مصر بلد إسلامي كان يحتل مكانة مرتفعة في العالم الإسلامي وذلك منذ أول يوم لفتحه على أيدي الخليفة الثاني سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما وكان يعتبر عاصمة ثقافية للعالم الإسلامي للقرون. وله تاريخ عريق، يمتاز بانتماء بعض الشخصيات البارزة والحوادث الفاخرة إليها التي يفتخر بها كل مسلم على وجه المعمورة. هذا البلد ولد وعاش فيه أئمة الدين الكبار مثل الإمام الشافعي، والإمام جلال الدين السيوطي، والإمام عزالدين عبدالسلام، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام بدرالدين العيني رحمة الله عليهم أجمعين، وما إلى ذلك من الأئمة الكبار والشخصيات الدينية البارزة الأخرى. كما إن هذا البلد مقر سيد جمال الدين الأفغاني رحمه الله تعالى، وولد فيه تلاميذه مثل المفتي محمد عبده رحمه الله تعالى، والشيخ رشيد رضا رحمه الله تعالى صاحب تفسير "المنار" والذين يعتبرون من طليعة الصحوة الإسلامية في ذلك العصر. كما إن هذا البلد ولد فيه الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وتلاميذه مثل الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى المفكر الإسلامي الكبير والمؤلف لتفسير القرآن العظيم "في ظلال القرآن"، والشهيد عبدالقادر عودة رحمه الله تعالى، صاحب كتاب "التشريع الجنائي الإسلامي" والإمام حسن إسماعيل الهضيبي رحمه الله تعالى، الذين قاموا بالدعوة للعودة إلى الإسلام من جديد وتمكنوا من إنهزام الغزو الحضاري الصليبي في العصر الحديث. كما توجد فيه جامعة الأزهر الشريف التي كانت تعتبر من أكبر الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي وكانت تمتاز لمكانتها العلمية وإعلاء كلمة الحق عند السلطان الجائر. ولكنها اليوم قد أصبحت لعبة في أيدي الحكام الفاسقين الذين يستخدومونها لتحقيق أهدافهم الشنيعة . كما إن هذا البلد كان مقر للسلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى الذي قام بانهزام الجيوش الصليبية. وهكذا كان للجيش المصري شرف كبير بأنه في قيادة السطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى قام بتحرير القدس الشريف الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين والذي كان تحت الإحتلال الصليبي. كما إن الجيش المصري له شرف بأنه هزم الجيش التتاري في قيادة السلطان بيبرس وذلك بعد ما قام الجيش التتاري بتدمير بغداد عاصمة الخلافة العباسية وكثير من البلاد الإسلامية الأخرى. هذه هي بعض النماذج للشرف الكبير الذي قد أنعم الله به على الجيش المصري والتي ذكرناها للمثال، ولا للحصر. جملة القول إن مصر خلال تلك الفترة كان يعتبر في العالم الإسلامي قلعة للدفاع عن الإسلام والمسلمين والجيش المصري كان له دور كبير في الدفاع عن الإسلام والمسلمين. وكان لذلك الدور للجيش المصري في الدفاع عن الإسلام والمسلمين تحت شعار "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام" كان كل مسلم على وجه المعمورة يفتخر به. ولكن بعد الانقلاب العسكري لعام 1954م الذي قام به الدكتاتور جمال عبدالناصر تحت شعار"نحن أبناء الفراعنة" قد تغير الوضع تغيراً كاملاً حيث أصبح الانتماء إلى الإسلام في مصر جريمة والجيش المصري الذي كان يقاتل دفاعاً عن الإسلام والعالم الإسلامي بدأ يقاتل الشعب المصري عامة وجماعة الإخوان المسلمين خاصة وذلك لا لذنبٍ إلا لدعوتهم للعودة إلى الإسلام من جديد. وكان نتيجة لذلك بأن تم حرمان الجيش المصري من ذلك الشرف العظيم الذي قد أنعم الله عليه لدوره الكبير للدفاع عن الإسلام والمسلمين. والجيش المصري الذي قام بانهزام الجيوش الصليبية تحت قيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، وبانهزام الجيش التتاري في قيادة السلطان بيبرس، نفس الجيش المصري نال هزيمة مؤلمة من الجيش الإسرائيلي في عام1967م، إنا لله وإنا إليه راجعون. استمر العهد الدكتاتوري في مصر منذ أيام عهد الدكتاتور جمال عبدالناصر في 1954م إلى أيام الدكتاتور حسني مبارك تحت ظلال البنادق للجيش المصري والحقيقة إن ذلك العهد يعتبر من أبشع الأدوار في تاريخ مصر حيث قام هؤلاء الدكتاتوريون باستخدام الجيش لأشنع أنواع الظلم والعدوان ضد الشعب المصري بصفة عامة وضد جماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة وذلك لا لذنب إلا لدعوة جماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى الإسلام من جديد. كما كان خلال تلك الفترة أن قام الدكتاتور جمال عبدالناصر لصناعة مسرحية أحداث المنشيئة لإيجاد المبرر لإعدام قادة جماعة الإخوان المسلمين مثل المفكر الإسلامي العظيم والمفسر للقرآن الكريم الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى، صاحب تفسير "في ظلال القرآن" والعالم الجليل الشيخ محمد فرغلي رحمه الله تعالى، والكاتب الإسلامي الشهيد عبدالقادر عودة رحمه الله تعالى، صاحب الكتاب التشريع الجنائي الإسلامي والعديد من القادة الآخرين. كما تم الزج في السجون بعشرات الآلاف من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين والعديد من القادة الآخرين. استمر ذلك العهد للظلم والعدوان لأكثر من نصف قرن حتى شاء الله سبحانه وتعالى أن يقوم الشعب المصري ضد ذلك الظلم والعدوان خلال الثورة الكبرى السلمية في يناير عام 2011م في ميدان التحرير في القاهرة والحقيقة إن تلك الثورة الكبرى السلمية لا مثا ل لها في التاريخ وكان نتيجة لتلك الثورة الكبرى السلمية أن اضطر حسني مبارك إلى الفرار وانتصر الشعب المصري انتصارا عظيما والحقيقة إن هذه الثورة العظمى تعتبر تمهيداً للربيع العربي وكان نتيجة لذلك الثورة الكبرى بأن الدكتاتوريات في العديد من البلاد الأخرى قد أفلت من الوجود. ثم أول مرة في تاريخ مصر، بعد الانقلاب العسكرى الذي قام به الدكتاتور جمال عبدالناصر في عام 1954م، قد أقيمت الانتخابات الحرة والنزيهة التي نجح فيها الأستاذ الدكتور محمد مرسي المرشح لحزب الحرية والعدالة الذي كان يعتبر الحزب الشقيق لجماعة الإخوان المسلمين وذلك لأن جماعة الإخوان المسلمين قد أصبحت محظورة في العهد الدكتاتوري. والجدير بالذكر أن الدكتور محمد مرسي قد حصل على 13,230,131 صوتاً والتي كانت تزداد على أصوات منافسه أحمد شفيق، والذي كان مرشحا لفلول المبارك، مليون (1000000) صوتاً وذلك رغم كافة المؤامرات والمخططات لفلول المبارك الذين كانوا يشملون الملحدين العسكريين والقضاة العلمانيين والعملاء للأمريكة وربيبتها اسرائيل. ولكن رغم الدور الكبير الذي قام به الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي لتحقيق أهداف الثورة الكبرى ليناير عام 2011م وإعداد الدستور في ذلك الصدد فإن فلول المبارك من العسكريين العلمانيين والقضاة الملحدين وعملاء الأمريكة وإسرائيل بالإضافة إلى عملاء بعض الدول العربية المجاورة قاموا بتخطيط المخططات والمؤامرات ضده وقاموا بالانقلاب العسكري وذلك تحت قيادة الفريق عبدالفتاح السيسي الذي قد اعترف في مقابلته مع جريدة واشنطن بوست الأمريكية بأن ذلك الانقلاب العسكري كان وفقاً للأوامر الأمريكية ولتحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية. كما اكتشف فيما بعد بأن بعض من الدول المجاورة قدمت المبالغ الكبيرة للفريق السيسي وزملائه الذين قاموا بهذا الانقلاب العسكري. والجدير بالذكر أن بعد الانقلاب العسكري حينما لم يجدوا قادة الانقلاب مبرراً لإقالة الرئيس المنتخب، جعلوا علاقته مع حماس أكبر منظمة جهادية فلسطينية تجاهد لتحرير القدس الشريف مبرراً لذلك، وقاموا بتعيين لجنة قضائية للتحقيق في ذلك الصدد. هكذا أصبحت الدعم للجهاد لتحرير القدس الشريف جريمة لدى قادة الانقلاب العسكري، ولكن بعد أسبوعين أو ثلاثة حينما لم يجدوا هذا المبرر ذات أهمية قانونية وخلقية، قرروا قادة الانقلاب أن يبحثوا مبررا آخر وذلك تورط الرئيس المصري المنتخب في مسرحية القتل. وذلك كما قام الدكتاتور جمال عبدالناصر في مسرحية أحداث المنشيئة لإيجاد المبرر لإعدام قادة جماعة الإخوان المسلمين شنقاً والقبض عليهم والزج بهم في السجون وزنازين التعذيب. إن الهدف الحقيقي للانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب في مصر هو استعادة النظام العسكري الدكتاتوري للرئيس المخلوع حسني مبارك وإطلاق سراح حسني مبارك هو خير شاهد على ذلك. ولكن الشعب المصري لم يقبل ذلك وقام بإنشاء التحالف لاستعادة الشرعية والشريعة. لاشك بأن جماعة الإخوان المسلمين لها دوررئيسي في ذلك التحالف. ولكن ذلك التحالف يشمل كافة الأحزاب السياسة المصرية ماعدا فلول حسني مبارك والبلطجية. فقرر التحالف أن يقوم بالجهود لاستعادة الشرعية والشريعة بالأساليب الديمقراطية السلمية عامة وبالمسيرات والاعتصامات السلمية خاصة، وذلك لكي لا يجعل الجيش هذه الجهود السلمية مبرراً لاستخدام أساليب القمع والعدوان ضد الشعب. ولكن الجيش المصري اليوم ليس الجيش الذي كان يقاتل دفاعاً عن الإسلام والمسلمين بل بعد الانقلاب العسكري في عام 1954م في أيام الدكتاتور جمال عبدالناصر قد تحول إلى الجيش الذي يقاتل شعبه لا لذنبٍ إلا لإنتمائه إلى الإسلام. من أجل ذلك فإن هذا الجيش الذي كان يقاتل الصليبيين والتتار دفاعاً عن الإسلام، يقاتل اليوم الشعب المصري لإنتمائه إلى الإسلام. وكان خلال الاعتصامات والمسيرات الشعبية السلمية في رابعة العدوية والنهضة ومسجد الفتح برمسيس في القاهرة والإسكندرية والمنصورة والأماكن الأخرى في أنحاء البلاد بأن الجيش المصري قام بإطلاق النار العشوائي ضد المعتصمين السلميين بالرصاصات الإسرائيلية. كما قام باستخدام الدبابات والطائرات العمودية المقاتلة الأمريكية لا لذنبٍ إلى لمطالبته لاستعادة الشرعية والشريعة. وكانت نتيجية لهذه الأعمال الوحشية من قبل الجيش بأن أكثر من عشرة آلاف (10000) من المشاركين في هذه الاعتصامات والمسيرات السلمية رجالاً، ونساءً، وأطفالاً قد استشهدوا. كما عدد المصابين والمجروحين خلال الاعتصامات والمسيرات السلمية قد بلغ إلى أكثر من عشرين ألف (20000) جريحاً وقتيلا ومن بين هؤلاء الشهداء أبناء وبنات القادة مثل الدكتور عمارمحمد البديع ابن فضيلة المرشد العام الدكتور محمد بديع حفظه الله تعالى والشهيدة أسماء البلتاجي ابنة القيادي في حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد البلتاجي و ابنة المهندس خيرت الشاطر وزوجها وما إلى ذلك من الشهداء الآخرين. ولكن رغم كل هذه الممارسات الإجرامية من قبل الجيش فإن هذه الاعتصامات والمسيرات مازالت سلمية حتى اليوم. هذا من ناحية ومن ناحية ثانية قام الجيش المصري بإغلاق معبر الرفح الذي قد قام الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي بفتحه لفك الحصار الإقتصادي لأهل غزة وذلك تنفيذاً للأوامر الأمريكية والإسرائيلة. والحقيقة بأن الجيش المصري الذي كان مهمته الأساسية القتال مع الصهاينة لتحرير القدس الشريف الذي هو أولى القبلتين والثالث الحرمين الشريفين يقاتل اليوم الشعب المصري عامة والمنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين خاصة. الإنسان يستغرب بأن الجيش المصري الذي في يوم من الأيام كان يقاتل لتحرير القدس الشريف في قيادة السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى، كيف تحول إلى الجيش يعمل لتحقيق الأهداف الصهيونية لمواصلة الإحتلال للقدس الشريف. جملة القول: إن هذه الحقائق حول الصراع بين الفراعنة الجدد والإسلام في مصر يعرفها كل إنسان له إلمام بهذا سيناريو الأوضاع في مصر بنظر عدم الانحياز. ما ندري بأن إخواننا المصريين كيف لا يستطيعون أن يدركوا كل ذلك؟ نحن في الأخير ننتهز هذه الفرصة للفت إنتباه اخواننا في مصر لأن إذا تمكن الانقلاب العسكري من استعادة العهد الدكتاتوري للدكتاتور الرئيس المخلوع حسني مبارك فإن هذا الأمر سيقوم بالقضاء على أهداف الثورة الكبرى التي قام بها الشعب المصري في يناير عام 2011م. هذه الثورة الكبرى التي تعتبر طليعة للربيع العربي ولكن إذا تمكن الانقلاب العسكري من استعادة العهد الدكتاتوري من الدكتاتور جمال عبد الناصر إلى الدكتاتور حسني مبارك فإن دائرة أضرارها لن تكون محدودة إلى جماعة الإخوان المسلمين أو الأحزاب الإسلامية الأخرى في مصر فحسب بل ستشمل كافة المجتمع المصري بكل أطيافها. • ألا يدري الشعب المصري بأن العهد الدكتاتوري من الدكتاتور جمال عبد الناصر إلى الدكتاتور حسني مبارك كان تحت ظلال البنادق للجيش المصري الذي كان يقاتل الشعب المصري بدلاً أن يقاتل دفاعاً عن الإسلام والمسلمين؟ • ألا يدري الشعب المصري بأن كمية الديون الخارجية على مصر بالإضافة إلى الديون الداخلية يتجاوز عن 1500 مليار جنيه بينما معظم هذه الأموال قام بسرقتها الدكتاتور حسني مبارك وأفراد عائلته والحزب الحاكم؟ • ألا يدري الشعب المصري بأن هؤلاء الدكتاتوريين كانت مهمتهم الفساد المالي بسرقة الأموال الدولة. فنحن نذكر للمثال ولا للحصر ما تقوله جريدة واشنطن بوست الأمريكية بأن الدكتاتور حسني مبارك قام بسرقة أكثر من 70 بليون دولار من أموال الدولة وقام بتحويل هذا المبلغ الكبير إلى البنوك الغربية. ما هو أكثر من ذلك بأن ذلك الفساد المالي دائرته لم تكن محدودة إلى الدكتاتور حسني مبارك فحسب بل كل فرد من الأسرة الحاكمة، مثل زوجته سوزان مبارك وأبنائه جمال مبارك وعلاء مبارك كانوا متورطين في ذلك الفساد والاختلاص. هكذا فإن كل فرد من الحزب الحاكم كان يعتبر السرقة من أموال الدولة من حقه، بينما أغلبية الشعب كان يعيش تحت خط الفقر؟ • ألا يدري الشعب المصري بأن ما هو المراد من استعادة هذا العهد الدكتاتوري؟ إن المراد من استعادة هذا العهد الدكتاتوري هو استعادة كل ذلك للقضاء على أهداف الثورة الكبري السلمية ليناير عام 2011م. من أجل ذلك نحن ننتهز هذه الفرصة لنقوم بلفت إنتباه كل فرد من إخواننا المصريين رجالاً ونساءً أن يكون على بصيرة وحزر وذلك قبل فوات الأوان.