كثفت تركيا الأربعاء هجومها العسكري على الأكراد في شمال العراق رافضة تحديد مهلة زمنية لانتهائه، وذلك رغم دعوات واشنطن إلى انسحاب تركي سريع من الأراضي العراقية. وأكد الجيش التركي مقتل 77 كردياً من حزب العمال الكردستاني منذ الثلاثاء، لافتا إلى وقوع "معارك هي الأعنف" منذ بداية الهجوم في جبال شمال العراق في 21 فبراير. وأضافت هيئة الأركان إن خمسة جنود أتراك وثلاثة عناصر في ميليشيات كردية تابعة للجيش التركي قضوا في المعارك. وبذلك، يرتفع إلى 230 عدد مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين قضوا منذ بداية الهجوم التركي الخميس، والى 27 عدد الجنود الأتراك. وأشارت آخر حصيلة أصدرها حزب العمال الكردستاني الأربعاء إلى مقتل 108 جندي تركي. إلا أنه لم يحدد عدد القتلى الأكراد. مهلة زمنية وفيما واصل الطيران التركي قصف مواقع حزب العمال الكردستاني، أعلن مستشار لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بحث الأربعاء في بغداد عملية التوغل مع المسئولين العراقيين، أن تركيا لن تحدد مهلة زمنية لانسحاب جنودها ما داموا لم يقضوا على المتمردين. وقال احمد دولت اوغلو في مؤتمر صحافي في العاصمة العراقية مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري "لن يتم تحديد أي جدول زمني لسحب القوات (التركية) من شمال العراق ما لم يتم القضاء على كل وجود للمنظمة الإرهابية". وضم الوفد التركي أيضا دبلوماسيا رفيعا ومساعدا آخر لاردوغان. وقال زيباري من جهته "نحن ندين الإرهاب وحزب العمال الكردستاني وفي الوقت نفسه نحن ندين أي خرق للسيادة العراقية، وهنا يجب أن نكون واضحين في هذا الشأن". ثم استقبل الرئيس العراقي جلال طالباني اوغلو الذي سلمه دعوة رسمية من نظيره التركي عبد الله غول لزيارة تركيا، وقال مصدر رسمي إن "الدعوة قبلت بامتنان على أن يحدد موعدها في الوقت المناسب". وأضاف اوغلو إن طالباني "شدد على ضرورة التنسيق بين البلدين لتسوية جميع المشاكل العالقة من خلال الحوار ومنع أي تطاول من أراضي أي طرف على الطرف الآخر". وأوضح المصدر أن المبعوث التركي أشار من جانبه إلى "حرص بلاده على وحدة أراضي العراق وسيادته وشدد على أن العمليات التي يقوم بها الجيش التركي لا تهدف إلى النيل من وحدة أراضي العراق أو إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة". وكانت الحكومة العراقية عبرت عن "رفضها وإدانتها للتدخل العسكري التركي الذي يعتبر انتهاكا للسيادة العراقية". قلق أمريكي ويفترض أن يلتقي الوفد التركي السفير الأمريكي في العراق راين كروكر. وقبيل تصريح دولت اوغلو، أكد وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس أن التوغل التركي يجب أن تكون مدته "بالأيام أي أسبوع أو أسبوعين، وليس بالأشهر". وقال غيتس "إن العملية العسكرية لوحدها لن تحل مشكلة الإرهاب في تركيا". وأوضح الوزير الأمريكي الذي وصل الأربعاء إلى أنقرة لمقابلة المسئولين الأتراك الخميس، انه سيبذل جهوده لإقناعهم بان "العمل العسكري وحده لن يحل مشكلة الإرهاب بالنسبة إلى تركيا". وأضاف "هناك مكان للعمليات الأمنية، لكن يجب أن تترافق مع مبادرات اقتصادية وسياسية. يجب معالجة مشاكل وشكاوى الأكراد في إطار مبادرات لا تقتصر على الجانب العسكري لإيجاد حل على المدى الطويل". وتخشى الولاياتالمتحدة التي تزود تركيا منذ اشهر عدة بمعلومات استخباراتية عن تحركات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، إمكان اندلاع نزاع بين حليفيها الإقليميين، الأتراك وأكراد العراق، في حال طالت العملية العسكرية التركية. وفي واشنطن، قالت متحدثة باسم البيت الأبيض إن الأتراك اظهروا حتى الآن أداء "مسئولاً". وصرحت المتحدثة دانا بيرينو الثلاثاء "نعتقد أن من حق تركيا الدفاع عن نفسها". وأضافت "بالطبع انه وضع لا يرغب فيه احد، لكننا نعتقد أن الأتراك اظهروا حتى الآن حسماً كبيرا بالمسؤولية في قيادة العملية". وأعلن مسئول أمريكي كبير يرافق غيتس رافضا كشف هويته أن مسالة احتمال إلغاء زيارة أنقرة أثيرت. لكن "بعد محادثات وجيزة، قرر الجميع انه من الأفضل أن تتم". وفي دوغوبيازيت (شمال شرق) حيث الغالبية من الأكراد، تحولت تظاهرة ضد العملية العسكرية التركية إلى صدامات مع الشرطة كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التي أشارت إلى إصابة ثلاثة من رجال الشرطة بجروح طفيفة واعتقال 55 متظاهرا. وتقدر أنقرة عدد الأكراد المتحصنين في شمال العراق بأربعة آلاف. وأسفر النزاع الكردي في تركيا عن أكثر من 37 ألف قتيل منذ بدء تمرد حزب العمال الكردستاني عام 1984، والذي تعتبره تركيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة منظمة إرهابية.