انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قنوات الفلول تحرق الوطن.. وتنادى بالعفو عن المخلوع
نشر في الشعب يوم 04 - 03 - 2014

القنوات الخاصة لا تزال أبواقًا للنظام البائد وتهيئ الرأى العام على المدى الطويل للصفح عن المخلوع وعصابته
قالوا عن حكم مرسى إنه فاشل وفاشى وغير قادر على تحمل المسئولية ليزيدوا الناس احتقانًا
لا يريدون الاستقرار لمصر بل استمرار هوجة الفوضى والتخريب ما دام أسيادهم ومن يمولونهم بعيدين عن دائرة الحكم والمسئولية
القنوات ترقص على جثة الوطن للحفاظ على كعكة الإعلانات التى غيرت مسمى المنافسة عليها إلى صراع غير شريف
«خيرى رمضان» اعتاد صنع تمثيليات تحقق له أغراضه الشخصية.. وكانت تمثيلية غضبه من رفض المسئولين استضافة «حمدين صباحى» مكشوفة عندما أعلن انسحابه من القناة وعودته مرة أخرى فى صورة هزلية
مراسلو «cbc» كانوا يتورطون على الهواء أثناء تغطيتهم الإخبارية خلال الحملات الانتخابية سواء لمجلسى الشعب والشورى أو الرئاسة لمحاربة التيارات الإسلامية
لميس الحديدى المشارِكة فى حملة التوريث عندما أخطأ مراسلها وقال إن الدولة فرضت 16 مليار جنيه ضرائب على الشاطر قالت: «أدى اللى بييجى لنا من الإخوان» وعندما قاطعها المراسل بأن المقصود ساويرس بهتت ولم تجد من الكلام ما تقوله لتصحيح موقفها
«دينا عبد الفتاح» راحت تنفخ فى النار عندما استضافت ببرنامجها مجموعة ال«بلاك بلوك» للترويج لها رغم أنها جماعة إرهابية
رولا خرسا تشعل الحرائق باتهام الإخوان بتزوير 14 مليون صوت انتخابى أضيفوا إلى القاعدة الانتخابية.. فأين الدلالات التى حصلت عليها لتأكيد صحة التزوير؟!
نصبت نفسها قاضيًا وجلادًا عندما قالت إن المحكمة لا تزال تنظر هذه القضية للتثبت من صحة هذه المعلومات.. فمن أين تثبتت من عملية التزوير والمحكمة نفسها لم تحكم فى القضية بعد؟!
محمد نوح اتهم البدوى بأنه يلعب دورًا وطنيًّا مزيفًا بدليل تمسحه فى النظام السابق من أجل تحقيق مصالحه وتكوين ثروته التى جمعها من تجارة (الفياجرا) و(الترامادول)
هل يتم اختزال مصر فى (15) مذيعًا و(35) ضيفًا مقررين علينا ليكونوا أوصياء على الشارع المصرى يبثون فيه سمومهم فيتلاعبون بعقول الناس ومقدراتهم؟!
«عمرو أديب» الذى لم تكفه سخونة الجلوس تحت أقدام هيفاء وهبى أو البكاء على رحيل مبارك.. هو نفسه الذى بكى بحرقة دفاعًا عن الثورة والهجوم على مبارك بعد سقوط النظام
(عمرو) يشعل النيران بين الشقيقتين مصر والجزائر عملاً بنظرية «اخربها واقعد على تلها»
ما كل هذه «الهرتلة» التى تحدث فى الإعلام المصرى بمختلف قنواته الخاصة والرسمية؟!
ما قدر الفوضى والمتاجرة والمزايدة التى تحدث باسم مصر؟! ومصر بريئة من كل ما يحدث.
لم أعد أصدق أيا من الإعلاميين الآن، باستثناء (شريف عامر)، رغم أنه أحيانا يحيد عن مساره الطبيعى فيما يتعلق بالشفافية والمصداقية، لكنه سرعان ما يعود إلى قواعده سالما؛ لأنه -من بين كل هؤلاء- الأكثر مهنية.
أرى أن معظم القنوات الخاصة وإعلامييها لا يزالون أبواقا للنظام البائد؛ فهى التى جاءت من أجل تهيئة الرأى العام على المدى الطويل للصفح عن (مبارك). وكنت قد حذرت من هذا كله على صفحات مجلة (روزاليوسف) فى نوفمبر 2011، عندما شممت هذه الرائحة من معظم القنوات، وتحديدا «cbc» التى كانت حديثة العهد وقتها، بتزعمها تلك القنوات باعتبار أن صاحبها (محمد الأمين) من الفلول، وهو المكلف بهذه المهمة، وحتى يردد الناس مقولة: «ولا يوم من أيامك يا مبارك». هذا هو هدفهم الأسمى: الدفاع عن هذا النظام «اللى لحم أكتافهم من خيره» وهو ما نجحوا فيه بالفعل بعد أن زادوا الناس احتقانا، وأظهروا نظام مرسى كأنه فاشل وفاشى وغير قادر على تحمل المسئولية، لكن فى حقيقة الأمر هم الذين يهيجون الناس حتى لا تستقر الأوضاع ونترحم على أيام (مبارك).
وهذا الفصل منقول عن كتاب الزميل حسام عبد الهادي والذي صدر خلال عهد الرئيس محمد مرسي ويحمل عنوان" الإعلام الأسود... فضائيات حرق الوطن"ويحمل بين طياته الكثير من الكوارث والسموم التي تبثها القنوات الخاصة لحرق الوطن مادامت الغاية هي الحفاظ على مطامع ومكاسب أصحابها.
الغريب أن هذه القنوات التى خرجت تنادى بدولة مدنية وسقوط حكم العسكر، وتدافع عن وجهات النظر التى تدعو لهذا عادة؛ تنادى هى نفسها بضرورة عودة حكم العسكر بنبرات التحريض المتعالية ضد نظام الإخوان المسلمين، وضرورة حدوث انقلاب عسكرى (يعد انقلابا على الشرعية) لتخليص البلاد من الحكم الإسلامى.
هذه القنوات تسير بنظرية (أفتح الشباك ولا أقفل الشباك؟)؛ لأنهم ببساطة لا يريدون الاستقرار لمصر، بل يريدون لها الاستمرار فى هوجة الفوضى والتخريب ما دام أسيادهم وأسياد أسيادهم، الذين يمولونهم عن بُعد، بعيدين عن دائرة الحكم والمسئولية. هؤلاء يتمتعون بعقول شيطانية هى عقلية رموز نظامهم السابق الفاسد نفسها. هذه القنوات وهؤلاء الإعلاميون وأصحاب قنواتهم يسيرون بخطة ممنهجة للحفاظ على العقول المدبرة من الكبار، ولو تمت التضحية بالصغار.
يتضح ذلك من شكل التغطية الإخبارية للأحداث المتلاحقة التى ظهرت نبرتها التحريضية منذ أحداث شارع (محمد محمود) ومحيط (مجلس الوزراء). هذه الأحداث الملتهبة، تضمن زيادة استمرار اشتعالها لتلك القنوات التى تسير على جثة الوطن، الاستمرار والحفاظ على كعكة الإعلانات التى غيرت مسمى المنافسة عليها إلى صراع غير شريف.
لا أنسى النبرة التحريضية التى كان ينطق بها لسان (خيرى رمضان) أحد أدوات قناة «cbc»، فى مواجهته على الشاشة مع ضابط شرطة كان يقود حملة سيارات متجهة إلى (وسط البلد) عن طريق شارع (قصر العينى) مرورا من أمام (مجلس الوزراء)؛ وذلك عقب أحداث شارع (محمد محمود)؛ عندما سأله عن أسباب وفاة الشاب (سيد سرور)، فأخلى الضابط مسئوليته عن مصرع (سرور) تحت عجلات إحدى سيارات الحملة التى دهسته بالخطأ أثناء رجوع السائق إلى الخلف لتغيير مساره، بعد أن اعترض المتظاهرون طريقه ورفضوا مروره إلى وسط البلد وهددوه بعد أن تزاحموا حول السيارة ورشقوها بالحجارة. وأمام محاولة الهروب هذه التى نفذتها جميع سيارات الحملة سقط (سرور)، تحت عجلات إحداها. إلى هنا انتهى كلام الضابط، ولكن لم ينته تحريض (خيرى) الذى أراد أن يشعلها نارا فقال له: «عموما شكرا، وإحنا بقى فى انتظار تقرير الطب الشرعى اللى هيقول إن (سرور) مات بالخرطوش وليس تحت عجلات السيارة كما تدّعى»!!. إذن النية التحريضية ضد الشرطة مبيتة من البداية؛ لإضعاف آلة الأمن الداخلى التى يمثلها جهاز الشرطة ووزارة الداخلية؛ لإحداث هذا الانفلات الأمنى الذى وصلنا إليه لصالح رموز النظام القديم وعبدة المال.
فإذا تهاونت الشرطة مع مثيرى الشغب يقال إنها قصّرت ولم تقم بدورها على أكمل وجه؛ ما أدى إلى الانفلات الأمنى، ولو أحكمت سيطرتها ومارست العنف تُهاجَم هجوما شرسا، وكأن المطلوب منها الاتجاه حسب رغبات المحرضين بمبدأ «نفتح الشباك ولا نقفل الشباك؟».
«خيرى رمضان» الذى اعتاد صنع تمثيليات تحقق له أغراضه الشخصية، كانت تمثيلية غضبه من رفض المسئولين استضافة «حمدين صباحى» فى قناته للتعليق على الإعلان الدستورى، مكشوفة جدا، خاصة عندما أعلن انسحابه من القناة وعودته مرة أخرى فى صورة هزلية توحى بالغضب رغم وجود اتفاق مسبق مع ضيوف آخرين للحلقة نفسها، وهو ما يوجب من باب الذوق وأخلاقيات المهنة -إذا كان يعترف بهما- الاعتذار لهم بعد أن وصلوا إلى مقر القناة. ولما رفضت إدارة القناة تعديل الضيوف فى الوقت بدل الضائع أعلن انسحابه.
القوة فوق القانون.. شعار ترفعه دائما تلك القنوات ليتهرب أصحابها من سطوة القانون الذى يتعارض مع تحقيق أغراضهم غير الشرعية، وهو ما يجب أن نتنبه إليه جيدا؛ حتى نتمكن من وقف زحف الروح الانتقامية التى كادت تسود المجتمع وتهلكه عنفا، خاصة أن العنف لم يكن قط من طبيعة المصريين الذين وقعوا فى فخ الفوضى التى تعتبر أقسى عقاب للعاجزين عن التعامل مع الحرية.
استمرارا لمسلسل فرض هذه الفضائيات وصايتها على الشارع المصرى، رأينا مراسلى القناة نفسها «cbc» -بسبب نقص معلوماتهم- كانوا يتورطون على الهواء أثناء تغطيتهم الإخبارية، وتحديدا خلال الحملات الانتخابية، سواء لمجلسى (الشعب) و(الشورى) أو (الرئاسة)، لمحاربة التيارات الإسلامية بأى شكل من الأشكال؛ ففى منطقة (الساحل) كانت مراسلة اسمها (آية) تدّعى أنها ضبطت سيدة منتقبة تروج للإخوان داخل لجنة الانتخابات، فطلبت منها (لميس الحديدى) الموجودة داخل الاستوديو إجراء حوار معها، فجرت (آية) وراء السيدة التى استوقفتها لتجرى معها مقابلة تتهمها فيها بالترويج للتيارات الإسلامية داخل المقار الانتخابية وهو ما يحظر فعله، فما كان من السيدة إلا أنها نهرتها ونفت عن نفسها الاتهام وقالت لها: (إنت بتتبلّى علىّ.. وعيب كده)، وتركتها وانصرفت؛ ما أظهر ضعف مستوى التغطية.
نموذج آخر لمراسل (كفر الشيخ)، الذى ادعى أن هناك عملية ترويج تجرى داخل اللجنة لحزب (النور) السلفى، ولم يكن يملك دليلا على ذلك، وعندما سألوه فى الاستوديو: «وما دليلك؟ وهل لديك نماذج من تلك الدعاية؟»، بُهت، وقال: «أنا سمعت لكن مشفتش»!!، وهى سقطة أخرى حاولت تشويه الأحزاب الدينية لصالح الأنظمة الموالية لها تلك القنوات.
سقطة ثالثة وقعت فيها (لميس الحديدى) عندما أجرت اتصالا بأحد مراسلى القناة للوقوف على آخر الأخبار، فقال لها المراسل فى زلة لسان: «لقد قررت الحكومة فرض ضرائب (16) مليار جنيه على (خيرت الشاطر)»، وقبل أن يتدارك خطأه ويصحح المعلومة، انطلقت (الحديدى) فى وصلة ردح مرددة: «آدى اللى بييجى لنا من الإخوان.. نخلص من (أحمد عز) نلاقى (خيرت الشاطر)»، وهنا قاطعها المراسل مصححا: «أنا أقصد (نجيب ساويرس)، لا (خيرت الشاطر)» فبُهتت ولم تجد من الكلام ما تقوله لتصحيح موقفها.. هذا هو الإعلام المسموم الذى يتصيد الأخطاء إرضاء لأهوائه.
«دينا عبد الفتاح» هى الأخرى راحت تنفخ فى النار عندما استضافت ببرنامجها الذى تقدمه على قناة «التحرير»، مجموعة من «بلاك بلوك» للترويج لها، رغم أن هذه الجماعة تصنف ضمن الجماعات الإرهابية التى أُسست على خلاف أحكام القانون، والغرض منها تعطيل أحكام الدستور والقوانين والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين وترويعهم ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة سلطاتها.
«رولا خرسا» زوجة الفاسد «عبد اللطيف المناوى» رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون المصرى سابقا، الذى طرد منه عقب الثورة؛ هى الأخرى تشعل الحرائق باتهام الإخوان بتزوير 14 مليون صوت انتخابى بإضافتهم إلى القاعدة الانتخابية؛ فأين الدلالات التى حصلت عليها لتأكيد صحة تزوير هذه الأصوات المزورة؟! فهل نصبت نفسها قاضيا وجلادا عندما قالت إن المحكمة لا تزال تنظر هذه القضية للتثبت من صحة هذه المعلومات وهو ما يناقض كلامها؟! فمن أين تثبتت من عملية التزوير والمحكمة نفسها لم تحكم فى القضية بعد؟! أهذا هو الحياد الإعلامى والشفافية والمصداقية ونقل المعلومة الصحيحة للمشاهد الذى ينخدع بما يقولونه ويصدرونه له؟!
إن قناته ستكون سببا رئيسيا فى فشل الحزب فى الوصول إلى البرلمان بنتائج مرضية. هذه القناة التى ظلت تذيع أغنية (محمد نوح): «صوتك مع مين؟.. الوفد» على مدار 24 ساعة؛ لم تفلح فى التأثير فى الناخبين؛ ما يؤكد أنه لا إكراه فى الانتخابات أو فى فرض الوصاية على المجتمع. الغريب أن الأغنية التى كان (نوح) الوفدى قد قدمها لحزب (الوفد) أيام (فؤاد سراج الدين) لم يسمح ل(السيد البدوى) باستغلالها، واستخدموها رغما عنه، وسبب رفضه -رحمة الله عليه- سياسة (السيد البدوى) فى إدارة الحزب، اتهامه بأنه يلعب دورا وطنيا مزيفا، والدليل تمسحه فى النظام السابق من أجل تحقيق مصالحه، وتكوين ثروته التى جمعها من تجارة (الفياجرا) و(الترامادول).
الحملات التحريضية التى شُنت ضد مصر وأمنها واستقرارها لا ضد فصيل بعينه فقط من فصائل المجتمع؛ لا تعد ولا تحصى؛ ففى واحدة من حلقات برنامجها (فيس بوك) قبل أن يتوقف وتغادر القناة، استعرضت (هالة سرحان) استقصاء لآراء الناس فى الشارع حول الانتخابات البرلمانية. الاستقصاء شمل (15) رأيا؛ (14) منها منطقية وموضوعية، وواحد فقط شكك فى الانتخابات.. وانتهزت «هالة» الفرصة وكأنها جاءتها على طبق من ذهب وتركت ال(14) رأيا موضوعيا وأمسكت فى الرأى الأخير و«هاتك يا تقطيع فى كل الدنيا».. تيارات إسلامية ومجلس عسكرى وداخلية، كما استضافت بعض كل المجتمع، وتطاولوا على المجلس العسكرى وزادوا صورة الشرطة تشويها، وكأنها تحرض مباشرة ضدهما.
ما يحدث من هرتلة وتحريض فى الإعلام هو دليل دامغ على غياب المهنية التى نسوا أمامها قيمة كبيرة اسمها «مصر» من أجل مكاسب شخصية زائفة وزائلة. ثم من قال إن مصر تُختزَل فى ال(15) مذيعا وال(35) ضيفا المقررين علينا وكأنهم منهج دراسى ممل؟! وكلهم –مع الأسف- يسيرون على موجة واحدة وبهدف واحد هو المصلحة الشخصية. هذه الظاهرة منتشرة على الفضائيات -وكله بيجيب أصحابه- رغم وجود عقول رائعة لا أحد يكلف خاطره حتى بالبحث عنها؛ لأنها لا تتوافق حتى مع أغراضهم.
ظهور وجوه ثابتة من الضيوف على الشاشة، سواء من المحللين أو المنظرين أو حتى المذيعين، أصاب المشاهد بالممل، خاصة أنهم جميعا بظهورهم المتكرر شبه اليومى لا يجدون جديدا يقولونه ف"اللى يقولوه يعيدوه واللى يعيدوه يزيده». ثم من نصّب هؤلاء أو غيرهم أوصياء على الشارع المصرى يبثون فيه سمومهم كيفما يشاءون ويتلاعبون بعقول الناس ومقدراتهم؟! أما من رادع لهؤلاء الذين تسببوا فى تدمير وخراب الوطن؟! وهنا ليست المسألة تحريضا ضد حرية الإعلام أو تكميما لأفواه الإعلاميين ما دامت المسألة تتعلق بأمن الوطن، وإلا فلماذا يقبلون على أنفسهم أن يحرقوا وطنا بأكمله وبحجم «مصر» ويرفضون المساس بهم وهم المخطئون من «ساسهم لرأسهم»؟! أحلال لهم وحرام على غيرهم؟! ولكن الحق ليس عليهم وحدهم، بل على الإعلام الرسمى؛ فرغم أنه يعتبر من أركان الأمن القومى، فرط فى حقه وترك الحبل على الغارب بضعفه وهزله وغياب المذيع النجم عنه بعد أن كان فى بداية التسعينيات يصدر مذيعيه لكل القنوات الفضائية التى كانت تنطلق مع بداية انتشار الفضائيات.
غاب الإعلام الرسمى عن مكانته فلم يقف ندا للإعلام الخاص الذى تحركه مصالحه الخاصة أكثر مما تحركه مصالح الوطن، خاصة أن الإعلام الرسمى جاءته ثلاث فرص على طبق من فضة عقب ثورة يناير كانت بمنزلة قبلات الحياة التى تمنح أملا فى البقاء بعد محاولة تغيير الجلد والسمعة السيئة التى كانت تطارده بسبب تضليله الإعلامى، خاصة ما يتعلق بموقعة ماسبيرو الشهيرة. الفرص التى جاءت للإعلام الرسمى، أولاها محاكمة مبارك التى انفرد بها حصريا وعلى الهواء مباشرة دون غيره من قنوات العالم كله؛ ما لفت انتباه الجميع وجذبهم إليه. والثانية كانت مع صفقتى تبادل الأسرى الشهيرتين «شاليط وجرابيل» اللتين كانتا أيضا حصريا انفرد فيهما بتفاصيل وصور ومشاهد ولقاءات لم تُتَحْ لغيره، وكسب بها جمهورا جديدا انضم إلى قاعدته الجماهيرية التى افتقدها على مدار العقود الثلاثة الماضية. أما الثالثة والأخيرة فكانت الحلقة الاستثنائية التى شارك فيها العالم المصرى د. أحمد زويل وطبيب وجراح القلب المصرى العالمى د. مجدى يعقوب، ود. على جمعة مفتى الديار المصرية السابق، ود. أحمد عكاشة رئيس المنظمة الدولية للطب النفسى؛ ليتحدثوا جميعا عن مستقبل مصر، فى حوار لم نستمع إلى مثله من قبل، فكان حوارا متميزا أداره باقتدار وبدون ملل «صلاح الدين مصطفى» رئيس التليفزيون الأسبق، فى ظل غياب المذيع النجم مع الأسف فى التليفزيون المصرى، فاستعاد التليفزيون بهذه الحلقة بريقه من جديد، واستعاد صلاح الدين مصطفى لياقته الحوارية بعد غياب أكثر من 7 سنوات، وكان حوارا يتسم بالعقلانية والإنصات، وهو ما نفتقده فى مذيعين كثيرين، سواء داخل التليفزيون المصرى أو على شاشات القنوات الفضائية، التى تستخدم سلاح الهجوم والسفسطة من أجل الإثارة. ورغم أن قرار ظهور «مصطفى» على الشاشة كان قرارا استثنائيا مثل حلقته تماما، بعد أن وافق أسامة هيكل وزير الإعلام آنذاك على ظهوره؛ بسبب وجود قرار سابق بعدم ظهور القيادات على الشاشة مذيعين- فإن قرار ظهور «مصطفى» بالتحديد كان قرارا سليما؛ لاختيار المذيع المناسب للحلقة المناسبة.
نعود إلى سيرتنا الأولى عن الفرص الثلاث التى أهدرها التليفزيون والتى عليه أن يغتنمها، سواء باختياره أو «غصب عنه»، إذا كانت لديه نية حقيقية للإصلاح من أجل استعادة جمهوره المفقود مرة أخرى، خاصة أن هناك فرصة أخرى موازية هى «الهرتلة» التى تظهر عليها هذه الأيام معظم القنوات الفضائية التى أصبحت الآن معتلة، بل وصل الأمر عندها إلى درجة الخلل وبات بعضها مختلا؛ لا يهمه سوى التحريض والإثارة بصرف النظر عن مصلحة وطن بأكمله.
الرؤية ضبابية، ولا أحد فى ظل ضبابيتها من الممكن أن يتنبأ بشىء أو يحدد من المسئول عن هذه الضبابية الإعلامية، مثلها مثل الضبابية التى تحيط حياتنا عامةً التى أفسدها العملاء والخونة من أصحاب المصالح الشخصية ممن حاولوا إفساد الثورة، وهى الفئة التى تطاردنا فى كل مكان، والتى لا تريد للمجتمع أن ينصلح حاله؛ لأن فى صلاح المجتمع إفسادا لحياتهم وقضاء على مصالحهم الشخصية غير الشرعية. ومن هنا يجب أن نتنبه لدور الإعلام الرسمى الذى أعتبره مرآة الدولة ولا شىء سواه، وهو أحد أضلاع مربعها السيادى (الدفاع- الداخلية- الخارجية- الإعلام) وإن كنت أرى أن الإعلام هو الأهم؛ لأنه الكاشف عن كل تفاصيل الوطن التى يرانا العالم من خلالها؛ فلا بد أن يكون إعلاما مسئولا ناضجا محترما متنوعا شفافا صادقا، وإلا فلن يكون إعلاما بقدر ما يكون «ضحكا على الذقون» وخدعة كبرى نقع جميعا فى شراكها. وبما أن الإعلام هو المجتمع، وبما أننا فى فترة حرجة، فلا بد أن نعترف بأن المتربصين به كثيرون، ولنعرف جميعا أن استهداف الإعلام المصرى الرسمى ليس من الخارج فقط، بل المصيبة الكبرى أنه من الداخل أيضا. ولا فارق بين الاثنين فى خطورتهما؛ فكلاهما اتحد على هدم الوطن، وهو ما لا يجب أن نغفل عنه أو نسمح به، وإن كان الخطر الأكبر هو الاستهداف من الداخل، وهو ما يذكرنى بالحكمة الشهيرة التى تقول: «اللهم اكفنى شر أصدقائى. أما أعدائى فأنا كفيل بهم».
وصل الحد بالإعلام الأسود -ولكن هذه المرة فى التليفزيون الرسمى- إلى ظهور المحلل العسكرى الإسرائيلى «إيال عليمة» على شاشته، وتحديدا فى قناة «النيل للأخبار»؛ ما أدى إلى استياء الشارع المصرى استياء شديدا، خاصة أن التوقيت تزامن مع أحداث رفح واستشهاد 16 ضابطا وجنديا على أيدى الإرهابيين.
ظهور محلل إسرائيلى فى قناة إخبارية مصرية قد يكون أمرا عاديا فى ظل النظام القديم، وهو ما حدث مرارا وتكرارا وعلى القناة نفسها أيام «عبد اللطيف المناوى» رئيس قطاع الأخبار و«هالة حشيش» رئيسة قناة «النيل للأخبار» قبل الثورة، ولم يحاسبهما أحد ما دام ذلك هوى النظام رغم تحذيراتنا الكثيرة وقتها؛ الأمر الذى دفع إبراهيم الصياد رئيس قطاع الأخبار الحالى فى هذه المرة إلى إحالة الوقعة إلى التحقيق لمحاسبة المسئول عن تلك السقطة الوطنية التى تدخل فى إطار التطبيع غير المباشر مع العدو الصهيونى. أما بعد الثورة وفى ظروف مأساوية إسرائيل طرف فيها فالأمر مختلف ومرفوض تماما.
الإعلام الرسمى فى إمكانه أن يحقق الكثير؛ فمثلا قناة «صوت الشعب» التى أطلقها نجحت فى تحقيق هذا الهدف بتحقيقها أعلى نسبة مشاهدة للإعلام الرسمى منذ فترة طويلة، بعد أن انسحبت من تحت أقدامه على مدار السنوات الماضية السجادة الإعلامية. الإثارة تظل دائما هى جواز مرور المشاهد عبر شاشته، بشرط أن تكون إثارة كاشفة هدفها التوضيح لا إثارة خادعة كاذبة هدفها الفوضى، وهو ما حققته القناة بنقل جلسات مجلس الشعب على الهواء بكامل تفاصيلها فى ظل صعود التيارات الإسلامية واحتلالهم معظم مقاعد المجلس، بعد أن طال انتظارهم لها، فى الوقت الذى اشتاق فيه المشاهد لرؤية أدائهم البرلمانى وتفاصيل ما يحدث بينهم داخل المجلس على الهواء ودون حواجز أو تدخل من «عملية» المونتاج والحذف والتخفيف من الإثارة؛ حتى لا تفسد عليهم متعتهم، فى ظل توقعات بحدوث طرائف وعجائب لا حصر لها داخل المجلس، بوجود أقليات من الأحزاب المختلفة التى لن «تصد أو ترد» مع الأغلبية الساحقة للتيارات الإسلامية، وهو ما حدث بالفعل، بل الأكثر تلك المواقف الأكثر طرافة التى حدثت بين أعضاء الأغلبية أنفسهم.
أتصور أن الشىء نفسه ممكن أن يحدث من قبل لو فكر النظام القديم فى بث الجلسات على الهواء وبشفافية مطلقة، وكان سيحقق الغرض والإثارة والجدل نفسه، ولكن كيف والفساد الحقيقى مثل السوس ينخر فى عظام الوطن؟! كما أن النظام السابق كان يؤثر السلامة ويسير دائما بمبدأ «إكفى على الخبر ماجور» و«الباب اللى ييجى لك منه الريح سده واستريح».
ظهرت «صوت الشعب» بمظهر السخرية فى كثير من الأحيان بسبب الأداء الهزلى والعبث الكوميدى الذى كان يؤديه بعض النواب الذين تنافسوا بأدائهم مع ما تقدمه قناة «موجه كوميدى» أو «نايل كوميدى» فى محاولاتهم للبحث عن «الشو» الإعلامى، وهو ما قاله لهم «د. سعد الكتاتنى» رئيس مجلس الشعب السابق بالحرف الواحد: «بطلوا شو إعلامى.. إحنا جايين هنا علشان نشتغل»، ولكن المشكلة أننا نعرف كيف نحضّر العفريت لكن لا نعرف كيف نصرفه؛ فالقناة التى بدأناها بقوة كان من الممكن أن تستغل بشكل أفضل مما هى عليه، وأن تستغل الشعبية التى حققتها بالتسويق الإعلانى، خاصة أنها حققت نسبة مشاهدة عالية، وببرامج يتم إنتاجها خصيصا بما يخدم سياستها الإعلامية، على أن تكون البرامج من «قماشة» القناة التى لا تكلف الاتحاد فلوسا كثيرة؛ فسيارة الإذاعة الخارجية موجودة بكاميراتها، والنقل على الهواء مباشرة لا يكلف شرائط ولا مونتاجا، والبرامج ستكون فى إطار التوك شو الحى بمعنى أن الأحداث التى يصنعها المجلس يتم تسليط الضوء عليها أولا بأول، ولكن بعيدا عن الشو الإعلامى. ولعل أبرز النماذج على حالات الشو الإعلامى، حالة النائب «ممدوح إسماعيل» الذى رفع أذان العصر فى المجلس، وهو ما كان يجب أن يحدث خاصة أنه رفع الأذان بعد موعده بنصف ساعة، ناهيك عن أن المجلس ليس مكانا للعبادة سواء برفع الأذان أو دق الأجراس وترانيم وقداس.
هذه الفترة الاهتزازية على صعيد الإعلام عامة، كشفت لنا نوايا هذه القنوات التى تصدر سمومها للمواطن البسيط، دون أن يستطيع تحديد ما يناسبه وما لا يناسبه. وأنا أعتبر أن القنوات هذه لا يجب إغلاقها، بل يجب السيطرة عليها من خلال وجود جهاز لتنظيم البث، خاصة بعد انتشار التعددية الإعلامية ما بين القطاع الخاص والقطاع العام، وما بين القنوات الفضائية والقنوات الأرضية، ولا بد من تعديل القوانين التى كانت تحكم الإعلام عندما كان إعلاميا أحاديا يمثله اتحاد الإذاعة والتليفزيون فقط، بمحطاته الإذاعية وقنواته التليفزيونية؛ فالقنوات الفضائية العربية والخاصة تخضع لقانون المنطقة الحرة الإعلامية التابعة لهيئة الاستثمار، فيجب خضوعها لقوانين الإعلام، وأن يكون هناك جهاز لضبط ذلك مع تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى والتنبيه على الإعلام العام قبل الخاص بضرورة الالتزام بتلك الضوابط والبعد عن التجاوزات المهنية ومن قبلها الأخلاقية، والسب والقذف والتشويه والتجريح وتصفية الحسابات.
لأن غياب الإعلام الرسمى هو الذى جعلهم يتحكمون فى الشارع المصرى بانتهازيتهم وطمعهم، ويحددون لبسطاء الناس توجهاتهم، ومن يختارون ومن يرفضون، وعلى من يثورون، ولكن (يَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ)؛ فرغم إثارة الفوضى على أيديهم، فإن الوعى الفطرى عند الشعب ينقذه دائما، صحيح فى اللحظات الأخيرة، ولكن أفضل من أن يضيع بكامله. وكما يقول المثل الإنجليزى «أن تأت متأخرا خير من ألا تأتى أبدا».
ولكن ستظل مصر أكبر من كل هذه «الهرتلة»، وستنتصر كلمة الحق فى النهاية بإذن الله، ولعل آية الله سبحانه وتعالى ببطشه الشديد لا تزال صورتها أمامنا متمثلة فى سقوط أعتى الأنظمة المصرية الحاكمة خلال القرن العشرين: نظام «مبارك»؛ لعلم يتعظون.
مصر دولة مؤسسات، ولن تهزمها قلة من بقايا العهد البائد ما دام السواد الأعظم فى المجتمع من المواطنين الشرفاء الصالحين الذين لا همّ لهم سوى وطنهم ورفعة شأنه. قبل الثورة كان هناك صنفان داخل الوطن: صنف محترم وصنف جبان. وبعد الثورة، ظل المحترم محترما، وتبجح والجبان وأصبح قليل الأدب.
هذه الفئة هم القلة من مثيرى الشغب الذين يُحدثون الفوضى والبلبلة ويجب التصدى لهم بكل حزم؛ فإما إصلاحهم، أو القضاء عليهم؛ لأنهم يمثلون عبئا على المجتمع.
فمثلا انتشار ظاهرة العصيان المدنى التى حرضت عليها (جبهة التخريب اللا وطنى) -وكأن البلد ليست بلدهم- كان من الممكن أن تجرنا تلك التحريضات لا أقول: إلى أنفاق مظلمة فقط لا نخرج منها أبدا، بل كان من الممكن أن تجرنا إلى دمار وهلاك قد يصل معهما الأمر إلى حرب أهلية تقضى على الأخضر واليابس.
لا أحد ينكر أن الإعلام الحر وسيلة لخلق نقاشات بين مؤيد ومعارض، ولا أرى عيبا فى ذلك، ما دامت المعارك موضوعية وتُعرَض بحيادية شديدة. أما المعارك (الهايفة) التى تعمل على تهييج الرأى العام، وتشتبك فيها الأيدى وتُرفع فيها الكراسى، وتُفتح فيها المطاوى، فهذا لا يسمى إعلاما، وإنما التسمية الصحيحة له (بلطجة إعلامية).
بين نقل الخبر بقصد تهييج الرأى العام ونقله بقصد توصيل المعلومة إلى المشاهد بشكل محترم خيط رفيع، وكل قناة لها أجندتها لتحريك المعارك السياسية. ونتذكر الخلاف المصرى الجزائرى الذى حدث بسبب مباراة كرة قدم؛ فالسبب الحقيقى وراء هذه الأزمة التى نشبت وقتها كان إعلام التهييج وهو البطل فيها.
فى البلاد العربية لا يستغل الإعلام عادة إلا فى الإثارة والتهييج وإشعال الأجواء بالتضخيم المبالغ فيه، لكن فى الدول الأجنبية يتم الاستفادة من الإعلام إلى أقصى درجة، حتى مع وجود نية توجيه الرأى العام والتأثير فيه؛ فمثلا نجد أن الحملة الانتخابية التى فاز بها حزب العمال البريطانى برئاسة (تونى بلير) عام 1998 قد اعتمدت على الترويج لبرنامجه الانتخابى بحيادية وموضوعية. أما فى الدول العربية فاستفادة السياسيين من الإعلام فى الدعاية الانتخابية أمر ثانوى، لكنهم يجيدون استغلاله فى القضاء على أعدائهم وتلويث سمعتهم، وهذا ما دفع بعض السياسيين ورجال الأعمال إلى السعى إلى امتلاك الصحف والقنوات الفضائية فى السنوات الأخيرة، بعد أن فطنوا أن الإعلام أصبح أداة الهجوم والدفاع الأساسية فى كثير من المعارك، وهو ما يجرنا إلى آلية الإعلام أيام نظام «مبارك» الذى كان أشبه بالإعلام الملاكى.
إعلام (جمال وعلاء مبارك) الذى أدخل مصر محرقة العار إبان الحرب الكروية القذرة مع الجزائر؛ ألم يكن إعلاما ملاكيا، ولا يزال يقودها إلى محرقة الثورة المضاد الآن؟! أليست الوجوه الإعلامية المتبجحة هى التى تقوم بالمهمة نفسها وإن تنكروا فى ملابس ثورية مهترئة وبالية؟! لقد اخترعوا مفهوما جديدا فاسدا للثورة (الثورة على الثورة)، ويحاولون بهذا التكتيك الخادع أن يهيلوا التراب على ما بقى من ملامح الثورة الحقيقية التى كانوا من خصومها الواضحين!!
لقد كان هؤلاء شركاء فى جريمة خداع الشعب المصرى كله باصطناع معركة غبية ضد الجزائر، داسوا خلالها بحوافرهم على كل المعانى الوطنية والقومية، وجيّشوا الجيوش ضد كل ما هو عربى؛ لا لشىء إلا أن ابنى الرئيس المخلوع اعتبرا معركتهما الشخصية شأنا قوميا ومساسا بكرامة مصر، وهكذا تحولت كرة القدم من لعبة شعبية بسيطة، ووسيلة لتفريغ شحنات اليأس والإحباط، إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب وفاة جديدة للعرب، وتخرجهم من التاريخ الإنسانى، وتضعهم فى قعر الهمجية والتخلف.
هذا المشهد كان من الممكن أن يردنا إلى حالة عرب الجاهلية الذين حارب بعضهم بعضا 40 سنة بسبب مباراة فاصلة بين الحصان (داحس) المنتمى إلى قبيلة (عبس)، والحصان (الغبراء) المنتمى إلى قبيلة (ذبيان)، وهى الحرب التى انجرّت إليها بقية القبائل والشعوب العربية. وتكرر المشهد نفسه مع حرب البسوس لمدة أربعين عاما أخرى بسبب قتل ناقة.
فهل وصل بنا الأمر -نحن العرب الأشقاء- إلى أن يقذف كل منا الحجارة على حافلة منتخب الآخر؟! وهل وصل بنا الأمر إلى أن يشهر بعضنا الأسلحة، سواء البيضاء أو النارية، فى وجوه بعض؟! والسبب إعلام «مدحت شلبى» و«أحمد شوبير» و«عمرو أديب» الذى لم تكفه سخونة الجلوس تحت أقدام هيفاء وهبى أو سخونة أفكاره الهدامة وأحقاده الطفولية، ولا ننسى منظره حين بكى بحرقة على رحيل مبارك، وهو نفسه الذى بكى بحرقة دفاعا عن الثورة والهجوم على مبارك هجوما مروعا بعد سقوط النظام.
(عمرو) راح يشعل النيران بين الشقيقتين مصر والجزائر، عملا بنظرية «اخربها واقعد على تلها»، وعلى الضفة الأخرى كان إعلام الشروق «الجزائرية» من ناحيتهم؛ فجميعهم يريدون «جنازة ويشبعوا فيها لطم»، خاصة عمرو أديب الذى يرى فى تلك الحرائق غايته، مثلما كاد يشعل الفتنة بين حماس ومصر عندما أذاع شائعات عن أسماء اتهمها بأنها وراء قتل جنودنا فى رفح.
إعلام هنا وهناك ملوث بالجهل والتعصب والتفاهة يزيد الحرائق اشتعالا بدلا من أن يحاول إطفاءها.. حكام وجدوا فى كرة القدم ضالتهم لامتطاء شعوبهم وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية.
هذا الهياج الإعلامى المصرى الجزائرى قابله جسر جوى أطلقه أحمد عز رجل النظام القديم الأول لنقل المقاتلين «اللى هما مفروض الجمهور المصرى» إلى السودان.. وقابله جسر آخر لنقل مقاتلى الجزائر استعدادا لموقعة أم درمان الفاصلة.
قنوات تليفزيونية وصحف رسمية وغير رسمية تحشد الجموع للقتال لا للعب مباراة كرة.. استدعاء محمود لأناشيد وأغان وطنية صنعت خصيصا لمناسبات عظيمة مرت بتاريخ العرب، تسعى إلى التحرر من الاستعمار وتحاول بناء حياة محترمة.
ابتذال واستخدام رخيص وتافه لأعمال فنية عظيمة ارتبطت فى أذهان الناس بمعارك وطنية حقيقية، وحالة من الهوس الإلكترونى فى المنتديات والمواقع تدعو الشعبين إلى الانتحار الجماعى من أجل الفوز بمباراة فى كرة القدم.
ولا بد أن هذه الدعوات المحمومة إلى مد الجسور للنزال فى أم درمان، تذكرك على الفوز بمأساوية الوضع فى غزة أثناء العدوان الإسرائيلى الأخير؛ حين لم يكن لدى أى نظام عربى الاستعداد لمجرد السماح بمرور جسر جوى أو برى أو بحرى لنقل المساعدات الإنسانية الآتية من مختلف دول العالم إلى المحاصرين من الشعب الفلسطينى الأعزل وهو يواجه آلة الحرب الصهيونية.
لقد ظل الإعلام الأسود الملاكى يدافع عن رموز النظام القديم، ويحاول غسل سمعتهم وتجميل صورتهم أمام الرأى العام فى محاولة تأثيرية ليتعاطف الجمهور معهم، رغم أن فسادهم هو الذى جرنا إلى هذا الخراب الاقتصادى والمجتمعى الذى نحاول أن نلملم وننقذ أنفسنا منه الآن، وكل ذلك من أجل تأمين مصالحهم، وضمان بقائهم فى أماكنهم دون أن يمسسهم سوء. ولا يهم -أمام أنانيتهم- أن يصيب هذا السوء الوطن كله (100) مليون مصرى، وهو أسلوب وطريقة النظام البائد الذى كان لا يهمه فى المقام الأول سوى مصلحة «الكريمة الموجودة على وش التورتة اللى هم الشوية الكبار» وبعد ذلك فليذهب الوطن والمواطنون إلى الجحيم!

فاروق العقدة محافظ البنك المركزى السابق الذى أقيل من منصبه
وليس صحيحا أنه استقال، بل قيل هذا حفاظا على ماء وجهه، والذى دافعت عنه قنوات الفلول الملاكى باستماتة، بل حرضت وبقوة ضد المحافظ الجديد (هشام رامز) الذى اعترض طريقه بلطجية الفلول فى ثانى أيام توليه مسئولية البنك، وأطلقوا عليه الرصاص لتنقذه العناية الإلهية ويموت حارسه. سبب دفاع قنوات الفلول السوداء المستميت عن (العقدة) -بخلاف أنه صنيعة النظام القديم- رده الجميل إلى هذا النظام حسب كلام الخبيرة المصرفية (بسنت فهمى) التى طالبت بمحاكمته على تهريبه (23) مليار دولار من مصر عقب الثورة بطرق شيطانية عبر المصرف العربى الدولى الذى كان يرأسه (عاطف عبيد)، والذى يعتبر البوابة الملكية لتهريب الأموال لصالح (مبارك) وأسرته وأعوانه، مؤكدة أنه لم يكن مصرفيا من الطراز الفريد، بل كل مواهبه وأدواته أنه كان رجل (مبارك) الأمين، ولهذه (العقدة) التى كانت تصيب (العقدة)، أزاح من أمامه خبرات مصرفية جيدة حتى لا ينكشف ضعفه، وليساعده ذلك على تأمين المكان بالاستعانة بأنصاره من المصرفيين الذين كانوا ضعيفى المستوى أيضا، كما استغل منصبه فى تأسيس شركات (للتأجير التمويلى) خاصة لصالحه، وإن كانت أخطر لعبة لعبها (العقدة) هى تثبيت سعر الدولار لخدمة رجال الأعمال حاشية النظام، فأضاع البلد وأغرقها فى الديون، كما أن العقدة لم يخفض عقب الثورة قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار. والمعروف أنه عقب الثورات دائما فى أى مكان فى العالم، يتم تخفيض قيمة العملة؛ للمحافظة على اقتصاد الدولة، لكن العقدة –بخبث- لم يفعل ذلك عمدا؛ لكى تزداد الأوضاع الاقتصادية ترديا، ويستمر نزيف الاحتياطى المركزى من العملة الأجنبية.
(العقدة) الذى سمح ل(مبارك) أن يفتح حسابا خاصا بالبنك المركزى -وهو ما لا يجوز وفقا لقوانين البنوك- كان شريكا فى إهدار (11.5) مليار دولار وُضعت فى الحساب الخاص ل(مبارك) بالبنك وقت وعقب قيام الثورة، كانت تبرعات ومنحا من الدول العربية والأجنبية لمنكوبى زلزال (92)، ولم تضف إلى رصيد الاحتياطى النقدى!
(العقدة) الذى كان مجرد موظف عادى فى «بنك أوف أمريكا» وساعدته الظروف على الاطلاع على صفقات مصر للطيران، والأرقام الحقيقية لشراء طائرات أسطولها الجوى، وحجم العمولات التى حصل عليها رجال السلطة فى مصر- استطاع عبر هذه الصفقة السيطرة على عقل (مبارك) و(جمال)، وأقنعهما بأنه خير من يدير البنك المركزى، فجاء محافظا له بعد مروره على البنك الأهلى رئيسا له كنوع من الاختبار، وهو الذى بارك تعيين (جمال مبارك) عضوا بمجلس إدارة البنك العربى الإفريقى ممثلا للبنك المركزى لدورتين قبل قيام الثورة، ثم بارك عملية شراء ديون مصر بمعرفة (أحمد البرادعى) شريك (جمال مبارك)، وقد حققا الملايين من الدولارات نتيجة هذه العمليات المشبوهة.
لا تزال منظومة الإعلام الملاكى الأسود مستمرة، ولكن بقناع آخر لا يختلف عن أيام النظام القديم؛ فهى الآن تدافع دفاعا مستميتا عن (جبهة التخريب اللا وطنى) المعروفة باسم (جبهة الإنقاذ الوطنى). هذه الجبهة ومنظومتها الإعلامية الملاكى لا تزال تدافع عن رموز الفساد وتضمهم إلى قوائمها؛ فليس لدى قادتها مانع من استقطاب أى شخص إلى عضويتها مهما كان تاريخه أسود؛ فهو المطلوب إثباته ليوافق هواهم، ولو كانت يداه ملطخة بالتطبيع مع إسرائيل.
(حازم عبد العظيم) الذى استُبعد من منصب وزير الاتصالات فى حكومة د. (عصام شرف) هو من تنطبق عليه الشروط، كما أنه ينتمى إلى جماعتهم.. كان واحدا من أداوت النظام الفاسد السابق، جاء به (أحمد نظيف) رئيس وزراء حكومة (مبارك) لأداء هذه المهمة، فأوكل له إعداد برامج الأحوال المدنية لسكان مصر من حيث المواليد والوفيات، والذكور والإناث، ومن هم فى سن التجنيد، وكافة المعلومات التى يمكن أن تستفيد بها الدولة فى وضع خططها المستقبلية.
وقد تعاون (حازم عبد العظيم) مع شركة إسرائيلية لتنفيذ هذا البرنامج، بعد أن وضعت الشركة داخل برنامجها ملفا ينقل باستمرار التعديلات التى تُضاف بالأحوال المدنية إلى قادة الكيان الصهيونى، رغم تحذير العديد من الشرفاء منذ عام (2007) من هذا التعاون!!
العلاقة بين (حازم عبد العظيم) وشركة الاتصالات الإسرائيلية، رصدتها الجهات الرسمية المصرية؛ إذ بدأت المقابلات فى (12) يونيو (2009) بمدينة طابا بين (حازم عبد العظيم) والإسرائيلى (نافاتالى أو باتوستى) نائب رئيس شركة (أورن)، وتم الاتفاق بينهما على تنفيذ برمجة للهاتف المحمول باللغة العربية لصالح الشركة الإسرائيلية تتولى تنفيذها شركة (حازم الخاصة) CIT، كما رصدت جهات رسمية التعارف الذى تم بين (عبد العظيم) ووزير الاتصالات الإسرائيلى.
(الإخوان المسلمون) كانوا واعين لدور الإعلام جيدا، واستغلوه فى الترويج لهم، وفى ظل تضييق الحزب الوطنى المنحل عليهم استطاعوا -عبر شبكة الإنترنت- خلق حلقة من التواصل بينهم وبين مؤيديهم عبر المواقع الإخبارية المتعددة التى أطلقوها، وكان أشهرها (إخوان أون لاين)؛ ليفتحوا بذلك بابا جديدا للإعلام أمام النشطاء السياسيين بمختلف انتماءاتهم، وهو الإعلام الإلكترونى الذى أصبح يستحوذ على ثقة الناس واهتمامهم أكثر من أى وسيلة أخرى، وأصبح بينه وبين الإعلام المرئى والمسموع والمقروء منافسة شرسة، بل أصبح هذا الإعلامى الشعبى، مصدرا للمعلومات فى بعض الأحيان، بعد أن بات أكثر تأثيرا فى توجهات الإعلام المرئى والمسموع والمقروء؛ لأنه دائما يحمل انتماءات سياسية مختلفة، وإن كان يشوبه وجود أكاذيب وادعاءات تشحن وتثير البلبلة لمصلحة جهات معينة هدفها إحداث فوضى فى البلاد، وتصفية حسابات. أيضا ما يعيب الإعلام الشعبى أو الإلكترونى، انتشار الأمية، سواء التعليمية أو الإلكترونية، وهو ما يؤدى إلى صعوبة التواصل مع هذه الخدمة، ويجعل من الإعلام المرئى والمسموع الوسيلة الأسهل والأضمن للوصول إلى المعلومة والخبر. أما الفوضى المعلوماتية التى يحدثها الإعلام الإلكترونى فعلاجها أن يكون كل إنسان رقيبا على نفسه، وأن يضع نفسه فى موضع المسئولية؛ فالحرية بلا مسئولية فوضى عارمة، خاصة أن الإعلام الإلكترونى أو الشعبى نوعان: نوع احترافى متمثل فى المواقع الإخبارية التى نتابعها، ونوع غير احترافى متمثل فى المدونات وفيس بوك، وهذا النوع هو الأخطر لأنه يتيح لكل إنسان -باختلاف الفكر والعقيدة ومستوى الوعى والتعليم والنوايا- أن يكتب ما يشاء وقتما يريد، وغالبا ما ينقص هذا النوع الدقة المعلوماتية فى أغلب الأحيان؛ لأنه يعتمد فى نقل المعلومة على السمع لا على تحرى دقتها من مصدرها الأصلى، وحسن الأسلوب والصياغة.
الإعلام الشعبى أو الإلكترونى سلاح ذو حدين: حده الإيجابى يتمثل فى تفريغ أفكار الشباب وتحديد ملامح تفكيرهم وتوجههم العام، وحده السلبى يتمثل فى خلق وعى زائف بسبب نقص الثقافة والمعلومة نتيجة انتشار الأمية الثقافية التى تزيد على 90% فى المجتمع، كما أن الإعلام الإلكترونى هو من أكثر اللقم السائغة لنشر الشائعات لتسرى فى المجتمع كما تسرى النار فى الهشيم.
الفترة الانتقالية التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن هى من أسباب تخبط الإعلام المصرى فى تلك المرحلة، والدليل أن برامج (التوك شو) لا تزال تحرص على تسليط الضوء على شخصيات بعينها كانت قبل الثورة خادمة للنظام وتابعة له، وهم أنفسهم الذين حاولوا تغيير أجنداتهم، وتوجهاتهم؛ ليرتدوا فى غفلة من الزمن ثوب البطولة، وليعلنوا أنهم أصحاب الشعلة الأولى فى أحداث الثورة المصرية، وما هم إلا قافزون عليها، راكبون فوق أكتافها دون خشية أو حياء، مثلهم مثل أصحاب القنوات التى تستضيفهم، ومثل مذيعيها الذين ركبوا الموجة أيضا.
الموقف يحتاج الآن إلى مراجعة شاملة لمنظومة العمل الإعلامى فى مصر، بما يتوافق مع التحولات الجارية فى النظام السياسى المصرى؛ لتوفير مجال عام يتيح حرية التعبير دون تجريح أو تشفٍّ أو تصفية حسابات، وعلى قدم المساواة لكل أطياف الإعلام ووسائله الحكومية والحزبية والخاصة، الدولية والعربية، وكذلك الشفافية الكاملة فيما يتعلق بمسألة التمويل والشركاء وحماية حقوق الإعلاميين واحترام حقوق الجمهور فى إعلام منصف وعادل وموضوعى، وحرية تداول المعلومات وتحقيق المهنية الإعلامية بكل ما تتضمنه من تحقيق المصداقية، بالإضافة إلى الموضوعية والدقة واحترام خصوصية الجمهور وقيم المجتمع، وعدم إثارة الفتن، ومن قبل كل هذا.. مراعاة الضمير، وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، مع وجود مراقبة صارمة، ومحاسبة شديدة على التجاوزات التى قد يرتكبها الإعلام الخاص أو العام، وتتعارض مع تقاليد وقيم المجتمع الشرقى بما لا يمس الحريات المهنية، كما يجب تفعيل ميثاق الشرف الإعلامى لضمان تحقيق المعايير المهنية المتفق عليها عالميا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.