لم يقتنع تيار المستقبل بأن هناك ذكرى اسمها تحرير جنوب لبنان من احتلال عدو غاشم سار اليه اللبنانيون بالدم والدموع والسيف تقع في هذا الشهر لتطالعنا صحيفة المستقبل اللبنانية بملحق خاص عن تحرير لبنان من «الاحتلال السوري» نعم عندما لا يبقى في عقيدة تيار المستقبل ونصف الحكومة التي تحتكر السلطة في لبنان أي ذكر للتحرير وأي توجه لاعتبار اسرائيل التي لم تجف دماء اللبنانيين عن نصلها عدوا عندها يكون من حق المعارضة المقصاة عن المشاركة في تقرير مصير لبنان ألا تثق في نوايا ورؤى هؤلاء واتصالاتهم الدولية وشبكات اتصالاتهم وأجهزة أمنهم.
عندما يعلن السيد وليد جنبلاط عن نيته وجماعته حرق الاخضر واليابس ويدفع نصف الحكومة لتبني حزمة قرارات للحرب على حزب الله والمعارضة فسيكون الحزب وتكون المعارضة في غاية الغباء إذا أذعنا وسلما رقابهما للحملة المكملة للحرب الاسرائيلية على لبنان في عام 2006، ما عجز جبروت اسرائيل عن تحقيقه يحاول فريق السلطة بالتعاون والتنسيق والدعم الكامل من تيار كوندوليزا رايس العربي الشهير بتيار الاعتدال تحقيقه باستفزاز المعارضة وحشرها في زاوية تضطر معها لا سمح الله لرفع السيف وعندها تلوح الفرصة التي تنتظرها قوات الأطلسي وليست القوات الدولية على شواطئ لبنان وينتظرها صناع القرارات الدولية في مجلس الأمن لتضع لبنان الذي «حرره» تيار المستقبل من «الاحتلال السوري» تحت احتلال جديد يؤدي مهمة تنظيف لبنان من أعداء اسرائيل ويريح صناع مبادرات السلام العربية من صداع وصمهم بالانبطاحية والعجز عندما يقارن الشارع العربي بين عدمية منهجهم السياسي ونهج المقاومة.
ما يشاع عن رغبة هذا المحور العربي في التوصل لحل لأزمة الرئاسة في لبنان هو كلام فارغ ومن يتابع وسائل الإعلام «العربية» المملوكة بالكامل لهذا المحور سيكتشف حجم الحملة التي تستهدف قيادة حزب الله ونهجه انطلاقا من أسس طائفية لا علاقة لها بأزمة الرئاسة في لبنان ومن يقرأ لمجموعات الكتاب المملوكين ايضا بالكامل لهذا المحور سيكتشف أن المطلوب هو تصعيد الازمة وتضخيمها وصولا الى تأمين الظروف المناسبة لاستئصال حزب الله على حساب دماء اللبنانيين ومستقبلهم ووحدتهم.
جورج واطسون - عمليات تعذيب بأوامر من الرئيس
منذ اكثر من عام والرئيس جورج بوش يرفض احترام الطلبات المشروعة التي تقدمت بها الغالبية الديمقراطية في الكونغرس من اجل الحصول على الوثائق القانونية التي استخدمت لتبرير اصدار الاوامر لتعذيب وإذلال السجناء. وأخيرا قررت وزارة العدل ومنذ ايام فقط الكشف عن بعض هذه الاوراق امام عدد محدود من اعضاء مجلسي النواب الشيوخ.
هل هذه الاخبار تبدو جيدة؟ لا نعتقد ذلك، فمنذ البداية، ليس من الواضح ما اذا كان البيت الابيض سيقدم هذه الوثائق كاملة، وبالتالي ابراز رأي القانونيين التابعين للحكومة الذين يقولون ان بامكان الرئيس تجاهل القانون ومواثيق جنيف ويأمر بفعل ما يراه مناسبا من اجل المحافظة على الامن القومي والمصالح العليا للولايات المتحدة، وحتى لو توافرت هذه الوثائق ولم يعمل احد علي حجبها او تعديلها او مراقبتها فان الامل ضعيف في ان يكشف عنها بسبب تمسك بوش بالسرية وبالتالي عدم السماح بوصول الوثائق التي تتضمن اوامر التعذيب الى الرأي العام.
مثل هذا الشيء مخيف ومرعب ومزعج في نفس الوقت الذي تستمر الولاياتالمتحدة في خوض الحروب التي ورطها فيها بوش تحت اسم الحرب على الارهاب، وقد ذكر مارك مازيتي في صحيفتي نيويورك تايمز وانترناشيونال هيرالد تريبيون ان وزارة العدل لا تزال مصرة على رأيها وهو ان بامكان العملاء التابعين لاجهزة الاستخبارات الاميركية المختلفة استخدام اساليب في التحقيق تعتبر محظورة في القوانين الاميركية وفي القانون الدولي.
في عام 2006 وضع الكونغرس قيودا على اساليب التحقيق العسكرية، ولكن سارع بوش لاستثناء وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية من تلك القيود، واصدر اوامر سرية تسمح باستخدام أساليب قاسية وعنيفة يصل بعضها الى حد التعذيب وذلك حسب التعريفات التي جرى اصدارها، وقد ذكرت وزارة العدل في رسالة بعثت بها الى الكونغرس في باريس انه لا يتوجب على الادارة الاميركية التقيد بمواثيق جنيف التي تحظر استخدام أساليب تمس الكرامة الانسانية للمعتقل. واضافت الرسالة ان استخدام العنف والاذلال ضد اي من السجناء امر جائز اذا كان سيؤدي الى منع وقوع هجوم ارهابي. لا يوجد في القانون الاميركي او الدستور ما يبرر الاخذ بمثل هذه المفاهيم المغلوطة التي تتنافى مع ابسط القيم الانسانية.
واخيرا وبعد سنوات من اصدار المحكمة العليا الاميركية قرار بمنع استخدام التعذيب ضد السجناء، يستمر الرئيس في ادارة نظام للمحاكم يمكن ان يوصف بانه غير قانوني في غوانتانامو.
ان هدف المحاكم التي اقامها بوش ليس التوصل الى اي شكل من اشكال العدالة بل ابقاء السجناء حيث هم مدى الحياة دون منحهم حق الاستئناف لان بوش وبكل بساطة قرر انهم من المقاتلين الاعداء.
وقد قدم مؤخرا كبير المدعين العامين في غوانتانامو العقيد موريس دينس شهادة قال فيها إن رؤساءه في البنتاغون قرروا انه لن يكون هناك براءات للسجناء امام المحاكم العسكرية.
ولكن هناك اخبارًا جيدة، فلقد صوتت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ بفرض قيود على ال «سي اي ايه» خلال عمليات التحقيق ومنع المتعاقدين الخاصين من استجواب السجناء والطلب من ال «سي اي ايه» السماح للصليب الاحمر الدولي بالوصول الى اي سجين في اي مكان. اننا ندرك من خلال التجربة ان الجمهوريين سيقتلون هذه الاجراءات و حتى لو فشلوا في بذلك فإن الرئيس سيستخدم حق النقض ضدها.
ان على الرئيس القادم والكونغرس ان يعملا بجد على كشف الاساليب التي لجأ اليها بوش من اجل لي القانون ومراوغة تنفيذ نصوصه والعمل بعدها على اصلاح ما أفسدته ادارة بوش ووضع الامور في نصابها الصحيح.