في كتاب سيكولوجية الجماهير لجوستاف لوبون، يتعجب الفيلسوف الفرنسي الشهير من (تطرف) الجماهير -إن جاز الوصف-، فهي -كما يقول المؤلف- ما أن تسمع من الزعيم أي شيء حتي تتنفسه ويصل الأمر إلي التضحية بالنفس، وهي، حتي لو كانت علمانية؛ قد تتحول لعبادة الزعيم من فرط الحب أو التنفير من أي شخص يعارضه من فرط الكراهية، وكما يقول لوبون (لا جماهير بلا قائد ولا قائد بلا جماهير).قبل الانتخابات الرئاسية بحوالي الثمانية أشهر تقريباً، اعتبرت وسائل الإعلام المرشح الرئاسي المحتمل (وقتها كان مازال محتملاً) د. عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح الأبرز للانتخابات، ظهر أبو الفتوح كحل وسط بين توجه تيار الإسلام السياسي الصرف أو التيار المحافظ، وبين التيار اليساري الذي تم تصويره بالسبيل الأوحد لجهنمة الدولة (نسبة لجهنم)، ولم يكن صباحي يظهر وقتها إلا باعتباره صفحة بيضاء نقية بلا مخلب (تذكر أخر كلمتين)، أدعوك لمراجعة مواقف الإخوان من هذا الثنائي في هذا الوقت، سأذكر لك موقفاً من مصدرٍ من المصادر الثقات، ذلك المصدر تقابل مع أحد أعضاء الحرية والعدالة الحركيين، ولما سأله العضو الإخواني عن مرشحه الأقرب، أجاب المصدر أبو الفتوح، حينها فتح العضو الإخواني عليه أبواب من التحذير الفكري، قال له بالحرف (إنهم) يمسكون علي أبو الفتوح ما قد يقضي علي مستقبله السياسي تماماً، وأنه -أي أبو الفتوح- لا يستحق التأييد، وذكر بالباطل ما لا يجوز لي ذكره بالمقال، (طيب لماذا؟)ما الحل، الهجوم علي أبو الفتوح عن طريق الدين لن يجدي، ولعلك تراجع تصريح بلال فضل مع حسين عبد الغني علي حد ما أذكر، قال (لست ضد الدين بالطبع، وعموماً أنا من مؤيدي أبو الفتوح ولو أبو الفتوح ضد الدين يبقي أنا برضه ضد الدين بقي (قالها بسخرية بالطبع))،.لماذا حصل المرشح الرئاسي أحمد شفيق علي 12 مليون صوت تقريباً في الإعادة، لأن في بلدنا من لن ينتخب تيار الإسلام السياسي أبداً، وهذا ليس عيباً، الأقباط أغلبهم لن ينتخبوهم وبعض اليسار وبعض الليبراليين وبعض المتقاعدين من ضباط القوات المسلحة والشرطة وخلافه والمتخوفين من نماذج سابقة لهم وقطعاً بعض المترددين من الخروج من النظام السابق.مرة أخري، ما الحل؟في حوار لحمدين صباحي مع طارق حبيب علي ما أذكر أيضاً، قال صباحي: لعل الله ينصر الضعيف المستجير والمستقوي بالله فينصرني، وقد كان وصعد صباحي مهلاً علي السلم ولولا التصوير الإعلامي باكتساح أبو الفتوح أو عمرو موسي أو شفيق، لوصل صباحي للإعادة مع مرسي وربما متخطياً الاخير بعدة آلاف، ولما أفرزت الانتخابات مرشحاً توافقياً من الشعب وليس من النخبة كان لا بد من القضاء عليه، وكأنه قرن الخروب الذي سَوَّد الدنيا في وجوهنا.صباحي الذي تحالف مع الإخوان لما لزم التحالف، وقال بالحرف لما شاركوا شاركتهم ولما غالبوا غالبتهم، وهو من الناصريين القلائل الذين اعتذروا للإخوان عن عبد الناصر في خلافاتهم وصدامهم الشهير.إذن صباحي، الذي يرفض الهجوم علي الإخوان بنفس طريقتهم، مشكلة، فهو ينزل للشارع، ولما اتجه الإخوان للعالم الافتراضي (الانترنت) كان قد سبقهم، مشكلة، تُري كيف حلها الإخوان.كاتب هذا المقال أيد صباحي في الجولة الأولي واختار مرسي في الجولة الثانية بعدما استشهد بفقرة لفيلسوف قديم اسمه لوبون، وهو ذاته الذي يفسر لنا كيف يشوه الإخوان وجه مرسي في أعيننا، الإخوان يعتمدون علي العلم في الهجوم وسأثبت لكم ذلك من خلال كتاب سيكولوجية الجماهير للوبون. (كُتب منذ 150 عام تقريباً).(يتبع في الحلقة الثانية إن عشنا وكان لنا نشر).