واصلت أعداد ضحايا كارثة الانهيار الصخري بمنطقة "الدويقة" في التزايد، ووفق آخر إحصائية نشرتها الأجهزة الحكومية فقد وصل عدد الضحايا إلى 51 قتيلا بانتشال رجال الإنقاذ أمس حوالي 15 جثة جديدة من تحت الأنقاض بعضها مشوه تمامًا، غير أن الأهالي يؤكدون أن الحكومة تتكتم حتى الآن على العدد الحقيقي للقتلى. مظاهرات أمام الحي من ناحية أخرى، نظم عدد كبير من أهالي الدويقة ومنشية ناصر مظاهرات كبرى أمام مبنى مجلس مدينة منشية ناصر، وذلك بعد امتناع المسئولين عن مقابلتهم والإجابة عن أسئلتهم بشأن تخصيص شقق جديدة لهم كما أمر بذلك الرئيس مبارك، وقد أدى رفض المسئولين مقابلة الأهالي إلى قيام الناس بمحاولة اقتحام مبنى الحي بالقوة، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن التي كانت متواجدة بالمكان، وقد تعهد المواطنون بالاعتصام في أماكنهم أمام الحي حتى يتم تسليمهم عقود الشقق الجديدة. وفي تصرف استفزازي، وكأن الحكومة لم تكتف بالكارثة المروعة التي زلزلت كيان أهالي "الدويقة"، قام الحي أمس بقطه المياه عن المنطقة المنكوبة مما أدى إلى تزاحم الأهالي لشراء "جراكن" مياه لأغراض الشرب وإعداد الطعام. اجتماع عاجل للبرلمان ومن ناحيته، قام مجلس الشعب ممثلا في رئيسه الدكتور أحمد فتحي سرور بالدعوة إلى جلسة عاجلة للجان الإدارة المحلية والإسكان لمناقشة أسباب الكارثة والحلول المناسبة لها، ووجه استدعاءات إلى وزيري الإسكان والتنمية المحلية ومحافظ القاهرة لحضور الاجتماع العاجل. وطالب عدد من نواب المعارضة والمستقلين بالمجلس بإقالة الحكومة ومحاكمة المسؤولين عن الكارثة، وأكدوا في بيانات عاجلة وجهوها إلي الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الإسكان والتنمية المحلية والصحة والداخلية، ضرورة إنشاء جهاز قومي لمواجهة الكوارث وإدارة الأزمات، بعد أن عجزت الحكومة عن مواجهتها خلال الفترة الأخيرة. فضائح الحكومة تتوالى في الإعلام الدولي ولا تزال فضائح الحكومة المصرية في تعاملها مع الكارثة تتوالى في الصحف ووكالات الأنباء العالمية، فقد أفردت صحيفة "نيويورك تايمز" واسعة الإنتشار في أمريكا والعالم مكانًا بارزًا في الموقع الإلكتروني الخاص بها، نشرت فيه تقريرًا لمراسلها في القاهرة، يؤكد فيه أن رجال الأمن وبعض رجال الدفاع المدني قد اكتفوا بالجلوس في "الظل" وانشغلوا بمنع التجمهر في المكان، بينما تركوا الأهالي يحاولون إنقاذ ذويهم بأنفسهم. وقال التقرير إن ضعف الحكومة المصرية في التعامل مع الكوارث والأزمات في الوقت المناسب، أصبح قاعدة يتمتع بها النظام المصري، ففي الشهر الماضي عندما احترق مجلس الشوري، ظهر بوضوح مدي قصور الدولة للدرجة التي أصبح هذا المجلس المحروق شاهداً علي عجزها، فضلاً عن أنه في عام 2005 احترق ما يزيد علي 35 مواطناً، معظمهم من الطلاب في مبني قصر الثقافة في بني سويف، كان هم الدولة الأول أن تمنع حشود الناس من التجمهر أو الشغب. وتكرر الأمر نفسه عام 2006 عندما غرق ما يزيد علي ألف مصري في حادثة العبارة "السلام 98"، إذ كان هدف الشرطة في المكان هو الحفاظ علي هدوء الحشود والأهالي فقط لا غير، وهو ما تكرر في منطقة منشأة ناصر المنكوبة. وأضاف التقرير - الذي أعده الصحفي الأمريكي مايكل سلاكمان، بعد ست ساعات من الانهيار الساحق للمنطقة، توافد رجال الدفاع المدني ورجال القوات المسلحة في محاولة منهم للمساعدة في حل الكارثة، إلا أنهم بعد ساعة من العمل أعلنوا أنهم في حاجة إلي معدات ثقيلة حتي يستمروا في الحفر تحت الأنقاض، ولكن السكان الذين ضاعت منهم بيوتهم وفقدوا ذويهم في لمح البصر، لم يكن لديهم أدني استعداد لانتظار تلك المعدات. ونقل معد التقرير تصريحات علي لسان شهود عيان، قالوا فيها إن الشرطة "لم تفعل شيئاً لتساعد الناس، الذين كانوا يحملون الصخور بأنفسهم لإخراج ذويهم، وإنما ظل رجالها واقفين في "الظل"، بدعوي أن مهمتهم هي حفظ الأمن في المنطقة وتهدئة الحشود التي تحركها العاطفة من جراء الحادث. وأشار التقرير إلي مدي صعوبة تحديد أعداد الضحايا نظراً لأعداد البيوت العشوائية التي تكاد تغطي المنطقة والتي سوتها الصخور الجبلية بالتراب، فضلاً عن تباطؤ الحكومة المصرية ورجال الإنقاذ في تقديم المساعدة أو تحديد أعداد المصابين والقتلي مما زاد من حجم الكارثة. وعرض تقرير سلاكمان عدداً من الشهادات الحية للمواطنين عن ملابسات الحادث وتأثيره علي أهالي المنطقة، أكدوا فيها أنهم تقدموا بشكاوي للحكومة والمحافظة والحي لتجد حلاً لمشاكل تلك المنطقة العشوائية التي يحيون فيها، ولكن "لا مجيب".