صعّدت قوات الاحتلال الصهيوني من عدوانها وحملتها العسكرية بحق المواطنين والأهالي والمقاومين في الضفة الغربيةالمحتلة، في ظل تنسيق أمني غير مسبوق مع أجهزة أمن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وهو ما أشادت به أجهزة أمن الاحتلال الصهيوني. ويأتي هذا التصعيد في الضفة مقابل هدوء حذر يسود قطاع غزة، في الوقت الذي تدور فيه أحاديث عن اتفاق تهدئة بين الاحتلال الصهيوني من جهة وبين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة أخرى، بواسطة مصر، ما يوحي أن الاحتلال الصهيوني وقواته وجيشه يسعى لفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة في أي تهدئة قادمة وهو ما رفضته المقاومة في مرات سابقة. إعدام أربعة مقاومين بدم بارد فعلى الصعيد الميداني؛ أعدمت قوات صهيونية خاصة أربعة مقاومين ثلاثة منهم من مقاومي "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي والرابع من كتائب الأقصى التابعة لحركة "فتح" في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربيةالمحتلة مساء الأربعاء (12/3). وأفادت المصادر الطبية الفلسطينية أن الشهداء هم: محمد شحادة، وعماد كامل، وعيسى مرزوق من سرايا القدس، وأحمد بلبول من كتائب الأقصى. وأفاد شهود عيان تأكيدهم أن قوة خاصة صهيونية تسللت للمدينة عبر شارع جمال عبد الناصر داخل سيارات مدنية وقتلت المقاومين الأربعة وهم يستقون سيارة حمراء اللون، فيما يعد الشهيد شحادة أحد أقدم مطاردي السرايا في بيت لحم، حيث تطارده قوات الاحتلال منذ ثماني سنوات، وقد هدمت منزله يوم الخميس الماضي، وبهذه العملية العسكرية الصهيونية يرتفع عدد الشهداء ، إلى سبعة اثنين منهم في قطاع غزة. جرح ستة مواطنين في قلقيلية هذه العملية العسكرية الصهيونية لم تكن الاعتداء الأول في الضفة ليوم الأربعاء، بل إن ذلك جاء بعد أن جرح ستة مواطنين في مواجهات بين مواطنين فلسطينيين وقوات الاحتلال الصهيوني التي توغلت في مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية في عملية واسعة بدأتها منذ ساعات فجر اليوم المذكور، بحثاً عن مطاردين من كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الذين تطاردهم منذ سنوات. وكان المواطنون والشبان قد رشقوا قوات الاحتلال بالحجارة في شارع الغربي، فيما رد الجنود الصهاينة بإطلاق النار ما أدى لجرح ستة مواطنين، وصفت المصادر الطبية الفلسطينية حالة أحدهم بالحرجة. اقتحام أحياء بحثا عن مطاردين "القسام" وذكر شهود عيان في قلقيلية أن قوات الاحتلال وسّعت عملياتها التي كانت تتركز في حيي الجعيدي والنقار لتشمل اقتحام أحياء زهران وخلة ياسين وكلية الدعوة الإسلامية من جديد بعد الانسحاب منها صباحاً، مضيفين أن قوات الاحتلال قامت ظهراً باقتحام منزل المطارد القسامي علاء ذياب في حي زهران وعاثت فيه خراباً وحولته إلى ثكنة عسكرية. وأشاروا إلى أن جنود الاحتلال قاموا بتفجير بوابات بعض المنازل المجاورة، تمهيداً لهدم منزل ذياب، كما واقتحمت قوات الاحتلال أيضاً منزل المطارد القسامي إياد ابتلي في حي النقار وعاثت فيه دماراً واعتدت بالضرب على عدد من ساكنيها وأجبرتهم على الخروج للعراء وطالبتهم بتسليم إياد فوراً وإلا فإنهم سيصفونه. وكان سكان محليون قد أوضحوا أن قوة صهيونية تضمن أكثر من 30 آلية عسكرية توغلت داخل قلقيلية وسط إطلاق نار كثيف في عملية عسكرية واسعة بحثاً عن المجموعة القسامية. وفي سياق متصل فقد ضربت قوات الاحتلال حصاراً على منزل القائد في كتائب القسام المطارد محمد السمان ومنعت ساكنيه من الخروج منه دون أن تقتحمه، وفي وقت لاحقت طلبت منهم الخروج تمهيداً لهدمه، كما واقتحمت مسجد الإمام في حي الجعيدي والمسجد الكبير وسط المدينة وعبثت في محتوياتهما، فيما توغلت حوالي 15 آلية عسكرية صهيونية في ساعات الظهر في مدينة طولكرم المجاورة، من جهة المدينةالشرقية وأقامت حاجزاً طياراً في بعض المفترقات والشوارع وأوقفت سيارات المواطنين ودققت في بطاقاتهم الشخصية قبل أن تنسحب من المدينة. "حماس" تؤكد أن الجريمة لن تمر مر الكرام من جانبها؛ أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن جريمة إعدام المقاومين الأربعة في بيت لحم، مساء الأربعاء (12/3)، "لن تمر مرور الكرام"، مشددة على أنه "لا حديث عن التهدئة في ظل هذه الجرائم التي يقترفها الاحتلال الصهيوني". حيث قال الدكتور سامي أبو زهري المتحدث باسم الحركة : "إن الجريمة البشعة التي اقترفتها الاحتلال الصهيوني باغتيال أربعة من كوادر سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب شهداء الأقصى هي تصعيد خطير واستكمال لمسلسل استباحة الضفة الغربية الذي يمارسه الاحتلال في ظل غطاء من أجهزة أمن محمود عباس". وأضاف: "هذا تصعيد خطير، خاصة أنه يأتي في أعقاب حملة من الاجتياحات والاعتقالات واغتيال أحد كوادر سرايا القدس في عدة مدن في الضفة الغربية فجر وصباح اليوم"، مشددا على أن الاحتلال الصهيوني "غير معني بأي تهدئة، وأنه مصر على الاستمرار في عدوانه على شعبنا"، مؤكداً بأنه "لا تهدئة بدون وقف العدوان في غزة والضفة". وشدد المتحدث باسم حركة "حماس" على أن "استمرار العدوان يفرض على المقاومة ممارسة كل أشكال المقاومة لحماية شعبنا من هذا العدوان الغاشم". محذرة الاحتلال من الاستمرار في هذا العدوان، محملة إياه المسؤولية عن أي تداعيات يمكن أن تحدث. حكومة هنية تشدد أن الجريمة ثمرة للتنسيق الأمني حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية استنكرت جرائم الاحتلال الصهيوني "البشعة" في الضفة الغربية والتي أدت إلى استشهاد خمسة مقاومين وجرح عدد من المواطنين، واعتبرت أن هذه الجرائم هي نتيجة طبيعية "لما يسمى بالتنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية التابعة للمقاطعة مع قوات الاحتلال الصهيوني". وقال طاهر النونو الناطق باسم الحكومة: "إن هذه الجريمة النكراء تؤكد ما قاله رئيس الوزراء إسماعيل هنية حول قانون تصفية المقاومة إما بالاعتقال أو سحب السلاح أو الاغتيال"، معتبرة أن المستهدف من هذه الهجمات الصهيونية هي المقاومة فكراً ومنهجاً وسلاحاً وممارسةً في الضفة والقطاع "لضرب برنامج الصمود والتصدي وإتاحة المجال أمام التسويات الهزيلة والمفاوضات العبثية مع الاحتلال". وشددت الحكومة على أن "هذه الجريمة الصهيونية الجديدة التي تأتي في وقت ساد فيه الهدوء الضفة والقطاع إنما هي رسالة واضحة لمن يراهن على العدو ومن يعطيه المبررات"، متسائلة "أين صواريخ المقاومة المنطلقة من الضفة التي يحملها بعض العابثين مسؤولية الدماء التي سالت في غزة ويعطون الاحتلال المبررات لعدوانه؟!". وقد حملت الحكومة الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن كافة التداعيات المترتبة على هذه "الجريمة النكراء التي ارتكبت بدم بارد في الضفة الغربية". استشهاد مواطنين في القطاع وثالث في طولكرم وكان قد استشهد ثلاثة مواطنين صباح الأربعاء (12/3)، أحدهم متأثراً بجراحه في العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، وثان في انفجار عبوة ناسفة، والثالث مقاوم من سرايا القدس بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة عتيل شمال مدينة طولكرم في الضفة الغربية. وذكرت المصادر الطبية الفلسطينية أن المواطن عارف دغمش استشهد متأثرا بجراحه في القصف الصهيوني الذي استهدف موقعاً لجهاز الشرطة الفلسطينية في مخيم الشاطئ للاجئين غربي مدينة غزة قبل عشرة أيام، فيما استشهد المواطن أحمد جهاد منصور (25 عاماً) من سكان منطقة الزوايدة وسط قطاع غزة بعد إصابته بجراح خطيرة جراء انفجار عبوة ناسفة كان يقوم بإعدادها بشكل عرضي ما أدى إلى استشهاده. وفي السياق، استشهد المقاوم صالح عمر كركور من بلدة عتيل شمال طولكرم خلال اشتباك مع قوات الاحتلال التي حاصرت أحد المنازل في بلدة صيدا إلى الشمال من المدينة والتي كان يتحصن فيها المقاوم لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة، حيث قال شهود عيان أن اشتباكا مسلحا عنيفا اندلع بين جنود الاحتلال ومقاوم فلسطيني وهو المستهدف على ما يبدو في العملية داخل المنزل المحاصر واشتبكت بشكل قوي معه الأمر الذي أدى إلى استشهاد كركور وقامت جرافة عسكرية بجر جثمانه من داخل المنزل. وأكد الشهود أن الجرافتين العسكريتين الصهيونيتين الكبيرتين "البلدوزر" هدمتا أجزاء كبير من المنزل المحاصر، مضيفين بان المقاوم الفلسطيني المتحصن في هذا المنزل كان يبادر بإطلاق النار بين الفينة والأخرى من منافذ المنزل بين الفينة والأخرى. الحديث يدور عن تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة ويأتي هذا التصعيد الصهيوني المبرمج في وقت يدور فيه الحديث عن تهدئة صهيونية فلسطينية، حيث تدخلت جهات أجنبية وعربية لإنشاء تهدئة بين الصهاينة من جهة والفلسطينيين من جهة أخرى، ويؤكد محللون وسياسيون أن قوات الاحتلال الصهيوني تسعى في تصعيد هذه الاعتداءات إلى سلخ الضفة الغربيةالمحتلة عن قطاع غزة، فيما أكد الفلسطينيون في شروطهم لأي تهدئة بأن تكون تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة لكافة الأراضي الفلسطينية.