شهد شهر أكتوبر، تزايدا ملحوظا في محاولات الهجرة غير الشرعية لمواطنين عرب وأفارقة، استهدفت، في معظمها، الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وبلغ عدد تلك المحاولات 7 محاولات على الأقل، أسفر 5 منها عن مصرع أكثر من 560 مهاجرا، الأمر الذي مثل تزايدا لافتا في عدد ضحايا تلك المحاولات. أخر تلك المحاولات، التي تم الكشف عنها، كان صباح اليوم الخميس، عندما تمكنت قوات الأمن التونسي من إحباط عملية هجرة غير شرعية عبر الحدود البحرية نحو إيطاليا، في محافظة "نابل" شرق البلاد، بحسب بيان لوزارة الداخلية التونسية. وقالت الوزارة في بيانها الذي تلقت الأناضول نسخة منه، اليوم، "لقد ألقت وحدات الحرس الوطني بمحافظة "نابل" القبض على 22 شخصاً بإحدى غابات منطقة "الهوارية" بالمحافظة، وبالتحري معهم أفادوا أنّهم كانوا بصدد التحضير لعملية إبحار خلسة نحو السواحل الإيطالية، وأنهم تعمّدوا الاختباء بالغابة إلى حين قدوم منظّم الرحلة، ومركب الصيد للانطلاق في عملية الإبحار". وتعتبر تونس نقطة عبور للهجرة "غير الشرعية" اتجاه أوروبا من جنسيات إفريقية مختلفة، وذلك في ظل غياب الإحصائيات الرسمية سواء من الطرف التونسي أو من دول الاستقبال حول عدد أولئك المهاجرين. وفي حادث آخر، أعلنت السلطات في النيجر، أمس الأربعاء، العثور على 87 جثة لمهاجرين غير شرعيين في صحراء البلاد، على بعد 10 كيلومترات من الحدود الجزائرية، كانوا يعتزمون الهجرة إلى أوروبا عبر الساحل الجزائري على البحر المتوسط. ونقلت التقارير، عن مصدر أمني في النيجر، قوله إن "الجثث التي تم العثور عليها أمس تعود ل 7 رجال و32 امرأة و48 طفلاً، يضافون إلى 5 جثث لنساء، في المجموعة نفسها عثر الجيش النيجري على جثثهن في وقت سابق"، ليصبح بذلك إجمالي الجثث التي تم العثور عليها إلى 92. ووفق مصادر قريبة من التحقيقات فقد كشفت رواية أحد الناجين، ويدعى "أونقو مسعود"، للمحققين، أن الرحلة بدأت يوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، من إحدى ضواحي مدينة أرليت النيجرية، حيث تم تحميل المهاجرين غير الشرعيين وهم عدة أسر بكاملها ومجموعات من الشباب، على متن شاحنة وسيارتين. وبلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين في تلك المحاولة أكثر من 130 شخصا، بحسب "مسعود" الذي نجا بأعجوبة بعد وصوله إلى الجزائر بعد رحلة سير على الأقدام تواصلت 6 أيام في الصحراء. وتشهد النيجر، التي تعد أحد أفقر البلدان في العالم، ظاهرة الهجرة غير الشرعية منها، على غرار عدد من الدول الأفريقية، بحثا عن فرص العمل في أوروبا وغيرها. وأوائل الأسبوع الجاري، أعلنت السلطات الليبية والمصرية، فقد نحو 60 مصريا في الصحراء قرب الحدود المشتركة بين البلدين، خلال محاولتهم التسلل إلى الأراضي الليبية ومنها إلى السواحل الأوروبية، قبل أن تعلن وزارة الخارجية المصرية، أمس الأربعاء، العثور على 9 من المفقودين أحياء، قرب مدينة طبرق، شرقي ليبيا. وبخلاف هؤلاء التسعة، سبق إنقاذ مواطن مصري يدعي بشار عبد السميع عطية حسان، في حين تم العثور علي جثتين من ضمن المجموعة المفقودة في الصحراء الليبية، بحسب السفارة المصرية في طرابلس، فيما لا يزال مصير ال48 الباقين مجهولا. وفي سياق متصل، نقلت وكالة الأنباء الليبية، اليوم الخميس، عن مصادر عسكرية إن قوات حرس السواحل بالقوات البحرية تمكنت، مساء أمس الأربعاء، من إنقاذ 84 مهاجرا غير شرعي من جنسيات أفريقية متعددة إثر تعطل مركبهم في البحر المتوسط، شمال العاصمة طرابلس. وتعاني ليبيا من عدة مشاكل عبر الحدود؛ حيث يتخذها مهاجرون أفارقة غير شرعيين، سبيلا، للعبور إلى أوروبا وخاصة إيطاليا، هرباً من جحيم الفقر والحاجة وطمعاً في البحث عن حياة أفضل. وقال تقرير أصدرته الأممالمتحدة مؤخرا إن "ما بين شهري مارس / آذار، وأغسطس/ آب من هذا العام دخل أكثر من 30 ألف مهاجر غير شرعي إلي ليبيا بطرق متعددة"، غير أن تقديرات مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا والذين يتم القبض عليهم بالمدن والقري الليبية تشير إلى أن أرقام المهاجرين أكبر من ذلك. ودفع تكرار حوادث الهجرة غير الشرعية رئيس الحكومة المؤقتة في ليبيا، علي زيدان، للإعلان أمس عن البدء في مراقبة الحدود إلكترونيا وجويا من منطقة العوينات، جنوب غرب ليبيا، وحتى ملتقى الحدود الليبية الجزائريةالتونسية، غرب البلاد، وذلك بالتعاون مع الحكومة الايطالية. وأوضح زيدان في مؤتمر صحفي عقده، أمس الأربعاء، أن مراقبة الحدود هي مراقبة جوية والكترونية بتقنية وبفنيين إيطاليين، دون أن يضيف مزيدا من التفاصيل. وتوقع زيدان أن تساهم هذه الخطوة "في تخفيف الانتهاكات التي تتعرض لها الحدود من قبل المهاجرين غير الشرعيين"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الليبية الرسمية. وفي 12 أكتوبر الجاري، تمكنت القوات البحرية المصرية من إنقاذ مركب يقل مهاجرين غير شرعيين كان على وشك الغرق، أمام السواحل المصرية، غرب مدينة الإسكندرية (شمالي مصر)، بحسب مصادر أمنية. وقالت المصادر إن المركب الذي كان في طريقه إلى إيطاليا، كان يقل 128 شخصا من جنسيات مختلفة، مشيرة إلى أنه تم إنقاذ 116 شخصاً منهم (40 سورياً و72 فلسطينياً و4 مصريين)، بالإضافة إلى انتشال 12 جثة أخرى، معظمها يعود لسوريين. وتحولت الإسكندرية إلى بوابة للهجرة غير الشرعية للاجئين السوريين والفلسطينيين، إذ تم خلال الشهرين الماضيين ضبط 6 محاولات للهجرة غير الشرعية، عبر سواحلها. ويوم 11 أكتوبر الأول الجاري، غرق قارب يحمل على متنه مهاجرين غير شرعيين في البحر الأبيض المتوسط، وتمكنت قوات بحرية إيطالية ومالطية مشتركة من إنقاذ 206 أشخاص، وانتشال 33 جثة، بينهم نساء وأطفال. ورصدت طائرة استطلاع عسكرية تابعة لمالطا، القارب وهو على وشك الغرق في منطقة قناة صقلية داخل المياه الإقليمية لمالطا، بالقرب من جنوبإيطاليا، وأبلغت سفن الإنقاذ، التي توجهت إلى الموقع بسرعة، مما مكنها من إنقاذ عدد كبير من المهاجرين. وبحسب تصريحات للمسئولين الإيطاليين، فإن السفينة كانت تحمل أكثر من 250 مهاجرا غير شرعي، من عدة جنسيات، وأن طائرة استكشاف مالطية شاهدت السفينة، خلال صراعها مع أمواج البحر الأبيض المتوسط على بعد 60 ميلا بحريا من جزيرة "لامبيدوسا" الإيطالية، وقامت السلطات الإيطالية والمالطية بإنقاذ نحو 200 شخص من الغرق. ويوم 4 أكتوبر غرق مركب كان يحمل على متنه نحو 500 مهاجر غير شرعي قبالة سواحل جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. ونجح غواصة إيطاليون في انتشال 194 جثة بينهم 55 سيدة و5 أطفال بين القتلى، فيما من المتوقع أن يكون معظم المفقودين الذين يتجاوز عددهم 150 شخصا، لقوا مصرعهم نتيجة بقائهم محاصرين بين حطام المركب الغارق. وعقب هذا الحادث، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، المجتمع الدولي، إلى اتخاذ إجراءات تجنب تكرار حوادث غرق مهاجرين غير شرعيين. وقال الناطق باسم بان كي مون مارتن نيسيركي، في تصريحات سابقة له، إن "الأمين حزن بشدة إثر حادثة الغرق الاخيرة التي أدت الى مقتل عشرات الأشخاص"، في إشارة لحادث مالطا. ومضى قائلا: و"هو (كي مون) يطلب من المجتمع الدولي بمجمله التحرك لتجنب تكرار مآس من هذا النوع بحق أناس أبرياء"، كما دعا كي مون إلى اتخاذ "اجراءات تعالج الاسباب العميقة لحوادث الغرق تركز على احترام حقوق الانسان لدى المهاجرين". ولم تقتصر رحلات الهجرة غير الشرعية على محاولة عبور البحر المتوسط، إذ غرقت عبارة قبالة السواحل الإندونيسية في الرابع من أكتوبر الجاري، وعلى متنها 35 شخصا معظمهم من اللبنانيين، من مناطق عكار وطرابلس (شمال)، كانوا في طريقهم، بطريقة غير شرعية، إلى أستراليا. ونشطت الهجرة غير الشرعية من شمال لبنان بوجه خاص، إلى أستراليا في السنوات الثلاثة الماضية، باعتبار أن عددا لا بأس به من أبناء المنطقة، كان قد لجأ إلى تلك البلاد قبل نحو 20 عاما ونجح بعمله هناك.