أدانت منظمات حقوقية وثيقة تنظيم البث الفضائي التي أقرها وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الأخير باعتبارها تمثل تقييدا لحرية الرأي والتعبير. وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن الوثيقة تتضمن العديد من القيود والمواد المطاطة، والتي تقنن وجود رقيب على ما تنشره المحطات الفضائية من أخبار أو حوارات أو أحداث حية بدعوى احترام السيادة الوطنية وعدم التأثير في "السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام". وأشارت إلى أن الوثيقة التزمت بعادة المسئولين الحكوميين العرب عند تناولهم لمسألة تتعلق بحرية التعبير، بأن وضعت في مقدمتها تعبيرات وبنوداً شكلية تتحدث عن حق المواطن في الحصول على المعلومة والتأكيد على حرية التعبير. وقالت الشبكة إن أغلب القنوات التي تسيطر عليها الحكومات العربية، قد فشلت في كسب ثقة المواطن العربي، الذي اتجه للقنوات الفضائية واحتضنها بعدما حازت على الصدقية، مؤكدة أن التقييد يستهدف أساسا القنوات الفضائية التي تطرح برامج جادة وتنقل الأحداث التي تهم المواطن. وأدانت اللجنة العربية لحقوق الإنسان الوثيقة بشدة واعتبرتها وثيقة لمحاصرة البث الفضائي وضرب المحطات الفضائية الملتزمة بحرية الرأي تحت ستار محاربة تجاوزات أخلاقية هي في الواقع آخر ما يهم النظام السياسي العربي. وعبرت اللجنة عن دعمها المطلق للفضائيات الجادة المستهدفة بقرارات القاهرة الأخيرة والتي كسرت منطق الإعلام كبوق حكومي وأعطت المثل على أن الصحفي العربي يملك كل الطاقات التي تسمح بتقديم إعلام مهني مستقل وحر. وأهابت بكل منظمات المجتمع المدني العربي وعلى رأسها منظمات الصحافيين للتصدي بنشاط لسياسة إعلامية تحاول استرجاع المواقع التي فقدتها للعودة بالإعلام العربي إلى ما قبل ثورة الفضائيات والشبكة العنكبوتية والإعلام بلا حدود التي كانت سائدة قبل عقدين من الزمن. وقالت اجنيس كالامارد المديرة التنفيذية لمنظمة "المادة 19" ان الوثيقة "تشكل عائق كبير أمام حرية الصحافة وحرية التعبير في العالم العربي.. وأنها محاولة لكبح المصدر الرئيسي للأخبار والمعلومات المستقلة لملايين الناس في المنطقة.. السيطرة والتعصب تغلب مرة أخرى على حرية التعبير وحرية تدفق المعلومات المتنوعة" . وقالت إن هذه الأحكام تتناقض مع المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يضمن الحق في الحصول على المعلومات وحرية التعبير والذي اعتمده مجلس وزراء جامعة الدول العربية في عام 2004. كما تنتهك أحكام المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنيه والسياسية التي صادقت عليها العديد من الحكومات في المنطقة. وسائل الإعلام الفرنسية تندد ونددت وسائل إعلام فرنسية بالوثيقة وأشادت صحيفتا لوموند ولوفيغارو الواسعتا الانتشار بالموقف القطري المتحفظ علي الوثيقة بهدف إتاحة الفرصة أمام الجهات المسؤولة في قطر لبحث الوثيقة ودراستها وعرضها علي الجهات التشريعية والقانونية لإجراء تعديلات عليها حتي لا تكون مقيدة لحرية الإعلام في قطر. واعتبرت منظمة مراسلون بلا حدود ان الوثيقة تمثل انتكاسة جديدة وانتهاكاً خطيراً لحرية الإعلام وأكدت أنها ستحد من حرية البث علي القنوات الفضائية ومضمونها يقمع الحريات ويتصف بالرجعية وصدرت للضغط علي وسائل الاعلام المزعجة للسلطات والتي تفلت من رقابتها. وطالبت المنظمة عمرو موسي أمين عام الجامعة العربية بالتدخل لدي الدول الأعضاء لإقناعها بالعودة عن قرارها. توزيع الوثيقة بدأت وزارة الإعلام المصرية توزيع وثيقة تنظيم البث الفضائي على المنطقة الإعلامية الحرة، ومدينة الإنتاج الإعلامي، خاصة أن الأولى تعنى بالسماح للقنوات الفضائية المصرية الخاصة بالبث، فيما تعنى الثانية بتأجير استوديوهاتها المفتوحة للقنوات العربية والمصرية. كما قامت الوزارة، فور إقرار الوثيقة من جانب وزراء الإعلام العرب، يوم الثلاثاء الماضي، بتوزيع الوثيقة على الشركة المصرية للأقمار الصناعية “النايل سات”، وذلك لتقديمها إلى جميع القنوات العربية والمحلية، التي يحملها القمر المصري، لكي تسترشد بها هذه القنوات، وتلتزم بالمعايير الموضوعة لعملها. والوثيقة التي قدمت علي انها مباديء تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية - بدفع من مصر والسعودية - تم تبنيها من قبل 21 من 22 وزير اعلام في الدول الاعضاء في الجامعة العربية خلال اجتماع استثنائي عقد بمبادرة من مصر. والدولة الوحيدة التي صوتت ضد الوثيقة هي قطر التي تتخذ قناة الجزيرة منها مقرا لها. واكد وزير الاعلام المصري انس الفقي في مؤتمر صحفي ان بعض القنوات الفضائية انحرفت عن الصواب مؤكدا ان مصر ستكون اول بلد يطبق هذه الوثيقة. وقال الفقى بعد اجتماع وزراء الاعلام إن بعض القنوات الفضائية خرجت عن مسارها الصحيح وعلينا أن نعترف بأن هناك تجاوزات حدثت وتحدث على مدار الساعة تستوجب أن يكون لنا وقفة جادة نتحمل فيها مسئوليتنا أمام شعوبنا ونتأكد من أن صناعة الإعلام فى عالمنا العربى قادرة على النمو والازدهار وتحقيق اقتصاديات متوازنة دون المزايدة على قيم ومثل المجتمع العربى أو الخروج عن اعرافه وتقاليده. وأضاف أن وزراء الإعلام العرب مطالبون أمام شعوبهم بأن يكون لهم وقفة جادة أمام ما يشهده الإعلام العربى الفضائى من تحولات خطيرة. وقال نحن مع حرية النقد والاختلاف ، وسنعمل على الحفاظ عليها كحق لكل إعلامى عربى شريف ولكن فى إطار موضوعى يرفض توظيف الإعلام وأدواته لتكون سيفا فى يد من لا ضمير له أو من يبتغى تحقيق أغراضه الشخصية. واضاف الفقى إننا لابد أن نواجهة الجادة مع دعاوى الجهل والرجعية والافكار البالية والخروج عن الاعراف والتقاليد والمزايدة على إرادة الشعوب والحكومات وغيرها من الممارسات السلبية.