رفض الرئيس الباكستاني برويز مشرف الثلاثاء 19-2-2008 دعوات الاستقالة التي وجهتها إليه المعارضة بعد هزيمة حلفائه في الانتخابات التشريعية التي جرت الاثنين. وكان رئيس الوزراء السابق نواز شريف -زعيم أحد حزبي المعارضة اللذين فازا في الانتخابات التشريعية- طالب الثلاثاء مشرف بالاستقالة. إلا أن الناطق باسم مشرف الجنرال رشيد قريشي اعتبر أن قادة المعارضة "ذهبوا بعيدا في مطالبهم"، مضيفا أنها "ليست انتخابات رئاسية، لقد سبق أن انتخب الرئيس مشرف لولاية من 5 سنوات". وكان مشرف وصل إلى السلطة في أكتوبر 1999 إثر انقلاب عسكري، ثم انتخب رئيسا عام 2002 وأعيد انتخابه في 6 أكتوبر الماضي، في ظروف أثارت احتجاج المعارضة. الإقرار بالهزيمة وجاءت دعوات المعارضة باستقالة مشرف بعدما أقر الحلفاء السياسيون للرئيس بهزيمتهم في الانتخابات التشريعية، ما يعني أن حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تقوده رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو وغيره من الأحزاب المعارضة لمشرف تتجه نحو الفوز في هذه الانتخابات. وأصبح مشرف الحليف القوي للولايات المتحدة في حربها المزعومة على الإرهاب في موقف ضعيف بعد أن أظهرت النتائج التي أعلنها التلفزيون الرسمي هزيمة حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية، جناح القائد الذي يحكم البلاد. وأطلقت العيارات النارية في الهواء في العديد من المدن بعد الانتخابات البرلمانية التي تعتبر مكملة لمرحلة انتقال البلاد إلى الحكم الديمقراطي بعد 8 سنوات من حكم مشرف العسكري. وأقر حزب الرابطة بخسارة زعيمه والعديد من أعضائه المهمين مقاعدهم في البرلمان، وقال طارق عظيم المتحدث باسم الحزب "نحن نقبل بحكم الشعب ونقر رسميا بالهزيمة". محاربة الديكتاتورية وبعد إقرار حلفاء مشرف، سارع رئيس الوزراء السابق نواز شريف للإعلان عن نيته العمل مع أحزاب المعارضة الأخرى "لتخليص باكستان من الدكتاتورية إلى الأبد". وقال شريف "أدعو الجميع إلى الجلوس معا لتخليص باكستان من الدكتاتورية إلى الأبد". وأكد شريف الذي أطيح به من السلطة عام 1999 للصحفيين في مدينة لاهور الشرقية أنه تحدث مع آصف علي زرداري زوج بينظير بوتو، وسيلتقي به في وقت لاحق من الأسبوع لإجراء مزيد من المحادثات. وبعد فرز الأصوات في 257 دائرة انتخابية، لم يتمكن حزب الرابطة وحلفاؤه من الحصول على أكثر من 57 مقعدا. ما يعني أنهم لو فازوا بكافة المقاعد المتبقية التي لم يتم الإعلان عن نتائجها بعد، فإنهم لن يتمكنوا من الحصول على الأغلبية في البرلمان، الذي يتألف من 272 مقعدا يتم شغلها بالانتخاب و70 يتم شغلها بالتعيين. واعتبر شريف أن "هذه هي روح الديمقراطية الأساسية ونعتقد أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة، وعلى الجميع قبول القرار من أجل مصلحة باكستان". وذكر التلفزيون الرسمي أن حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تقوده بينظير بوتو فاز ب88 مقعدا، بينما فاز حزب الرابطة الإسلامية، جناح شريف ب65 مقعدا، وحصل حزب الرابطة وغيره من الأحزاب الصغيرة والمستقرة بباقي الأصوات، حسب النتائج الانتخابية. وخرج أنصار المعارضة إلى الشوارع، وهتفوا باسم شريف وبوتو فجر الثلاثاء عندما أظهر فرز الأصوات فوز أحزابهم. انتخابات نزيهة وكانت المعارضة تخشى أن تتعرض الانتخابات للتزوير؛ إلا أن محللين قالوا إنه يبدو أن الانتخابات "نزيهة وحرة". من جهته، أكد السيناتور الأمريكي جون كيري، الذي يتواجد في باكستان ضمن فريق لمراقبة الانتخابات البرلمانية أن الانتخابات "تلبي الشروط الأساسية للمصداقية والمشروعية". وجاءت تصريحات كيري، مرشح الرئاسة الأمريكي السابق، في مؤتمر صحفي مشترك مع السيناتور جوزيف بايدن والسيناتور تشاك هاغل. ومن بين أبرز الشخصيات التي خسرت مقاعدها في الانتخابات زعيم حزب الرابطة شودري شوجات حسين، وتقريبا كافة أعضاء حكومة مشرف السابقة، ومن بينهم حليفه شيخ راشد. وأكد محللون أن مشرف يمكن أن يصبح زعيما ضعيفا في أحسن الأحوال، وربما يخسر الرئاسة إذا تأكدت نتائج الانتخابات. ورجح محللون أن يحاول مشرف التقرب من حزب بوتو وإبعاده عن حزب شريف، إلا أنهم قالوا إن الرئيس يواجه مشاكل حقيقية في رئاسته يمكن أن تشتت اهتمامه عن "محاربة الإرهاب". وقدرت اللجنة الانتخابية نسبة المشاركة في الانتخابات بنحو 45%، أي أعلى منها في المرتين السابقتين.