عابرة ..مع صديقي
كيف الحال ..
الحمد لله ..
ماهي أخبار الدنيا معك..
فكانت إجابتي: كم تحت التراب مريح ..!!
لا ليس كذلك.. انتهي من مهامك في الحياة الدنيا على خير وجه.. وحال انتهيت من مهامك تجاه الله تعالى والعباد والأمة سيكون حتما مريح وإلا كان تحت التراب بهدلة.. كذا أجابني صديقي..
ربما كانت كلمات الأرجنتيني انطونيو بورخيه انه ربما تتبدى مأساة الإنسان بعد أن يلقى المأساة عن كاهلة..
ولا اعرف هل يقصد بورخيه انه عندما يكون الإنسان في معترك المأساة لايرى زواياها بشكل جيد.. او لا يدرك حجم المأساة الا بعد أن ينتهي منها.. كحال المسلمين في الجنة (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر : 34 ) وكأنها زفرة الارتياح.. او كما قال العرب عند الصباح يحمد القوم السرى..
لهذا قالوا ان مأساة اللاعب في ارض الملعب انه لا يرى جوانب المعضلة من كل الزوايا كمن يكشف كل الابعاد من الخارج فبالتالي يحتاج الى دفعة ممن يجلسون على كرسي الحكام.. كي يسير على بصيرة او بينة..
لهذا معظم العباد والصالحين والعارفين.. يكونون على بصيرة.. او كما قال يوسف عليه السلام.
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف : 108 )
لهذا كان يدرك الحسين انه مقتول لا محالة وكانه يحث الخطى الى مصيرة .. فعندما سألوه لماذا تأخذ معك النساء والصبيان.. قال شاء الله ان يراني قتيلا ويراهن سبايا..
وهو القائل بعد ان اخذته اغفاءة نوم.. في مسجد رسول الله.. ان قال له الرسول هلم الينا.. وهو القائل لقد رأيت خلف هذا ما تاقت له نفسي..
قالوا في الحياة كما خلق الله اثقالا فخلق لها اكتافا..
وهذا دوما مع العظماء.. ففي عالم الثوار غير الحقيقيين كما قال كابيلا.. ذرهم صامدون ودعنا نراقب من بعيد.. الا ان ال البيت كأبناء الأنبياء واهل الانبياء كانوا وقود المعركة منذ ان بدأت الرسالة..
ولا شك ان هناك من يستعذبون الألم.. كان اغرب منها أنني دخلت في غيبوبة سكر الأسبوع الماضي. وفي غرفة الطواريء بالمستشفى جاء شخص تعرض لكسور جراء حادث تصادم.. فقال له الطبيب هل أعطيك مسكنات للالم .. فقال لا إنني أحب الشعور بالألم.. ولا داعي للمسكنات.. ولا شك ان هناك نوعية أخرى كما قال الكواكبي ان هناك طائفة من البشر يستعذبون الآلام في طريق المجد.. أو كما قال ما أحلى الشقاء في تنغيص الظالمين..
هل مهمة الكتابة البحث عن مسكنات للقراء أم أن يضعهم أمام البلوى او المصيبة برمتها كي يعايشوا الألم.. وانه بعد الشعور بالمعاناة ورؤية سقوط البطل يحدث ما اسماه.. أرسطو في عالم التراجيدي catharsis .
قال جون بول سارتر: (لقد قمت بتعلم بطيء للواقع، رأيت أطفالا يموتون من الجوع، أمام طفل يموت ما قيمة رواية "الغثيان" وواصل: "ماذا يعني الأدب في عالم جوعان؟ على الكاتب ان يصطف بجانب اكبر عدد، بجانب ملياري جائع اذا اراد ان يخاطب الجميع، ويقرأ من طرف الجميع .."
المهام وانجازها على النحو الوافي في الحياة كما قال صديقي أرى انها في النهاية تكون محل تقدير ورضى للذات..
كما قال جيفارا.. لن نحقق شيء مالم نكن مستعدون للتضحية في سبيله. .وان عدم القيام بالمهام في الحياة على أكمل وجه.. سيكون نوعا من التقصير.. وعليه سيكون تأنيب متواصل الضمير. وتعالج التقصير كنوع من المنغصات.. كأن تتأخر في أداء فرض للصلاة.. سيكون ثمة تنغيص على الذات حتى تؤدي الفرض.. تحس بعدها بالارتياح وانك قد أسقطت من على كتفيك حملا ثقيلا وهو حمل التقصير.... او يكون ثمة تقصير في الترجمة أو مقال اثر خطأ مطبعي.. سيكون الخطأ المطبعي بمثابة منغص كلما قرأت المقال.. وقد يمكن تلافيها أن اتصل مثلا على رئيس التحرير بتعديل الكلمة إذا كان على موقع اليكتروني غير مطبوعة ورقيا... او ربما تكون زوايا لم تتناولها لاستيفاء فكرة فخرج المقال مهلهلا ولم تبلور فكرته.. او بشكل لا يتلقيها القارئ على نحو جيد.. بعدها تعقد النية على ان ترضي نفسك بأنك ستعالجها في مجال لاحق إذا كان في العمر متسع..
ولا شك أن الإنسان في بعض الأحيان مجبول على تحمل الأعباء.. لي ابن صغير كثيرا ما يلح عليّ أن اشتري له حوض من السمك الملون.. واعرف من حالات سابقة انه يستشعر السعادة أن يرى نفسه مسئولا عن أبناء له وان كانوا من السمك.. كمثل أن ترى امرأة عقيم نفسها في تبني ابن يتيم.. يعيش في أكناف منزلها.. وفي بلاد الفرنجة يمارسون هذا الشعور بتربية القطط والكلاب في منازلهم.. ولا اعرف هل هو أرضاء لغريزة الأمومة أم السعادة جراء حمل الأعباء..
هاهو ابني الصغير.. وبعد الفجر وفي الصباح الباكر.. وقبل ذهابه إلى المدرسة وفي برد الصباح أراه منهمكا في غسل حوض السمك الملون وتعبئته ماء نظيفا لراحة السمك..
وفي الليل أراه يجلب الأكل الخاص بالسمك..
ولا مانع من أن اسمع حواره مع السمك الملون..
ثم يقول : يبدو أن سمكة ماتت.. ويستطرد: استيقظي يا بنت الكلب..
فأقول له بلا شتائم.. ويبدو من تجارب سلفت مع السمك انه يطير لبه ويصبح فؤاده فارغا إذا سمكة ماتت..
سألته أماتت السمكة؟ قال لا.. كانت نائمة وأيقظتها كي تأكل.. من ثم راقب السمك بسعادة ثم مر على الكومبيوتر ليلهو ويلعب وليودع جورج بوش بالنعال.. على موقع لعبة socksandawe ليصفع بوش ويسدد الضربات بالجزمة.. قبل أن ينام..
المهام.. أمر غريب في حياة البشر ..التي لا تخلو من التضحية كأن ترى أب مسن ..يعاني آلام العمل ليحصل على قوت أبناءه .. او ترى أما مريضة تتحامل على نفسها كي تطبخ لأبنائها الصغار .. وحينما يعود أبناءها من المدرسة ويتناولون الطعام تحس بالرضى كونها أنجزت مهامها .. وكأن ترى أما حاملا تعاني الليالي من الألم الأسنان ..بالرغم ما أسهل أن تأخذ لدى عيادة الأسنان قليل من البنج لخلع الضرس وتنتهي من عناء الألم المستمر .. ولكنها ترفض.. وتتحمل كل هذه المعاناة خشية أن يؤثر البنج على الجنين فيخرج الطفل معوقا او مشوها .. وبعد أن يولد الطفل سليما معافا.. تحمد الله وتنسى الألم ..
قال انطونيو بورخية ..للحقيقة أصدقاء قليلون آمنوا بها، وأولئك القليلون هم من ماتوا استشهادا..
وهذا على صلة بانجاز المهام ربما قالها الشيخ .. عبد الله عزام في قضايا جهاد الاستعمار : إن لم تقم بالعبء أنت فمن سيقوم به إذن ؟ ولا شك .. حينما تعالج الموقف ذهنيا إزاء الحسين مثلا .. كالبطل الأول على قائمة الاستشهاد .. ترى انه لاقي من الصعاب ما تنوء عن حمله الجبال . وهو أنه رأى مصرع معظم أبناءه وابناء أقاربه بين يديه وأمام عينيه ..العرف في حياة البشر .قد تكون قادم على الشهادة إلا أن النظر في عيني ابنك الدامعة قد تغير آراءك بزاوية 180 درجة .. ترى ما الذي يمنع العبقري من هيامه بأصول الأشياء وان يرتقي بنفسه إلى قمة نفسه.. ولا تمنعه العقبات أن يحث المسير إلى نهايته ..
لذلك قال هوراس :روعة العقل ان لا ينحني أمام الأزمات ..
انها خطوات نسير فيها على خطى ابراهيم عليه السلام وهو اول القائمة من ثوار الله في الأرض من الأنبياء .. وإبراهيم يحث الخطى نحو ذبح الابن .. ويدوس على القلب ومشاعر الأبوة .. بينما ترتج ملائكة السماء في حيرة .. وينزل الفرج من السماء .. انه ابراهيم عليه السلام .. الإنسان العملاق بمقاييس النبوة .. والعظماء .. وهو أن يترك هاجر وإسماعيل في واد غير ذي زرع بدون ببرونه ولا حفاضة ولا سيريلاك ولا أي مستلزمات الطفولة في هذا السن .. ولكنها الثقة بالله .. أن الله لا يضّيع .. انه طريق المجد .. تسير عليه الأمة الإسلامية في موسم الحج . وتستشعر المجد في زوايا مكة ومنى والجمرات ...
وفيما دون الأنبياء ..اعتقد أن المزاج العام للثوار متقارب . كانت يقول ما وتسي تونج لأحمد الشقيري .. عجبا وعندك الحسين بن علي .. عندما سأله الأخير علمني الثورة ...فمنتظر الزيدي ..خلع النعل وألقاه في وجه الصنم هل كان هذا هياما من العبقري بأصول الأشياء .. فارتقى بنفسه الى قمة نفسه .. على كل عادة ما نجعل الحسين كرمز يقاس عليه في هذا الميدان من عالم الثوار كثورة خرجت من تحت عباءة رسول الله ..وأننا في أحوالنا من الضعف والقوة او الرضا والغضب .. كلما نتذكره لا نملك الدموع ونحس بشعور غامر .. هل لأنه شهيد العبرة .. لان ما ذكره مؤمن ولا مؤمنة إلا بكى ..هل لأننا نسير على نفس الدرب في أن نحمل الطبيعة الجياشة الثائرة ونشترك معه في كراهية الطغيان.. او كونه يمثل القدوة والرمز.. في عالم التضحية. عموما تبدى لي من موقف منتظر الزيدي أن الأمة ما زالت تعيش الحس الثوري للأحرار.. وانها لم تمت. وان ضرب بوش بالحذاء كانت هزة لا يستهان بها على جهازها العصبي...
فجيفارا مثلا ترك الوظيفة في كوبا وذهب ليقاتل في بوليفيا.. إلى أن مات في ساحات الوغى.. وهو القائل لعدوه حال تعطل سلاحه . أطلق الرصاص أيها الجبان.. فانك ان قتلت فإنما تقتل رجلا.. ومفهوم الرجولة في أمريكا الجنوبية متقارب مع مفهوم الرجولة عندنا.. ولذلك أشاد هوجو تشافيز بإلقاء الحذاء في وجه بوش.. هل كان هذا تقاربا في المزاج الثوري ..
..ما الذي يمنع العبقري من هيامه بأصول الأشياء .. ما الذي يجبر جيفارا على أن يقوم بعملية في تغيير لملامح وجهه كي يذهب ليقاتل في إفريقيا .. وتلك صفحة مجهولة في حياة جيفارا ..هل هذا لا يعدو إلا أن يكون المزاج العام للثوار .. أو انه مجبول على الثورة ولا يرى حياته إلا في هذا النسق ..لا غير.. ما الذي جعل سيد قطب ..ألا يتراجع وأخته حميدة قطب تذهب إليه قبل الإعدام .. ربما يتراجع ..فيقول لها لو كنت اعمل لغير الله لاعتذرت .. وواجه الموت ..
ما الذي يجعل مصعب بن عمير وهو الشاب المرفه.. وهو يذهب إلى المدينة وينجح في مهامه الدبلوماسية وترطيب الأجواء.. لاستقبال نور محمد النور الوضاء والسراج المنير .. (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (الأحزاب : 45 ) (وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً) (الأحزاب : 46 ). يقوم مصعب بن عمير بمهام في جو مجهول التضاريس وبالغ التعقيد اجتماعيا تاركا لحياة الرفاهية .. وينتهي بأن يقاتل في الميدان لينتهي إلى شعث في بردة في موقف مثير للبكاء ... ما الذي يجعل الحسين أن يقطع أشجار الشوك في كربلاء كي لا تؤذي أقدام الصغار من ال البيت في ليلة العاشر من محرم ..بالرغم من انه رأي في تلك الليلة دموع أخته زينب ودموع سكينة ابنته ..أليس كان النظر في أعين ابنه زين العادين الدامعة وهو الصبي الصغير والمريض حينئذ.. محفزا على الرجوع .. لله دره من ثائر.. اجل ما هذا العملاق ..؟لا يمكن فلقد كان آل البيت على منصة الأستاذية والبشرية كلها في السفح كما قال خالد محمد خالد .
عجز كل ذلك عن ان يرده ويثنيه عن وجهته . أو المضي إلى النهاية .. حيث الموت المؤكد .. حيث أن المواجهة من عالم النظريات .. نهايتها ماديا محسومة لصالح يزيد ..
ما الذي اجبر الجمسي على ألا ينام إلا وخطة عمليات أكتوبر تحت وسادته ويحيطها بكامل السرية ....ما الذي استحثه أن ينتحي جانبا في مفاوضات الكيلو 101 أن يجهش بالبكاء وهو يرى نصره يفقدوه ثماره ... وهو الرجل الذي كانوا يخافون النظر في عينيه .. قائلين انه الرجل المخيف .. ومن أين أتت هذه الكاريزما المفقودة لدى قادة الجند الان.. الذين كسروا سيوفهم وقالوا وداعا للكفاح والجهاد ..
ربما كانت أصول الأشياء أن الله تعالى قال في محكم كتابه : (من المؤمنين رجال) ولم يقل من المؤمنين خونة وعملاء ..
واذا تركنا طائفة الثوار وصعدنا الى القمة والصفوة من البشر حيث أنبياء الله تعالى ..
ما الذي يجعل إبراهيم عليه السلام أن يصمد في ميدان الإيمان وان كان الأمر إلقاء في النار .. ما الذي يجبر إبراهيم عليه السلام أن يتحمل ضغوط الواقع الاجتماعي بعد كسر الصنم .. وهي معضلة ليست بسيطة في واقع يمجد الصنم .ويقرب له القرابين من البشر وغير البشر ... ما الذي يجعل يحي عليه السلام أن يواجه جبروت الطغيان .. وان كان المصير هو الذبح ...ويتحمل كافة الضغوط ...
ما الذي يجعل محمد عليه السلام .أن يتحمل حجارة الطائف . التي أدمت قدميه ..ناهيك عن الظرف النفسي المؤلم ..الذي لا يتحمله بشر . وبعد الدعاء الشهير .. وكان مختصره ..( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي )
ان هيامه بأصول الأشياء ألا يكون عليه غضب .. وهنا انتهت مشاكله أن ينزل ملك الجبال كي يطبق عليهم الاخشبين .. فيقول لا عسى ان يخرج من أصلابهم من يقول لا اله إلا الله.. يالروعة الانبياء ان معادن الانبياء تتبدى روعتها في المصائب والابتلاء . قالوا إن الدنيا مظاهر والمظاهر الخادعة لا تدوم.. إلا أن معادن الأنبياء . كان لها بريق الذهب وصفاء الألماس .. فالمصطفى بعد هزيمة احد ومقتل عمه حمزة بن عبد المطلب .. لا يرده عن أصول الأشياء .. ويقول اصطفوا ورائي كي اثني على ربي .. انه يثنى على ربه في خضم المعمعة وكامل المأساة ..
ما الذي يجعل موسى عليه السلام ان يواجه طغيان فرعون وهو مجرد من كل عوامل القوة .. وهو الذي خرج
واكل بقلة الأرض حتى ظهرت الاخضرارعلى بشرته لدرجة انه قال إني لما أنزلت إلي من خير فقير ..
انه كان يطلب مجرد رغيف خبز .. ليسد رمقه ..
ما الذي يجعل حمزة بن عبد المطلب وهو من بيت مجد أن يترك عقاراته وأمواله في مكة ويكون مجرد وافدا على الأنصار .. ولا يجد ما يأكله ..
اجل انه الهيام بأصول الأشياء .. (الحق ).. وان الله (حق ).. وان محمد (حق) .. وان ما انزل على محمد هو الحق .. لهذا اختصرها الله تعالى للمصطفى الكريم ..( قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (الأنعام : 91 ) قل (الله ) هذا هو الاختصار بل كانت الأمة مأمورة ان تكون علاقتها بالله في أدق الأمور ..
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم، ياعبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، ياعبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلِ والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إِنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجرِ قلب واحد منكم ما نقص من ملكي شيئا، ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد ، فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عِبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) رواه مسلم .
هل كان الهيام بأصول الأشياء التي تتلخص في حب الله والتضحية في سبيله مهما كانت باهظة التكاليف .. وهو القائل صلوات الله وسلامه عليه .. الشوق إلى الموت في سبيل الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( والذي نفسي بيده لودت أن أقتل في سبيل الله ثم أُحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ، ثم أحيا ثم أقتل ولمسلم لودت أني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأُقتل ثم أغزو فأقتل) رواه البخاري
هل تلك كانت مهام الأنبياء وإتباعهم ومن مضوا على دربهم .. التي أنجزوها على أكمل وجه .. فقال تعالى عن إبراهيم .. فأتمهن فكان إماما ..
بعد أن اجتاز اختبارات الإيمان بروعة النبوة وفروسية الأنبياء ..
اعتقد ان أصول الأشياء ..تتلخص قي الاية الكريمة .. (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ) (البقرة : 165 )
اجل كانو اشد حبا لله .. وهذا هو بيت القصيد في التضحية ..
كانت مهام الأنبياء هو رفع جباه البشرية من الانكسار لغير الله .. وعلى نفس الدرب كان المؤمنون الأحرار ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.