صرح مسئولون صينيون وعمال إنقاذ أن الزلزال المدمر الذي ضرب الاثنين الماضي إقليم سيشوان جنوب غرب الصين، أزال عدة مدن تقع في محيط مركزه. وقالوا إن عدد ضحايا الزلزال أكبر مما كان متوقعا، مشيرين إلى أن القتلى بعشرات الآلاف. وكشفت آخر إحصائية للضحايا مقتل 20 ألف شخص، في حين لا يزال هناك عشرات الآلاف -من المحاصرين تحت الأنقاض- في عداد المفقودين. ارتفع عدد القتلى في أقوى زلزال ضرب الصين منذ عشرات السنين إلى نحو 15 الفا يوم الاربعاء في حين تسابق الجنود وعمال الاطفاء والمدنيون على انقاذ أكثر من 25 الف شخص دفنوا تحت الانقاض.
وقالت وكالة انباء الصين الجديدة (شينخوا) ان عدد القتلى بلغ 14866 مساء الاربعاء وان أكثر من 25 الفا مازالوا مدفونين تحت انقاض مدارس ومصانع ومبان اخرى دمرها زلزال يوم الاثنين الماضي الذي بلغت قوته 7.9 درجة.
وأشار المسؤولون المحليون في مقاطعة وينتشوان التابعة للإقليم والواقعة في مركز الزلزال، إلى أن حجم الدمار في بلدة ينغتشيو -إحدى أكثر بلدات المقاطعة تضررا- سيئا للغاية، إذ بات 80% من سكانها في عداد المفقودين.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن خيه بياو نائب رئيس ولاية آبا التي تتولى إدارة سيشوان، قوله إن أصوات صرخات الاستغاثة تسمع من تحت أنقاض مدرسة محلية في ينغتشيو دمرها الزلزال، مشيرا إلى أن كل الطرق المؤدية إلى مكان المدرسة مغلقة، ما يجبر عمال الإنقاذ على الحفر بأيديهم دون الاستعانة بأي معدات.
وأضاف بياو أنه لم ينج من الزلزال سوى 2300 فقط من سكان البلدة البالغ عددهم أكثر من 10 آلاف نسمة، موضحا أن هناك ألفا من الناجين مصابون بجروح خطيرة.
وفي مدينة مانيانغ القريبة تأكدت السلطات من مقتل أكثر من سبعة آلاف شخص، بينما لا يزال أكثر من 18 ألفا آخرين مدفونين تحت أنقاض المباني المنهارة.. وفي مدينة ميانتشو المجاورة اعتبر 10 آلاف شخص في عداد المفقودين، وتأكدت وفاة ثلاثة آلاف منهم.
ونقلت مروحيات الجيش الصيني اليوم مواد غذائية إلى التجمعات السكنية التي باتت معزولة عن العالم لوقوعها قرب مركز الزلزال المدمر.
وفي بادئ الأمر حالت الأمطار الغزيرة التي هطلت على إقليم سيشوان دون أن تتمكن المروحيات العسكرية من نقل المساعدات العاجلة إلى مقاطعة ويتشوان، في حين لا تزال قوات الجيش تحاول إصلاح الطريق الرئيسي المؤدي إلى المقاطعة والذي تضرر بشدة جراء الزلزال.
وتوجهت قوات برية راجلة أمس الثلاثاء إلى بلدة ينغتشيو دون انتظار إصلاح الطرق، وتواصل فرق الإنقاذ المدنية والعسكرية انتشال من لا يزالون على قيد الحياة من مناطق عدة في سيشوان ومدينة تشونغ كينغ القريبة.
وخصصت الحكومة المركزية في البلاد 860 مليون يوان (123 مليون دولار) لعمليات الإغاثة، في حين جمع الصليب الأحمر الصيني قرابة 96 مليون يوان (تسعة ملايين دولار).
وقدمت واشنطن نصف مليون دولار مساعدة، في حين تعهدت العديد من الحكومات الأجنبية بتقديم مساعدات مادية.
وكان يمكن الشعور بهذا الزلزال القوي في مدن تقع على بعد مئات الكيلومترات مثل بكين وشنغهاي وهونغ كونغ وكذلك العاصمة التايلندية بانكوك.
يذكر أن الزلزال الذي وقع أمس الأول هو الأعنف من نوعه الذي يضرب الصين منذ عام 1976 عندما لقي نحو 242 ألف شخص حتفهم في زلزال ضرب مدينة تانجشان شمالي البلاد والقريبة من العاصمة بكين.
إغاثة المنكوبين
وبحث عمال الاغاثة المتعبون تحت انقاض المباني عن اي بادرة حياة وسط مشاهد الدمار التي غطت مساحات شاسعة من اقليم سيشوان الجنوبي الغربي، وأرسلت حكومة بكين 50 الف جندي للبحث عن ناجين.
ولم تخل هذه المأساة من لحظات سعادة. ففي ميان تشو التي تأكد فيها بالفعل وفاة ألوف تم انتشال 500 شخص احياء من تحت انقاض مبان منهارة.
وقدم عمال اغاثة في قرية هان وانج بميان تشو الطعام والماء لفتاة وهم يحاولون تحريرها من تحت انقاض مبنى مدرسة من اربعة طوابق.
وانتشل عمال الاطفاء سيدة حبلى في الشهر الثامن وأمها ظلتا طوال يومين تحت انقاض مبنى سكني في دوجيانج يان ونقلتا الى مستشفى.
وقال بان جيان جون أحد اقاربهما "نحن سعداء جدا. نحن نقف هنا وننادي منذ يومين...لكن مازال هناك ثلاثة اخرون يصدرون أصواتا."
وتعرضت محطتان لتوليد الطاقة من مساقط المياه في ماو شيان حيث تقطعت السبل بنحو سبعة الاف من السكان والسياح قرب مركز الزلزال "لاضرار جسيمة". وحذرت السلطات من ان السدود هناك قد تنهار.
على مشارف مدينة ميان يانج يجوب السكان ساحة العاب رياضية تضم مشردي الزلزال وهم يحملون لافتات كتبوا عليها اسماء اقاربهم المفقودين على امل العثور عليهم أو على معلومات عنهم. وأغلبهم من منطقة بيتشوان الريفية القريبة وكانت من بين أكثر المناطق التي اضيرت من الزلزال.
وقالت هو لوبينج من قرية في بيتشوان ذكرت ان كل شيء فيها دمر "لم يقولوا شيئا عما سيحدث لنا. هذا مجرد مكان مؤقت. لا أعرف متى أو ما اذا كنا سنعود لديارنا.".. وأظهرت صور من بيتشوان وهي منطقة جبلية وجد عمال الاغاثة صعوبة في الوصول اليها دمارا شبه كامل. ورقد الناجون جنبا إلى جنب القتلى وسط مبان تحولت إلى اكوام من الخرسانة.
ووصل رئيس الوزراء الصيني وين جيا باو إلى بيتشوان يوم الاربعاء بعد ان زار سيشوان وقاد جهود الاغاثة هناك لتشجيع العمال وزيارة الاطفال اليتامى الباكين، ونقل التلفزيون الحكومي عنه قوله "ألمكم هو ألمنا... انقاذ أرواح الناس هي أهم مهمة."